05/10/2025
عندما يعود الأولاد من المدرسة، ينحنون نحو اليسار إلى المطبخ بحثًا عن أمهم...
ولا ينحنون إلى اليمين حيث مكتبي، بحثًا عنّي،
رغم أن مكتبي لا يبعد إلا خطوات عن المطبخ!
لا أتوقف كثيرًا عند هذا "التطنيش".
أحيانًا أسمع أمهم تقول لهم:
**"سلّمتوا على أبوكم؟ روحوا سلّموا عليه..."**
بين هذا الطلب وتنفيذه...
يمر من ربع إلى نصف ساعة!
ولا أتوقف كثيرًا عند هذا "التطنيش" أيضًا...
فالدنيا زحمة، والطرق من المطبخ إلى مكتبي تشهد ازدحامًا مروريًا خانقًا،
وقد يستغرق الوصول إليّ وقتًا أطول.
في نهاية المطاف...
يصلون نحوي فرادى...
وتكون التحية باردة!
الأسبوع الماضي، وبالصدفة، خرجت من مكتبي
فوجدت أكبر الأبناء يقف في المطبخ يناول "الست الوالدة" شيئًا ما، وعندما رآني، تراجع وأخفاه خلف ظهره...
أكملت طريقي دون أن أعلّق.
لكن، عند عودتي، رأيته يضع في فمها قالب شوكولاتة فاخرة
قد اشتراه لها من مصروفه.
عندما رآني خجل، ولم يعرف كيف يتصرف...
وبعد ثوانٍ، حاول أن يخرج من جيبه قطعة حلوى "كراميل"
كانت ملتصقة بقعر الجيب، وعليها بعض قطع المناديل الورقية،ثم قدّمها لي، فشكرته بابتسامة.
لا أتوقف كثيرًا عند هذا "التمييز العنصري"...
صحيح أن الشوكولاتة التي اشتراها لأمه لذيذة جدًا،
لكنني لا أنزعج من ميلهم كل الميل نحو أمهم،
فقد كنا مثلهم وأكثر.
رغم كدّ الأب، وسفر الأب، وتعب الأب، وحنان الأب،
إلا أن الجنوح يكون دومًا نحو الأم.
وهذه فطرة... لا نتحكم فيها.
الغريب أن الأولاد لا يكتشفون حبهم الجارف لآبائهم
إلا متأخرًا...
إما بعد الرحيل،
أو بعد المرض وفقدان الشهية للحياة.
وذلك الحب...
حب متأخر جدًا،
بحسب توقيت الأبوة.
الآن...
كلما تهت في قرار، أو ضاقت عليّ الحياة،
أو ترددت في حسم مسألة،
تنهدت وقلت:
"أين أنت يا أبي؟"
-أحمد خالد توفيق
Kassimoum Le Maistro - قاسيمو المايسترو