روايات كورية - 한국어 소설

روايات كورية - 한국어 소설 .: هذه الصفحة للروايات و التخيلات الكورية :.
مرحبا بكم في عالمنا السحري. 🦋❤️

مرحباااا، كيفكم؟فيه group للترويج للروايات و الميمز ضمن جو عائلي (بنات فقط) مخصص للقارئات و الكاتبات. مين بدها تنضم؟
08/07/2025

مرحباااا، كيفكم؟
فيه group للترويج للروايات و الميمز ضمن جو عائلي (بنات فقط) مخصص للقارئات و الكاتبات. مين بدها تنضم؟

مرحبا! هذه  #جيون.لمن يريد مواصلة متابعة رواياتي تجدونها على منصة واتباد عبر حسابي على هذا الرابط:
11/07/2024

مرحبا! هذه #جيون.
لمن يريد مواصلة متابعة رواياتي تجدونها على منصة واتباد عبر حسابي على هذا الرابط:

𝗖𝗮𝗹𝗹 𝗺𝗲 𝗝𝗶𝘆𝗲𝗼𝗻 👑 ❀ ⋅•⊱── -ˋˏ🍓ˎˊ- ──⊰•⋅ ❀ حسابي الثاني على الواتباد: https://www.wattpad.com/user/QueenJi6...

الفصل الثالث: خبر مفاجئ!🌿🌿Playlist:。゚・ 𖥸──-ˋˏ ••• ˎˊ-──𖥸 。゚・LAUV ft. BTS's Jimin & JK: Who? EXO: Beautiful Halsey: Bad a...
11/07/2024

الفصل الثالث: خبر مفاجئ!
🌿🌿

Playlist:

。゚・ 𖥸──-ˋˏ ••• ˎˊ-──𖥸 。゚・
LAUV ft. BTS's Jimin & JK: Who?
EXO: Beautiful
Halsey: Bad at Love
BTS: I Need You
Taylor Swift: Trouble

══════════════════════════

══════════════════════════

توجد في هذه الدنيا علاقات جوهرها حب و تضحيات فأقل ما يقال عنها أنها خالدة. كان العشق نجمة، في ذلك المنزل، تتلألأ في سماء قلبيهما، و كانا كلما نظرا إلى بعضهما البعض يتجدد الحب و تشتعل النيران بينهما من جديد. و لكن الزمان يبدع أحيانا في نقش آثاره على العلاقات فلم يستثني غُرُورُهُ علاقة تشا سيونغ وون و يون دارا. لم يقدر عقله على إستيعاب كيف و متى بدأت الليالي و الأيام تمر عليهما و بينهما بصمت، و لبس الإهتمام معطف شتاء ديسمبر، و أضحت الكلمات الدافئة تتلاشى كالصدى في الجبال البعيدة و تتوارى كنور الشمس عند غروبها، فانعدم التواصل! بات يبدو كما لو أن الحب يذوب و يضمحل لولا أن قلبه وفيٌّ لا يبيع نفسه للنقصانِ.

دخل المنزل عائدا من عمله مثقل الصدرِ بعد يوم شاق. رتابة أيامه مضنية، فحتى البعد و الجفاء بينهما بات رتيبا، أما مشهد دخوله إلى المنزل فيبدو مألوفا. توقفت قدماه عن المشي عند بلوغه نهاية الممر و رفع رأسه متأمِّلا هدوء المكان و سكونه. جابت عيناه المنزل و لم يكن هناك أثر واحد يدل على وجود زوجته في أي ركن من أركان هذا المبنى الفاخر الذي تحيطه المفروشات الأنيقة و المتناسقة ذات الألوان الترابية من كل صوب و كذلك اللوحات الأوروبية من عصر النهضة، ذلك يحدث مجددا دون أدنى شك. أطرق في الأرض بإحباط ثم زفر و هو يحدق بالفراغ في غضب دفين.

«ها قد عدتَ أخيرا!»

ظهرت أون هي أمامهُ فجأة هاتفة بذلك بلهفة فأنار مُحيّاهُ بإبتسامة حنونٍ و إرتخت عضلات وجهه الوسيم على الفور. كانت في غرفتها تعبث بهاتفها شاعرة بالملل حتى تسلل صوت خطواته المألوفة إلى سمعها، فظنت أنها لربما تتخيل، و مع ذلك، قفزت من سريرها و راحت تتأكد فألفته واقفا أمامها بهالته الشامخة، تلف جسده بذلة فاخرة داكنة زرقتها، و سُرِّح شعره نحو الخلف بشكل كلاسيكي و تدلت خصلة رفيعة أمام عينه اليمنى.

«غبتَ يومين عن المنزل و كأنهما دهر! لا طعم لهذا البيتِ من دونك!»

بللت شفتاها واضعة شعرها خلف أذنها و أضافت ببسمة واسعة بهرجت ثغرها الوردي:

«مرحبا بعودتك سالما، وون!»

حدّق بها ببعض الإستغراب لِمَا كانت ترتديه من ثياب كاشفة لمفاتنها. ثوبها الحريري القصير بلون الكاكاو ذاك أكسبها مظهر الفريسة التي سيكون من دواعي سرورها تقديم نفسها للسبع الجريح من أجل إلتهامها. شعرها الأسود الطويل المنفتح على كتفيها و ظهرها كان كفيلا بتصويرها على هيئة جنية شهية من عالم خيالي. و لكن الحب إذا عمّر في قلب رجل صادق عمي عن مفاتن الدنيا و مغرياتها، فلم يكن له من نظرات السوء صوب جسدها نصيب، بل تجاهل ذلك تماما و مضى إلى إعلان إشتياقه البريء أمام خاطرها المشوش حيث لم يكن في حسبانها أنه قد يعود الليلة، و لكن هذا الرجل يفعل المستحيل لإختصار وقت بعده عن عائلته.

«ألن تحضنيني؟»

نبس بإجهاد معاتبا فإضطربت و هي تنظر إلى نفسها بوعي متأخر:

«أعتذر عن مظهري، تصرفتُ براحة بما أنك كنتَ غائبا!»

فركت أصابعها بعضها ببعض بتوتر و رسمت ملامح ساذجة محرجة على محياها و غمغمت:

«سأذهب لإرتداء شيء لائق أولا ثم سـ-...»

تحدثت بينما تهم بالسير إلى غرفتها و لكنه أمسك بساعدها و سحبها إلى حضنه باترا كلماتها:

«لا يهم، تعاليْْ وحسب»

غاص جسدها الغض النحيل في أحضانه العميقة فتعلقت يداها في الهواء خلف ظهره لتفاجئها. تنهد قرب أذنها بثقل و قال:

«كان الأمر يستحق عناء السفر إلى جيجو يومين، على الأقل! ربحتُ الصفقة، أنا سعيد!»

«هذه أخبار سارة و تستحق الإحتفال!»

ربتت على ظهره مهنئة و أردفت:

«كما هو متوقع، تشا سيونغ وون ينجز مهامه كما ينبغي و لا لقاء له مع الخسارة على طاولة واحدة! إنه وقت قياسي يا صاح!»

قهقهت مرجعة رأسها إلى الخلف لكي تلاقي عيناه ثم أرفقت بفخر:

«مبارك!»

فارق حضنها و رمقها باسما بخفوت ماسحا على رأسها و قال:

«شكرا لكِ صغيرتي!»

تأملها بشوق بينما لاتزال ذراعه معقودة حول خصرها و أضاف باسما بسمة مائلة:

«ربما نشرب نخبا لاحقا! ما رأيُكِ؟»

«هذه فكرة جيدة!»

أومأ برأسه الثقيل فقطبت حاجباها هاتفة:

«تبدو متعبا جدّا!»

همهم هازا رأسه بالإيجاب ثم نبس مؤيدا:

«ميّت تقريبا!»

«سَأُحَضِّرُ حماما ساخنا لأجلك إذن، سيساعدك ذلك على إرخاء أعصابك و الشعور بالتحسن!»

«سأكون ممتنا!»

علق ناظرا حوله كالمفتّش عن بصيص أمل داخل سرداب مظلم. و سرعان ما زمّ سيونغ وون شفتاه بامتعاض شاردا لبرهة في صمت عميق. و في المقابل، لم ترق نظرته الشاردة أون هي التي سرعان ما آستشعرت هالة مخيفة غلفته تغليفا فجأة.

«لابد أن تعود في أية لحظة...لا أظنها تتأخر أكثر من ذلك!»

تنهد بضيق متجاهلا كلامها الذي كان عبارة عن هراء واضح وضوح الشمس، ثم سأل:

«هل هوني نائم؟»

«كلا، إنه مستيقظ!»

«عظيم! سأذهب للإغتسال أولا ثم سأسرقه منكِ قليلا»

«لكَ ما تريد! سأسبقك إلى تحضير الحمام ريثما تفقدتَ مكتبك و أغراضك إذن»

أشارت إلى الحقيبة في يده و كلها يقين أنه سيدقق أوراقه و يضعها في مكانها المناسب قبل الراحة. إنها تحفظه عن ظهر قلب و هذا كان كفيلا بجعل إبتسامة عذبة تبزغ في ثغره.

«صفقة عظيمة!»

توجهت أون هي إلى غرفته تعد الحمّام لأجله و لمّا أتممت إنجاز الأمر وقفت لبرهة تتأكد أن كل شيء جميل و مريح للأعصاب.

«ممتاز، و لكن لا ضير من زيادة الرغوة قليلا بعد!»

هتفت متخذة خطوة نحو الأمام و في يدها الغسول السائل و بينما هي كذلك وضعت يدها على حافة الحوض الزلقة قصد إسناد جسدها فانزلقت يدها و إنتهى بها الأمر ساقطة داخل حوض الإستحمام.

«ماذا تفعلين داخل حوض إستحمامي؟!»

سماعها لذلك الصوتِ ينضم في مثل ذلك التوقيت الخاطئ كان بمثابة صاعقة بالنسبة إليها. مسحت أون هي وجهها بسرعة شاهقة فانقشع الضباب عن عينيها و بان جسده الرياضي الضخم متموقعا أمامها تماما، بخيلاء. كانت يداه في جيبيْ بنطاله ينظر إليها تحت رموشه من مسافة بدت بالنسبة إليها شاهقة. كانت أزرار قميصه الأبيض مفتوحة بالكامل و تتوسط عضلات صدره ربطة عنق حمراء شبه مفكوكة، في حين كان حزام بنطاله مفتوحا متدليا على مصراعيه و كذلك كان زر البنطال مفكوكا. بدا من الواضح أنه كان يهم بخلع ثيابه، أما علامات التفاجئ على محياه فدليل قاطع على ظنه أن المكان خالٍ ليتصرف براحة. إزدردت أون هي ريقها و تمتمت:

«وون!»

تقدم منها قليلا ثم توقف تاركا بينهما مسافة حافة الحوض و خطوة. أبعد بعض الرغوة التي كادت تنزلق في إتجاه عينها بإبهام يمناه و أضاف عاقدا ساعداه أمام صدره:

«ألا يفترض به أن يكون حمامي الخاص؟»

رفع حاجبه متأملا إياها ببسمة جانبية ساخرة و قال:

«أيعقل أنكِ غيرتِ الخطة و قررتِ الإستحمام معي؟!»

حملقت به بأعين متسعة ثم سرعان ما بدأت رموشها المبللة بالرفرفة بسرعة. بدت لطيفة كطفلة مشاغبة مع خدّين متورّدين، تغطي الرغوة رأسها و بعض وجهها و ما بان من جسدها في تلك البركة زكية الرائحة.

«في الواقع...كـ- كان هذا حادثا، إنزلقتُ فوقعتُ، أنا آسفة على تخريب كل شيء!»

«تستحقين عقابا إذن!»

إرتفع حاجباها بدهشة إثر قوله لذلك و إذا به يردف موجها أمامها مرش الماء و كأنه يصوب نحوها مسدسا:

«لقد أفسدتِ حمامي بسكبكِ الكثير من لطافتكِ فيه! خذي هذا»

فتح المياه فجأة فصرخت محاولة تغطية وجهها بذراعيها بينما تتعرض للمزيد من البلل.

«بحقكَ هذا صبياني جدا، توقف عن هذا سيونغ وون!»

نهضت أون هي بصعوبة وسط حرب المياه تلك بينما ضحكات سيونغ وون تطغى على المكان، حتى شعرت بتوقف المياه فجأة. ترك الرجل المرش جانبا و وضع يداه فوق كتفيها فنظرت إليه خلف رموشها المبللة ببراءة حائرة و سرعان ما سلط ضغطا على جسدها جاعلا إياها تعود للجلوس وسط المياه مجددا. لم تفهم قصده فهَمَّتْ بمغادرة الماء و النهوض مجددا فمنعها عن ذلك موضحا بتوبيخ:

«إبقيْ مكانكِ، ملابسكِ الداخلية باتت مكشوفة أيتها الرعناء!»

إرتفع حاجباها بسذاجة لوهلة محدقة بوجهه الصارم ثم عادت إليها قدرتها على الإستيعاب فمطت شفتاها و قالت باستخفاف:

«و كأني معتادة على الذهاب إلى الشاطئ بمعطف شتاء مثلا!»

«أضحى ذلك من الماضي، ودّعيه!»

«ماذا تقصد؟»

سألت أون هي بحذر فأتاها الجواب سريعا تلونه الجدية:

«الآن و قد عدتِ إلى مكانكِ الصحيح ستودعين كل الملابس عديمة النفع التي كان يون هو، زوجكِ العتيد، يسمح لكِ بارتدائها بكل فخر!»

«هذا ليس مضحكا!»

«لستُ أمزح!»

إختفت إبتسامتها و حدقت به بغضب فبان نابه إثر بسمة جانبية شريرة و قال:

«مرحبا بعودتكِ تحت جناح إستبدادي عزيزتي يون هي!»

«لن أمتثل، ما رأيكَ بهذا؟»

«جرّبيني!»

هرّبت عيناها ماطّة شفتيها بتذمر:

«لستُ موافقة، أين حرية التعبير عن الرأي في هذا المنزل؟»

«هل ستتذمرين طويلا أم نجد حلا للخراب الذي أحدثته هنا؟»

نفخت خداها متأففة بضجر إثر إلقائها نظرة على وضعها و هتفت بإحباط:

«يا إلهي! أنا مبللة بالكامل!»

نظر حولها بتفكير ثم أردف بهدوء:

«بما أنكِ مبللة بالفعل، بات الحمّام من نصيبكِ، أنتِ أولى به!»

أولاها ظهره مغادرا و هو يقول:

«يمكنكِ إرتداء هذا بعد أن تنتهي...»

أشار إلى رداء إستحمامه الأزرق المعلق إلى جانب المرآة ثم إلتفت إليها موضحا:

«تجن دارا إذا لمس أحد أغراضها، كما تعلمين!»

حطت عيناها على رداء إستحمام أختها الأبيض المعلق إلى جانب خاصته بتفهم عقب توضيحه، بيد أنها لم تشعر بالإرتياح ناحية إقتراحه البديل فهمت بالإعتراض نابسة:

«و لكن لا أستطيع أن-...»

«لا أظنكِ تمتلكين حلا أفضل! إستحمي ثم ألغي إستعماركِ لحمامي لكي أفعل بدوري!»

بعثر شعره مضيفا:

«يجدر بكِ الإسراع قبل أن أنام فأنا أريد أن أراه!»

«تـ- تراه؟!»

«لا يسعني الإنتظار لمداعبته و تقبيله، و لكن كلانا يحتاج حماما طارئا كما ترين!»

«ماذا...تقبل؟!»

«سيهون! أنسيتِ؟»

«بالتأكيد، تريد أن ترى سيهون و تقبله...بالتأكيد...!»

مطط جسده كالقط ثم أرفق يده على فمه كرجل لبق متثائبا و قال:

«سأكون في غرفتي»

«حـ- حسنا، سأستحم بسرعة إذن!»

أومأ برأسه ثم غادر مغلقا الباب خلفه. أمسكت أون هي بشعرها عندئذ ناهرة نفسها:

«اللعنة على هذا التفكير القذر! بالطبع سيكون سيهون، ماذا سيكون غيره يا عديمة الحياء؟!»

ضربت جبينها بكفها زافرة متنفسة الصعداء نابسة تحت أنفاسها:

«كاد لساني يُحْدِثُ كارثة، عليّ غسل عقلي بمياه مقدسة!»

هتفت جملتها الأخيرة و هي تسحب نفسها للغطس تحت الماء بوجه ملتهب لشدة الإحراج.

لم تطل البقاء داخل الحمام حتى إنتبه سيونغ وون للباب يُفتح. أتاه صوتها من الداخل مستأذنا بأدب:

«لقد إنتهيت، هل يمكنني الدخول؟»

«تعالي، أون هي!»

دلفت إلى الغرفة ملفوفةً في رداء إستحمامه الأزرق الصخم متذمرة:

«ما هذا سيونغ وون؟ أهذا رداء إستحمام أم خيمة؟»

كان جالسا في هدوء على طرف سريره متكئا بكوعه على سطحه يعبث بهاتفه حتى سرقت هي كامل إهتمامه من تطبيق الإنستغرام. فاح في الغرفة عطر غسول إستحمامه منها و ترنمت ضحكاته في أركانها إثر تعليقها الطريف ذاك.

«في الحقيقة، كان رداء إستحمام...قبل أن تلبسيه!»

إبتسمت قائلة:

«لقد حضّرتُ من أجلكَ حماما آخر، يُستحسن أن تدخل بسرعة!»

«شكرا على التعويض!»

أجاب بذلك ناهضا عن السرير و إقترب منها مشاكسا فقال بينما يقرب يداه منها:

«و لكن دعيني أستعيد رداء إستحمامي أولا!»

قاطعت يداها على صدرها صارخة:

«قف مكانك سيونغ وون، هذا ليس مضحكا!»

بعثر شعرها مقهقها و قال:

«تعبيرات وجهكِ مضحكة جدا!»

مطّت أونهي شفتاها بتذمر لتلفيه يتوقف ممسكا ذراعيها مستنشقا رائحتها بولع فجأة. تنهدت و سألت بتهكم:

«ما خطبكَ الآن؟»

«من الغريب شم رائحتي عليكِ!»

إرتفع حاجباها مدركة لذلك فاحمر وجهها و فرّت من أمامه بخطوات سريعة. مالت شفتا سيونغ وون ببسمة شقية و تمتم:

«ظريفة!»

حمل الرجل جثته الضخمة إلى الحمام و بعد أن أنهَى إستحمامه دلف غرفته مسترخيا و جفف شعره ثم ألقّى على جذعه العاري قميصا أسود بسرعة ناسق بنطاله الرمادي صدفةً، و لم يكترث لأمر إغلاقه كثيرا حيث كان في عجلة من أمر، و توجّه إلى غرفة أون هي متحمسا للقاء سيهون الصغير. طرق الباب الذي كان مشققا بعض الشيء هاتفا:

«هل يمكنني الدخول؟»

«أدخل، سيونغ وون، تفضل!»

لم تتأخر عن إجابته فولج إلى الداخل فإذا بها مستلقية على الفراش و إلى جانبها طفلها الذي كان يصدر أصواتا لطيفة. كانت ترتدي منامة وردية لطيفة متكونة من رداءٍ و بنطال فضفاضين و كانت قد جففت شعرها بالفعل فكانت تبدو كقطعة من حلوى الخطمي.
إقترب منهما و إنحنى ليلتقف سيهون رافعا إياه عاليا و هتف:

«كيف حال بطلي؟»

إبتسمت المرأة للطافة المشهد و أبهرتها إستجابة طفلها السريعة للرجل حيث بدأ بإصدار أصوات مستمتعة.

«إنه يبتسم حقا! هل أستطيع أكله؟»

أخفضه سيونغ وون و نهل من خدّه قبلة ثم أعاده على السرير و جلس على طرفه و بدأ بدغدغته مداعبا و قال:

«أنظروا من كبرَ و سيقام على شرفه أجمل عيد ميلاد!»

«كيف تشعر الآن؟»

رفع عيناه إليها و أجاب بانشراح:

«أفضل بكثير...خصوصا بعد رؤية طفلي المميز!»

أخفض رأسه و دفن وجهه في صدره مستشفا رائحته ثم تنهد متمتما براحة:

«هذه الرائحة كفيلة بجلب السكينة إلى القلب مهما كان مثقلا، فليحمه الرب و يباركه!»

تأملته أون هي بحنان ثم هتفت مشاكسة:

«بدأتُ أغار!»

حوّل عيناه إلى وجهها مقطّبا حاجباه ثم أعادهما إلى الصغير قائلا بسخرية:

«هل تسمع أمك يا صاح؟ إنها تغار منك الآن!»

ضحك الصغير برقة فاتسعت إبتسامة سيونغ وون و أردف:

«حتى إبنكِ يسخر منكِ أيتها الغيور! لقد أفسدكِ الدّلال حتما و لهذا تجب إعادة برمجتكِ من جديد!»

«حقّا؟ إذن جد من يطبخ لك الغداء اليوم!»

«هل تشهد على ذلك سيهون؟ إنها تتحدّاني و تقوم بتهديدي...أخبرها أنها ليست أهلا لذلك!»

بلل شفتاه ثم واصل حديثه الطريف مع سيهون قائلا:

«ما رأيكَ بتنفيذ هجوم عليها؟»

قهقهت و قالت بدرامية:

«هل ستتحالف مع إبني ضدّي الآن؟»

وضعت ظاهر يدها على رأسها و هتفت:

«ليس من العدل العيش تحت سقف بيتٍ يحمه فكر ذكوري! أعلن ثورتي ضد النظام!»

«لا مكان للثورة ضدّي داخل أسوار بيتي! هجوم...»

ترك سيونغ وون سيهون جانبا و إنقض على الطفلة الكبيرة مدغدغا إياها دون رحمة. هو يعلم جيدا أنها تذوب حرفيا تحت رحمة دغدغاته التي لا تمزح.
ملأ صوت ضحكاتها الغرفة أثناء مصارعتها إياه و محاولتها الإفلات.

«لم تحزري بعد!»

إعتلاها لمّا كادت تلوذ بالفرار و ثبّت يداها فوق رأسها على الوسادة. أدركت الفتاة بعد عدّة محاولات عديمة الجدوى أنها خسرت أمام حركاته البسيطة كالعادة و قوة قبضتيه، و هكذا، لم ينتهي التعذيب حتى طلبت الصفح بذات النبرة الدرامية، فهتفت:

«الصفح و المغفرة سيد تشا، لن أكرر فعلتي، أنا بطاطا مهروسة تحت قدميك!»

«هذا مرضٍ إلى حد ما!»

أجابها ساخرا ثم بدأ بملاحظة وضعيتهما المخجلة فبدأت إبتسامته بالتلاشي رويدا و إيّاها.
تنحنح الرجل و ترك يديها ثم تراجع بهدوء حتى نهض عنها تماما و إعتدلت هي في جلستها فوق السرير. دلّك سيونغ وون عنقه قليلا ثم قال:

«أحتاج الصعود إلى غرفتي لكي أنال قسطا من الراحة...»

إبتسم في نهاية كلامه إبتسامة مجهدة لاقيا ردّا رقيقا من الكيان الأنثوي الناعم الواقف أمامه:

«عليكَ ذلك بالتأكيد ، تبدو مرهقا جدا!»

قابلها بإيماءة رأسية كجرو لطيف و أضاف مشيرا إلى الطفل:

«كنتُ أفكّر في أخذ سيهون معي، ألا بأس بذلك؟!»

«يمكنكَ ذلك بكل تأكيد، دعه ينام لديك ريثما أجهز الغداء!»

«ممتاز!»

أومأت فمنحها إبتسامة رقيقة و ربّت على رأسها ثم حمل سيهون و غادر إلى غرفته بهدوء.

قامت أون هي بربط سعرها على هيئة ذيل حصان متمتمة:

«هل أطبخ الباستا يا ترى؟»

توجهت إلى المطبخ بذهن حائر ثم بدأت الطّبخ بمجرد أن قرّرت.

عادت دارا من العمل بعد ساعة و نصف فالتقت أختها في المطبخ. كانت أون هي منهمكة إلى درجة أنها لم تنتبه إلى دخول أختها المنزل. توقفت دارا باسمة الثغر منهكة المُحيّا و إتكأت على طرف الباب متأملة أون هي بحنو. لازالت غير قادرة على تصديق كل ما حلّ بحياة شابّة مزهرة مثلها. تنهدت الفتاة شاكرة السماء في سرها على إستعادتها لأختها التي كانت على مشارف الهلاك. وقفت تُشبع عيناها بها بسرور حتى قررت أون هي أن تستدير فجأة لإخراج الفراولة من الثلّاجة.

«متى أتيتِ؟!»

سألت أون هي بتفاجئ فابتسمت دارا بوسع مجيبة:

«للتو»

إستغربت أون هي كونها لم تعد متأخرة على غير عادتها اليوم، بيد أن ذلك أفرحها جدّا و جعلها تطمئن قليلا. فكّرت المرأة أن سيونغ وون سيفرح حتما حال رؤيتها.

«هل أساعدكِ بشيء ما؟»

«كل شيء تحت السيطرة!»

أخرجت علبة الفراولة و إنتقت بعضها ثم شرعت بتزيين الكعكة.

«أتلك كعكة الفراولة المفضلة لدي؟»

«بلى، و لن تلمسيها إلا بعد الغداء!»

«هذا ظلم!»

«بالمناسبة، لقد عاد سيونغ وون!»

«أحقّا تقولين؟ متى عاد؟»

إرتفع حاجبا المرأة بدهشة فأجابت الأخرى بحماس:

«منذ سويعات!»

«عظيم! سأذهب إلى رؤيته!»

«حسنا، و لكن لربما تجدينه نائما فلقد بدا زوجكِ متعبا كثيرا!»

«ليست مسافةً قصيرة في نهاية المطاف. سأعود بعد قليل»

صعدت دارا إلى غرفتها فقابلها مشهد جدّ لطيف لزوجها سيونغ وون و إبن أختها سيهون الذي كان تحت جناح الأكبر بينما يغطّان في نوم عميق. كانا يبدوان مثل أبٍ و إبنه فلسيهون شعر داكن السواد كسيونغ وون. إبتسمت دارا لجمال المشهد ثم سرعان ما إنتابها الحزن و الأسف. تنهدت المرأة بثقل و مسحت بيدها على شعر قرينها بحنان هامسة:

«لا أعلم ما الذي يجعلك تحبني حتى اليوم!...ليست لديك فكرة كم يُثقل حبّك الكبير كاهلي يوما بعد يوم، حبيبي!»

إنطلقت سريعا لتغيير ثيابها ثم إنضمت إلى شقيقتها في المطبخ لمساعدتها.

«سأحس بالذنب إن لم أساعدكِ بشيء!»

«في الواقع، كل شيء جاهز تقريبا ، فقط رتّبي الطاولة إن كنتِ مُصرّة!»

رشقتها ببسمة إمتنان و مضت إلى معانقتها من الخلف بحنان و تعب و قالت:

«لا أعرف ماذا كنتُ سأفعل دونكِ أختي، أنتِ تساعدينني بالكثير منذ قدومكِ. أحبكِ، أون هي!»

قهقهت الأخرى بتحفظ ثم أجابت :

«ما خطبكِ اليوم؟»

رفعت دارا كتفيها مجيبة:

«شعرتُ أن علي إخباركِ كم أنا محظوظة بكِ!»

«أنتِ كذلك طبعا!»

وكزتها الأصغر و إلتفتت لسكب الطعام مضيفة:

«أنا في المنزل طوال اليوم و ينتابني الملل، الإهتمام بالشؤون المنزلية ليس بالأمر الجلل! لو كان الأمر يزعجني لوافقتُ على جلبكم لمدبرة منزل، و لكنني لا أرى حاجة لها سوى نهاية الأسبوع كما تعلمين»

«تعلمين أنني ممتنة؟»

ضحكت أون هي بلطف ملتفتة نحوها و قامت باحتضانها بحنان فشعرت الأكبر بالراحة و كأن هموم الدنيا أُزيحتْ عن كتفيها. إستطردت أون هي في حين أغمضت دارا عيناها مصغية إلى كلام أختها:

«بل أنا الممتنة هنا، كنتُ لأضيع أنا وطفلي من دونكِ أنتِ و سيونغ وون...كانت لتقتلني الحسرة و الوحدة»

«لم أكن أعلم أنني بحاجة ماسّة إلى هذا الحضن!»

ربّتت أون هي على ظهر أختها و أجابت:

«تعاليْ في أي وقت!»

«هل من مجال لشخص إضافي بين هذه الأحضان الساخنة؟»

إلتفتت المرأتان في ٱن واحد تشهدان جمال ذلك الرجل الأربعيني إثر نهوضه من النوم بطوله الشاهق و قده الممشوق و عضلاته البارزة من خلال قميصه الأسود، الذي كان نصف مزرّر، و شعره الجذّاب المبعثر.

ضحكت زوجته التي سارعت إلى إحتضانه بصوت عال في حين أشاحت الأخرى وجههت ضاحكة ضحكات خافتة بتحفظ و حياء.

حدّق سيونغ وون بوجه زوجته بشكل مخيف فاضطربت، بيد أنه مضى إلى إقتناص قبلة خفيفة من شفتيها فضربته على صدره بتفاجئ بمجرد إنفصال فاهيهما و عضت على شفتيها تنذره بنظراتها إلى وجود شخص ثالث، و لكنّ فكّه مال ببسمة واثقة بينما يلقي القبض على ذقنها بغضب دفين و أجهز على شفتيها بقبلة أعمق ثم أفلتها مبتسما برضًا. فهمت دارا عندئذ أنه حانق جدّا فكسى الحزن قلبها. مضى الرجل نحو أون هي متجاهلا زوجته مشوشة الذهن و صاح بصبيانية:

«أنـا جــائـــع يا كبير الطّهاة!»

إسترق النظر إلى ما تطبخه مضيفا:

«أصغي إلى صراخ بطني و رفقا بي!»

«صبرا! سيجهز الطعام بعد قليل!»

«هذا يبدو لذيذا و كأن الطاولة صُمّمت على مقاس بطني!»

ضحكت الصغرى على طرافة الرجل و إذا به يضيف:

«سأتأكد من مكافأتكِ لاحقا!»

لمعت عيناها و ضمّت يداها إلى صدرها بحماس هاتفة:

«هل أحضرتَ هديّة من أجلي؟»

غمز لها و قال:

«من الجنون أن أنساكِ يا صغيرة!»

أدار وجهه نحو دارا التي عقدت يداها عند صدرها ماطة شفتاها بتذمّرٍ و رفع حاجبه مضيفا:

«لمْ أنسَ إحضار واحدة لمن نساني فكيف أنسى من يهتم لأمري و لا ينساني؟»

«هل تريد جعلي أندم على العودة باكرا إلى المنزل، سيونغ وون؟»

علّقت دارا باستياء فأجابها سيونغ وون على الفور بنبرة صارمة:

«هيا عودي من حيثُ أتيتِ إذا كنتِ نادمةً!»

حدجتهما أون هي بنظرات قاتلة ناهرة كلاهما:

«توقّفا عن ذلك، تبدوان كمراهقيْن!»

إلتقت عينا سيونغ وون و دارا فعلقا في تواصل بصري عنوانه لوم و أسف. أطرقت دارا في الأرض و تنهد الرجل متغاضيا عن ضيق صدرهِ و قال:

«دعاني أساعدكما بوضع الأطباق الجاهزة على الطاولة»

جلس الجميع إلى الطاولة بعد قليل مستمتعين بما أعدّت أون هي.

رفعت دارا بصرها متفحصة الأجواء بينما كان زوجها الجالس مقابلا لها و أختها التي تجلس إلى جانبه منهمكيْن في الأكل. الهدوء يُخيّم على المكان بشكل مطمئن. أخفضت رأسها مقتطعة من سمكتها القليل ثم وجهت شوكتها إلى فمها ماضغة إياها ببطئ في حين كان بالها شاردا. رفعت عيناها نحوهما مجدّدا فأخبرتها نظرة فاحصة أنهما يشارفان على الإنتهاء من تناول الطعام. قررت دارا آنذاك مقاطعة ذلك الهدوء أخيرا و الإعلان عمّا يشغل بالها. تركت المرأة شوكتها و سكّينها جانبًا ثم أجلت صوتها و بادرت تقول:

«بما أن الجميع هنا، لدي ما أعلمكما به»

تركزت أنظارُ زوجها و شقيقتها عليها فآثرت أون هي الصمت لإحساس سيّئ ساورها و فضّلت المتابعة بإهتمام بينما ٱثر سيونغ وون السؤال بفضول:

«ماذا هناك، دارا؟»

أمسكت بيده على الطاولة و إبتسمت بخفة ناظرة إليه ببعض القلق خشية أن ينزعج ثم أفصحت:

«حسنا أنـا...علي أن أسافر إلى كندا بحلول الغد!»

«ماذا؟»

صاح باستياء ساحبا يده من يدها و حدّق بوجهها بحنق ثم أضاف بنبرته الغاضبة نفسها:

«أيضا؟...ألم تكتفي؟»

«سيونغ وون!»

نظرت إليه برجاء فعقد يداه لائما بصرامة:

«و لكن ألا ينتهي عملكِ؟ ألا تنتهي سفراتكِ؟»

صرّ على أسنانه و قال:

«دارا، نحن نلتقي بالكاد في المنزل، أتدركين هذا؟»

أصدر الرجل صوتا ساخرا و مالت شفتاه ببسمة مخيفة و وجّه سبّابته نحوها باتّهام:

«بات الأمر واضحا الآن! أنتِ لم تعودي إلى المنزل باكرا لأنكِ إشتقتِ إلينا بل لكي تحزمي حقائبكِ في أسرع وقت ممكن و لكنكِ لم تتوقعي عودتي باكرا أيضا، و مواجهتي!»

«لستَ ملاك الموت لأخاف منك، ثم لستُ أفعل شيئا خاطئا. لمَ تحاسبني في حين أنكَ كنت مسافرا لذات السبب!»

«هل ستقيمين مناحة و تتهمينني بالظلم الآن؟ أجل، لقد كنتُ في رحلة عمل و حالما إنتهيتُ ركضتُ إلى بيتي و عائلتي و لو كنتُ قادرا لأرسلتُ شخصا ينوبني كما أفعل غالبا، تعلمين جيدا أنّي أتعمّد تفادي السفر معظم الوقت تفضيلا لرفقتكم، و لكن أين أنتِ بحق الجحيم؟!»

ضرب سيونغ وون الطاولة بقبضته فاهتزت الأواني المرصّفة فوقها كما اهتزّ بدن الأختين و صاح بزوجته:

«و ماذا عن حفلة عيد ميلاد سيهون؟ لا يهمّكِ أن تحضريها، أليس كذلك؟»

«حفل! أي حفل؟ لماذا أكون آخر من يعلم بما يحدث في هذا المنزل؟!»

إستفزّ كلام دارا سيونغ وون فتمالك أعصابه بأعجوبة و صرّح بصدمة:

«لو كنتِ صديقي للكمتكِ، دارا!»

عضّ شفته لوهلة بعدم تصديق و نبس بضيق:

«ياللوقاحة!»

«و لكن...هل ما سمعته أذناي الآن صحيح؟!»

«أرجوكما لا تفعلا هذا!»

حاولت أون هي التدخل بحذر لتهديء الوضع فصاحت بها دارا:

«و لكن ألا تسمعين ما يقوله؟»

صمت سيونغ وون قليلا ثم نفخ خدّاه بنفاد صبر و أعلن بنبرة جليدية:

«لستُ موافقا، ليس هناك ذهاب إلى أي مكان!»

وقف ثائرا ملقيا المنديل على الطاولة بعنف و تراجع بنية المغادرة لولا تدخل أون هي التي أمسكت بيده تستوقفه مهدئة:

«إهدأ أرجوك، لنصغي إلى ما تريد قوله، سيونغ وون!»

نهضت دارا عن كرسيها رامقة إيّاهُ بكبرياء قائلة:

«دعيه أون هي، لقد زاد غرورُه و تجبّرهُ عن الحدود و بات متطلبا جدا، هذا مزعج...!»

بلّلت شفتاها و أضافت بتحدٍّ:

«هو يتكلم كما لو أنه لم يكن مشغولا يوما!
في الواقع، ليس لديّ ما أقوله له أكثر من ذلك.
العمل هو العمل و عليه إحترام مسؤولياتي!»

أشاحت وجهها المنزعج فحدق بها بنظرات قاتلة لم ترضَ نظراتها المتجاهلة لقاءها، فشدّ على قبضته بقوة جنونية و لم يخفَ ذلك عن عينيْ أون هي القلقة التي تدرك أن هذا النقاش لا يتّخذ مسارا جيدا، و هذا يجعلها تخشى تأزّم الأمور أكثر. فكّرت الصغرى في إيجاد حلّ لفضّ هذا النزاع سريعا فساورتها فكرة للإنفراد بدارا. ربّتت على كتف سيونغ وون ثم قالت:

«سـ-سيونغ وون، أظن أن هوني يبكي! إذهب لتفقّده أرجوك»

رمقها بعدم إستيعاب فلا أثر لأي بكاء-كما تدّعي- فوكزته خفية و رمقته بنظرات فهم مقصدها الذي يقول بضرورة إنصرافه و هدوئه الٱن!

إنها الوحيدة التي تفهمه، خصوصا في الٱونة الأخيرة، إنها وحدها من تنقذ الموقف بينهما و هي الوحيدة التي لا ينبغي الغضب منها أو الصراخ في وجهها أيضا.
تنفس بعنف ثم ترك القاعة بخطى سريعة حاملا معه هالته السوداء المتقدة بعيدا.

أصدرت دارا صوتا تعبيرا عن عدم إكتراثها فاستقطبت أون هي إهتمامها بإمساكها لذراعها بلطف قائلة:

«دارا ما هذا الٱن؟»

قطّبت المرأة حاجباها و واصلت:

«لمَ تغيّرتِ بهذا الشكل أختي؟ إلى أين ذهب حبّكِ لسيونغ وون؟ أين إختفى حرصكِ و اهتمامكِ؟»

نهرتها الأصغر في سوء فقلبت الأخرى عيناها و عمدت إلى جمع الأطباق عن الطاولة نابسة:

«لا تكترثي له، يقول ذلك لأنه غاضب فقط، سيهدأ لاحقا، يكفي دفاعا عنه إنه ليس طفلا»

«يالكِ من غبية، دارا!»

حدجت أون هي دارا بنظراتٍ حادة قبل أن تهم بترك الجلسة هي الأخرى.

«ليس أنتِ أيضا أون هي!»

هتفت دارا بغضب مستوقفة أختها و أضافت تاركة الأطباق من يديها:

«هل ستنتصرين له؟»

عادت أون هي إلى مواجهتها موضحة:

«أنتِ لا تفهمين! زوجكِ بحاجتكِ...و أنتِ تقولين له بأنّكِ ستسافرين بكل بساطة؟
من أين أتى أمر السفر اللعين هذا الٱن؟»

«ها أنتِ ذي تدافعين عنه مجددا!»

نبست المرأة تحت أنفاسها ثم رفعت كتفاها و أردفت موضحة بثقة:

«أون هي، هذه هي طبيعة عملي، ماذا أفعل؟ ما الغريب في الأمر؟ لقد سبق و سافرت عدة مرّات بالفعل، لستُ ألهو و هو ليس صغيرا. ألا ترين كم أتعبُ؟
لا أفهم لمَ أنتما غاضبان الٱن؟»

«و هنا تكمن المشكلة أيتها الحمقاء، أنتِ تغيبين كثيرا و لا تبالين به بعد الآن! أنا...لست أدافع عنه بل إنني أنتصر للحق أختي!»

بللت أون هي شفتاها و واصلت كلامها بانفعال:

«العمل مهم، هذا صحيح، و لكن العائلة أهمّ بكثير!»

صمتت أون هي لوهلة مطرقة في الأرض متسائلة في نفسها ما إذا كانت تفعل الصواب و لكنها أغمضت عيناها و قررت المضي في قول ما بخاطرها في وجه أختها. كوّرت قبضتها و نظرت في عينيها بتوبيخ قائلة:

«أنتِ لا ترينه كيف يعود بائسا حين لا يجدكِ في المنزل كل يوم...و كيف عساكِ ترينه و أنتِ لا تعودين إلا متأخرة؟ خبر سفركِ هذا لا يجعل الأمور إلا أسوأ. تمنّيتُ لو أنّكِ قلتِ بأنكِ حضّرتِ مفاجأة له و أنك ستسافرين و إياه لتمضية بعض الوقت معا عوضا عن ذلك!»

«تتحدّثين و كأنني ألهو مع الرجال في الخارج و لستُ أعمل! كيف أجعلكما تفهمان أن تلك مسؤولية كبيرة؟ ماذا أفعل من أجله حتى يضحي سعيدا و يرضى؟ هل أعمل مهرّجا لأجله كدوام ليلى؟»

رفعت دارا صوتها بغضب فَـعَلاَ صوت أون هي أكثر دون أن تعي ذلك و قالت:

«إذن سيطري على هذا العمل اللعين و إنتبهي لزوجكِ قليلا يا أختي، عائلتكِ تنهار!»

«هل علي الإنتباه إلى كل شيء في هذا البيت؟ ألا يستطيع الإنتباه إلى نفسه على الأقل؟»

«لمَ لا تفهمين من تلقاء نفسكِ؟ أتريدين جعلي أنطق بذلك في وجهكِ؟»

«أصغي، مشكلة سيونغ وون هي أنه يريد الإستحواذ على إهتمام الجميع و السيطرة على تحركاتي، حتى لو كانت بعوضة تمر من أمامه بسلام هو لن يرضَ تركها و شأنها و سيقرر أن يتحكّم بها»

«أعترف أن طبع سيونغ وون صعب و هو صارم جدّا، و لكنّه ليس شيطانا ظالما كما تريدين تصويره، ألا يخطر لكِ كم زوجكِ وحيد؟»

أصدرت دارا ضحكة ساخرة و علّقت:

«إذا كان الأمر كما تقولين، هناك سيهون ليمرح معه طوال الوقت ثم هناك أنتِ أيضا، لا أستطيع أن أكون ربّة بيت مثالية و أنا أحمل على عاتقي إرث أبي! ألا يكفيه كونكِ إلى جانبه طوال الوقت على الأقل؟ هو ليس وحيدا كما تدّعين و لكنّه جشع وحسب!»

«أنتِ مهملة إلى أقصى الحدود و هذا يثير جنوني فما بالك به!»

رفعت دارا حاجبها سائلة بحنق:

«ما الذي تحاولين قوله؟»

«لربما أكون غير مشغولة مثلكِ و لهذا هو يجد شخصا ليتواصل معه فلا يكتئب، و لكنني لستُ بزوجته، لستُ من ستفتح قدميها لأجله، يون دارا!»

زفرت يون هي ثم سألت بلوم:

«ألا تحبّين سيونغ وون بعد الآن، أختي؟»

إلتزمت دارا الصّمت دهشةً مما سمعت و سرعان ما تجعّد جبينها و إحتدّ كل من صوتها و نظراتها. قالت:

«حبذا لو تراقبين ألفاظكِ، يون أون هي!...لم يطلب منكِ أحد التدخل!...ما الذي تعرفينه حتى أيتها الغبية؟»

«قد لا أعرف التفاصيل، و لكن الأمر واضح وضوح الشمس! لا ضير في فتحِ قدميكِ أمامه من حين إلى آخر و إلا لا تبكي لاحقا إن لجأ إلى إستبدالكِ بأخرى بحثا عن حبٍّ و طفل!»

ضربت أون هي كفّها على الطّاولة صارخة بذلك فتلقت صفعة فورية على وجنتها من أختها الكبرى. إستدارت لتمضي و يدها على خدها فوجدته واقفا أمامها فإرتبكت، تبينت المرأة أنه قد سمع كل شيء قالته بالفعل، أو آخره على الأقل، من خلال وجهه الحازم. دعكت أون هي رقبتها بإحراج و إحمرّ وجهها فسارعت إلى إخفاض بصرها إلى الأرض حياءً متمتمة:

«سيونغ وون، أنتَ هنا؟!»

كادت تخونها قدماها في حين لزم هو الصمت و مرّر عيناه بهدوء بين المرأتين اللتين كانتا تتنفسان بثقل.
صاحت دارا فجأة كاسرة ذلك الصمت ملوحة بيديها في الفضاء بعدم رضا قائلة بسخرية:

«رائع! الٱن، أختي أيضا صارت تقف ضدي!»

قالت جملتها تلك بإنفعال ثم مشت بقوة تكاد تحفّر الأرض بكعبها العالي حتى إختفت من المكان تماما، و أطلّت من جديد من الطابق الثاني بعد لحظات ترمي فوق رأسه وسادته و لحافه صارخة:

«إبحث عن مكان ٱخر تنام فيه الليلة، و بالنسبة إلى السفر، لن أتراجع عن قراري و سأسافر غدا و ليكن في علمكما أنّي سأغيب شهرا، و لتفعل ما تشاء لقد سئمت!»

رفعت حاجبها مضيفة من بين أسنانها:

«تصبحان على خير»

دخلت الغرفة صافعة الباب خلفها صفعة قوية ترنّم صداها في أركان المنزل. مرّرت أون هي بصرها بينه و بين الباب المغلق بإرتباك غير دارية ماذا تقول و حافظت على وضع يدها على فمها في صدمة.

همّ سيونغ وون بالخطو لحاقا بزوجته و هو يضمر الشر و قد كان الغضب يلوّن كامل وجهه فلم تتأخر أون هي عن القفز أمامه محتضنة إياه بخوف و هي تردد كمن يهذي:

«كلا، سيونغ وون، كلا، أرجوك إهدأ و لا تتهور!»

أخفض بصره نحو تلك الكتلة الصغيرة الدافئة التي تلف ذراعيها حول ظهره بكل قوة و كأنها تضع حياتها على المحك بالوقوف في وجه غضبه. حدق بها لبعض الوقت دون ذرف حرف حانقا ثم أغمض عيناه و تنهد بإستسلام كما لو كانت إسفنجة و إمتصت كامل غضبه. فكّت ذراعاها عن ظهره و إبتعدت تلقائيا بحذر. أزال هو الغطاء عن كتفه و لفه حول ذراعه و حمل وسادته عن الأرض ثم قال بهدوء:

«طابت ليلتكِ»

رمقها بنظرة عميقة غريبة ثم مضى في حال سبيله، دون إضافة حرف، تحت سقف نظراتها.
وقفت أون هي في مكانها لبعض الوقت مراقبة باب غرفة الجلوس، الذي عبره للتّو، بقلق و حزن. تنهدت المرأة بأسى و أسف على حالة هذا الزواج الذي دشّنه حب كبير ، أفيكون بهذا الحال؟!

«مؤسف!»

تمتمت بحسرة و بحثت في دماغها فلم تجد ما تفعله أكثر من ذلك للمساعدة. دارا لا تستمع إليها ولا هما يستمعان إلى بعضهما البعض. حملت المرأة جثتها المنهكة و سارت إلى غرفتها ترى شؤونها و شؤون إبنها الذي نقله سيونغ وون سابقا إلى سريره، في غرفتها.

في غرفة الجلوس، كان سيونغ وون مستلقيا على الأريكة مثقل الصدر مشغول البال و قد عجز النوم عن تكحيل عينيه. هو غاضب جدّا و لكن حبّه لزوجته و وفاءه لعلاقتهما كانا أكبر من أن يستسلم و يسمح لكل شيء بالإنهيار في لحظة.
إنتصب الرجل من مجلسه كالسهم و قد قرّ عزمه على إيجاد حل نهائي لكل ما يحدث من فوضى في حياته الزوجية مؤخرا.
سار سيونغ وون نحو غرفة نومه و دخل بحزم فانتفضت دارا على السرير خشية ألا تكون نواياه سليمة بعد كل ما قالته في وجهه.

«ماذا تفعل هنا؟ ألم نتّفق على أنّك ستنام في غرفة الجلوس الليلة؟»

عقد سيونغ وون ذراعاه عند صدره و إستطرد:

«نحن لم نتّفق على شيء بعدُ، دارا...مؤخرا، أنتِ من يقرّرُ كلّ شيء بمفردكِ في حين كنتُ أشاهد بصمتٍ و أنتظر متى تعودين إلى صوابكِ!»

«هل أتيتَ لتواصل الشجار؟»

«لستُ مراهقا طائشا لآتيكِ بغاية الشجار في هذا الليل، عمري خمسة و أربعون سنة بالفعل و في هذا السنّ أنا رجل يعلم ما يريدهُ فعلا، على عكسكِ تماما! و لهذا، أريد الليلة أن أعرف ماذا تريدين بالضّبط دارا!»

«أريد أن أنام، هلاّ خرجت؟»

«إذا كنتُ أصبرُ عليكِ فهذا حبّا بكِ، و لكن هذا لا يعني أن تستغلّي حبّي و تتلاعبي بأعصابي، لا أسمح لكِ، يون دارا!
إستقيمي و تحدثي معي كما يجب»

«هكذا إذن؟ أنت لن تخرج على ما يبدو!...حسنا، إبقَ في الغرفة و سأبيتُ أنا في غرفة الجلوس!»

نهضت دارا عن السّرير نافضة الغبار عن منامتها الطويلة سوداء اللون و همّت بتجاوزه إلى الباب و لكن سيونغ وون سبقها إلى إغلاقه بالمفتاح و أمسك بمعصمها هاتفا بجدية:

«كلا، لن تهربي...علينا فضّ هذا الموضوع الليلة، دارا. لقد مللت!»
..يتبع

و بهذا، نكون قد وصلنا إلى نهاية الفصل الثالث.
أتمنى أنه قد نال إعجابكم...

⠈⠂⠄⠄⠂⠁⠁⠂⠄⠄⠂⠁⠁⠂⠄⠄⠂⠁

صورة توضيحية لما كانت ترتديه أون هي عند عودة سيونغ وون.

بعد الحمّام غير المتوقّع💁🏼‍♀️

سيونغ وون العائد من السفر ببذلته الأنيقة😩

سيونغ وون و سيهون 🥺

نمر الآن إلى الفقرة التالية:

ما رأيكم بــمواقف كل من:

°سيونغ وون؟

°أون هي؟

°دارا؟

أكثر شيء أعجبكم في هذا الفصل؟
ما هي توقعاتكم للقادم؟
هل ستسافر دارا حقا أم أن سيونغ وون سيستطيع إيجاد حل لإنقاذ زواجه هذه المرة؟
ماذا سيحدث في حفلة عيد الميلاد و هل ستحضر دارا؟
ترقبوا ظهور شخصيات جديدة!
حرق: عنوان الفصل القادم هو < ثائر> 🤭
❉ ╤╤╤╤ ✿ ╤╤╤╤ ❉

شكرا لحبكم المستمر و كل عام و أنتم بخير.
أراكم في تحديث قادم.
(。・ω・。)つ━☆・*。

الفصل الثاني: بين طيات الإهمال🌿🌿Chapter's Playlist:Rihanna feat Future - Love Song Sevyn Streeter - It Won't Stop Lee Hi...
11/07/2024

الفصل الثاني: بين طيات الإهمال
🌿🌿

Chapter's Playlist:

Rihanna feat Future - Love Song
Sevyn Streeter - It Won't Stop
Lee Hi feat B.I - Savior
Ariana Grande - Toxic
Suho - Starry Night


دلفت غرفة نومها بعدما أنهت إستحمامها، و سارت ناحية مرآتها بينما تُعمل المنشفة بين خصل شعرها المبلل برفق قصد تجفيفها. تربصت عيناه اللامعتان بها، ففحصتا قوامها الذي فقد بعضا من سحره بمفعول الزمن، و لكنه كان يراها و كأنما هي ذات العشرينية الجميلة الرشيقة التي تثيره صلابتها و يهز عبيرها كيانه. لازال قلبه ثابتا ناحيتها و لم يتبدّل الحبّ المعمِّر في فؤاده و كأنما السنينُ و الأيّامُ ما تبدّلت. لازال يعتبر نفسه محظوظا بها، رغم ما بات يتلقاه من جفاء و هجران. و لازال الحماس ينتابه بنفس المقدار كلما إشتهى قطف ليلة مثمرة واحدة من شجرة حبهما العاقر التي لا تجود بالوصال-إلا نادرا-منذ ثلاث سنوات عجاف. لطالما عَجَفَ نَفْسَهُ عنها كلما عزفت عن تلبية رغبته في تحقيق الوصال، و لكنّه إنتهج السعي الليلة فتخلى عن سريره و كتابه و نظارته الطبية، و مضى إليها بثبات حتى إقتنصت يداه خصرها و سحبتاها إلى حضنه الدافئ.

«ويحك! قد أفزعتني سيونغ وون!»

«فيمَ أنتِ شاردة؟»

همس في أذنها بنبرة حسية ثم مضى يطبع قبلات متناثرات خلفها نزولا إلى عنقها. إنتفض قلبها لما أدركت مراده و سرعان ما مال رأسها جانبا في نفور مجيبة:

«لا شيء مهم...فقط...العمل!»

«دعينا من العمل الآن، قد صرتِ في المنزل، و بين براثني منذ هذه اللحظة!»

صرح بذلك بهدوء فزاد منسوب التوتر في خزان ثباتها. إستدارت نحوه واضعة كلتا كفيها على صدره هامة بإبعاده معترضة على ما يسعى إليه و لكنه لم يرضَ منحها الفرصة لفعل ذلك و إلتقف شفتاها بين شفتيه بقبلة جبّارة. لم يكن منها سوى التراجع عن فكرة ردعه فثبتت مكانها بين ذراعيه جامدة الفؤاد و الجثمان.
رغم أنه نوى إستدراجها إلى ممارسة الحب الليلة، إلا أن عدم تفاعلها الصريح معه جعل شغفه يخفت، فبان إنطفاء شرارة الرغبة في عينيه بمجرد إنقطاعه الفجئي عن تقبيل شفتيها. نظر في عينيها مباشرة بلوم و كِبَرٍ و سأل بنبرة ساخرة:

«لمَ أشعر و كأنني أحتضن لوحا باردا من الخشب و ليس زوجتي؟!»

فهمت دارا أنها خدشت كبرياءه دون قصد، و لكنها لم تكن مستعدة لخوض شجار عميق معه. كانت خائفة منه و من نفسها، فلو أن لسانها ينجرف خلف عاطفتها و يلفظ ما تحاول إخفاءه قد يتحطم سقف هذا البيت على رأسيهما ماديا و معنويا.
أخفضت بصرها متملصة من حضنه و أجابت بنبرة باردة:

«أنا مرهقة كثيرا، تدري أني أركض طوال اليوم لكي يدوم إزدهار الشركة. أنت خير من يعلم كم هذا صعب، و كم يستنزف طاقتي، سيونغ وون!»

«تعالي إلى هنا!»

أحبط سيونغ وون محاولة زوجته في الفرار ملقيا القبض على ساعدها و أعاد جذبها نحوه للمثول أمام محكمته!

«طفح كيلي حقا، دارا! ذلك العمل قد بات يستنزف علاقتنا و ليس طاقتكِ. وحسب!»

«لا تخبرني أنك تريد الشجار في هذا الوقت من الليل؟»

«أريد الشجار؟!»

«علي الخلود إلى النوم إذ يجب علي الإستيقاظ باكرا غدا. لدي إجتماع مهم مع المستثمرين الألمانيين»

دعكت عنقها محاولة تخفيف إرتباكها ثم سارت بحزم نحو الفراش متمتمة:

«تصبح على خير»

تأملها بغيظ من مكانه و هي تستلقي منشدة النوم فأغمض عيناه بقوة مخاطبا نفسه داخليا للسيطرة على أعصابه. لم تكن تلك المرة الأولى التي تجرح فيه كبرياءه بهذا الشكل. لطالما كان يتغاضى بدافع الحب كلما ردّته خائبا بيد أن للصبر حدودا بداخل كل بشري.

«حسنا، نامي دارا و لنرى إلى أين سيوصلنا جفاؤكِ هذا!»

كان يعلم أنها ليست بنائمة، و كان يأمل أن يزعزعها كلامه و لو قليلا. خرج من الغرفه متجهما و قصد البار الكامن في الطابق الأرضي للحصول على المشروب. فتحت دارا عيناها في المقابل متأملة الفراغ بحزن ثم إختبأت تحت غطائها مستسلمة للبكاء.

«أعلم أنه خطأي، أنا آسفة!»

كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، و كان الأرق ما حمل أون هي إلى مغادرة غرفتها في تلك الساعة. و أثناء مرورها بالغرفة المخصصة للشرب، تفاجأت بضوء قوي أخضر اللون منبثق من الشق المُحدَثِ بدَرْفَةِ البابِ المفتوحة بعض الشيء و بصوت خافت لموسيقى كلاسيكية الطراز متأتٍّ من نفس المكان. صوت المغنية ذاك لا يمكن أن تخطئه البتة فهي فنانتها المفضلة من بين الجميع: إنها Lee Hi التي لطالما آمنت أن صداقتها بزميلها في الفن و شريكها في الأغنية BI مجرد كذبة و أنهما ثنائي رائع للغاية. كان عنوان الأغنية «Savior».

توقفت مكانها لوهلة محدقة بذاك المشهد بحيرة. كانت دارا قد أخبرتها سابقا أن ذلك الركن يكون من تصميم زوجها سيونغ وون، و أن البار الخاص بالشرب يكون سبيله إلى الراحة و الهدوء و الإختلاء بنفسه من حين إلى آخر. كان ما إستغربته أون هي هو تواجده في توقيت متأخر خارج سريره و بعيدا عن زوجته على حساب هذا المكان الذي لم تطأه قدماها من قبل قط. غلبها الفضول فخطت إلى الداخل دون تفكير و كلها حماس لإستكشاف المكان. و ما إن دخلت حتى لفحتها الإضاءة الخضراء بالكامل.
كان المكان أوسع مما تخيلت، و كان مفروشا بأثاث أنيق أسود اللون و في نهايته بار فخم تجلس إليه ضالتها في كآبة و كأس الويسكي المثلج رهينة قبضته.
عقدت حاجبيها و إتخذت خطواتٍ مترددة نحوه و لكن هالتها القوية أيقظته قبل أن تبدأ الإقتراب حتى!

«أون هي!»

إرتج قلبها لمّا إلتفت نحوها فجأة رامقا إياها بسوداوتيه العميقتين كجب مخيف، هاتفا باسمها بدهشة.

«أوه أنتَ هنا!»

دعكت عنقها بإضطراب شاعرة بغرابة شديدة مدسوسة في الموقف. كان الأمر يجعلها تحس كما لو أنها قد إقتحمت منزل أحدهم حقا، و ليس الأمر ببعيد حقا، إذ أنها واثقة بأنها قد مزقت أجواء إختلائه بنفسه بالفعل.

«هل أزعجتك؟ كنتُ أمر بالصدفة و...و...كنتُ ذاهبة على أي حال!»

«إقتربي هيا!»

حدقت به بضياع لمدة قصيرة ثم نظرت حولها بتوتر فأجواء غرفته تلك غريبة بالنسبة إليها.
تقدمت ملبية لطلبه فكانت كلما خطت خطوة إكتشفت بعينيها الفاحصتين للمكان تفاصيل أكثر، منها اللوحات الأوروبية الثمينة المعلقة على الجدران و البيانو الأسود اللامع المتموضع و كرسيه في ركن مثالي من المكان.

«ألم تنامي؟»

باشر بسؤالها عندما توقفت أمامه غير مدركة وصولها لمحطتها المعنية لشرودها في التفاصيل الأخاذة، فإختطف عينيها من البيانو إلى شيء أكثر سوادا.
كانت بشرته خضراء أيضا، و كان ذلك الذبول في عينيه متضامنا و إياها ليمنحاه هيئة. مصاص دماء غير لطيف البتة.
كان يرتدي ملابس نومٍ حريرية سوداء مؤلفة من قطعتين؛ هما بنطال و رداء علوي خفيف. أما الرداء فكان مفتوح الرباط، يتدلى طرفاه نحو الأسفل. مفتوح على مصراعيه فيبرز بعضا من فلقتيْ صدره الرياضيتين و عضلات بطنه السداسية الفاتنة. برز بعض من وشمه على طول عنقه كما ظهر مليا على ظاهر يده الممسكة بالكأس.
سيرت عيناها على الرموز المنحوتتة على جلده بإتقان سالب للأنفاس حتى ضاع إلى الأبد خلف شعره الذي طال هذه الفترة، فإنتهج طوله فرصة لإعتماد أسلوب جديد لمظهره.
دون مقدمات، شعرت أون هي بإرتفاع الحرارة في المكان.

«أيعجبكِ المكان؟»

أومأت برأسها مجيبة:

«غريب و لكنه فخم! إنه...»

جال بصرها للمرة الألف في المكان بسرعة ثم حطّ على وجهه البهي بتكملة لجملتها:

«يشبهك تماما!»

إزدان ثغره ببسمة جانبية نرجسية رادّا:

«أوليس كذلك؟»

إبتسمت في المقابل بأريحية ثم سألت:

«يبدو أنك لم تنم أيضا!»

«كما ترين!»

فتح ذراعاه على درفتيهما مستعرضا ذاته الساهرة على الشرب أمامها ثم قرب الكأس من فمه و رشف ما تبقى من الويسكي داخل جوفه.

صفع مؤخرة كأسه على السطح الرخامي أمامه و نظر إليها متسائلا:

«أتريدين كأسا؟»

«كلا، شكرا لك! طالما أني أرضع سيهون، لا أريد أن أدخل إلى جسمي مواد غير صحية!»

«أحسنتِ!»

رفع عن عينه خصلة متدلية و أرضخها بين أخواتها السوداوات الغزيرات في الخلف متجنبا النظر في عينيْ أون هي اللتين سارعت هي الأخرى إلى تهريبهما بعيدا بعد ذكرها لموضوع الرضاعة.
حتى لو كان قديسا، ما كان سيونغ وون ليقدر على محو مشهد ثدييها العاريين و سيهون في حضنها، حتى لو إدّعى عكس ذلك.

سرعان ما عادت عيناه إلى وجهها متنحنحا في نفس اللحظة التي فعلت هي أيضا، و لكن عيناه إنجرفتا نحو الأسفل تلقائيا تنظران صدرها الملفوف في قرطاسه كما ينبغي، و كأنه بذلك يتأكد من أنها ليست عارية مجددا و أن بإمكانه النظر.
إلتقفت هي عيناه بسرعة البرق فاشتدت ملامحها و زجرته معانقة نفسها:

«هااي! أين تظن نفسك ناظرا؟»

«أتأكد ما إذا كنتِ بحاجة إلى مزيد من الثياب وحسب!»

«أظن أنكَ الآن الوحيد الذي يحتاجها هنا؟»

أجابت بلهجة ساخرة مشيرة إلى صدره العاري فنظر إلى نفسه نظرة المتأكد من أمره ثم رفع رأسه نحوها ضاحكا و صرّح:

«بربّكِ! من ينام مرتديا زيا رياضيا؟»

إبتسم بشر و هو يتهمها بستر مبالغ فيه فآرتفع حاجبها في استنكار لائمة:

«إن تجولتُ في بيتك مرتدية فساتين نومي فستحرقها جميعا و إني لا أرضى لها الهلاك...ثم ألستَ من زجرني لتجولي بإحداها في الحديقة ذات ليلة؟»

تنهدت كالمغلوبة على أمرها ثم دورت عيناها متمتمة :

«ليس و كأني مغناطيس قد يجذب المنحرفين و يستدعيهم إلى القفز فوق سور الحديقة؟»

إستند على السطح الرخامي بمرفقه و وضع يده على خده يراقبها بمتعة بينما يسكب لنفسه كأسا آخر.

«حتى بعد كل هذا الوقت لاتزالين مزعجة و صاخبة كالمراهقات!»

«ماذا؟»

إسترعى كلامه إنتباهها فقطبت حاجباها و مطت شفتاها بتذمر و دسّت قبضتيها في جنبيها في ثورة معلقة:

«إلى متى؟!»

نفخت خداها تزامنا مع إحتشاد حاجبيه، ثم واصلت حديثها موضحة:

«متى ستتوقف عن معاملتي كالأطفال؟ متى تدرك أنني ثلاثينية راشدة؟»

«عندما تكبرين حقا!»

ألقى بكلماته الساخرة تلك في الكأس مع بسمة عذبة ثم شربهم جميها بأناقة.
إبتلع ما بجوفه بسرعة ثم سارع إلى إلحاق كلمات جديدة:

«أتعلمين؟ إنني أشعر بالقلق الشديد حيال سيهون حقا! سوف يفسده دلالكِ، و كذا جنونكِ!...و أنا لن أسمح بذلك أبدا!»

«و لكن كيف يمكنكَ أن تكون متسلطا و متغطرسا بهذا الشكل الرهيب؟!»

«يبدو أن أحدهم يحتاج إنعاشا للذاكرة!»

خطفها من نفسها و المساحة التي كانت تقف فيها بسحبها من مرفقها و جعلها تقترب منه أكثر و قال أمام وجهها بحزم باسما بسمة شريرة:

«هل علي البحث عن عصا الخيزران، أون هي؟»

إتسعت عيناها و إحمرت وجنتاها بتذكرها للمرة الأولى التي حطت فيها عصا الخيزران خاصته على مؤخرتها. كان ذلك عقب إكتشافه نومها مع يون هو خارج إطار الزواج كوسيلة ضغط. و لعلها كانت تلك الخطوة التي جعلتها تتقدم أشواطا من هدفها الذي يتمثل في قبولهما عيشها مع حبيبها. بما أن شيئا لم ينفع مع كُلٍّ من دارا و سيونغ وون، مهما حاولت، قررت أون هي حينذاك وضعهما أمام الأمر الواقع، رغم علمها كم يكرهان ذلك، و خاصة سيونغ وون الذي كان يعتبرها إحدى أسمى مسؤولياته و قد تبناها روحيا لتكون إبنة و أختا و صديقة.
كانا قد حذراها من إرتكاب ذلك بالفعل، حتى أنهما لم يسمحا لهما بالمواعدة، و لكنها ضربت بكلامهما عرض الحائط.

محادثتها مع دارا حول الموضوع كانت متشنجة و صاخبة بالفعل، فلمّا دلف سيونغ وون إلى المنزل، و قد أتاهما في زيارة للإطمئنان عليهما، وصل إلى مسمعه ما تتحدثان عنه بمجرد دخوله و توقفه عن الباب. ما سمعه جعله يتجمد مكانه سخطا دون أن يغلقه...

«اللعنة، كيف تخبرينني بهذه البساطة أنكِ نمتِ معه؟ كيف تسمحين لغريب بلمسكِ بكل تهور؟»

«تتحدّثين و كأنكِ العذراء بيننا!»

صاحت أون هي بانفعال ثم تريثت قليلا محاولة تمالك أعصابها، و واصلت حديثها:

«قد حدث ما حدث و لا جدوى ترجى من الخوض في أمرٍ مضى، أختي!»

«مهلا! أتقارنين نفسكِ بي؟ أنا و سيونغ وون مخطوبان لسنوات و مع ذلك لم يلمسني إلا مؤخرا، أما أنتما فلم يمضي على تعارفكما سوى وقت قصير!»

«لا يهمني ذلك فأنا أثق به...و الآن، إن لم أحصل على الموافقة للإنتقال إلى بيت يونهو الآن دعاني أرى ماذا ستفعلان حين أعود إليكما بخبر حملي...»

«يون أون هي، كيف تجرئين؟!»

صرخت دارا بأعلى صوتها فساد الصمتُ بينهما لبعض الوقت و الشرر يتطاير من عيني الواحدة منهما تجاه الأخرى.

«لا فائدة من الصراخ علي فأنا لم أعد طفلة، و من المستحسن أن تتحدثي مع خطيبكِ أيضا فهو يبالغ في التدخل في حياتي!»

أصدر سيونغ وون ضجيجا متعمَّدا بينما يغلق الباب فارتعش قلب الأختين. حدجت دارا أون هي بنظرة قاتلة محذرة ملوحة بسبابتها:

«ستخرسين الآن و لا أريد لهذا الموضوع أن يُذكر! لتدعي ألا يكون قد سمع شيئا!»

أكمل سيونغ وون سيره طوال الممر بوجه مكفهر، ثم أطل عليهما في غرفة الجلوس هادئا صامتا و باسم الثغر و هو يهتف:

«لقد أتيت و أحضرتُ معي هذا!»

أشار إلى الكيس برفعه أمامهما و أضاف:

«كعكة الشوكولاتة و عصير الموز!»

إتسعت عينا أون هي و بان الحزن على محياها لما أدركت إثر إقتناص عدستيها غلاف الكعكة المزعومة أنها ذات الكعكة التي إشتهتها بالأمس و أوصت دارا أن تجلبها معها في طريق عودتها و لكنها لم تفعل لأنها كانت مشغولة كثيرا. تذمر أون هي كان فصلا محسوما و صادف أن كان سيونغ وون على خط مكالمة هاتفية مع خطيبته آنذاك.

حوّلت دارا عيناها إلى أون هي على الفور مصوبة نظرات حادة نحوها. شعرت أون هي بالخجل الشديد مما تفوهت به منذ قليل و إنتابها القلق من إحتمالية سماعه لما قالت. هرعت إلى النظر إلى وجهه بلهفة فلم يكن يرتدي ملامح واضحة، أو مريبة، بدا عاديا طبيعيا إلى حد ما.
إلتقت نظرات سيونغ وون بنظرات دارا المشوشة فلم يمنحها مفتاحا لفك لغز عينيه و سرعان ما هربهما بعيدا عنها و حدق بالأصغر و أومأ إليها من أجل أخد الكيس من يده، و لكن حرج الفتاة و شعورها بالأسف دفعاها إلى الركض إلى حضنه بسرعة و تطويق ظهره بقوة بكلتا يديها.

حملقت بها دارا كالمختلة و قد عجزت عن فهم تصرفات أختها المناقضة لأفعالها.

«أنا آسفة!»

تمتمت أون هي و العبرات حبيسة حلقها فرفعت دارا كتفيها هاتفة:

«فليكن في علمك أني أنوي أخذها إلى طبيب نفسي!»

حملت دارا نفسها غاضبة و سارت إلى فناء المنزل من أجل إستنشاق الهواء.

«هل تشاجرتما كالعادة؟»

«دعك منا و تعال نتذوق كعكة الشوكولاتة اللذيذة...شكرا لشرائها!»

إبتعدت عنه و خطفت الكيس من يده بسرعة قائلة باقتضاب دون النظر في عينيه:

«سأقتطع منعا للجميع. إذهب لمناداتها لطفا!»

سارت أمام ناظره نحو المطبخ كالهاربة و لكنه تبعها مناديا، إلتفتت نحوه تنتظر أن يقول شيئا و لكنه تراجع عما كان يريد الحديث بشأنه و أردف:

«كنتُ سأقول أنكِ لستِ بحاجة إلى إحتساب حصة لي، سوف أغادر فلقد تذكرت أن لدي عملا هاما أنجزه!»

«أوه! أتنوي المغادرة حقا؟!»

«بلى، إستمتعا بالكعكة و لا تتشاجرا مجددا. راعي أن أختكِ مرهقة بما يكفي في العمل و أن عليها أعباء كثيرة!»

قال ذلك بحزم ثم إنصرف تاركا إياها في حزن عميق. تجهم وجهه لمجرد إلتفاته للمغادرة و أسرع الخطى نحو سيارته.

«لم يكن ينقصنا سوى ذلك الدخيل ليحوم حول حياتنا كشبح شر و يقلبها سوادا!»

صفع باب سيارته و إنطلق كالصاروخ بعد أن إنتهى من وضع حزام الأمان و إرتداء سماعة الأذن.

«هناك شخص أريدك أن تجد لي عنوانه فورا!»

وقفت أون هي خلف النافذة تشاهده يرحل بتلك السرعة الفائقة إلى درجة أن عجلات السيارة قد زعقت بشكل مخيف.
وضعت يدها على صدرها في قلق متمتمة:

«لا يبدو أنه سمع ذلك، هو لا يمكنه البقاء هادئا إذا فعل. و لكن لمَ يستمر قلبي في القلق؟!»

مرت دارا خلفها فاتفتت أون هي بسرعة و قالت:

«لقد وضعتُ. حصتكِ من الكعك على الطاوـ...»

«عجبا لكِ! أقادرة على الأكل بعد كل شيء؟»

«أنظري، لا دخل لمعدتي بالأمر فلمَ أعاقبها؟ لا تُدخلي الطعام في مشكلتنا يون دارا»

مطت شفتاها بتذمر كطفلة لا يتحاوز سنها الخامسة، فحملقت بها دارا باستخفاف ثم قالت:

«أتعلمين؟ يستحسن ألا تكلميني هذه الفترة و لتتركيني بحالي علّي أستطيع إستيعاب المصيبة التي أقدمتِ عليها بكل فخر!»

«اللعنة، لمَ لا ترين أنكِ أكبر مستفيد من تركي أذهب، دارا؟ بمجرد أن أرحل سوف تتمكنين من الإنتباه إلى حياتك الخاصة أيضا! لا عبء سيثقل كاهلكِ عندئذ!»

إحتشد حاجبا الأكبر ناهرة:

«و من أخبركِ أنكِ عبء أيتها الغبية؟ هل جننتِ؟»

«قد لا تتكلمين، و لكنني أرى كم أنتِ متعبة طوال الوقت!»

«لقد مللتُ من هذا، سأذهب إلى النوم فلا تزعجيني...»

«لنفصل هذا الموضوع وحسب! أنظري أني لازلتُ أحترم قراركِ و مكانتكِ و لم أهرب من البيت بعد!»

كانت دارا في طريقها إلى صعود الدرج هربا من ضوضاء أختها التي لا يبدو و أنها ستنتهي قريبا فأعادتها كلماتها تلك أدراجها. أمسكت دارا بأذن الأصغر فصرخت ألما بينما تصغي إلى تأنيبها الجاد:

«جربي فعل ذلك فحسب...فقط جربي و سترين!»

قامت بتركها و سارت كالعاصفة بعيدا فشاهدتها الأخرى بينما تمسك أذنها بألم:

«كان هذا مؤلما، يالكِ من لئيمة!»

نفخت خداها ثم عادت إلى رفع رأسها صوب الدرج مجددا بلهفة و صاحت بصخب لما أدركت أن دارا تكاد تختفي من مجال بصرها تماما.

«يااا، ألن تأكلي الكعك حقا؟ ستندمين إن لم تفعلي...تبا لكِ، سأحتفظ بالقطعتين لنفسي و لن أمنحكِ و لو الفُتات، حتى لو ترجيتني على ركبتيكِ لاحقا!»

رمشت أون هي بسرعة و بدا عليها بعض الإضطراب و هي تقول:

«أتريد أن تقنعني أنك لازلت تحتفظ بها إلى الآن؟!»

تمزق حبل ذكرياتهما على وقع سؤال أون هي الذي جدّفت به إلى صفة الواقع بنجاح نسبي فملامحه البارزة جلية في عدستيها و لكن شكله لايزال غارقا متموها بين بقايا الذكريات.
جالت عيناه في المكان ببعض الشرود ثم أجاب بثقة:

«طبعا!...لابد من أنها في مكان ما هنا!»

تلونت معالمها الفاتنة بالخوف بذكره لذلك و إرتعش قلبها و إنكمش جسدها قليلا، فتذكر، من خلال مرآة عينيها اللتين كانتا بمثابة آلة رجوع عبر الزمن، حواره الحاسم مع دارا بعد ذاك الجدال بيومين. لقد كان ذلك إشارة خضراء لشياطينه من اجل الإنطلاق بحرية.

«تعلم أنني أعتبرك حامينا و ملاكنا الحارس، أليس كذلك، سيونغ وون؟»

«ماذا بجعبتكِ عزيزتي؟»

توقع سيونغ وون حينها أن دارا تستعد لإخباره عن الحديث الذي دار بينها و بين أون هي. كانت الخشية في عينيها، و لم يكن هو متأكدا من ردة فعله هذه المرة. لم يكن الرجل متأكدا مما إذا كان قادرا على كبح أعصابه و أحباله الصوتية و تمثيل الهدوء مجددا.

«أون هي تتمرد و إنني أفقد السيطرة على جماحها! هي لاتزال يافعة كما تعلم، و لا تدرك عواقب إنتقالها للسكن مع غريب قد يدوس قلبها الغض ذات يوم و يمضي. لستُ ضد أن تحب و تعشق، و لكني ضد تهورها، هي لا تعرفه لفترة طويلة و لستُ أثق به كثيرا، على الرغم من كونه يبدو طيبا، فالجميع يبدي أجمل صورة عنه أمام الآخرين خلال اللقاءات الأولى!»

«أتفق معكِ! ماذا تريدين الآن؟»

«أحتاج مساعدتك لكبح جماحها فلقد تعبت...هي تذهب بعيدا في عومها تجاه المجهول، و أخشى أن تغرق بعيدا عن متناول أيدينا!»

«إعلمي أن طريقتي لن تكون لطيفة، و لن أسمح لكِ بالتدخل أبدا!»

«أنك الأجدر لإعادتها إلى صوابها فهي تحترمك و تهابك!»

أومأ سيونغ وون ثم شرد قليلا يفكر في أن دارا قد تراجعت عن إخباره كامل الحقيقة على ما يبدو.

«أهذا كل شيء؟»

«بلى...هي منفلتة بعض الشيء و تحتاج بعض العقاب حسب رأيي!»

«أعتقد ذلك أيضا!»

تمتم سيونغ وون بهدوء و قد قرر تفهم عدم إخبار دارا له بما إستجدّ فخرج من يديها حتى إلتجأت إليه. على الرغم من كل شيء، هي تبقى أختها الوحيدة و من الطبيعي أن تتستر على حقيقة نومها مع يون هو الذي لم يكن سيونغ وون يطيقه دون سبب يذكر!

لم يتأخر عن دعوتها إلى بيته و صنع لقاء تحت عنوان «الحساب». و لا ريب في أن إتصال سيونغ وون ذاك، مساء ذات اليوم، قد أثار قلق أون هي كثيرا...

«أيا كان ما تفعلينه الآن أتركيه و قابليني بعد ساعة في منزلي. نحتاج الحديث»

«هل الأمر بهذه الأهمية؟ أعني...ألا نستطيع تأجيله فلقد إنتهيت من تجهيز نفسي للتو من أجل زيارة يون هو!»

أغمض عيناه بغضب ثم تنفس نافثا أنفاسا نارية حارة من أنفه كالتنين، ثم قال من بين أسنانه:

«هل من الضروري أن تدفعيني إلى الصراخ بكِ؟»

نظر إلى الساعة على معصمه و أضاف بحزم:

«أريدكِ أمامي في غضون ساعة واحدة على أقصى تقدير، يون أون هي!»

هلعت من نبرته و خشيت أن تكون دارا قد أخبرته أنها أقامت علاقة مع يون هو. على الرغم من ذلك، قررت أون هي تحمل المسؤولية و مواجهته بكل شجاعة، كما سبق و واجهت دارا، في حال كان ذلك ما يريد الحديث بشأنه.

«حسنا، آتية!»

حضورها إلى منزله كان بمثابة قفزها داخل عرين الوحش بقدميها. فتح الباب بنفسه فتفاجأت برؤيته يفعل بدلا عن الخادمة، السيدة بارك. كان يرتدي سروالا رسميا أزرق اللون و قميصا مزررا أبيض اللون. كانت أزراره الثلاث الأولى مفتوحة و كان كُمَّاهُ مرفوعين إلى المرفقين ما سمح لوشمه الداكن بالبروز على كل من ساعده و عنقه و جزء من صدره. أومأ لها بالدخول دون إطالة النظر إلى التنورة القصيرة البيضاء و قميصها الوردي عديم الأكمام الذي إستقر فوق سرتها، اللذيْن ترتديهما. فتبعته إلى الداخل مغلقة الباب خلفها، ثم سارت وراءه مقتفية خطواته الواثقة إلى المجهول.

«أدخلي!»

إنتهى بها الأمر داخل مكتبه و إغلاقه للباب بذلك الهدوء المريب جعلها تتوتر. توجهت للجلوس على أقرب كرسي خوفا من أن تخونها قدماها فتهوي على الأرض أمامه منذ الآن، ثم حدقت به بدهشة يتكئ على الباب مقاطعا ذراعاه بكاريزما بينما يرجمها بنظرات نارية. إزدردت أون هي ريقها بعسر و هي تفكر في أنه بدأ يفرج عن غضبه بالفعل. شعرت المرأة بأن الجو أضحى مشحونا أكثر من اللازم لما طال صمتهما، فشجعت نفسها للحديث أولا:

«خيرا! لماذا طلبت رؤيتي؟»

«أكنتِ ذاهبة إلى رؤيته بتلك الثياب، في المقام الأول؟»

«هذا ما ترتديه النساء هذه الأيام!»

«أيعني هذا أنكِ ستتعرين أيضا لو أضحت النساء تسرن في الطرقات العامة عاريات؟»

فطر تعبيره الساخر و اللاذع قلبها، خاصة بعد أن أردف:

«أتحاولين إغواءه أم ماذا؟»

قطبت حاجباها و صاحت ناهضة من مكانها كالسهم:

«لا أسمح لك بمخاطبتي بهذا الشكل! ثم لا أحتاج أن أغريه ليحبني...هو يهيم بي دون أن أبذل مجهودا و لا ينتقدني أو يستخف بي كما تفعل أنت دائما!»

رفع حاجبه باستنكار و فح كالثعبان ملتقطا وجهها داخل قبضة واحدة. رمشت لسرعته غير المعقولة، فقد بدا كمصاص دماء و هو ينتقل من مكانه إلى حيث تقف هي بسرعة البرق.

«لا ترفعي صوتكِ!»

حدقت بعينيه بتحدٍّ غريب و كاد يجزم أنه حقد أو ضغينة!

«دعني!»

غمغمت مشيحة بنظرها فاستجاب دون تأخر و لكنه مَرْكَزَ كلتا يديه على كتفيها هذه المرة متنهدا، ثم صرّح:

«لم أستدعكِ لنصنع شجارا بل لنجد حلا!»

«و إذن...ماذا أخبرتكَ دارا لتستدعيني؟»

رفعت حاجبها بريبة و إستعداد تام لخوض حرب أخبرها حدسها أنها قادمة لامحالة.

زفر هو مطولا ثم رفع كتفاه متكئا بمؤخرته على مكتبه باسطا كلتا كفيه عليه، و أجاب:

«لم تخبرني دارا شيئا! لمَ تبدين قلقة؟ هل هناك ما يجب أن أعرفه؟»

«كلا، فقط...أعني...»

«إذا كنتِ ستكونين على هذا القدر من الجبن، فلماذا نمتِ معه إذن؟»

جحظت عيناها لصراحته التي لم تتحلى لا بأدب ولا مقدمات، فأدركت أنه ممثل بارع جدا إستطاع خداعها و خداع دارا ببسمة مزيفة ذلك اليوم. تبين لأون هي عندئذ أن الضيق الذي كان يخز قلبها لم يكن من فراغ.

«إلى أي حد سمعت؟»

تراجعت أون هي القهقرى هاذية في صدمة جذبت مؤخرتها للسقوط فوق الأريكة فمشى نحوها خطوتين مترنحتين و حاصرها عليها بكلتا يديه، و قال متهكما:

«إذن، ألا يروقكِ. تدخلي في حياتكِ، يون أون هي؟»

شخص بصرها به و تلون وجهها باللون الأحمر و هو يضيف، راسما بسمة مائلة مخيفة على ثغره:

«أيبدو لكِ مبالغا به؟»

شهقت بعفوية حين أكد لها أنه سمع كل شيء و لم يترك مكانا للشك. حاولت قول شيء ما و لكنها أحست بأن لسانها عُقِدَ أو ما شابه.

«لقد نال ذلك السافل ما يستحقه و الآن حان دوركِ، ألا تظنين؟»

«مهلا! هل قابلت يون هو؟»

«حظينا بحديث صغير رجلا لرجل منذ يومين»

«ألهذا لا يجيب على مكالماتي؟»

«جائز!»

توسعت إبتسامة سيونغ وون و هو يضيف:

«لربما هو غير قادر على الإجابة أساسا!»

«تكلم، قـ-...قل ماذا فعلتَ به؟»

أمسكت قميصه و هزته صائحة بينما الدموع تحتشد في عينيها، و أردفت:

«أضربته؟ قل أنك لم تؤذه!»

إنتابها القلق الشديد لمّا إلتزم الصمت و لجأ إلى ملاعبة خصلة من شعرها شاردا بها و كأنه يتذكر بذلك اللكمات التي سددها ليون هو، على صفحة وجهها. تمسكت بياقته بقوة آنذاك و صرخت بأعلى صوتها:

«اللعنة، لماذا لا تتكلم؟ ما الذي فعلتَه، سيونغ وون؟»

«حطمتُ وجهه قليلا وحسب...»

تحدث بأريحية و هدوء، و كونه بدا فخورا إستفزها كثيرا. بلل شفتاه ثم واصل حديثه حافرا عمق عينيها بنظراته القاسية:

«أما أنتِ فلن تفلتِي من العقاب أيضا، لذلك أنصحكِ بالقلق على نفسكِ أولا!»

غضب سيونغ وون كان كبيرا يومها، و لم يستطع مقاومة رغبته في جعلها تندم شديد الندم على ما إرتكبته من «جرم» في نظره. و حدث أن كان لنقاشهما الحاد و الإنفعالي خاتمة لاذعة بالنسبة لأون هي. على إحدى جدرانه عُلِّقت عصا من الخيزران على شاكلة عكاز مزخرف مزين عند المقبض بالذهب، و كانت في واقع الأمر جزءا ملفتا من الديكور. لم يتخيل سيونغ وون يوما أنها ستكون سعيرا يسلطه على جلدها الناعم بملئ إرادته.

«قلتَ أننا سنجد حلا!»

إحتجت بخوف لمّا أدركت بمَ يحدق فأتاها جوابه سريعا و هو يتخلى عن قربها ماضيا إلى أخذ العصا من مكانها.

«بالتأكيد علينا ذلك، و لكن ليس قبل أن تعاقبي!»

«لا يمكنك أن تفعل هذا...سيونغ وون من فضلك إهدأ!»

نهضت من مكانها و تقدمت نحوه منتهجة الحوار بيد أنه لم يكن من محبذيه آنذاك.

«ألا يمكنني؟...كيف أمكنكِ إذن؟ لقد حذرناكِ!»

«أنا و يون هو نحب بعضنا، ما الريب في ما فعلناه طالما أنه نابع عن حب و أننا جديان بما يكفي للخوض في هذه العلاقة؟»

«لا أحد قد وافق على تلك العلاقة! كيف تجرئين على وضعنا أمام الأمر الواقع؟ كيف تقدمين على إحراجنا، أون هي؟»

تقدم منها مشهرا عصاه فتراجعت إلى الخلف هلعة حتى تعثرت و سقطت على الأرض هاتفة:

«كلا لا تفعل، إسمعني...أصغي إلي...!»

«فات أوان الحديث، أنتِ لم تتركِي مجالا للحوار بعد الآن، أون هي! و أظنني أعلم كيف سأجعلكِ تسترجعين رشدكِ»

نظر إليها بخيبة أمل و زمجر:

«قفي على قدميكِ و إستديري فورا!»

«كلا!»

أمسكها من كوعها و قام بإيقافها عنوة مزمجرا:

«بل تستطيعين! طالما أنكِ إستطعتِ الدوس علينا و فعل ما برأسكِ، يجب أن تكوني قادرة على تحمل عواقب ما إقترفتِ!»

أدارها صوب الحائط و قال بحنق من بين أسنانه:

«فلتفكري في فعلتكِ مليا و لتشعري بندم صادق، أما غير ذلك، فلن يكون لكِ إفلات حتى تعودي إلى صوابكِ و تتخليْ عن ذلك الأحمق!»

كورت قبضتاها بغضب مزدردة ريقها بصعوبة ثم همست:

«أتظن أن العنف حل؟»

«قد يكون! لستِ شخصا يفهم الكلام، لنجرب العصا!»

«إذن فلتعلم أنني لستُ نادمة...لقد فعلت الصواب...فعلت ذلك لأجل الحب!»

«قولي ذلك مجددا!»

«قلتُ أنني لستُ نادمة، لا توجد ذرة ندم في قلبي على الإطلاق!»

سلط على مؤخرتها العصا بغضب دفين فأصدر ذلك صوتا قويا جعلها تئن مغمضة عيناها و ضاغطة على شفتها السفلى بأسنانها بقوة.

«أنا أحبه...»

تمتمت بصوت بحيح متشبثة بقرارها فتوقف لبرهة و ضغط بيديه على العصا التي كان يمسكها كلاعبي البيسبول المحترفين و هسهس:

«و من أين لكِ معرفة الحب يا صغيرة؟!»

«ألستُ بشرا؟ صحيح أنني قليلة خبرة و لكنني أحس، هل تظنني صخرا؟»

«سيترككِ قريبا، لقد أخذ ما أراد!»

«أنت لا تعرف يون هو إذن!»

«و أنتِ لا تعرفين غضبي حتى اليوم إذن!»

و منذ ذلك اليوم، ما عاد الرجل يحادثها كلما أخطأت و أثارت شياطينه بل يسلط عليها لظى عصاه حتى لا يعود بإمكانها الجلوس على مؤخرتها لفترة. و حدث أن فارقت أون هي غريمتها الخيزرانية إلى الأبد يوم منحها الموافقة-بعد دارا-على العيش مع يون هو، فرحلت إلى بناء حياة خاصة بها.

و لم يكن منحها تلك الموافقة بالأمر السهل أو السريع. لقد إستمر عناد الفتاة و تشبثها بالرجل إلى فترة طويلة حتى آمنت دارا بحبهما ذاك. فحتى يون هو الذي حاول مرارا إقناعهما بحسن نواياهُ قرر ذات يوم التخلي عن تلك العلاقة حفاظا على سلامة أون هي التي كانت لها لقاءات عديدة مع عصا الخيزران.

كان ما هد سيونغ وون هو الكره الذي بات يلحظه في عينيها تجاهه كلما إلتقيا منذ المرة الأولى التي عاقبها فيها. حتى سمع ذات يوم من دارا أنها لم تعد تبارح غرفتها و تمتنع عن الأكل و تبكي طوال الوقت.

«هي محطمة الفؤاد و لم يعد في وسعي رؤيتها تذبل بذلك الشكل. إنهما يحبان بعضهما حقا و من غير العادل أن نقف عقبة في طريقهما!»

«أهي مستيقظة، أريد أن أتحدث معها!»

«أرجوك!»

وقفت دارا في طريقه فجأة فرمقها بتفاجئ. بللت الفتاة شفتيها بتوتر ثم أضافت:

«كنتَ تقسو عليها كثيرا طوال هذه الفترة، تعلم كم كم هي رقيقة و حساسة...دعها الآن، يستحسن ألا تتواصلا!»

«أهي من طلبت عدم رؤيتي؟»

طأطأت دارا رأسها حزنا و أسى و حرجا و قررت إلتزام الصمت. تنفس هو بصخبٍ، مثقلَ الصدر، فأمسكت بذراعه و إصطادت عيناه الضائعتين في أرجاء المنزل و قالت:

«حالتها النفسية سيئة...جدا!»

«مذ ذهبت للإطمئنان على حاله بعد أن ضربته و هي لا تتحدث معي...كنتُ أسمعها صدفة تحادثه عبر الهاتف و تشتكي «ظلمنا» و في الآونة الأخيرة يبدو أنهما لا يتكلمان على الإطلاق...حسب ما فهمتُ من خلال مكالمتهما الأخيرة أنه طلب الإنفصال حتى لا يكون سببا في أذيتها و خلافها معنا...سيونغ وون، إن الرجل مهذب و يحبها بحق و...»

«سأتحدث معها، لا تتدخلي رجاء!»

«سيونغ وون!»

«لا تقلقي...فلتحضري لها الفطور سوف آخذه إليها بنفسي»

سمعت طرقا على الباب فلم تجب فأتاها صوته محذرا:

«سأدخل إذن و لا يهمني إن كنتِ عارية!»

شعرت بالرهبة عندما علمت أنه الطارق، و بمجرد دخوله دفنت نفسها تحت الغطاء.

«سمعتُ أنكِ لا تأكلين، لماذا تفعلين هذا بنفسكِ؟»

قال بينما يغلق الباب بلطف ثم تقدم من سريرها و وضع الطبق على قطعة الأثاث حذوها ثم جلس على حافته و قال:

«أحضرتُ الطعام، هيا عودي إلى صوابكِ و كلي و إلا ستموتين جوعا!»

لم يتلقى إجابة منها فتنهد بعمق و زنحنى بجذعه صوب فخذيه و مرر يداه على وجهه وصولا إلى شعره، ثم قال:

«أتسمحين لغريب أن يجعلنا نبدو كالغريبين، أون هي؟!»

«أخرج من فضلك!»

«لن أخرج...هيا أريني وجهكِ فورا و إجلسي باعتدال»

«هذه غرفتي، لن تفرض علي قوانينك الغبية هنا...لا أسمح لك!»

«أون هي...سأعد حتى ثلاثة؛ 1...2...3!»

لم تتحرك الفتاة من مكانها قيد أنملة فتمتم بحزم:

«هكذا إذن؟!»

نهض سيونغ وون من مكانه و جذب عنها الغطاء فجحظت عيناها مصدرة شهقة صاخبة.

«ما الذي تفعله بحق الله؟!»

«أوقظكِ بنفسي طالما أنكِ لا تسمعين الكلام!»

دسّ قبضتاه في جنبيهِ و نظر إليها بنصر فإنكمش جبينها و إحتشد حاجباها معتضنة صدرها زاجرة إياه:

«كيف تزيل عن فتاة غطاءها بهذا الشكل؟ ألا ترى أنني أرتدي ملابس النوم؟»

رفع حاجبه و حملق بها باستخفاف ثم قال ساخرا:

«لا يفرق ما ترتدينه الآن عن ملابسكِ اليومية شيئا! تنانيركِ أقصر بكثير من هذا السروال القصير!»

نفض عليها الغطاء و أحاطها به فتبعثر شعرها و أضحت لطيفة كالجراء.

جلب الطبق و جلس أمامها. شاهدته أون هي و هو يقوم بتحريك الحساء الساخن بالملعقة ثم قام بالنفخ عليه و رفع رأسه إليها فقرب الملعقة من فمها و قال بصوت حنون:

«إفتحي فمكِ!»

أرادت الإمتناع بشدة و لكنه كان حليف الجوع فهزماها ببساطة. لم تنبس أون هي ببنت شفة و فتحت فمها بهدوء مستقبلة ملعقة الطعام في جوفها.
واصل إطعامها فأحست بانعدام الكرامة، و مع ذلك لم تستطع التوقف. لو أن ما يطعمها إياه سيونغ وون سمٌّ فستقبله برحابة صدر.
بمجرد أن أنهت طعامها قام بوضع الطبق جانبا و إنتشل المنديل و إقترب لمسحِ فمها. وضعت يداها على يديه و حاولت أخذ المنديل منه متمتمة:

«سأفعل هذا بنفسي»

رمقها بنظرة معترضة و واصل فعل ذلك حتى إنتهى. طأطأت هي رأسها و قد تجمعت الدموع في عينيها فنهض هو و وضع سترته الجلدية السوداء جانبا و مضى إلى درجها حيث مستحضرات تجميلها و المشط فإلتقط الأخير و إنتقى مشبكا للشعر على شكل نجمة فضية و مضى إليها جالسا إلى قربها مجددا.

«إستديري»

إمتنعت عن تنفيذ طلبه و رمقته ببرود مصطنع قائلة:

«لماذا أتيت؟ أخبرتُ دارا أنني لا أريد رؤيتك!»

«أنتِ صريحة جدّا!»

عبرت يداه إبطيها و قام برفعها قليلا مغيرا إتجاه جلستها بما يناسبه ثم جلس خلفها قائلا:

«تعلمين أنني أفعل ما أريده دائما!»

شرع يسرح شعرها برفق ثم بدأ جدله رويدا.

«لقد طال شعركِ!»

صرح عند إنتهائه ثم لمس كتفها ببراءة مصرحا:

«إنتهينا!»

إقشعرت لتلك اللمسة فتهربت منها بسلاسة و إلتفتت إليه ناهرة إياه بنظراتها.

«ماذا تريد الآن؟ لماذا أتيت، سيونغ وون؟»

«أتيتُ إلى رؤيتكِ لأنني إشتقتُ إليكِ يا صغيرة!»

دغدغ ذلك قلبها فاتسعت عيناها ثم إرتبكت و هي تعيد نفسها إلى الواقع و قالت:

«يالها من خسارة! لم أشتق إليك و لو قليلا!»

«يالكِ من عابثة كاذبة! ألهذا توشك عيناكِ على ذرف الدموع؟»

مسح على رأسها باسما و قال بصوت هادئ هدير البحر:

«توقفي عن إجبار نفسك على قول أشياء لا تعنينها، لستِ أهلا لهذا! تعلمين أنكِ لا تستطيعين كرهي حتى لو حاولتِ»

سقطت دموعها على الفور مصادقة على كلامه فسارع إلى مسحها بكلتا إبهاميه و أردف:

«لا أحب حزنكِ بسببي ولا إستياءكِ مني فقررتُ أن علي القدوم لمصالحتكِ و إستعادتكِ. لن أحتمل أن يسرق ذلك الغريب كل جميل بيننا. نحن عائلة في نهاية الأمر، لا؟»

غسلتها كلماته من الداخل فارتمت في حضنه مجهشة بالبكاء.

«أتحبان بعضكما إلى هذه الدرجة، أون هي؟»

«لن يحبني رجل بقدر يون هو، أحب علاقتنا وإنسجامنا، هو يفهمني بشكل جيد! لا أريد شيئا آخر من هذه الدنيا غيره!»

«فهمت...سيكون لكِ إذن!»

لازال إلى هذا اليوم غير قادر على إستيعاب حقيقة أنه وافق و أنها كونت عائلة و مرت بعديد المراحل المختلفة و منها إقتحام عالم الكبار و تحمل المسؤوليات، وصولا إلى تجربة الأمومة.
إن عودتها إلى نقطة البداية، إلى رعايته و دارا، بات يبدو و كأن كل ما حدث كان كذبة أو مجرد حلم!

«في النهاية...كان يون هو يستحق العناء! ألا تظن؟»

أشاح بصره إلى كأسه الذي بدأ بهزه داخل يده بشكل دائري و فضّل إبتلاع إجابته مع رشفة باردة من مشروبه الذي نفد من جديد بالفعل فعاد إلى ملئه دون تأخر.

«ما أعلمه أنكِ كنتِ تستحقين!»

إقتحمت عيناه داكنتا السواد عيناها بنظرات عميقة و حادة أثناء قوله ذلك فإقشعرت بشكل صريح هاتفة:

«أنت رجل مخيف حقّا! إياك أن أعلم بأنك تلمس أختي بأذى بعصاك تلك!»

«أتقارنين نفسكِ بدارا؟ إنها أكثر عقلانية منكِ بأضعاف يا صغيرة!»

رفع كتفاه بإجهاد و أردف:

«في الغالب لا تثير جنوني كما تفعلين!»

شعرت المرأة بالسوء و بان عليها الإمتعاض رغم أنه كان من الواضح بأنه يمازحها و يستمتع بإغاظتها، فقرأ ذلك و حرر يدها على الفور عائدا إلى إحتجاز كأسه داخل قبضته و ترشفه.

«لمَ لم تنامي حتى الآن و إلى أين كنتِ ذاهبة في هذا الوقت من الليل إذن؟»

إبتسم ملطفا الأجواء و سرعان ما إبتلع التشنج عن وجهها و مشاعرها. أجابت أون هي بصراحة مطلقة:

«أشعر بالأرق، كنت أخطط للتمشية في الحديقة قليلا من أجل إستنشاق بعض الهواء و تنقية ذهني. أطليت من النافذة و أعجبني الجو في الخارج!»

نهض هو من مكانه متخليا عن مشروبه فتضاعف طوله حتى كاد عنقها يتحطم للوصول إلى وجهه بعدستيها. لولا أنها إمرأة محترمة لأغمي عليها من شدة فتنته و هو في وضعية وقوفه تلك.

«أتمانعين رفقة؟»

«ليس رفقتك، على الإطلاق!»

إبتسمت بلطف فأشار إليها بيده هاتفا:

«السيدات أولا!»

خرجا إلى الحديقة يتمشيان تحت ضوء القمر. و كان النسيم العليل يداعبهما و يراقص خصل شعرهما برقة.

كان في صدر سيونغ وون حمل أراد التخلص منه إلى الأبد فلم يرى في إلتزامه الصمت حلا، و لهذا أجلى صوته و قال بشجاعة:

«أعتذر عن دخولي غرفتكِ دون طرق الباب في وقت سابق!»

فاجأها ذكره للموضوع فتورد خداها بعض الشيء ثم هتفت:

«أوه؟ نسيت الأمر، لا عليك!»

أطرقت في الأرض مبللة شفتيها ثم أضافت:

«أدري أنك لم تقصد ذلك!»

أومأ برأسه و أجاب:

«أعدكِ أنني سأكون أكثر حذرا!»

بادلته الإيماء برأسها ثم رفعته إلى السماء فانبهرت بكثرة النجوم المتناثرة فوقهما.

«وااه! السماء جميلة! هناك الكثير من النجوم الليلة!»

حدّق بوجهها الضحوك باسما في صمت و إعجاب متسائلا في داخله كيف يمكنها أن تحافظ على براءتها و تلقائيتها و بساطتها على الرغم من كل ما مرت به.

«لماذا تضحك؟»

قُبض عليه من طرفها فعاد إلى رفع رأسه إلى السماء متأملا و قد توقفا قليلا، و أجاب:

«من المريح أنكِ لم تتغيري!»

إرتفع حاجباها بتفاجئ و هي تحدق به بدهشة فأمال رأسه ملتفتا إليها باسما بسمة عريضة جعلت وجهه يشرق و يشع أكثر من النجوم. إلتقت عيناه عيناها فجرفها ذلك التواصل البصري بشكل غريب جاعلا قلبها يخفق بقوة.

«إبقي كما أنتِ، أون هي!»

«علي ذلك! لا يجب أن أتغير!»

رمشت بسرعة مستيقظة من التنويم المغناطيسي الذي أوقعتها فيه عيناه موضحة بصوت أعلى:

«أعني...لا سبب يجعلني أتغير، مهما كانت الظروف أنتَ...و كذلك دارا، عائلتي!»

عادا للتحرك من جديد فسمعته يوجه إليها سؤالا:

«هل تشعرين ببعض التحسن مؤخرا؟...»

«بلى، أشعر بالتحسن، و هذا بفضلكما»

تنهدت بعمق و أضافت:

«علي المضي قدما لأجل سيهون على الأقل...و من أجل يون هو حتى! أظن أنه لن يكون سعيدا برؤيتي منطفئة كسيجارة عديمة النفع!»

«من الجيد أنكِ تفكرين بإيجابية. هذا يجعلني أشعر بالإطمئنان!»

بعثر شعرها و عاد إلى طرح سؤال جديد:

«ما الجديد إذن؟»

«قررت العودة إلى حياتي؛ العمل: الرسم و المعرض و صديقتي!»

إرتفع حاجباه بفخر و توقف لإحتضانها مربتا على ظهرها برفق:

«هذه هي فتاتي القوية!»

أسندت خدها على صدره بطمأنينة و تحدثت:

«لقد حظيت بمكالمة مع شين آه و شجعتني للعودة إلى الرسم مجددا إستعدادا لمعرض قريب!»

أبعدها ناظرا إلى وجهها بسرور و ضغط كتفيها بحماس هاتفا:

«مرحى! هكذا تكون الأخبار الجيدة!»

«أنتَ أول من يعلم، لم أخبر أحدا بعد!»

«إذن من حقي أن أتباهى بهذا أمام دارا لاحقا!»

صمتت قليلا باسمة. ثم سرعان ما تلاشت إبتسامتها تدريجيا، و هي تعود إلى مماهاة خطواته، لما خطر على بالها تساؤل قاتل، فسألت بعد تردد:

«هل يسمح لي أن أسأل لمَ كنتَ تشرب في هذا الوقت من الليل؟»

«أليس ذلك واضحا؟»

كان يسير ببطئ فتباطأت سرعته أكثر إثر طرحها لذلك السؤال، ثم نظر إليها من طرف عينه لبرهة و تنهد بثقل و كأن كرة حديدية تقبع فوق صدره، ثم أجاب ببساطة و عيناه تجوبان الفضاء الأخضر الذي يحيطهما:

«تشاجرت مع دارا»

«مجددا!»

«شارفت كأسي على الفيضان!»

«أحاولتَ الحديث معها في الموضوع الذي يزعجك، بهدوء و صراحة، من قبل؟»

«لمّحتُ لها مرارا و لم يتغير شيء! هي تفهمني جيدا و لكنها تدّعي الغباء!»

«و ما أدراك أنها تدّعي الغباء؟ لعلها لم تفهم مقصدك جيدا!»

«أون هي...»

توقف عن السير فجأة و إستدار نحوها محتجا باستياء:

«أنا أعرف زوجتي جيدا! قد حفظتها منذ زمن و أعلم ما أتفوه به تماما!»

أشاح وجهه نحو السماء مجددا و قال و أمارات الإمتعاض بادية على محياه:

«لا تحاولي الدفاع عن أختكِ أمامي!»

«و ماذا تنوي أن تفعل إذن؟»

«تخطر على بالي أفكار سوداء في الآونة الأخيرة، و لكنني أحاول إمساك لجام غضبي بكل ما أوتيتُ من قوة حتى لا أرتكب ما يؤلم كلينا!»

«ويحك! ماذا تقول؟!»

«لا أريد أن نخسر بعضنا البعض على شاكلة مزرية في نهاية المطاف، بعد كل تلك السنين من المحبة و الإحترام!»

شهقت أون هي واضعة يدها على فمها و حدقت به بعدم إستيعاب، ثم سألت في عجب:

«هل آلت الأمور إلى هذا الحد من السوء؟!»

«و ربما أسوأ...لقد أضحت الحياة رمادية مع أختكِ طوال السنوات الثلاث الماضية!»

«لنجلس هنا، سيونغ وون!»

هتفت مشيرة إلى الأريكة الحجرية المنحوتة بشكل يسر الناظر، و التي كانت مستقرة في ركن مثالي من الحديقة يطل على النافورة التي يطير فوق قمتها كيوبيد بقوسه و سهمه الشهيرين. أومأ سيونغ وون مرحبا بالفكرة فجلس كلاهما لإستكمال دردشتهما.

«لا أدري ماذا علي أن أقول و لكن الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أكون متأكدة منه هو حب دارا لك»

«و لكنني بدأتُ أشك في هذا أيضا، و لم أتخيل يوما أنني قد أفعل!»

«ويحك! لربما هي تمر بوقت عصيب فلتتقصى الأمر، و لتحاولا فضه معا بالرفق و اللين. يحدث أن يتشاجر الأزواج و لكن متانة العلاقة و صدق الحب يظهران وقت الشدائد، فلا تتهورا!»

«أخبريني أون هي، هل سبق و تشاجرتِ مع يون هو؟»

«بالطبع!»

«أحقا؟!»

«و ماذا كنتَ تظن؟»

علت قهقهاتها الظريفة فتبسّم بود مجيبا:

«بدوتِ سعيدة جدا معه...و كأنكِ تحلقين...ضاحكة زاهية؛ كالفراشة تماما، حتى خُيِّل إلي أنكما لا تتشاجران أبدا!»

«عندما إلتقيتُ يون هو،علمتُ أنه الرجل المناسب لي. كان ودودا لين القلب و اللسان. كان يعاملني بمحبة و حرص و يجعلني أشعر بأنني ثمينة، و كأنني المرأة الوحيدة على سطح هذا الكوكب!»

أضحت نظراتها حالمة و هي تحدق في الفراغ ببسمة منكسرة غير منتبهة للغيرة التي طفت على سطح عينيْ سيونغ وون الذي يراقبها بانتباه. أردفت أون هي:

«لا أخفيك أننا نختلف و نتشاجر كأي زوجين، هذا أمر عادي. و لكنه لا يقصّر أبدا في إبتكار طرقٍ مميزة لمصالحتي، ذلك جعلني أصبح مثله إلى حد ما، لن أتأخر عن الإعتذار طالما أعلم أني قد أخطأتُ في حقه. ثم أن ما جعل زواجنا ينجح هو الحوار و الإحترام المتبادل، و كذلك الثقة. كنتُ أثق به إلى درجة العمى فلقد أثبت لي أنه يستحق بالفعل!»

سرعان ما تجمعت الدموع في عينيها فإقترب منها و أحاط وجهها بين كفيه و قال:

«جَعْلُكِ سعيدة كان أقل ما يمكنه فعله لإثبات جدارته بكِ. سعيد لتأكدي من أنه كان يعاملكِ بشكل جيد!»

رفعت ناظرها إلى وجهه و إرتجفت شفتاها محاولة عدم البكاء و لكن عيناها أبتا الإنصياع فانسكبت دموعها على الخدين مدرارا.

«و لكن موته جعلني أسقط أرضا، سيونغ وون...لقد تحطم جناحا الفراشة!»

مسح سيونغ وون دموعها عن خديها بابهاميْهِ و قال:

«سأحرص على جعلكِ تحلقين من جديد!»

إقترب منها تلقائيا و اللهفة و الأسى زينتا جسده و عينيه اللتين غرقتا في تواصل بصري عميق مع عينيها المتلألئتين كالجواهر جراء الدموع.
داعب خدها بإبهامه مأخوذا بجمال تفاصيل وجهها، و على وجه الخصوص أنفها المحمر كأرنبٍ أبيضَ لطيفٍ. ثقل جفناه تدريجيا فسقطت عدستاه إلى شفتيها فتسارعت دقات قلبه و أخذ يحدق بهما بانجذاب غريب، و تمتم كالهاذي:

«أعدكِ!»

إنحنى صوبها فجن قلبها لذلك القرب المفاجئ و المميت. نظراته الغريبة و أنفاسه الحامية التي ترتطم أمام وجهها كادا يوديان برشدها إلى الجحيم.
تفرس إبهامه شفتاها مراوحا بصره بين عينيها و ثغرها. كادت تقسم بأنه ينوي زرع قبلة في فمها في أية لحظة و لكنها كانت تُكَذِّبُ ذلك الشعور في داخلها بقوة و تحاول بكل ما أوتيت من عقلانية ألا تشتهي التجربة.

«أطلبي ما تشائين و سأعطيكِ إياه، سأجلب لكِ أي شيء تريدين و لو من آخر الدنيا طالما أنه يضمن دوام سروركِ»

بلل شفتاه و ضغط على شفتيها بإبهامه ضغطا فتنهدت لافحة جلده ببعض من الحريق الذي نشب في قلبها تصغي إلى ما يتلوه من كلمات جميلة كالمسحورة. قال:

«هذا الفم...»

إقترب وجهه من وجهها أكثر و أضاف:

«أريد رؤيته باسما ضاحكا على الدوام!»

إزدرد ريقه بصعوبة و أغمض عيناه متريثا بحكمة عندما شعر بأنه كاد يهوي عليها معاشرا شفتيها بشفتيه الضمآوين، ثم نفذ قبلته في غير موضع. أصابت شفتاه جانب ثغرها فتنهدت متنفسة الصعداء.

تراجع سيونغ وون إلى الخلف و بحث بعيناه على صفحة وجهها يطمئن على عدم وجود خسائر.
رفرفت رموشه السوداء الطويلة لبرهة ثم ربّت على رأسها قائلا:

«عليكِ أن تعلمي أنكِ لستِ فقط أخت زوجتي أو صديقتي، أون هي...»

زفر مرجعا ظهره إلى ظهر الكرسي و إبتسم بخفوت بينما تتابع عيناها وجهه الوسيم باهتمام:

«بالنسبة لي، أنتِ إبنتي حتى!»

إرتفع حاجباها بدهشة فإلتفت إليها ينظر ملامحها بجدية و أضاف:

«قد تكون المرة الأولى التي أقول فيها هذا، و لكنكِ الإبنة التي لم أرزق بها، شاهدتكِ تكبرين و خضنا معترك الحياة معا...هكذا أفكر كلما نظرتُ إليكِ!»

أطرقت في الأرض بسكون لبعض الوقت و قالت:

«ألهذا لطالما عاملتني باهتمام فائق؟...أهذا هو السبب؟ أتشعر بالمسؤولية تجاهي؟»

«لا أنكر أني أشعر بأنكِ مسؤوليتي...و لكن لطالما أحببتُ هذا!»

«من الغريب سماع ذلك! و لكن

Adresse

Tlemsen
13500

Site Web

Notifications

Soyez le premier à savoir et laissez-nous vous envoyer un courriel lorsque روايات كورية - 한국어 소설 publie des nouvelles et des promotions. Votre adresse e-mail ne sera pas utilisée à d'autres fins, et vous pouvez vous désabonner à tout moment.

Partager

Type