04/08/2025
📚• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
الحَمْدُ للَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ،
فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
"طَلَبُ العِلْمُ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ"
[رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ وَغَيْرُه، وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ أَكْثَرُ أَهْلُ العِلْمِ، وَحَسَّنَهُ آخَرُونَ كَالسِّيُوطِيُّ وَالمَزِي، لَكِن مَعْنَى الحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلُ العِلْمِ].
قَالَ البَيْهَقِي مُعَلِّقًا عَلَى الحَدِيثِ: "فَإِنَّمَا أَرَادَ
-وَاللَّهُ أَعْلَم- العِلْمَ العَام الَّذِي لَا يَسَعُ البَالِغَ العَاقِلَ جَهْلُه" [المَدْخَل إِلَى السُّنَنِ الكُبْرَى].
وَسُئِلَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: مَا العِلْمُ؟ وَمَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ؟ فَقَالَ: العِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمٌ لَا يَسَعُ بَالِغًا غَيْرَ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ جَهْلُه، وَهَذَا العِلْمُ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَيَنْقُلُهُ المُسْلِمُونَ وَيَحْكُونَهُ عَن رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَلَا يُنَازِعُونَ فِي وُجُوبِهِ [الرِّسَالَةُ للشَّافِعِي].
فَمِنَ المُقَرَّرِ عِنْدَ أَهْلُ العِلْمِ أَنَّ العِلْمَ الشَّرْعِيُّ يَنْقَسِمُ -مِن حَيثُ وُجُوبِهِ- إِلَى قِسْمَينِ:
الأَوَّلُ فَرْضُ كِفَايَة: وَهُوَ مَا يَجِبُ عَلَى الأُمَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ كَكُلِّ تَعَلُّمَهُ وَحِفْظَهُ، فَإِنْ قَامَ بِهِ بَعْضُ المُسْلِمِينَ بِمَا يَكْفِي كَانَ لَهُمُ الفَضْلُ وَالثَّوَابُ وَسَقَطَ الإِثْمُ عَنِ الجَمِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ البَعْضُ بِمَا يَكْفِي أَثِمَ كُلُّ المُسْلِمِينَ، وَمِنَ العِلْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَة: حِفْظُ القُرآنَ وَتَفْسِيرُه، وَالحَدِيثُ وَعُلُومُه، وَأُصُولُ الفِقْهِ...إِلَخ،
وَالقِسْمُ الثَّانِي مِنَ العِلْمِ الشَّرْعِيُّ فَرْضُ عَيْنٍ: يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ -كُلُّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِل- أَنْ يَتَعَلَّمَه، فَإِذَا أَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ قَصَّرَ فِيْهِ فَهُوَ آثِمٌ، وَمِنْ أَهَمِّ المَسَائِلِ الَّتِي يَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمَ وَمُسْلِمَةٍ أَنْ يَتَعَلَّمُهَا فِي العَقِيْدَةِ هِيَ:
يَتِّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ الأُولَى: الاُصُولُ الثَّلَاثَةِ:
مَعْرِفَةُ العَبدِ رَبَّهُ، وَدِيْنَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
فَإِنْ قِيْلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقُل: رَبِّيَ اللَّه، الَّذِي رَبَّانِي وَرَبَّى جَمِيْعَ العَالَمِيْنَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعْبُوْدِي لَيْسَ لِي مَعْبُوْدٌ سِوَاه.
وَإِذَا قِيْلَ لَكَ: مَا دِيْنُكَ؟ فَقُل: دِيْنِيَ الإِسْلَام، وَهُوَ الاسْتِسْلَامُ للَّهِ بِالتَّوْحِيْد، وَالانقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِه.
وَإِذَا قِيْلَ لَكَ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَقُل: مُحَمَّدٌ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ المُطَّلِب بْنِ هَاشِم، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْش، وَقُرَيْشُ مِنَ العَرَبِ، وَالعَرَبُ مِنْ ذُرْيَّةِ إِسْمَاعِيْلُ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ (عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيْم).
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ الثّانِيَة: أَصْلُ الدِّين وَقَاعِدَتُهُ أَمْرَان:
١. الأَمْرُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَالتَّحْرِيضُ عَلَى ذَلِكَ، وَالمُوَالَاةُ فِيْهِ، وَتَكْفِيرُ مَنْ تَرَكَه.
٢. الإِنْذَارُ عَنِ الشٍّرْكِ فِي عِبَادَةِ اللَّه، وَالتَّغْلِيظُ فِي ذَلِكَ، وَالمُعَادَاةُ فِيْهِ، وَتَكْفِيرُ مَنْ فَعَلَه.
وَيَتَفَرَّعُ عَن هَذَا الأَصْلُ عَقِيْدَةُ (الوَلَاءِ وَالبَرَاء) الرَّاسِخَة، وَأَصْلُ هَذِهِ العَقِيْدَةُ قَائِمٌ عَلَى المُفَاصَلَةِ وَالمُفَارَقَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَسَاسِ الدِّينِ لَا عَلَى أَسَاسِ الأَرْضِ وَالقَوْمِيَّة،
فَالمُسْلِمُ المُوَحِّدُ أَخِي فِي اللَّه أُوَالِيَهُ وَأَنْصُرَهُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدُ بَعِيْدٍ، وَالكَافِرُ وَالمُرْتَدُّ عَدُوِّي أُبْغِضُهُ وَأُعَادِيه وَإِنْ كَانَ أَقْرَبُ قَرِيْبٍ.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ الثَّالِثَة: مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه:
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه) هِيَ الفَارِقَةُ بَيْنَ الكُفْرِ وَالإِسْلَام، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَهِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى، وَلَا تَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ قَوْلُهَا بِاللِّسَانِ مَعَ الجَهْلِ بِمَعْنَاهَا وَعَدْمُ العَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا،
فَإِنَّ المُنَافِقِينَ يَقُوْلُونَهَا وَهُمْ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ
مِنَ النَّار، وإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِقَوْلِهَا، وَمَعْرِفَةُ مَعْنَاهَا، وَمَحَبَّتُهَا، وَمَحَبَّةُ أَهْلِهَا وَمُوَالَاتَهُم، وَبُغْضُ مَنْ خَالَفَهَا وَمُعَادَتُه وَقِتَالُه.
وَشَهَادَةُ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه) نَفِيٌ وَإِثْبَات: فـ(لَا إِلَهَ) تَنْفِي جَمِيعَ أَنْوَاعِ العِبَادَةِ عَن غَيرِ اللَّه تَعَالَى،
وَ(إِلَّا اللَّه) تُثْبِتُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ العِبَادَةِ للَّهِ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَه.
وَمِن مُقْتَضَيَاتِ شَهَادَةِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه) شَهَادَةُ
أَنَّ (مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّه)، وَشَهَادَةُ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه) تَتَحَقَّقُ بِطَاعَةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِيْمَا أَمَرْ وَاجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَر وَتَصْدِيقَهُ فِيْمَا أَخْبَر.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ الرَّابِعَة: شُرُوطُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه:
جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى كَلِمَةَ التَّوحِيدِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه) عُنوَانُ الدُّخُولِ فِي الإِسْلَام، وَثَمَنُ الْجَنَّة، وَسَبَبُ النَّجَاةِ مِنَ النَّار، وَلَكِنَّهَا لَنْ تَنْفَعَ قَائِلَهَا مَا لَمْ
يُحَقِّقْ شُرُوطُهَا،
فَقَدْ قِيْلَ للحَسَنِ البَصْرِي: "إِنَّ أُنَاسًا يَقُوْلونَ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، دَخَلَ الْجَنَّة؟ فَقَال: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، فَأَدَّى حَقُّهَا وَفَرْضُهَا دَخَلَ الْجَنَّة"
[جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ لابْنِ رَجَبَ الحَنْبَلِي]،
وَقَالَ الإِمَامُ البُخَارِي: "قِيْلَ لِوَهَبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه مِفْتَاحُ الْجَنَّة؟ قَالَ بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحِ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ" [جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ لابْنِ رَجَبَ الحَنْبَلِي]،
وَأَسْنَانُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ هِيَ شُرُوطُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، وَشُرُوطُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه هِيَ:
١. العِلْمُ بِمَعْنَاهَا نَفْيَاً وَإِثْبَاتَاً.
٢. اليَقِيْنُ وَهُوَ: كَمَالُ العِلْمُ بِهَا، المُنَافِي للشَّكِّ وَالرَّيْب.
٣. الإِخْلَاصُ المُنَافِي للشِّرْك.
٤. الصِّدْقُ المُنَافِي للكِذْب.
٥. المَحَبَّةُ لِهَذِهِ الكَلِمَة وَلِمَا دَّلَّتْ عَلَيْهِ، وَالسُّرُورُ بِذَلِكَ.
٦. الانقِيَادُ لِحُقُوقِهَا إِخْلَاصًا للَّه، وَطَلَبًا لِمَرْضَاتِه.
٧. القَبُولُ المُنَافِي للرَّد.
وَجَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُوطُ عَلَيْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيْحَة.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ الخَامِسَة: نَوَاقِضُ الإِسْلَام:
إِنَّ الأَشيَاءَ الَّتِي تُخْرِجُ المُسْلِمَ مِنْ دَائِرَةِ الإِسْلَام، وَتُسْقِطُ عَلَيْهِ -إِذَا ارْتَكَبَهَا- اسْمَ المُرْتَدّ عَنْ مِلِّةِ التَّوْحِيدِ كَثِيْرَةٌ، وَأَعْظَمُهَا عَشْرَة هِيَ:
١. الشِّرْكُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
٢. مَنْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَدْعُوْهُمْ وَيَسْأَلُهُمُ الشَّفَاعَةَ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ.
٣. مَنْ لَمْ يُكَفِّرُ المُشْرِكِينَ أَوْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ
أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ.
٤. مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ غَيْرَ هَدِيِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَكْمَلَ مِنْ هَدْيهِ. أَوْ أَنَّ حُكْمَ غَيْرِهِ
أَحْسَنَ مِنْ حُكْمِه.
٥. مَنْ أَبْغَضَ شَيْئَاً مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
٦. مَنِ اسْتَهْزَأَ بِاللَّهِ أَوْ بِكِتَابِهِ أَوْ بِرَسُوْلِهِ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
٧. السِّحر، وَمِنْهُ الصَّرْفُ وَالعَطْف.
٨. مُظَاهَرَةَ المُشْرِكِين وَمُعَاوَنَتُهُم عَلَى المُسْلِمِين.
٩. مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَسَعَهُ الخُرُوجَ عَنْ شَرِيْعَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَمَا وَسَعَ الخِضْرَ الخُرُوجَ عَن شَرِيْعَةِ مُوْسَى (عَلَيْهِ السَّلَامْ).
١٠. الإِعْرَاضُ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يَتَعَلَّمُهُ
وَلَا يَعْمَل بِهِ.
وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ النَّوَاقِضُ بَيْنَ الهَازِلِ
وَالجَادِّ وَالخَائِف إِلَّا المُكْرَه.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ السَّادِسَة: أَنوَاعُ التَّوحِيد:
١. تَوحِيدُ الرُّبُوبِيَّة: وَهُوَ تَوحِيْدُ اللَّهَ بِأَفْعَالِهِ،
وَيَتَحَقَّقُ بِأَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ المَخْلُوقَاتِ وَحْدَه، وَيَرْزُقُهُمْ وَحْدَه، وَيُدَبِّرُ الأُمُورَ وَحْدَه.
وَمُعْظَمُ النِّاسِ -بِفِطْرَتِهِم- يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الخَالِقُ الرَّازِقُ المُدَبِّرُ المُحِيي المُمِيت...
وَيَعْتَرِفُونَ بِكُلِّ ذَلِكَ وَيُقِرُّونَ بِهِ،
بَلْ حَتِّى الكُفّارُ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ وَأًموَالَهُمْ
كَانُوا يُقِرُّونَ بِذَلِك.
وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: (قُلْ مَنْ يَرزُقُكُم مِّنَ السْمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارِ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحًيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ) يونس: ٣١.
وَلَكِن تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ لِوَحْدَه، بِأَنْ يُؤْمِنَ العَبدُ
بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ وَأَحْيَاه...؛
لَا يَكْفِي لِدُخُولَهُ الإِسْلَامَ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ بِتَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّة.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ السَّادِسَة: أَنوَاعُ التَّوحِيد:
٢. تَوْحِيْدُ الأُلُوْهِيِّةِ: وَهُوَ تَوحِيْدُ اللَّهَ تَعَالَى بِأَفْعَالِ العِبَادِ؛ كَالدُّعَاءِ، وَالنَّذْرِ، وَالنَّحْرِ، وَالرَّجَاءِ، وَالخَوْفِ، وَالرَّغْبَةِ، وَالرَّهْبَةِ، وَالإِنَابَةِ، وَالاسْتِعَانَةِ، وَالاسْتِعَاذَةِ، وَالتَّعْظِيمِ، وَالرُّكُوعِ، وَالجِهَاد...،
- وَمَعْنَاهُ أَنَّ العَبدَ يُؤَدِّي العِبَادَةَ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ وَحْدَه، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَصْبَحَ مُسْلِمًا قَدْ حَقَّقَ التَّوْحِيْدَ،
أَمَّا إِذَا أَدَّى العَبدُ عِبَادَةً مُتَقَرِّبًا بِهَا لِغَيْرِ اللَّه؛ أَوْ صَرَفَ بَعْضَهَا للَّه وَبَعْضَهَا لِغَيْرِ اللَّه؛ لَمْ يُحَقِّقْ التَّوْحِيْدَ وَوَقَعَ فِي الشِّرْكِ، وَالعِيَاذُ بِاللَّهِ.
وَتُوْحِيْدُ الأُلُوْهِيِّة، وَيُسَمَّى (تَوْحِيْدُ العِبَادَة)، هُوَ الَّذِي لِأَجْلِهِ أُرْسِلَت الرُّسُل (عَلَيْهِمُ السَّلَامْ)، إِذْ كَانَ كُلُّ رَسُولٍ يَبْدَأُ دَعْوَتَهُ لِقَوْمِهِ بِالأَمْرِ بِتَوْحِيْدِ العِبَادَة، قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ) [النحل: ٣٦]،
وَقَالَ نُوْحٌ وَهُوْدٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيبٌ (عَلَيْهِمُ السَّلَامْ) مَقُوْلَةً وَاحِدَة: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) [الإعراف: ٥٩، ٦٥، ٧٣، ٨٥].
وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّوْحِيْدِ هُوَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كُفَّارَ قُرَيش، وَمِنْ أَجْلِهِ قَاتَلَ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ المُرْتَدِّين.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ السَّادِسَة: أَنوَاعُ التَّوحِيد:
٣. تَوْحِيدُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَات:
» وَهُوَ الإِيْمَانُ بِكُلِّ مَا وَرَدَ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ وَالأَحَادِيثِ الصَّحِيْحَةِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهَا رَسُوْلُهُ ﷺ عَلَى الحَقِيْقَةِ،
» وَاعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [الشورى: ١١]،
» وَيَجِبُ الإِيْمَانُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ الثَّابِتَةِ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِمَعَانِيهَا وَأَحْكَامِهَا عَلَى فَهْمِ السَّلَفِ الصَّالِحِ،
» فَأَسْمَاءُ اللَّه وَصِفَاتُهُ تُعْرَفُ مِنَ القُرآنِ وَالسُّنَّة، وَلَا يَجُوزُ لأَحَدٍ -أَيًّا كَان- أَنْ يَأْتِي مِنْ عِندِهِ بِاسْمٍ أَوْ صِفَةٍ للَّهِ تَعَالَى،
» لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّه وَصِفَاتِهِ تَوْقِيْفِيَّة، أَيْ: نَتَوْقَّفُ فِيْهَا عِندَ الأَسْمَاء الَّتِي سَمَّى اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهَا، أَوْ سَمَّاهُ بِهَا رَسُولُهُ ﷺ أَوْ وَصَفَه.
» وَأَسْمَاءُ اللَّه كُلُّهَا حُسْنَى، وَهِيَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: الصَّمَدُ، البَارِئُ، السَّمِيعُ، البَصِيرُ، الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ،... كَمَا لَهُ سُبْحَانَهُ صِفَاتٌ كَثِيرَة كُلُّهَا عَلِيَّا، مِنهَا: الرَّحْمَةُ، القُوَّةُ، الحِكْمَةُ، العِزَّةُ، العِلْمُ، الجَبَرُوت،...
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ السَّابِعَة: أَنوَاعُ الشِّرْك:
١. الشِّرْكُ الأَكْبَر: وَهُوَ ذَنْبٌ عَظِيم، لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَلَا يَقْبَلُ مَعَهُ عَمَلًا صَالِحًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ ﴾ [النساء: ٤٨]،
وَقَالَ سُبْحَانَه: ﴿ إِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأواهُ النّارُ وَما لِلظّالِمينَ مِن أَنصارٍ ﴾ [المائدة: ٧٢]،
وَقَالَ جَلَّ جَلَالُه: ﴿ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ ﴾ [الزمر: ٦٥].
وَالشِّرْكُ الأَكْبَر أَرْبَعَةُ أَنُواع، هِيَ:
أ.شِرْكُ الدَّعْوَة،
ب.شِرْكُ النِّيَّة وَالإِرَادَة وَالقَصْد،
ج. شِرْكُ الطًّاعَة،
د.شِرْكُ المَحَبَّة.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ السَّابِعَة: أَنوَاعُ الشِّرْك:
٢. الشِّرْكُ الأَصْغَر: وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ ذَرِيعَةٌ إِلَى الشِّرْكِ الأَكْبَر وَوَسِيلَةٌ للوقُوعِ فِيه،
كَالرِّيَاءِ، وَالْحَلْفُ بِغَيْرِ اللَّه، وَقُولُ "مَا شَاءَ اللَّه وَشِئتَ"، وَقُولُ "أَنَا مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْكَ"
وَغِيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهَا،
» وَكَفْارَتُهَا أَنْ تَقُول:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ شَيْئَاً أَعْلَمُه، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا لَا أَعْلَم".
[رَوَاهُ أَحْمَد وَغَيْرُه وَصَحَّحَهُ الهَيْثَمِي
وَابنُ حِبَّان]
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ التَّاسِعَة: أَنوَاعُ النِّفَاق:
١. النِّفَاقُ الأَكْبَر (الاعْتِقَادِي): وَهُوَ إِبطَانُ الكُفْرِ فِي القَلْبِ، وَإِظْهَارُ الإِيْمَانِ عَلَى اللِّسَانِ وَالْجَوَارِح، وَأَنوَاعُهُ سِتَّة، صَاحِبُهَا مِنْ أَهْلِ الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار، وَهِيَ:
أ.تَكْذِيبُ الرَّسُول، ب.تَكْذِيبُ بَعضُ مَا جَاءَ بِه الرَّسُول، ج.بُغْضُ الرَّسُول، د.بُغْضُ بَعضُ مَا جَاءَ بِه الرَّسُول، ھ.المَسَرَّة بِانْخِفَاضِ دِينِ الرَّسُول، م.الكَرَاهِيَّة بِانتِصَارِ دِينِ الرَّسُول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ).
٢. النِّفَاقُ الأَصْغَر (العَمَلِي): وَيَحْصُلُ بِعَمَلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ المُنَافِقِين وَالاتِّصَافُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِم، مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الإِيْمَان، وَهُوَ خَمْسَةُ أَنوَاعٍ
ذَكَرَهَا رَسُولُ اللَّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي قَولِهِ: " آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثُ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ"، وَفِي رِوَايَة: " إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ". [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
المَسْأَلَةُ العَاشِرَة: مَعْنَى الطَّاغُوت،
وَرُؤُسُ أَنوَاعِه:
أَوَّلُ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى ابْنِ آدَمَ الكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ وَالإِيْمَانِ بِاللَّه، وَالدَّلِيل قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَد بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: ٣٦]،
» وَصِفَةُ الكُفْرُ بِالطَّاغُوتِ أَنْ تَعْتَقِدَ بُطْلَانَ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّه وَتَتْرُكَهَا وَتُبْغِضُهَا وَتُكَفِّرَ أَهْلَهَا وَتُعَادِيهِمْ،
» وَأَمَّا صِفَةُ الإِيْمَانِ بِاللَّه فَأَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الإِلَهُ المَعْبُود وَحْدَهُ دُونَ سِوَاه، وَتُخْلِص جَمِيعَ أَنوَاعِ العِبَادَةِ كُلَّهَا للَّه، وَتَنْفِيهَا عَنْ كُلِّ مَعْبُودٍ
سِوَاه، وَتُحِبُّ فِي اللَّه، وَتُبْغِضُ فِي اللَّه.
» وَالطَّاغُوتُ: هُوَ كُلُّ مَا تَجَاوزَ بِهِ العَبْدُ حَدَّهُ
مِنْ مَعْبُودٍ أَوْ مَتْبُوعٍ أَوْ مُطَاعٍ.
• فَمِثَالُ المَعْبُودِ » شَيَاطِينُ الجِنِّ الَّتِي تَأْمُرُ سَحَرَةَ البَشَر بِعِبَادَتِهِمْ، فَيَعْبُدُونَهُمْ،
• وَمِثَالُ المَتْبُوع » رُؤَسَاءُ الدُّوَلِ وَالحُكُومَاتِ وَالمُلُوكِ وَالأُمَرَاءِ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ رَعِيَّتَهُمْ بِمُخَالَفَةِ الشَّرِيْعَةِ وَالتَّحَاكُمِ إِلَى القَوَانِينِ الوَضْعِيَّة،
وَيُحَارِبُونَ تَحْكِيْمَ الشَّرِيْعَةِ وَمَنْ يَدْعُو إِلَى تَطْبِيْقِهَا، فَتَتَّبِعَهُمُ الرَّعِيَّة،
• وَأَمَّا المُطَاعْ » فَمِثْلُ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ وَمَشَايخُ السُّوءِ الًّذِينَ يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّه وَيُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّه، فَيُطَاعُونَ فِي ذَلِكَ.
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
» تَكْمِلَةٌ للمَسْأَلَةِ العَاشِرَة:
بَيْنَمَا المُسْلِمُ المُوحِّدُ يَكْفُرُ بِكُلِّ مَعْبُودٍ أَوْ مَتْبُوعٍ أَوْ مُطَاعٍ مِنْ دُونِ اللَّه، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ وَمِنْ أَتْبَاعِهِمْ، وَيُعَادِيهِمْ وَيُبْغِضُهُمْ، وَهَذِهِ هِيَ -مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ- (عَلَيْهِ السَّلَام) الَّتِي مَنْ رَغِبَ عَنْهَا سَفِهَ نَفْسَهُ،
وَهِيَ الأُسْوَةُ الحَسَنَةُ الَّتِي حَثَّنَا اللَّهُ عَلَى الاقْتِدَاءِ بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَآؤا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفْرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبِيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [الممتحنة: ٤].
وَمِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ أَنْ نُقَاتِلَ الطَّوَاغِيتَ وَأوْلِيَاءَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ إِعْلَاءً لِكَلِمَةِ اللَّه،
قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيْفًا ﴾ [النساء: ٧٦].
» وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيْرَة، رُؤُوسُهُمْ خَمْسَة:
١. الشَّيْطَانُ الدَّاعِي إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّه، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَني آدَمَ أَنْ لَّا تَعْبُدُوا الشِّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يس: ٦٠].
فَالشَّيْطَان هُوَ الطَّاغُوتُ الأَكْبَرُ، الَّذِي يَسْعَى دَوْماً لِصَرْفِ النَّاسِ عَنْ طَاعَةِ اللَّه، وَهُنَاكَ مِنَ البَشَرِ مَنْ يُشَارِكُونَ الشَّيْطَانَ فِي صَدِّ النَّاسِ عَنْ عِبَادَةِ اللَّه، وَهَؤُلَاء هُمْ أَيْضًا طَوَاغِيت.
٢. الحَاكِمُ الجَائِرُ المُغيِّرُ لِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلْمَ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقْدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: ٦٠].
يَتَّبِعْ إِنْ شَاءَ اللَّه...
❖ #يتبع 📚
• عَشرُ مَسَائِلٍ فِي العَقِيْدَةِ،
لَا يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا:
» تَكْمِلَةٌ للمَسْأَلَةِ العَاشِرَة: رُؤُوسُ الطَّوَاغِيت:
٣. الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّه، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: ٤٤].
فَإِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ أَوْ القَاضِي بَيْنَ مُتَخَاصِمَينِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّه؛ كَأَنْ حَكَّمَ القَوَانِينَ الوَضْعِيَّة أَوْ الأَعْرَافِ وَالتَّقَالِيدِ العَشَائِرِيَّةِ وَالقِبَلِيَّة؛ فَقَد ارْتَدَّ عَن دِينِ اللَّهِ وَصَارَ طَاغُوتًا..
وَالحَاكِمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ كَافِر، وَمَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِ مِنَ المُتَخَاصِمِينَ كُفَّارٌ أَيْضًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيْمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: ٦٥].
فَنَفَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الإِيْمَانَ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَكِّمُوا شَرْعَ اللَّه بَيْنَهُمْ، وَحَكَّمُوا الطَّاغُوت.
٤. مَنْ اِدَّعَى عِلْمُ الغَيْبِ، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ لَّا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ [النمل: ٦٥].
فَمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَهُوَ طَاغُوتٌ كَذَّبَ صَرِيحَ القُرآنِ الكَرِيم.
يتبع.