19/08/2025
مدير المدرسة متطوعاً بقلم الاعلامي حمزه سليمان
في وقتٍ بات فيه الكثيرون يكتفون بإلقاء الأوامر أو انتظار الدعم الخارجي، قرر الأستاذ ، مدير إحدى المدارس، أن يكتب قصة مختلفة بطريقته الخاصة. لم يرضَ أن يبقى سور المدرسة على حاله، باهت الألوان، يشعّ كآبة في عيون الطلاب كل صباح، فكان قراره أن يمسك بيده فرشاة الدهان، ليبدأ بنفسه مهمة تجميل المكان.
لم تكن تلك الخطوة مجرد عمل صيانة عادي، بل رسالة حيّة للطلاب والمعلمين على حد سواء، بأن المدرسة ليست مجرد مبانٍ إسمنتية، بل بيتهم الثاني، وأن الاهتمام بها هو انعكاس لاحترامهم لأنفسهم ولمستقبلهم. مشهد المدير وهو يرتدي ملابس العمل البسيطة ويقف تحت أشعة الشمس، يغمس الفرشاة في الدهان ثم يمررها على السور، كان كافيًا ليلهم طلابه حب العمل والدراسة والجميع يعمل في جوٍ يملؤه الحماس والانتماء.
الأستاذ عبد السلام جسّد نموذجًا للمربي الحقيقي، الذي لا يكتفي بالتعليم داخل الفصول، بل يغرس القيم عمليًا أمام طلابه: قيمة العمل الجماعي، وقيمة المبادرة، وقيمة الإخلاص رغم قلة الإمكانيات. لقد أثبت أن القدوة بالفعل أبلغ من ألف كلمة، وأن المدرسة يمكن أن تنهض بجهود أبنائها إذا وجدوا من يقودهم بروح صادقة.
هذه التجربة الصغيرة صنعت أثرًا كبيرًا، فهي لم تقتصر على تجديد ألوان السور، بل جددت معنى الانتماء في قلوب الطلاب، وزرعت فيهم درسًا عمليًا سيبقى حاضرًا في ذاكرتهم: أن العطاء لا يحتاج إلى ميزانية ضخمة، بل إلى إرادة تبدأ بخطوة واحدة.
الأستاذ عبد السلام بسطامي، بهذا الموقف البسيط والعميق، أصبح نموذجًا للمعلم والمدير الذي يسعى للارتقاء بمستوى مدرسته رغم قلة الإمكانيات، ليؤكد أن الإخلاص في العمل هو السبيل الحقيقي لبناء أجيال تحب وطنها وتخدمه بجد واجتهاد.