
24/04/2025
شهدت مدينة سيدي عامر مؤخرًا موجة ارتفاع غير مبررة في أسعار العقارات والسكنات وقطع الأراضي والشقق التابعة للدولة، مما أثار حالة من الاستياء الواسع، ودفع بالكثير من المواطنين للتساؤل عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الغلاء الفاحش، في مدينة ما تزال تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة العصرية. هذا الوضع لا يمكن السكوت عنه، ويستوجب من الجميع الوقوف أمامه بجدية، بدءًا من المشتري البسيط، مرورًا بالبائع، وصولًا إلى أولئك الذين يحرّكون السوق من وراء الكواليس، والذين لا يحتاجون لتعريف لأن أفعالهم أصبحت معروفة لدى الجميع.
من غير المعقول أن يذهب المواطن البسيط ليعرض على البائع أرقامًا خيالية من تلقاء نفسه، دون أن يتحقق أو يسأل عن السعر الحقيقي للمسكن أو قطعة الأرض التي ينوي شراءها. فمن لم يكن على دراية بالأسعار عليه أولًا أن يسأل ويتحرى، وإذا لم يجد الجواب فعليه التوجه لأهل الاختصاص، ممن لديهم خبرة ومعرفة بالسوق العقارية. أما أن يدخل السوق بشكل عشوائي ويبدأ بتقديم عروض مغرية، فهذا هو السبب الأول في انهيار السوق وتحولها إلى ساحة للمزايدة والمضاربة.
الأسعار المتداولة حاليًا في المدينة هي أسعار مبالغ فيها بشكل كبير، بل يمكن القول إنها أسعار ربوية مئة بالمئة، لا تستند إلى أي منطق أو تقييم واقعي. وأي شخص عاقل يستخدم القليل من التفكير يدرك فورًا أن هذه الأسعار لا تتناسب مع حقيقة العقارات المعروضة ولا مع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمدينة. ولهذا السبب، وجب التنبيه، لأن السكوت في مثل هذه الحالات يعتبر مشاركة ضمنية في الجريمة التي تُرتكب في حق الناس.
ومن منطلق الوعي وحرصًا على المصلحة العامة، نقدم في هذه الحملة التوعوية "اعرف كيف تساوم" بعض التقديرات المنطقية التي يمكن أن يعتمد عليها المواطن لتفادي الوقوع في فخ الأسعار الخيالية. فبالنسبة للسكنات القديمة، أو ما يُعرف بـ"البني القديم"، لا يجب أن تتجاوز الأسعار سقف 200 مليون سنتيم، أيًا كان موقعها في سيدي عامر، لأنها في النهاية لا تعدو أن تكون قطعة أرض تحمل فوقها بناء قديمًا متهالكًا، لا يبرر بأي حال من الأحوال الأرقام التي تُطلب اليوم.
أما السكنات الحديثة، فهي تختلف من حي لآخر ومن حيث تجهيزاتها الداخلية، ومع ذلك لا ينبغي أن تتجاوز قيمتها من 210 إلى 310 مليون سنتيم كأقصى حد. وكل ما يزيد عن هذا الحد يدخل ضمن خانة المغالاة والاستغلال. أما الشقق السكنية السكن الايجاري العمومي التابعة للدولة، المعروفة بـ"البطيمات"، فيجب أن لا يتجاوز سعرها 130 مليون سنتيم، وتتناقص القيمة كلما كانت في طابق علوي أو موقع أقل تميزًا، ولا يجب في كل الأحوال أن يتجاوز السعر 130 مليون، لأنها في الأساس ليست ملكًا حرًا للبائع، وإنما هي سكنات اجارية عمومية.
وفيما يتعلق بقطع الأراضي أو ما يُعرف بـ"البقع"، فالقيمة يجب أن تتراوح ما بين 20 إلى 50 مليون سنتيم كحد أقصى، وذلك حسب الموقع وقربه من مركز المدينة أو من المرافق. أما الأراضي البعيدة وغير المهيأة، فلا يجب أن يتعدى سعرها 20 مليون سنتيم، مهما كانت المساحة أو وعود المستقبل التي يروّج لها البعض. لأن ما لا يوجد فيه تهيئة أو ماء أو طرق أو حتى تخطيط عمراني، لا يساوي شيئًا في الواقع مهما كانت الأحلام المعلقة عليه.
إن مدينة سيدي عامر، بكل صدق، لا تزال في وضعية عمرانية وخدماتية لا تؤهلها لبلوغ هذا الجنون في أسعار العقار، ولا تملك من المقومات ما يجعل هذه الأرقام منطقية أو قابلة للتبرير. ولذلك، من واجبنا جميعًا أن نحسن التصرف، وأن لا نرمي أموالنا التي تعبنا في جمعها في مساكن تباع بأسعار فاحشة، لا لشيء إلا لأن البعض قرر أن يربح على ظهور البسطاء. ومن هذا المنطلق، أطلقنا هذه الحملة التحسيسية "اعرف كيف تساوم"، لتكون صرخة في وجه الغلاء، ووقفة أمام العبث الذي يهدد استقرار المجتمع ويدمر أحلام الشباب.
@متابعين
@أبرز المعجبين