08/08/2025
من مخفر جاسم إلى الصنمين...
أغنية من وجع الأم وصوت الذاكرة
في أعراس درعا وحفلاتها الشعبية، يتردد صوت أغنية بسيطة في لحنها، عذبة في وقعها، لكنها تخفي خلف كلماتها قصة موجعة من زمن مضى.
أغنية "من مخفر جاسم للصنمين" ليست مجرّد تراث شعبي، بل مرآة لحكاية حقيقية حملت في طياتها ألم أم، وعجز زمن، ووداعًا لا عودة فيه.
القصة كما رواها أهل المنطقة:
في أواخر الأربعينيات أو بداية الخمسينيات، كانت تعيش عائلة بدوية في بلدة جاسم، قرب المخفر والبركة الشرقية. كان لديهم شاب وحيد، أحبته أمه حبًا لا يوصف، لكنه سقط مريضًا فجأة، واشتد عليه المرض حتى باتت حالته حرجة.
لم تكن هناك مستشفيات، ولا سيارات إسعاف، ولا أطباء في البلدة. فهرعت العائلة إلى مخفر جاسم، تستنجد بالدرك لعلهم يجدون وسيلة لإنقاذه. لكن الجواب كان محبطًا:
"ما عنا شي غير هالخيل.. دبروا حالكم للقنية أو الصنمين."
بكل ألم، حملوه إلى بلدة القنية، ثم إلى الصنمين، أملاً في إنقاذه. لكن الموت سبَقهم، وخطَف الشاب من بين أيديهم.
مرت الأيام، وظل الحزن في قلب أمه لا يفارقها. وكلما مرّت من جاسم، تهمس بكلمات خرجت من أعماق الوجع، كلمات تحوّلت لاحقًا إلى أغنية حفظها الناس ورددوها:
من مخفر جاسم للصنمين
حاجة تهلي الدمع يا عيني
على وليفٍ كان مسليني
واليوم مفارق سود العيونا
هذه الكلمات للشاعر الراحل فؤاد ميماس، الذي التقط بصدق شعور تلك الأم، وحوّله إلى نشيدٍ شعبي خالد، يحمل في طيّاته نبض الأرض، ودمعة أم، وحكاية منسية من تراث درعا الاصيل.