منتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي

منتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي منتدى جذور لدراسات القرن الأفريقي هو منصة بحثية تعنى بدراسة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بمنطقة القرن الأفريقي

اثيوبيا على صفيح ساخن: تداعيات الانقسامات في إقليم تقراي ومسارات الصراع ومستقبلهتوطئة: مشهد متأزم وتوازنات متغيرةتمر إثي...
03/04/2025

اثيوبيا على صفيح ساخن: تداعيات الانقسامات في إقليم تقراي ومسارات الصراع ومستقبله

توطئة: مشهد متأزم وتوازنات متغيرة
تمر إثيوبيا اليوم بمنعطف سياسي بالغ الخطورة يعكس عمق التصدعات والانقسامات الداخلية التي خلفتها الحرب في إقليم تقراي والتسويات الهشة التي اعقبتها. بعد توقيع اتفاق السلام في بريتوريا وتوقف القتال بين الأطراف المتصارعة لم تشهد المنطقة استقراراً حقيقياً بل أخذت منحىً جديداً من التعقيد. خلافات داخل جبهة تقراي نفسها وانقسام قياداتها إلى تيارات متباينة تتصارع على الشرعية السياسية والإدارية أضافت طبقة جديدة من الازمات الي المشهد الاثيوبي المضطرب.
وسط هذا الصراع ظهرت إشكالية مزدوجة اولها انقسامات حادة داخل جبهة تحرير تقراي التي أدت الي إزاحة حاكم الإقليم المعين من الحكومة الفدرالية قيتاشو ردا واجباره الي اللجوء الي اديس ابابا وسط اتهامات متبادلة بين جناحه وجناح دبريطيون قبرميكئيل ومن جهة ثانية عودة التوتر بين إثيوبيا وإرتريا إلى العلن بعد فشل اتفاق السلام في تقليص النفوذ الإرتري داخل تقراي بل أصبح هذا التواجد عنصر توتر متصاعد يهدد بإعادة إشعال المواجهة العسكرية بين أديس أبابا وأسمرا.
الواقع الحالي في إثيوبيا لم يعد محصوراً في أزمة تقراي فقط بل أصبح يعكس إختلالاً أوسع في موازين القوى داخل الدولة الفيدرالية. حكومة آبي أحمد التي تواجه تحديات داخلية متزايدة تجد نفسها عالقة بين خيارات صعبة إما التفاوض لاحتواء الأزمة أو الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة سواء داخل تقراي أو على الحدود مع إرتريا.
في ظل هذا المشهد المعقد تتشابك المصالح الإقليمية والدولية حيث تسعى قوى كبرى إلى التأثير على مسار الأزمة ما يجعل مستقبل إثيوبيا على المحك بين احتمالات التصعيد العسكري أو إعادة ترتيب التحالفات السياسية في المنطقة.
إثيوبيا وتقراي: معادلة الصراع والمستقبل المجهول
دخلت اديس ابابا وإقليم تقراي في فصل جديد من الصراع. وفي وقت تحاول فيها جبهة تقراي تعزيز قوتها وإعادة تموضعها كقوة سياسية وعسكرية فاعلة يجد رئيس الوزراء آبي أحمد نفسه في مأزق وتحديات استراتيجية كبيرة بعد تقلص خياراته السياسية والعسكرية. ويعكس الوضع الحالي تحولات متغيرة في توازن القوى داخل إثيوبيا خاصة بعد انسحاب إرتريا من دعم العمليات العسكرية وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية التي تدفع الطرفين الي إعادة تقييم استراتيجياتهما.
في هذا السياق تواجه جبهة اقليم تقراي مساران رئيسيان الأول يتمثل في التفاوض مع أديس ابابا وحكومة ابي أحمد من أجل استعادة مكانتها ضمن الدولة الإثيوبية بشروط تمنحها استقلالية أكبر. المسار الثاني هو العمل علي تعزيز قدراتها العسكرية استعداداً لمواجهة جديدة محتملة قد تفرضها التطورات السياسية والميدانية
عملية التفاوض بالنسبة لجبهة تقراي يعتبر خيار استراتيجي يهدف الي تحقيق توازن بين مكاسب مضمونة وتقليل المخاطر خاصة بعد خسائرها البشرية والمادية الفاضحة التي منيت بها خلال الحرب الأخيرة في الإقليم. وتسعى الجبهة جاهدة إلى استغلال الضعف النسبي للحكومة الفيدرالية والعزلة السياسية التي يعانيها آبي أحمد بعد تراجع الدعم الإرتري مما قد يمكنها من المطالبة بامتيازات أكبر سواء في شكل حكم ذاتي موسع أو ضمانات دولية تحمي الإقليم من أي تدخل عسكري مستقبلي.
نجاح هذا المسار يعتمد على قدرة الجبهة على إقناع الحكومة الفيدرالية بأن منح تقراي وضعاً خاصاً لن يهدد وحدة الدولة بل قد يعزز استقرارها. وفي المقابل فإن رفض أديس أبابا لهذه المطالب قد يدفع جبهة تحرير تقراي إلى تعزيز خياراتها العسكرية مما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في الصراع خاصة إذا نجحت الجبهة في بناء تحالفات إقليمية ودولية تدعم موقفها.
على المستوى الآخر آبي أحمد أمام تحديات غير مسبوقة حيث غدت خياراته محصورة ومحددة بين قبول التفاوض بشروط قد تعتبر هزيمة سياسية أو محاولة إعادة فرض السيطرة بالقوة رغم فقدانه لأهم حلفائه الإقليميين. قبول ابي احمد بالتفاوض قد يكون السبيل الوحيد للخروج من أزمته دون خسائر إضافية لكن في الوقت نفسه يتطلب منه صياغة سردية سياسية داخلية تحول متطلبات التفاوض والتنازلات التي سيقدمها إلى انتصار دبلوماسي. في حال تبنى وقبول هذا المسار سيحتم عليه إقناع كبرى القوميات الأخرى داخل إثيوبيا بأن التفاوض مع جبهة تقراي لا يعني ضعف الدولة بل هو خطوة ضرورية للحفاظ على وحدة البلاد وتجنيب البلاد حرب أخرى قد تكون أكثر دمارًا. غير أن هذا الخيار يظل محفوفاً بالمخاطر إذ قد يواجه رفضاً داخلياً من قبل القوى القومية الأخرى خاصة الأمهرة الذين يرون في أي تنازل لجبهة تحرير تقراي تهديداً مباشراً لمصالحهم السياسية والجغرافية والتاريخية.
أما خيار مسار العودة إلى المواجهة العسكرية يعتبر مغامرة محفوفة بالمخاطر خاصة مع غياب الدعم الإرتري واعتماد الحكومة الفيدرالية على قوات غير نظامية وتحالفات داخلية هشة. أي تصعيد عسكري جديد قد يفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في إثيوبيا ويزيد من عزلة النظام دولياً حيث لم يعد المجتمع الدولي يتقبل استمرار الحرب كخيار بل يدفع نحو حلول سياسية تضمن استقرار المنطقة. في هذا السياق ستحاول حكومة آبي أحمد تعويض خسائرها عبر بناء تحالفات جديدة سواء داخلية أو مع دول إقليمية مثل الإمارات او تركيا لكن هذه الخطوات تظل محفوفة بالتحديات حيث تتطلب تقديم تنازلات سياسية واقتصادية قد تؤثر على تماسك النظام.
المشهد الحالي في إثيوبيا يضع البلاد على مفترق طرق خطير حيث أن القرارات التي ستتخذها جبهة اقليم تقراي وحكومة آبي أحمد في المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير الدولة الفيدرالية بأكملها. التفاوض قد يكون الطريق الأقل تكلفة نحو الاستقرار لكنه يتطلب إرادة سياسية قوية وقدرة على تقديم تنازلات متبادلة بينما قد يؤدي التصعيد العسكري إلى تسريع انهيار الدولة والدخول في سيناريوهات تفكك قد لا يكون من السهل السيطرة عليها. في ظل هذه المعادلة يبقى السؤال الأهم: هل ستنتصر الواقعية السياسية أم أن إثيوبيا ستنزلق مجدداً إلى دوامة العنف التي قد تعيد تشكيل موازين القوى في القرن الأفريقي بأكمله؟

انهيار التحالف مع إرتريا وإعادة رسم خارطة النفوذ
التحالف بين النظامين الاثيوبي والإرتري لم يكن تحالفاً طبيعياً بل كان تحالف املته ضرورة متطلبات الحرب على تقراي ومع توقف الحرب سرعان ما بدأ انهيار تحالفهما. النظام في اسمرا الذي كان شريكاً رئيسياً في الحرب لم يكن راضياً عن اتفاق بريتوريا ونتائجها بل اعتبره خطوة تفرغ مكاسبه وأهدافه العسكرية من مضمونها خاصة وان النظام في اسمرا كان يراهن على انهاء جبهة تحرير تقراي من المشهد تمامًا وليس مجرد إخضاعهم سياسيا. ومع مرور الوقت تحول الخلاف المكتوم بين ابي احمد وأفورقي الي قطيعة شبه معلنة حيث بدأت اديس ابابا تتعامل مع إرتريا بحذر بينما بدا واضحًا أن أسمرا لم تعد تثق في ابي احمد كشريك استراتيجي لها.
هذا الانهيار بطبيعة الحال أعاد رسم الخارطة النفوذ السياسي في المنطقة حيث أدى إلى تقليص النفوذ الإرتري داخل إثيوبيا كما فتح الباب أمام عودة جبهة إقليم تقراي إلى المشهد السياسي كلاعب إقليمي مستقل يسعى إلى بناء تحالفاته الخاصة. في الوقت نفسه فإن مصر والسودان اللذين كانا في موقع الخصومة مع آبي أحمد بسبب سد النهضة يراقبان هذا التغيير عن قرب حيث يمنحهم فرصة لإعادة توجيه سياستهم تجاه إثيوبيا وفقاً للمعادلة الجديدة. فقدان آبي أحمد لدعم النظام الارتري في وقت يعاني فيه من أزمات وصراعات داخلية متزايدة يجعل ابي احمد في وضع أكثر هشاشة حيث لم يعد بإمكانه الاعتماد على القوة العسكرية وحدها لضبط التوازنات الداخلية والخارجية مما يجعل خياراته أكثر تعقيدًا وصعوبة.
مآلات الوضع في تقراي وتأثيراته الإقليمية
المستقبل الذي ينتظره إقليم تقراي لا ينفصل عن الوضع الإثيوبي العام فإما أن تنجح القيادة في إقليم تقراي في تأمين موقعه داخل الدولة الإثيوبية وفقًا لشروط جديدة تضمن للإقليم نوعاً من الحكم الذاتي الفعلي أو أن تستمر حالة الغموض والتوتر التي قد تقود إلى صراع جديد يعيد خلط الأوراق.
وفي ظل استمرار المماطلة الحكومية فإن خيار إعادة اندماج جبهة تقراي ضمن النظام الفيدرالي الاثيوبي وفقاً لصيغة توافقية لا يبدو قريب المنال خاصة إذا لم تُحسم قضايا جوهرية مثل عودة النازحين وحل النزاعات الحدودية مع الأمهرة. وإذا استمر الوضع على هذا النحو فقد تجد جبهة تحرير تقراي نفسها مضطرةً للبحث عن حلول أخرى قد تصل إلى حد المطالبة بوضع أشبه بالاستقلال الفعلي وهو سيناريو قد يشعل مواجهة إقليمية واسعة لأن الدولة الإرترية لن تقبل بوجود تقراي قوي ومستقل على حدودها كما أن أديس أبابا ستعتبر مثل هذا التحرك تهديداً لوحدة الدولة.
من ناحية أخرى فإن تداعيات هذا الوضع لن يقتصر على إثيوبيا وحدها بل من المحتمل ان يمتد إلى السودان الذي له علاقات جوار تاريخية معقدة وإلى مصر التي قد ترى في تصعيد أزمة تقراي فرصة للضغط على اثيوبيا في ملفها لسد النهضة. كذلك فإن القوى الدولية ستظل تتابع المشهد بحذر لأن أي تفجر جديد للصراع في إثيوبيا سيؤدي إلى زعزعة استقرار القرن الإفريقي بكامله وهو أمر قد تكون له تداعيات أمنية واقتصادية تتجاوز حدود المنطقة. في النهاية فإن ما سيحدد مصير تقراي ليس فقط توازنات القوى داخل إثيوبيا بل أيضاً قدرة الفاعلين الإقليميين والدوليين على إدارة هذه الأزمة المتشابكة إما عبر فرض تسوية سياسية مستدامة أو عبر تركها تتفاقم حتى تصل إلى نقطة اللاعودة.
القومية التقرنية وصراع الولاءات: تداعيات إقليمية أوسع
التوتر بين الهوية القومية التقرنية والمشاريع القومية في كل من إثيوبيا وإرتريا لا يقتصر على الصراع بين النظامين السياسيين بل يمتد ليؤثر على الأمن الإقليمي ككل. فأي تحول جذري في المشهد السياسي الإثيوبي سواء بصعود جبهة تحرير تقراي مجدداً أو تفكك الدولة الفيدرالية ستكون له تداعيات مباشرة على إرتريا مما يجعل النظام هناك مضطراً لإعادة حساباته كما يفرض تحديات جديدة على المعارضة الإرترية التي قد تجد نفسها في وضع معقد بين اعتبارات الداخل وتأثيرات الإقليم. في ظل هذه التطورات ستظل القومية التقرنية عاملاً محورياً في تحديد مستقبل العلاقة بين البلدين سواء من حيث استمرار التوترات أو من خلال إعادة تشكيل التحالفات بطريقة جديدة. بالنسبة للمعارضة الإرترية فإن إدراك هذا البعد الإقليمي للصراع يجب أن يكون جزءًا من استراتيجيتها بحيث لا يتم التعامل مع القضية من منظور داخلي فقط بل في سياق إقليمي أوسع يأخذ بعين الاعتبار تداخل الهويات القومية مع المصالح السياسية للدول والفاعلين غير الحكوميين.
خاتمة: مستقبل إثيوبيا بين مسارات التسوية وإعادة إنتاج الصراع
اظهرت الأزمة الحالية في إثيوبيا وخاصة في إقليم تقراي مدى تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد متأثراً بعوامل داخلية وإقليمية ودولية متشابكة. الأزمة ليست نتاج صراع محلي فحسب بل هي انعكاس لاختلالات أوسع في موازين القوى داخل الدولة الفيدرالية الإثيوبية وتأثيراتها تمتد إلى المنطقة بأكملها.
في هذا الإطار يمكننا القول أن الدولة الإثيوبية أمام تحديات وجودية تهدد وحدتها واستقرارها. الانقسامات داخل القيادات السياسية لإقليم تقراي والتوترات المتصاعدة مع النظام في اسمرا والضغوط الداخلية التي يواجهها ابي أحمد كلها عوامل تسهم في تعقيد الأزمة الإثيوبية. آبي أحمد الذي كان يعتبر في وقت سابق رجل قوة إصلاحية يجد نفسه اليوم عالقاً بين خيارات صعبة إما التفاوض لتخفيف الضغوط أو المغامرة بمواجهات عسكرية قد تؤدي إلى تفكك الدولة او الي انهاء مستقبله السياسي في اقل تقدير.
اقليمياً أي تصعيد في تقراي قد يؤدي إلى تداعيات إقليمية أوسع تشمل السودان ومصر مما يجعل المنطقة بأكملها عرضة لتحولات كبرى غير متوقعة. أما على المستوى الدولي فإن التنافس بين الفاعلين الكبار وخاصة الولايات المتحدة والصين وروسيا سيكون حاضراً في تحديد طبيعة التدخلات السياسية والاقتصادية في إثيوبيا حيث كل القوى الدولية الفاعلة تسعى إلى توظيف الصراع بما يخدم مصالحها الاستراتيجية في إفريقيا.
في ظل هذا الواقع الأليم فإن الدولة الاثيوبية الفيدرالية أمام مفترق طرق حاسم فإما أن تنجح في إعادة ترتيب توازناتها الداخلية من خلال عملية سياسية شاملة تستوعب كافة الأطراف أو أن تستمر في دوامة الأزمات التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة رسم خارطة النفوذ في القرن الإفريقي سواء عبر تفكك الدولة أو من خلال إعادة تشكيل تحالفاتها الداخلية والخارجية وفق معطيات جديدة. في كل الأحوال فإن ما ستشهده إثيوبيا في المرحلة المقبلة لن يكون مجرد أزمة داخلية بل سيكون جزءًا من صراع أوسع على النفوذ في المنطقة حيث ستظل تداعياته تؤثر على استقرار الإقليم بأسره لعقود قادمات.

إثيوبيا وإريتريا من خندق  #التحالف إلى ساحة  #الخصومة
07/03/2025

إثيوبيا وإريتريا من خندق #التحالف إلى ساحة #الخصومة


نشر الرئيس الإثيوبي السابق مقالا حذر فيه من حرب قادمة مع إريتريا، فما الأسباب التي فجرت الخلافات، وما الأوراق التي يملكها الطرفان، وإلى أين تقود هذه الخلافات؟

جانب من فعالية  #تدشين كتاب الحركة الطلابية والشبابية الإرترية للدكتور محمد آدم محمد
25/02/2025

جانب من فعالية #تدشين كتاب الحركة الطلابية والشبابية الإرترية للدكتور محمد آدم محمد

نظم منتدى جذور لدراسات القرن الافريقي يوم الخميس الموافق العشرين من فبراير الجاري حفل تدشين وتوقيع كتاب الحركة الطلابية ...
24/02/2025

نظم منتدى جذور لدراسات القرن الافريقي يوم الخميس الموافق العشرين من فبراير الجاري حفل تدشين وتوقيع كتاب الحركة الطلابية والشبابية الإرترية - مسيرة ممتدة من الثورة إلى الدولة - للدكتور محمد آدم محمد والصادر حديثا عن دار النسيم للنشر والتوزيع بالقاهرة.

في أمسية ثقافية جمعت بين الماضي المتمثل في أبطال وقيادات الحركة الشبابية الإرترية في زمن الثورة والدولة، والحاضر المتمثل في الشباب الذين يتطلعون لمن سبقوهم في العمل الطلابي والشبابي من أجل مستقبل أكثر إشراقًا.

حضر الأمسية جمع من الشخصيات البارزة والمؤسسات الإرترية والمصرية على حد سواء، ومجموعة من السياسيين، المثقفين، الباحثين المهتمين بالشأن الإرتري والقرن الإفريقي على رأسهم رموز الحركة الطلابية والشبابية الارترية.
مثل الاستاذ بشير إسحاق، الأستاذ عثمان صالح ابوكفاح، باش مهندس صديق مؤمن رئيس مجلس إدارة منبر الخرجين الإرتريين، والأستاذ أحمد إدريس المنور رئيس منبر الخرجين الإرتريين بالقاهرة.

ومن المؤسسات الإرترية منبر الخرجين الإرتريين، مؤسسة التعليم أولًا ومبادرة إقل عدنا ومؤسسة عواتي للتنمية، وجمعية مختار الخيرية، كما حضر من الشخصيات المصرية البارزة الدكتور محمد عز الدين رئيس مؤسسة النيل للدراسات الإفريقية والاستراتيجية والأستاذ هيثم سلامة المحامي بالنقض.

افتُتِح الحفل بكلمة قدمها الأستاذ معتز عثمان البيشاوي مُمَثلا لمنتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي
والذي أشار في كلمته إلى أهمية العمل الطلابي والشبابي وعن الدور المحوري الذي لعبته الحركات الطلابية - على مر التاريخ- في النضال من أجل التغيير السياسي والاجتماعي على مستوى القارة، وخاصة في دول القرن الأفريقي.
كما أشاد بجهود الدكتور محمد في هذا العمل التوثيقي والذي يعد الأول من نوعه في الساحة الإرترية وإثراءً للمكتبة الإرترية والعربية.

وتلت كلمته كلمة الأستاذ هاشم عبد القادر ممثلا لمؤسسة التعليم أولًا والتي تمثل أحد أهم المؤسسات التي تعمل على تعزيز التعليم والتنمية في المجتمع الإرتري.
والتي دشنت ضمن فقرات الحفل كتيب (دليل الطالب الوافد إلى الجامعات والمعاهد الفنية المصرية) والذي ساهم الكاتب الدكتور محمد آدم محمد في وضعه.

ثم عرض محتوى الكتاب الدكتور عثمان حامد والذي قدم رؤية موجزة حول الكتاب وأهدافه.

فُتِح بعد ذلك باب التعليقات والمداخلات للحضور.
بدأ المداخلات الأستاذ بشير إسحاق أحد الشخصيات المستعان بها في توثيق التجربة الطلابية وإخراج هذا العمل إلى النور بالإضافة إلى دوره الكبير في الحركة الطلابية والشبابية الإرترية حتى نالت إرتريا استقلالها، والذي أشار في حديثه إلى ضرورة الاهتمام بمثل هذه الأعمال التوثيقية لما لها من تأثير على الواقع المعاش .

تلاه الأستاذ عثمان صالح أبو كفاح والذي كان بدوره من الفاعلين في الحركة الطلابية والشبابية الإرترية وأحد المؤثرين فيها ومن الشخصيات التي تم الاستعانة بها في عملية التوثيق حيث ضمنت كلمته الإشارة إلى أهمية مرحلة الشباب ومدى تأثير وفاعلية دور الشباب في النضال .

وأضاف الأستاذ أبوبكر الصايغ متحدثًا عن الكتاب وخلفية الكاتب الدكتور محمد آدم وشغفه واهتمامه القديم بالبحث العلمي مذ أن كانا زملاء دراسة في أسمرا.

ختم المداخلات المهندس أحمد إبراهيم والذي عايش زخم الحركة الطلابية والشبابية الإرترية حيث أكد في كلمته على الاهتمام بطاقة الشباب وتوجيهها توجيها صحيحا يفضي في النهاية لتكوين وعي جمعي يصب في مصلحة الأوطان وازدهارها.

عقب ذلك كلمة للدكتور محمد آدم عبر فيها عن امتنانه للحضور كافة على اهتمامهم بهذا العمل والذي تطلب الكثير من الجهد والبحث ولكل من ساهم في مراحل إخراج الكتاب، وعبر عن إمتنانه بشكل خاص لكل أولئك الذين ساهموا في عملية التوثيق وشكر لهم محاولاتهم للتجرد قدر المستطاع من أجل ايصال الحقيقة.

كُرِمَ الدكتور محمد آدم محمد من قبل منتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي تقديرا لمجهوداته في توثيق مسيرة الحركة الطلابية والشبابية الإرترية.
كما كرم الدكتور من جانبه عدد من قيادات الحركة الطلابية والشبابية الذين ساهموا في العمل كمصادر أولية وهم
الأستاذ بشير إسحاق، الأستاذ عثمان صالح أبوكفاح، الباش مهندس صديق مؤمن، الأستاذ أحمد محمد عمر، أسرة الراحل سعد بخيت، الأستاذ حسن إدريس كنتيباي، محمد عبدالرحيم نايب، آدم محمد علي أكتي.
شمل التكريم عدد من المؤسسات وهم مبادرة إقل عدنا المجتمعية، مؤسسة التعليم أولا، مدرسة نور الهدى لمساهماتهم السخية في إقامة هذا الحفل .
تخلل الحفل فاصل فني وعرض تراثي قامت بادائه فرقة شوتال كاايرو عكس التراث والتنوع الثقافي مما أضفى أجواءً من الفرح والتفاعل بين الحضور

وفي خواتيم الحفل تم توزيع نسخ من الكتاب على الحضور وتوقيعها من قبل الدكتور.
ألتقطت صور جماعية للحضور تخليدا وذكرى لهذه الأمسية الرائعة
أختتم الحفل بتقديم الشكر للمشاركين والحضور، مع التأكيد على اهمية مثل هذه الفعاليات الثقافية.
قدمت الحفل الأستاذة صابرين أحمد
إعداد التقرير: الأستاذة يسرى إبراهيم

يسر منتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي دعوتكم حضور حفل تدشين كتاب الحركة الطلابية والشبابية الإرترية للكاتب والدكتور محمد...
17/02/2025

يسر منتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي دعوتكم حضور حفل تدشين كتاب الحركة الطلابية والشبابية الإرترية للكاتب والدكتور محمد آدم محمد في جمهورية مصر العربية- القاهرة

27/01/2025

"إشكالية المبادرات الفردية في إعلان حكومات المنفى: قراءة في تجربة حكومة قبري بهدوراي في المنفي

في ظل تعقيدات المشهد السياسي الارتري واستمرار النظام الديكتاتوري في إحكام قبضته القمعية التي تستنزف موارد الشعب وتقضي على آمال التغيير تبرز فكرة حكومة المنفى كخيار سياسي يحمل في طياته أبعاداً استراتيجية ذات طابع رمزي وعملي.
خطوة تتطلب قراءة دقيقة للواقع واستشرافاً واعياً للمستقبل حيث تكمن فيها إمكانات لإعادة صياغة المشهد السياسي الوطني إذا ما أُديرت بحنكة ووضعت ضمن إطار استراتيجي شامل. ومع ذلك فإن المضي نحو هذا الخيار يواجه جملة من التحديات السياسية والقانونية والدستورية التي تستوجب معالجة دقيقة لتفادي الإخفاقات التي أحبطت المحاولات السابقة ولتحقيق هدف استعادة الوطن من براثن الاستبداد.

أهمية حكومة المنفى والتحديات الجوهرية:
الحاجة لتشكيل حكومة منفى تنبع من ضرورة ملحّة لتوحيد صفوف المعارضة وخلق مركز سياسي يجسّد إرادة التغيير ويوجه رسائل قوية إلى الداخل والخارج بأن هناك بديلاً سياسياً يمكن الوثوق به.
ولكن هذه الضرورة تصطدم بتحديات جوهرية أبرزها الخوف من أن تصبح الحكومة المقترحة سبباً اضافياً جديداً لتفاقم الخلافات السياسية بين قوى المعارضة أو أن تُستخدم كذريعة إضافية لتبرير استمرار النظام القمعي وهو ما يتطلب من المعارضة الإرترية مقاربة حذرة ومبنية على توافق وطني شامل.
تشكيل حكومة في المنفى لا يقتصر على إعلان سياسي رمزي كما هو حاصل لحكومة "قبري بهدوراي" التي أُعلن عنها في وقت سابق بل يتطلب مراعاة محددات دستورية وسياسية معقدة. أولى هذه المحددات هو فهم السياق السياسي والأمني للوضع الداخلي في إرتريا حيث يشكل غياب الدستور والإطار التشريعي أزمة كبيرة تقوض أي محاولة لتأسيس سلطة انتقالية. في هذا السياق تصبح الأولوية لتحديد الإطار السياسي والقانوني الذي يحكم تشكيل الحكومة أمر ضروري ومهم مع دراسة الخيارات المتاحة ومعرفة مدى قابليتها للتطبيق على أرض الواقع دون الوقوع في فخ الطوباوية السياسية أو الأفكار المثالية التي تكون مجرد نظريات تفتقر إلى التطبيق العملي.

مبادرات فردية وإشكاليات الشرعية:
لم تكن مبادرة "قبري بهدوراي" الذي أعلن نفسه رئيسًا للحكومة الإرترية في المنفى هي الأولى من نوعها فقد سبقتها مبادرات عديدة منها إعلان البروفيسور برخت هبت سلاسي الذي حاول أن يقدم نفسه كبديل للنظام مستندًا إلى خبرته في صياغة دستور البلاد إلا أن مشروعه لم ينجح بسبب غياب الدعم السياسي والتنظيم المؤسسي. كذلك جاءت مبادرة تلابايرو وجوهر قاضي لكنها افتقرت أيضًا إلى التوافق مع القوى السياسية الأخرى، مما أدى إلى تلاشيها بسرعة.
مبادرة يونس عبده لم تكن أفضل حالًا حيث ظلت مجرد فكرة فردية دون أن تتحول إلى حركة سياسية منظمة. حتى إعلان عبد الكريم عمر ناصر، ابن الشهيد عمر ناصر، عن حكومة انتقالية من لندن لم يجد طريقه إلى النجاح إذ لم يحظَ بالدعم الشعبي أو السياسي الكافي ليؤسس لمرحلة انتقالية حقيقية.

ما يميز هذه المحاولات جميعها بما فيها مبادرة قبري بهدوراي الأخيرة أنها تفتقر إلى الشرعية المؤسسية وتقوم على جهود فردية منعزلة عن السياق السياسي العام.
رئيس حكومة المنفي قبري بهدوراي ومجموعته لا ينتمون إلى أي حزب سياسي معروف ولم يتعاونوا مع تجمعات المعارضة الإرترية التقليدية التي تمثل القوى السياسية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك فإن خلفيات بعض الشخصيات المرتبطة بمبادرة حكومة بهدوراي تُثير الشكوك حولهم حيث أطلق البعض منهم في السابق تصريحات تتناقض مع فكرة الكيان الإرتري كدولة مستقلة وارتبط آخرون بعلاقات مشبوهة مع أطراف إثيوبية تسعى إلى استخدام القوة العسكرية لإسقاط النظام القائم. هذه الارتباطات تضعف مصداقية المبادرات وتفتح المجال للتساؤل حول أهدافها الحقيقية ومدى قدرتها على تحقيق طموحات الشعب الإرتري في الحرية والديمقراطية.

التوافق الوطني والشرعية المؤسسية:
التوافق الوطني يُعد الركيزة الأساسية التي يجب أن تُبنى عليها أي حكومة في المنفى. هذا التوافق ليس مجرد وثيقة تُوقّع عليها الأطراف السياسية بل هو عملية معقدة تتطلب تفاهماً حول القضايا الانتقالية الأساسية ورؤية موحدة تُجسد طموحات الشعب الإرتري. يجب أن يشمل هذا التوافق وضع تصور واضح لإدارة المرحلة الانتقالية بما في ذلك تشكيل الحكم ومؤسسات الدولة وآليات الرقابة على الأداء الحكومي. وبدون هذا التوافق فإن أي حكومة منفى ستفتقر إلى الشرعية وستواجه صعوبات في الحصول على الدعم الشعبي والدولي.

محددات النجاح القانونية والسياسية:
من الناحية القانونية يتطلب إعلان حكومة في المنفى استناداً إلى مرجعية قانونية واضحة تُحدد آليات التكوين وصلاحيات الحكومة ومداها الزمني كما يجب أن تُحدد السلطة التي تملك الحق في تشكيل الحكومة والجهة المسؤولة عن مراقبة أدائها بما يضمن التوازن بين سلطات الحكومة ومسؤولياتها ويُضفي عليها شرعية تُعزز من قدرتها على العمل السياسي والدبلوماسي. هذه العناصر القانونية ليست ترفًا بل ضرورة لضمان قبول الحكومة دولياً وتحقيق أهدافها على المدى البعيد.

الدروس المستفادة وآفاق المستقبل:
كل التجارب السابقة وتجربة حكومة قبري بهدوراي الحالية تكشف عن غياب هذه المحددات الأساسية. فقد افتقرت حكومة "قبري بهدوراي" إلى التوافق الوطني والإطار القانوني الذي يمنحها الشرعية مما يجعلها مجرد محاولة رمزية عجزت عن تحقيق أي تأثير فعلي. إضافة إلى ذلك لم تنجح في تقديم رؤية استراتيجية تُعبر عن آمال الشعب الإرتري وبقيت معزولة عن القوى الفاعلة داخل وخارج المعارضة مما أضعف مصداقيتها وفعاليتها.
ومع ذلك لا يمكن إنكار أن فكرة حكومة المنفى تظل خياراً سياسياً ممكناً إذا ما أُحسن التخطيط لها. نجاح هذه الفكرة يتطلب تجاوز الأخطاء السابقة والتركيز على بناء مشروع سياسي متكامل يُراعي تعقيدات الواقع الإرتري كما يجب أن تكون الحكومة المقترحة جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز وحدة المعارضة واستقطاب الدعم الشعبي والدولي وتوظيفها كأداة ضغط سياسي على النظام الديكتاتوري.

خاتمة:
تناول مسألة حكومات المنفى في السياق الإرتري يتجاوز كونه مجرد نقاش نظري أو مبادرات فردية ليصبح تعبيراً عن ضرورة سياسية ووطنية لمواجهة نظام استبدادي استنزف موارد البلاد وسحق تطلعات شعبه. فالحاجة إلى بديل سياسي شرعي ومنظم لا تُعد ترفاً فكرياً بل هي استحقاق تاريخي يتطلب استنهاض طاقات الشعب الإرتري في الداخل والخارج وتوحيد جهوده لمجابهة التحديات الراهنة.
مستقبل إرتريا يعتمد على إحداث تحول جذري ينبثق من رؤية سياسية متماسكة وقيادة رشيدة قادرة على تفكيك تراكمات عقود من القمع والاستبداد. ويتطلب هذا التحول تحقيق توافق وطني شامل يمهد الطريق لبناء مشروع سياسي متكامل يستند إلى أسس العدالة والديمقراطية وقادر على استقطاب الدعم الشعبي والدولي ليصبح أداة فعّالة للتغيير.
وفي ظل نظام أهدر إمكانات الوطن وقمع طاقات أبنائه تبقى وحدة الصف والعمل المشترك حجر الزاوية لاستعادة الدولة وبناء مؤسساتها على أسس القانون والعدالة. إرتريا بحاجة إلى قيادة مسؤولة تعبر عن نضال شعبها وطموحاته قيادة تضع مصلحة الوطن فوق كل الحسابات الضيقة وتسعى بوعي واستراتيجية إلى استعادة الكرامة الإرترية ومكانة البلاد على الساحة الإقليمية والدولية.

ابراهيم قارو
26.01.2025"إشكالية المبادرات الفردية في إعلان حكومات المنفى: قراءة في تجربة حكومة قبري بهدوراي في المنفي

في ظل تعقيدات المشهد السياسي الارتري واستمرار النظام الديكتاتوري في إحكام قبضته القمعية التي تستنزف موارد الشعب وتقضي على آمال التغيير تبرز فكرة حكومة المنفى كخيار سياسي يحمل في طياته أبعاداً استراتيجية ذات طابع رمزي وعملي.
خطوة تتطلب قراءة دقيقة للواقع واستشرافاً واعياً للمستقبل حيث تكمن فيها إمكانات لإعادة صياغة المشهد السياسي الوطني إذا ما أُديرت بحنكة ووضعت ضمن إطار استراتيجي شامل. ومع ذلك فإن المضي نحو هذا الخيار يواجه جملة من التحديات السياسية والقانونية والدستورية التي تستوجب معالجة دقيقة لتفادي الإخفاقات التي أحبطت المحاولات السابقة ولتحقيق هدف استعادة الوطن من براثن الاستبداد.

أهمية حكومة المنفى والتحديات الجوهرية:
الحاجة لتشكيل حكومة منفى تنبع من ضرورة ملحّة لتوحيد صفوف المعارضة وخلق مركز سياسي يجسّد إرادة التغيير ويوجه رسائل قوية إلى الداخل والخارج بأن هناك بديلاً سياسياً يمكن الوثوق به.
ولكن هذه الضرورة تصطدم بتحديات جوهرية أبرزها الخوف من أن تصبح الحكومة المقترحة سبباً اضافياً جديداً لتفاقم الخلافات السياسية بين قوى المعارضة أو أن تُستخدم كذريعة إضافية لتبرير استمرار النظام القمعي وهو ما يتطلب من المعارضة الإرترية مقاربة حذرة ومبنية على توافق وطني شامل.
تشكيل حكومة في المنفى لا يقتصر على إعلان سياسي رمزي كما هو حاصل لحكومة "قبري بهدوراي" التي أُعلن عنها في وقت سابق بل يتطلب مراعاة محددات دستورية وسياسية معقدة. أولى هذه المحددات هو فهم السياق السياسي والأمني للوضع الداخلي في إرتريا حيث يشكل غياب الدستور والإطار التشريعي أزمة كبيرة تقوض أي محاولة لتأسيس سلطة انتقالية. في هذا السياق تصبح الأولوية لتحديد الإطار السياسي والقانوني الذي يحكم تشكيل الحكومة أمر ضروري ومهم مع دراسة الخيارات المتاحة ومعرفة مدى قابليتها للتطبيق على أرض الواقع دون الوقوع في فخ الطوباوية السياسية أو الأفكار المثالية التي تكون مجرد نظريات تفتقر إلى التطبيق العملي.

مبادرات فردية وإشكاليات الشرعية:
لم تكن مبادرة "قبري بهدوراي" الذي أعلن نفسه رئيسًا للحكومة الإرترية في المنفى هي الأولى من نوعها فقد سبقتها مبادرات عديدة منها إعلان البروفيسور برخت هبت سلاسي الذي حاول أن يقدم نفسه كبديل للنظام مستندًا إلى خبرته في صياغة دستور البلاد إلا أن مشروعه لم ينجح بسبب غياب الدعم السياسي والتنظيم المؤسسي. كذلك جاءت مبادرة تلابايرو وجوهر قاضي لكنها افتقرت أيضًا إلى التوافق مع القوى السياسية الأخرى، مما أدى إلى تلاشيها بسرعة.
مبادرة يونس عبده لم تكن أفضل حالًا حيث ظلت مجرد فكرة فردية دون أن تتحول إلى حركة سياسية منظمة. حتى إعلان عبد الكريم عمر ناصر، ابن الشهيد عمر ناصر، عن حكومة انتقالية من لندن لم يجد طريقه إلى النجاح إذ لم يحظَ بالدعم الشعبي أو السياسي الكافي ليؤسس لمرحلة انتقالية حقيقية.

ما يميز هذه المحاولات جميعها بما فيها مبادرة قبري بهدوراي الأخيرة أنها تفتقر إلى الشرعية المؤسسية وتقوم على جهود فردية منعزلة عن السياق السياسي العام.
رئيس حكومة المنفي قبري بهدوراي ومجموعته لا ينتمون إلى أي حزب سياسي معروف ولم يتعاونوا مع تجمعات المعارضة الإرترية التقليدية التي تمثل القوى السياسية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك فإن خلفيات بعض الشخصيات المرتبطة بمبادرة حكومة بهدوراي تُثير الشكوك حولهم حيث أطلق البعض منهم في السابق تصريحات تتناقض مع فكرة الكيان الإرتري كدولة مستقلة وارتبط آخرون بعلاقات مشبوهة مع أطراف إثيوبية تسعى إلى استخدام القوة العسكرية لإسقاط النظام القائم. هذه الارتباطات تضعف مصداقية المبادرات وتفتح المجال للتساؤل حول أهدافها الحقيقية ومدى قدرتها على تحقيق طموحات الشعب الإرتري في الحرية والديمقراطية.

التوافق الوطني والشرعية المؤسسية:
التوافق الوطني يُعد الركيزة الأساسية التي يجب أن تُبنى عليها أي حكومة في المنفى. هذا التوافق ليس مجرد وثيقة تُوقّع عليها الأطراف السياسية بل هو عملية معقدة تتطلب تفاهماً حول القضايا الانتقالية الأساسية ورؤية موحدة تُجسد طموحات الشعب الإرتري. يجب أن يشمل هذا التوافق وضع تصور واضح لإدارة المرحلة الانتقالية بما في ذلك تشكيل الحكم ومؤسسات الدولة وآليات الرقابة على الأداء الحكومي. وبدون هذا التوافق فإن أي حكومة منفى ستفتقر إلى الشرعية وستواجه صعوبات في الحصول على الدعم الشعبي والدولي.

محددات النجاح القانونية والسياسية:
من الناحية القانونية يتطلب إعلان حكومة في المنفى استناداً إلى مرجعية قانونية واضحة تُحدد آليات التكوين وصلاحيات الحكومة ومداها الزمني كما يجب أن تُحدد السلطة التي تملك الحق في تشكيل الحكومة والجهة المسؤولة عن مراقبة أدائها بما يضمن التوازن بين سلطات الحكومة ومسؤولياتها ويُضفي عليها شرعية تُعزز من قدرتها على العمل السياسي والدبلوماسي. هذه العناصر القانونية ليست ترفًا بل ضرورة لضمان قبول الحكومة دولياً وتحقيق أهدافها على المدى البعيد.

الدروس المستفادة وآفاق المستقبل:
كل التجارب السابقة وتجربة حكومة قبري بهدوراي الحالية تكشف عن غياب هذه المحددات الأساسية. فقد افتقرت حكومة "قبري بهدوراي" إلى التوافق الوطني والإطار القانوني الذي يمنحها الشرعية مما يجعلها مجرد محاولة رمزية عجزت عن تحقيق أي تأثير فعلي. إضافة إلى ذلك لم تنجح في تقديم رؤية استراتيجية تُعبر عن آمال الشعب الإرتري وبقيت معزولة عن القوى الفاعلة داخل وخارج المعارضة مما أضعف مصداقيتها وفعاليتها.
ومع ذلك لا يمكن إنكار أن فكرة حكومة المنفى تظل خياراً سياسياً ممكناً إذا ما أُحسن التخطيط لها. نجاح هذه الفكرة يتطلب تجاوز الأخطاء السابقة والتركيز على بناء مشروع سياسي متكامل يُراعي تعقيدات الواقع الإرتري كما يجب أن تكون الحكومة المقترحة جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز وحدة المعارضة واستقطاب الدعم الشعبي والدولي وتوظيفها كأداة ضغط سياسي على النظام الديكتاتوري.

خاتمة:
تناول مسألة حكومات المنفى في السياق الإرتري يتجاوز كونه مجرد نقاش نظري أو مبادرات فردية ليصبح تعبيراً عن ضرورة سياسية ووطنية لمواجهة نظام استبدادي استنزف موارد البلاد وسحق تطلعات شعبه. فالحاجة إلى بديل سياسي شرعي ومنظم لا تُعد ترفاً فكرياً بل هي استحقاق تاريخي يتطلب استنهاض طاقات الشعب الإرتري في الداخل والخارج وتوحيد جهوده لمجابهة التحديات الراهنة.
مستقبل إرتريا يعتمد على إحداث تحول جذري ينبثق من رؤية سياسية متماسكة وقيادة رشيدة قادرة على تفكيك تراكمات عقود من القمع والاستبداد. ويتطلب هذا التحول تحقيق توافق وطني شامل يمهد الطريق لبناء مشروع سياسي متكامل يستند إلى أسس العدالة والديمقراطية وقادر على استقطاب الدعم الشعبي والدولي ليصبح أداة فعّالة للتغيير.
وفي ظل نظام أهدر إمكانات الوطن وقمع طاقات أبنائه تبقى وحدة الصف والعمل المشترك حجر الزاوية لاستعادة الدولة وبناء مؤسساتها على أسس القانون والعدالة. إرتريا بحاجة إلى قيادة مسؤولة تعبر عن نضال شعبها وطموحاته قيادة تضع مصلحة الوطن فوق كل الحسابات الضيقة وتسعى بوعي واستراتيجية إلى استعادة الكرامة الإرترية ومكانة البلاد على الساحة الإقليمية والدولية.

ابراهيم قارو
26.01.2025"إشكالية المبادرات الفردية في إعلان حكومات المنفى: قراءة في تجربة حكومة قبري بهدوراي في المنفي

في ظل تعقيدات المشهد السياسي الارتري واستمرار النظام الديكتاتوري في إحكام قبضته القمعية التي تستنزف موارد الشعب وتقضي على آمال التغيير تبرز فكرة حكومة المنفى كخيار سياسي يحمل في طياته أبعاداً استراتيجية ذات طابع رمزي وعملي.
خطوة تتطلب قراءة دقيقة للواقع واستشرافاً واعياً للمستقبل حيث تكمن فيها إمكانات لإعادة صياغة المشهد السياسي الوطني إذا ما أُديرت بحنكة ووضعت ضمن إطار استراتيجي شامل. ومع ذلك فإن المضي نحو هذا الخيار يواجه جملة من التحديات السياسية والقانونية والدستورية التي تستوجب معالجة دقيقة لتفادي الإخفاقات التي أحبطت المحاولات السابقة ولتحقيق هدف استعادة الوطن من براثن الاستبداد.

أهمية حكومة المنفى والتحديات الجوهرية:
الحاجة لتشكيل حكومة منفى تنبع من ضرورة ملحّة لتوحيد صفوف المعارضة وخلق مركز سياسي يجسّد إرادة التغيير ويوجه رسائل قوية إلى الداخل والخارج بأن هناك بديلاً سياسياً يمكن الوثوق به.
ولكن هذه الضرورة تصطدم بتحديات جوهرية أبرزها الخوف من أن تصبح الحكومة المقترحة سبباً اضافياً جديداً لتفاقم الخلافات السياسية بين قوى المعارضة أو أن تُستخدم كذريعة إضافية لتبرير استمرار النظام القمعي وهو ما يتطلب من المعارضة الإرترية مقاربة حذرة ومبنية على توافق وطني شامل.
تشكيل حكومة في المنفى لا يقتصر على إعلان سياسي رمزي كما هو حاصل لحكومة "قبري بهدوراي" التي أُعلن عنها في وقت سابق بل يتطلب مراعاة محددات دستورية وسياسية معقدة. أولى هذه المحددات هو فهم السياق السياسي والأمني للوضع الداخلي في إرتريا حيث يشكل غياب الدستور والإطار التشريعي أزمة كبيرة تقوض أي محاولة لتأسيس سلطة انتقالية. في هذا السياق تصبح الأولوية لتحديد الإطار السياسي والقانوني الذي يحكم تشكيل الحكومة أمر ضروري ومهم مع دراسة الخيارات المتاحة ومعرفة مدى قابليتها للتطبيق على أرض الواقع دون الوقوع في فخ الطوباوية السياسية أو الأفكار المثالية التي تكون مجرد نظريات تفتقر إلى التطبيق العملي.

مبادرات فردية وإشكاليات الشرعية:
لم تكن مبادرة "قبري بهدوراي" الذي أعلن نفسه رئيسًا للحكومة الإرترية في المنفى هي الأولى من نوعها فقد سبقتها مبادرات عديدة منها إعلان البروفيسور برخت هبت سلاسي الذي حاول أن يقدم نفسه كبديل للنظام مستندًا إلى خبرته في صياغة دستور البلاد إلا أن مشروعه لم ينجح بسبب غياب الدعم السياسي والتنظيم المؤسسي. كذلك جاءت مبادرة تلابايرو وجوهر قاضي لكنها افتقرت أيضًا إلى التوافق مع القوى السياسية الأخرى، مما أدى إلى تلاشيها بسرعة.
مبادرة يونس عبده لم تكن أفضل حالًا حيث ظلت مجرد فكرة فردية دون أن تتحول إلى حركة سياسية منظمة. حتى إعلان عبد الكريم عمر ناصر، ابن الشهيد عمر ناصر، عن حكومة انتقالية من لندن لم يجد طريقه إلى النجاح إذ لم يحظَ بالدعم الشعبي أو السياسي الكافي ليؤسس لمرحلة انتقالية حقيقية.

ما يميز هذه المحاولات جميعها بما فيها مبادرة قبري بهدوراي الأخيرة أنها تفتقر إلى الشرعية المؤسسية وتقوم على جهود فردية منعزلة عن السياق السياسي العام.
رئيس حكومة المنفي قبري بهدوراي ومجموعته لا ينتمون إلى أي حزب سياسي معروف ولم يتعاونوا مع تجمعات المعارضة الإرترية التقليدية التي تمثل القوى السياسية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك فإن خلفيات بعض الشخصيات المرتبطة بمبادرة حكومة بهدوراي تُثير الشكوك حولهم حيث أطلق البعض منهم في السابق تصريحات تتناقض مع فكرة الكيان الإرتري كدولة مستقلة وارتبط آخرون بعلاقات مشبوهة مع أطراف إثيوبية تسعى إلى استخدام القوة العسكرية لإسقاط النظام القائم. هذه الارتباطات تضعف مصداقية المبادرات وتفتح المجال للتساؤل حول أهدافها الحقيقية ومدى قدرتها على تحقيق طموحات الشعب الإرتري في الحرية والديمقراطية.

التوافق الوطني والشرعية المؤسسية:
التوافق الوطني يُعد الركيزة الأساسية التي يجب أن تُبنى عليها أي حكومة في المنفى. هذا التوافق ليس مجرد وثيقة تُوقّع عليها الأطراف السياسية بل هو عملية معقدة تتطلب تفاهماً حول القضايا الانتقالية الأساسية ورؤية موحدة تُجسد طموحات الشعب الإرتري. يجب أن يشمل هذا التوافق وضع تصور واضح لإدارة المرحلة الانتقالية بما في ذلك تشكيل الحكم ومؤسسات الدولة وآليات الرقابة على الأداء الحكومي. وبدون هذا التوافق فإن أي حكومة منفى ستفتقر إلى الشرعية وستواجه صعوبات في الحصول على الدعم الشعبي والدولي.

محددات النجاح القانونية والسياسية:
من الناحية القانونية يتطلب إعلان حكومة في المنفى استناداً إلى مرجعية قانونية واضحة تُحدد آليات التكوين وصلاحيات الحكومة ومداها الزمني كما يجب أن تُحدد السلطة التي تملك الحق في تشكيل الحكومة والجهة المسؤولة عن مراقبة أدائها بما يضمن التوازن بين سلطات الحكومة ومسؤولياتها ويُضفي عليها شرعية تُعزز من قدرتها على العمل السياسي والدبلوماسي. هذه العناصر القانونية ليست ترفًا بل ضرورة لضمان قبول الحكومة دولياً وتحقيق أهدافها على المدى البعيد.

الدروس المستفادة وآفاق المستقبل:
كل التجارب السابقة وتجربة حكومة قبري بهدوراي الحالية تكشف عن غياب هذه المحددات الأساسية. فقد افتقرت حكومة "قبري بهدوراي" إلى التوافق الوطني والإطار القانوني الذي يمنحها الشرعية مما يجعلها مجرد محاولة رمزية عجزت عن تحقيق أي تأثير فعلي. إضافة إلى ذلك لم تنجح في تقديم رؤية استراتيجية تُعبر عن آمال الشعب الإرتري وبقيت معزولة عن القوى الفاعلة داخل وخارج المعارضة مما أضعف مصداقيتها وفعاليتها.
ومع ذلك لا يمكن إنكار أن فكرة حكومة المنفى تظل خياراً سياسياً ممكناً إذا ما أُحسن التخطيط لها. نجاح هذه الفكرة يتطلب تجاوز الأخطاء السابقة والتركيز على بناء مشروع سياسي متكامل يُراعي تعقيدات الواقع الإرتري كما يجب أن تكون الحكومة المقترحة جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز وحدة المعارضة واستقطاب الدعم الشعبي والدولي وتوظيفها كأداة ضغط سياسي على النظام الديكتاتوري.

خاتمة:
تناول مسألة حكومات المنفى في السياق الإرتري يتجاوز كونه مجرد نقاش نظري أو مبادرات فردية ليصبح تعبيراً عن ضرورة سياسية ووطنية لمواجهة نظام استبدادي استنزف موارد البلاد وسحق تطلعات شعبه. فالحاجة إلى بديل سياسي شرعي ومنظم لا تُعد ترفاً فكرياً بل هي استحقاق تاريخي يتطلب استنهاض طاقات الشعب الإرتري في الداخل والخارج وتوحيد جهوده لمجابهة التحديات الراهنة.
مستقبل إرتريا يعتمد على إحداث تحول جذري ينبثق من رؤية سياسية متماسكة وقيادة رشيدة قادرة على تفكيك تراكمات عقود من القمع والاستبداد. ويتطلب هذا التحول تحقيق توافق وطني شامل يمهد الطريق لبناء مشروع سياسي متكامل يستند إلى أسس العدالة والديمقراطية وقادر على استقطاب الدعم الشعبي والدولي ليصبح أداة فعّالة للتغيير.
وفي ظل نظام أهدر إمكانات الوطن وقمع طاقات أبنائه تبقى وحدة الصف والعمل المشترك حجر الزاوية لاستعادة الدولة وبناء مؤسساتها على أسس القانون والعدالة. إرتريا بحاجة إلى قيادة مسؤولة تعبر عن نضال شعبها وطموحاته قيادة تضع مصلحة الوطن فوق كل الحسابات الضيقة وتسعى بوعي واستراتيجية إلى استعادة الكرامة الإرترية ومكانة البلاد على الساحة الإقليمية والدولية.

ابراهيم قارو
26.01.2025

Address

Dubai

Telephone

+249906067609

Website

Forum for Horn Africa Studies

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when منتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to منتدى جذور لدراسات القرن الإفريقي:

Share