
13/08/2025
📌يمتلك اليمينيون المتطرفون في ألمانيا أكثر من 1700 قطعة سلاح بشكل قانوني. تقول هايكي كليفنر من جمعية مراكز الإرشاد لضحايا العنف اليميني: “نحن نرى الخطر الكبير الذي يشكله النازيون الجدد والمجرمون العنصريون الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الأسلحة القانونية، على سبيل المثال، في الهجوم الإرهابي اليميني القاتل في هاناو وفي قضية اللاجئ التونسي في الغابة السوداء في Baden-Württemberg الذي تم إعدامه”. في 6 أبريل 2024، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من وقوع جريمة القتل، عثر غواص هاوٍ على يد في نهر الراين. كانت ملفوفة بشبكة سلكية في قاع النهر بالقرب من Breisach. ثم عثر غواصو الشرطة لاحقاً على رأس الشاب، وكان ثقب الرصاصة ظاهرًا بوضوح. فما قصة اللاجئ التونسي مهدي بن ناصر ولماذا لم تكن جريمة قتله محط اهتمام الإعلام الألماني؟
🔗الشرطة لم تعتبر مهدي في البداية ضحية جريمة
في 4 يناير 2024، أبلغ موظف من بلدية Rickenbach الشرطة بأن الباب الأمامي لشقة مهدي بن ناصر مُحطم وأن زجاج النافذة قد تهشم. تقع الشقة في مبنى مكون من طابقين في غالبة Hotzenwald في أقصى جنوب الغابة السوداء قبل الحدود السويسرية مباشرة. وجدت الشرطة بركة دماء بجوار سرير مهدي، ومحفظته، وأوراقه بالإضافة إلى هاتفه المحمول الذي كان ملطخاً بالدماء. سجلت الشرطة “شكوى جنائية لإتلاف الممتلكات” و”قضية شخص مفقود”. وقد اعتبرت أن المفقود البالغ من العمر 38 عاماً ليس ضحية جريمة، وأنه كسر مصراع الباب وتسلق النافذة للدخول فأصيب بجروح.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر، عُثر على أجزاء متفرقة من جثة مهدي بن ناصر في نهر الراين. فتحولت قضية الشخص المفقود إلى تحقيق جنائي وبدأ بتفتيش شقته مرة أخرى، حيث اكتشف المحققون رصاصة مشوهة وسط بركة الدماء التي كانت بجوار السرير. وبعد عدة أيام، وجدوا رصاصة ثانية تحت حافة سجادة. في البداية، اشتبه المحققون في أن جريمة القتل مرتبطة بالمخدرات وأنها ربما نُفذت من قبل طالبي لجوء، لكن القضية اتخذت منعطفًا مفاجئًا.
🔗منزل “وكر الذئب”
في 25 أبريل 2024، سلم باتريك إي. نفسه للشرطة في Lörrach، واعترف بإطلاق النار على المجني عليه وتقطيع جثته بالساطور إلى ستة أجزاء ثم إلقائها ملفوفة بشبكة سلكية في نهر الراين. عندما فتشت الشرطة منزله، عثرت على 38 سلاحًا ناريًا كان باتريك إي. بصفته صيادًا يحمل ترخيصًا باستخدامها. كما عثرت على 20 ألف طلقة ذخيرة ونجمة رمي وسيوف ومسحوق أسود وخنجر من قوات الأمن الخاصة (SS) وقنابل يدوية على المكتب وفي الردهة وقذيفة هاون في القبو. السلاح الوحيد الذي لم يعثروا عليه هو سلاح الجريمة، وهو مسدس شرطة من الحقبة النازية يمتلكه بشكل غير قانوني. عُلقت لافتة فوق بيت الكلب كُتب عليها “وكر الذئب”، كما عُلقت لافتة على جراج السيارات مكتوب عليها “منطقة حماية ألمانية”، والتي يستخدمها أيضًا “مواطنو الرايخ” الذين لا يعترفون بوجود جمهورية ألمانيا الاتحادية.
🔗كيف قُتل مهدي؟
يعيش القاتل باتريك إي. البالغ من العمر 58 عاماً في مولبورغ، على بُعد نصف ساعة بالسيارة من غابة Hotzenwald، وقد نشأ في منطقة الغابة السوداء ولديه ثلاثة أبناء. في ديسمبر 2023، استأجر الجاني كوخاً في الغابة لقضاء عطلة عيد الميلاد مع عائلته ومجموعة من الأصدقاء. وخلال ليلة عيد الميلاد، ووفقاً لأقوال الجاني، فإن مهدي بن ناصر قد مر بدراجته من أمام الكوخ وأهان عائلة باتريك إي. وهددهم. فتتبعه باتريك لمكان إقامته في مسكن للاجئين وراقبه من خلال النافذة ثم أطلق النار عليه. برر القاتل تصرفاته بأنها كانت دفاعاً عن النفس ووصف المجني عليه بأنه أراد القضاء على عائلته، لذلك قتله. لكن لماذا لم يتصل بالشرطة وتتبع مهدي بن ناصر لشقته؟ ولماذا أحضر سلاحاً غير مرخص لإجازة عائلية؟ فبعد أن قتل بن ناصر، أخفى باتريك الجثة في الصباح على بعد أمتار من الكوخ تحت أغصان الشجر، ثم أخذ الجثة إلى حديقة صغيرة تملكها العائلة حيث قام بتقطيع جثمان مهدي بن ناصر إلى ستة أجزاء بالسطور.
🔗شهادات مثيرة للجدل
وفقاً لمقال نشره موقع Zeit، فإن شهادات مثيرة للجدل عن آراء الجاني السياسية تجاه الأجانب كانت من ضمن المعلومات التي حصلت عليها الشرطة خلال استجواب رجلاً من المتواجدين خلال تجمع عيد الميلاد، الذي وقعت جريمة القتل بعدها. فقد سُئل رجلاً عن آراء الجاني السياسية وهل سبق له أن أدلى بتعليقات مهينة عن الأجانب، فكانت إجابته: “لم أعد أحبهم. أنا أيضًا لا أحبهم. إنهم يدمروننا”. علم المحققون بآرائه المثيرة للجدل من رئيسه في شركته؛ فقبل بضع سنوات من ارتكاب جريمة القتل تلقى باتريك إي. تحذيرًا لإلصاقه ملصقات من مجلة “Compact” اليمينية المتطرفة على محطة حافلات. بعد الحادثة، زُعم أنه قال في جلسة تدريبية: “إن الألماني المحترم لا يشتري من اليهود”. خلال فترة احتجازه قبل المحاكمة ، كتب باتريك إي. رسائل إلى عائلته وصف فيها نفسه بالبطل الذي “منع هجومًا إسلاميًا مثل الذي وقع في مانهايم”. وكتب أن أفعاله كانت ستُحتفى بها في دول أخرى.
🔗استبعاد العنصرية كدافع للجريمة
في نوفمبر 2024، حُكم على المتهم بالسجن ست سنوات وعشرة أشهر فقط بتهمة القتل غير العمد وحيازة سلاح ناري بشكل غير قانوني. استمرت المحاكمة خمسة أيام فقط، ولم تُبلغ عائلة بن ناصر في تونس بحقها في حضور المحاكمة منذ بدايتها، حيث تُصدر الحكومة الألمانية عادة تأشيرة للمثول أمام المحكمة. وأكد القاضي في محكمة فالدشوت-تينغن الإقليمية أنه لولا اعتراف الجاني لما جرت المحاكمة على الأرجح، وربما لم تُثبت الجريمة ضده. سخر القاضي من تسريحة شعر المجني عليه وعلق عليها بشكل ساخر. تُعاقب جريمة القتل غير العمد بالسجن لمدة تتراوح بين 5-15 سنة. وصف القاضي تصريحات الجاني العنصرية بأنها “مزاح سيئ الذوق”، ووصف التذكارات من عصر النازية بأنها “اهتمام تاريخي أحادي الجانب”. ووصف خروجه قبل عيد الميلاد بقليل حاملاً سلاحًا غير قانوني بأنه “تصرف متهور للغاية”. وبالرغم من الكتابات اليمينية المتطرفة في منزل القاتل باتريك إي. والعديد من الأدلة بالإضافة لوحشيته بتقطيع جثة مهدي بن ناصر، إلا أن القاضي رأى عدم وجود أدلة على أن جريمة القتل كانت بدوافع عنصرية.