30/10/2024
الحلقة التاسعة - الأخيرة | غرفة 310 | مصطفى أحمد بك
==================================
توقف ( كمال ) بسيارته للتو أمام ( البنسيون ) .. نزل بدوره من السيارة ، بينما ( أدهم ) أمسك ( إبراهيم ) من طرف ردائه ، ثم قال بنبرة حـادة :
- اتصرف طبيعى ، وإلا لو حد حس بحاجة هقتلك وهقتله .. انزل .
أومأ ( إبراهيم ) الذى كانت ترتعد فرائصه برأسه ، ثم نزل من السيارة يمشى على مهل متثاقل الخطى .. رمقته هنا فتاة ( البنسيون ) بنظرة خاطفة ، ثم أدارت وجهها فى الحال ، ولم تُعر الأمر إنتباهها .
حينها فتح ( كمال ) باب الغرفة .. دفع ( أدهم ) الرجل بكلتا يديه حتى تعثر بأحد الكراسى فسقط أرضاً .. جرى نحوه هنا ، أحكم قبضته عليه ، ثم لكمه لكمة قوية فى وجهه جعلت الدم يسيل من فمه .
أخرج مسدسه ، ثم لوح به عالياً مشيراً له بالجلوس .. نهض ( إبراهيم ) متحاملاً على يديه .. جلس على أحد الكراسى يلتقط أنفاسه ، ويمسح الدم الذى يسيل من فمه .
أخذ ( أدهم ) يُسعل كثيراً كعادته فى الأيام الأخيرة ، ثم قال بصوت مبحوح وهو يصوب مسدسه فى وجهه :
- عايزك بقى تحكيلى الحدوتة كلها .
سكت ( إبراهيم ) قليلاً .. ينظر فى وجه ( أدهم ) ، ثم قال :
- شوف يا ( أدهم ) باشا .. الأحسن ليك أنك تهرب ومتورطش نفسك أكتر من كده .. أنت مش قد الناس دول .
يا للعجب .. بالأمس كان يحرض على قتله بدون غضاضة ، واليوم بدا له ناصحاً .
وقف ( أدهم ) هنا ، ثم قام بشد أجزاء مسدسه ، و اقترب منه وهو يضع المسدس على رأسه .
- أنت هتعمل اللى بقولك عليه ، وإلا هقتلك .. هى رصاصة واحدة .. صدقنى مش هتردد ولا هفكر مرتين .
حينها ( كمال ) كان يقف مشدوهاً فى مكانه .. يشعر وأن الأمور تفلت من بين أيديهم .. كان متوتراً للغاية .
فى الحقية ( إبراهيم ) لم يكن فى موقف جيد يسمح له بالمساومة أو بالمماطلة أو بأى شىء .. كان لا يملك خياراً .
سقوطه كان أشبه بالسقوط الحر ، حينما تفتح ذراعيك لتعانق الهواء فتسقط غير مأسوف عليك . ولا شك أن الإنسان حينما يختار طريقاً بمحض إرادته سيأتى عليه يوم وسيلقى نتيجة إختياره .
وها قد حان اليوم الذى سيلقى فيه ( إبراهيم ) مصيره .
تنهد ( إبراهيم ) هنا ، ثم قال وهو يزيح المسدس عن رأسه :
- الحكاية كلها بدأت بتجارة الأدوية المخدرة .. عن طريق الدكتور ( سمير مصطفى ) اللى كان بيروجها ، و ( عادل السمرى ) اللى كان بيستوردها من خلال شركته .. واللى كان مسئول عن دخول الأدوية للبلد وتسهيل الإجراءات هو اللواء ( محمد النجار ) من خلال شركته وعلاقاته .
- وأيه علاقة اللواء ( مجدى ) بكل ده ؟ .. تسائل ( كمال ) .
أجابه ( إبراهيم ) قائلاً :
- اللواء ( مجدى ) هو اللى ابتدى اللعبة دى كلها .. هو اللى رسم الدايرة ، وكل حاجة كانت بتحصل بعلمه . فى الفترة الأخيرة حصل خلافات بينهم حول نسبة كل واحد .. وابتدى كل واحد يشتغل لحسابه .. اللواء ( مجدى ) خاف للعبة تتكشف .. فتخلص منهم .
جلس ( أدهم ) حينها قبالة ( إبراهيم ) .. شرد بذهنه بعيداً .. تراوده الكثير من الأسئلة السخيفة التى لن يجد لها أية أجابة .. إبتسم على جانب شفتيه إبتسامة تشى بخيبة أمل .
حينما تشعر أن كل الذى تؤمن به وتعتقده كان هباءاً .. كان لاشىء .. حينما تكتشف فجأة أن الذى تؤمن به ، وتبذل كل جهدك للدفاع عنه ، وبل وتعرض حياتك للخطر من أجله ، وربما للموت فى كثير من الأحيان كان كلاماً فارغاً .. كان عبثاً .. عفناً .. كان معتقدات رثة باهتة مكانها الأمثل صفيحة القمامة .
لماذا لم يُعاقب المخطىء وينتهى الأمر ؟
ولكن كيف ؟ .. هل أنا ساذج لهذه الدرجة ؟! تبـاً
إذا كان المخطىء هو الجلاد والحكم !
بربكم كيف تستقيم الحياة إذن ؟
وهل هذه تعد حياة ؟
نحن نعيش فى مستنقع وغصنا فيه حد الأعماق ، وأن كل من يحاول أن يخلص نفسه من هذا المستنقع ، فإنه وبلا شك ستطوله الكثير من الوساخات .
لا أحد يستطيع أن يغوص فى الطين دون أن تتسخ قدماه أيها الناس .
عاد ( أدهم ) هنا من شروده .. اعتدل فى جلسته ، ثم تسائل :
- والعمليات استمرت بعد كده ؟
- لاء .. العمليات كلها توقفت .. اللواء ( مجدى ) كان خلاص أخد كل اللى هو عايزه ، وكان مستنى اللحظة أو الوقت المناسب اللى يطلع فيه ويكشف الحقيقة ويطلع هو بدور البطل اللى أنقذ البلد من عصابة خطيرة زى دى ، ومش بعيد كان يمسكوه الوزارة بعدها .
ساد الصمت بين الجميع .. كل واحد يطالع الآخر بعيون مليئة بالأسئلة .. جلس ( كمال ) هنا مطأطأ رأسه إلى الأرض واضعاً كلتا يديه فوق رأسه .. ( كمال ) لم يكن يتخيل يوماً أن تئول به الأمور إلى هذا الحد .
قطع جرس الهاتف الخاص بـ ( إبراهيم ) هذا الصمت الذى يشبه صمت القبور . تذكر ( كمال ) أن الهاتف فى جيبه .. أخرجه فى الحال .. تراجع هنا للواء .. بدا مرتاباً .. رمقه ( أدهم ) حينها متسائلاً دون أن ينطق بكلمة واحدة .
قام ( كمال ) من كرسييه ، ثم إتجه نحوه ومرر إليه الهاتف . تفاجأ ( أدهم ) بدوره .. ظل ينظر إلى شاشة الهاتف حتى انقطع الرنين ، ولكنه عاد يدق من جديد .. مرر إصبعه على شاشة الهاتف فى تردد ، ثم قام بتشغيل مكبر الصوت .
- أيه يا سيادة الرائد .. مش هننهى الوضع السخيف ده ؟
لا شك أن اللواء ( مجدى ) قد علم كل ما حدث فى الشركة فى الحال .. رجل كهذا لن يترك شيئاً للظروف ..
أخذ ( أدهم ) يُسعل كثيراً ، وضع يده على صدره من شدة الألم .. تنحنح هنا ، ثم قال :
- اطمن يا ( مجدى ) باشا .. كل حاجة هتنتهى .
ضحك اللواء ( مجدى ) ساخراً .
- شوف يا ( أدهم ) .. أنا هديك الفرصة الأخيرة للهرب .. وأى حاجة هتعملها أو هتفكر أنك تعملها فهى مش هتكون فى مصلحتك على الإطلاق .. ومش هتأذيك لوحدك .. دى هتأذى مراتك وولادك .. حتى الست الطيبة والدة ( كمال ) هتروح فى الرجلين .. فكـر كويس .
ارتاب ( كمال ) فى الحال .. جلس على الكرسى مجدداً خشية أن تخونه قدماه .. بدا متوتراً .. خائفاً .. تقريبا هو لا يدرى ما هو الشعور الذى ينتابه الآن .. ما ذنب أمى فى كل هذا ؟
أخذ هنا يرمق ( أدهم ) بنظرات فيها الكثير من المعانى .. لا تدرى هل هو يرجوه ؟ أم غاضب عليه ؟
لا تدرى حقاً .. حينما تختلط المشاعر ببعضها ، وتتلعثم الكلمات على الشفاه .
بينما ( أدهم ) كان يبادله النظرات هو الآخر .. هو يعلم فى قرارة نفسه أنه من أدخل ( كمال ) فى هذه اللعبة رغماً عنه .، ولكنه كان يريد أن يقول له أن يكف عن نظراته هذه .
فهو الآخر يتملكه الخوف والرهبة حيال ما يحدث لزوجته وأولاده . المشهد عبثى للغاية ويثير الإشمئزاز .
لمن نشكو مآسينا ؟!
إذا كان الشخص المنوط إليه حمايتنا هو الذى يرهبنا ! .. إذا كان الشخص المنوط إليه تحقيق العدل فينا هو الذى يظلمنا .. الشخص المنوط إليه حفظ أرواحنا هو الذى يهدرها .. تأمل !!
قال ( إبراهيم ) مقاطعاً هذا الصمت المطبق :
- إحنا كده ميتين ميتين .
نظر إليه ( كمال ) شزراً ، بينما ( أدهم ) أمسك الهاتف فى تردد بعد فترة من التفكير .. قام بالإتصال على اللواء ( مجدى ) .
- فكرت يا ( أدهم ) ؟
- أيه المطلوب الظبط ؟!
- فى عربية هتكون عندك كمان نص ساعة .. جهز نفسك .
انتهت المحادثة هنا ، بينما ( أدهم ) ظلَّ واقفاً مكانه لا يحرك ساكناً .. ما الذى يريده هذا المخبول ؟!
نظر نحو ( كمال ) الذى كان قلقاً للغاية بشأن أمه ، فلن تستيطع أن تأخذ منه كلمة واحدة وهو فى هذا الحال .
أمسك هنا بهاتفه .. قام بإجراء الإتصال ليطمئن على والدته ، ولكنه وجد الهاتف غير متاح .
ازداد توتره وتسارعت ضربات قلبه .. ركل هنا الكرسى بقدمه من شدة الغضب الذى تملكه حينها .
بينما على الجانب الآخر كان اللواء ( مجدى ) قد أعدّ حاله جيداً .. كان يقف فى صالة منزله وأمامه مجموعة من المرتزقة الذين لديهم النية الكافية لسفك دم الناس من أجل بعض النقود .
كان يقف أمامهم كرئيس وحدة عسكرية يلقى على جنوده التعليمات .. سأل اللواء ( مجدى ) أحدهم :
- معاك إحداثيات المكان ؟
- مظبوط سيادتك .
عاد اللوء ( مجدى ) إلى غرفة مكتبه .. فتح هنا درج المكتب ، ثم أخرج مسدسه ودسه فى معطفه وعاد إليهم فى الحال .
نزل سريعاً .. ركب سيارته بصحبة إثنين من رجاله ، ثم انطلقوا بها سريعاً .
فى حين كان ( أدهم ) جالساً مطاًطاً رأسه إلى الأرض ينتظر مصيره الذى سيلقاه عما قريب . يتسائل فى نفسه ..
ما هى الحماقات التى ارتكتبها فى حياتى لتكون معقدة إلى هذا الحد ؟
لا شىء سوى أننى آمنت بالعدل وتحقيقه ، وقدست القانون الذى تم تدنيسه من المطالبين بتطبيقه .
انتبهوا هنا جميعاً على صوت إطارات لسيارة تَحُكُ بالأرض حكاً شدياً .. انتفض ( كمال ) حينها ، ثم قام من مجلسه ينتظر ما الذى سيحدث .
نزل اللواء ( مجدى ) من السيارة ، ثم أخذ يسير داخل ( البنسيون ) ومن خلفه أحد رجاله . تركت هنا الفتاة الرقيعة علبة المساحيق التى كانت تلطخ بها وجهها ، ثم اعترضت طريقهما وقالت :
- أيه هى وكاله ؟ رايحين فين ؟
دفعها هنا الرجل دفعة قوية حتى سقطت أرضاً ، ثم صعدا الدرج سريعاً .. ركله بقدمه هنا ، ثم دخل اللواء ( مجدى ) وهو يرسم على وجهه إبتسامة صفراء قميئة ، بينما كان الجميع يقفون مشدوهين من ذلك الموقف الذى ينبىء بمصائب عدة .
لا شك وان كل واحد منهم طار به عقله بعيداً ، ورسم به سيناريو مختلف عن الآخر ، ولا شك أيضاً أن كل السيناريوهات كانت كارثية .
تحرك داخل الغرفة على مهل ، ثم جلس على أحد الكراسى وقال :
- كنت معقتد أيه يا ( أدهم ) ها ؟ معتقد أنك هتد حاجة اتبنت من سنين ؟ .. وضع هنا إحدى قدميه فوق الآخرى ، ثم أردف : أنا بعمل اللى هيتعمل بيا أو من غيرى .
عاد ( أدهم ) حينها يُسعل من جديد ، ثم قال بصوت أنهكه التعب .
- مفيش شر بيدوم يا ( مجدى ) باشا .
إبتسم اللواء ( مجدى ) مجدداً وقال :
- ده كلام أفلام عربى قديمة .. لا أنت ولا غيرك هيقدروا يوقفوا اللى ابتديته .
اللواء ( مجدى ) كان واضحاً مع نفسه .. رسم الطريق وتعاهد أمام نفسه أن يكمله حتى النهاية مهما كان الثمن .. لن يقف فى منتصفه أبداً .. سيكمل المشوار إلى نهايته مهما كانت العواقب .
لن يتردد فى سفك دم من يعترض طريقه لو حتى صدفة .. لن يفكر مرتين ما دمت تقف فى طريقه .. سيركلك بعيداً بأى طريقة كانت .
على أى حال .. أخرج مسدسه هنا من معطفه ، ثم ألقاه ناحية ( كمال ) الذى التقطه فى الهواء وهو فى حالة ذهول من الذى يحدث أمامه .. كان يتصبب عرقاً .. يزدرد ريقه بصعوبة وكأنه يتجرع خلاً
أشار له اللواء ( مجدى ) برأسه وهو يقول :
- اقـــتــلــه .
لوى ( كمال ) رأسه متفاجئاً .. وقف مشدوهاً يتسائل بعينيه دون أن ينطق بكلمة .. أخذ يهز رأسه غير مصدق ما يُطلب منه . بينما أخرج اللواء ( مجدى ) هاتفه ، ثم قام بالإتصال على أحد ما ، وقام بتشغيل مكبر الصوت .
دوى صوت صراخ عالياً .. صوت ضرخات يُفجع القلب ويجلعه ينتفض فى مكانه .. كان هناك صوت لأطفال صغار .. بينما قال ( مجدى ) مجدداً :
- اقــتــلـه .
كان ( كمال ) ينظر نحو ( أدهم ) الذى كانت ترتعد فرائصه خوفاً على زوجته وأولاده .
التفت ( كمال ) نحوه ، ثم رفع المسدس وصوبه ناحيته بيدين مرتجفتين ، وعينين دامعتين . فى حين كان اللواء ( مجدى ) يتابع هذا المشهد بعينين جاحظتين يملؤها الشر .
أما ( إبراهيم ) فكان يقف فى مكانه متوتراً .. لا يعلم ما الذى سيقع عليه بعد لحظات من الآن .
لازال ( كمال ) يصوب المسدس نحو ( أدهم ) الذى وقف مستسلماً ينتظر لحظة نهايته .. لم يتوقع يوماً أن يموت بهذه الطريقة .
قال اللواء ( مجدى ) هنا :
- مش خايف على والدتك يا ( كمــال ) ؟!
بينما ( أدهم ) كان يقف فى مكانه لا يحرك ساكناً .. ينظر ناحية ( كمال ) الذى كان يصوب المسدس فى وجهه ، ثم بعد لحظات سيسقط أرضاً جثة هامدة على يديه .. كان يقف مضطرباً .. هل سيصوب ( كمال ) الرصاص حقاً ؟ هل سيقتلنى بسهولة هكذا ؟
حينها التقط ( كمال ) أنفاسه بصعوبة .. ازدرد ريقه ، ثم قام بشد أجزاء المسدس .. ثم فى بطء أخذ يقرب سبابته نحو الزيناد .
وفى لحظة مفاجئة غير ( كمال ) وجهته .. قام بإطلاق الرصاص على ذلك الرجل الذى كان يقف خلف اللواء ( مجدى ) فسقط جثة هامدة فى الحال ، بدوره ( مجدى ) أخرج مسدساً آخر ، ثم صوب به طلقة فى صدر ( كمال ) الذى تراجع للوراء ، ثم سقط على الأرض غارقاً فى دمائه .
انقض هنا ( أدهم ) على اللواء ( مجدى ) قبل أن يطلق عليه . أمسكه هنا ( أدهم ) بإحكام محاولاً أن يُبعد المسدس من يده ، ثم أخذ يُكيل له اللكمات على وجهه حتى بدا يفقد وعيه .. قام ( أدهم ) ، ثم ركل المسدس من يده بعيداً . أوقفه هنا ، ثم أخرج مسدسه وصوبه نحو رأسه .
قال هنا بنبرة حادة
- بلغ رجالتك ينهوا الأمر ، وإلا هقتلك .
ثم لكمه هنا لكمة قوية ، وأخذ يهدده بالقتل بلا توقف .
كان هناك حالة فوضى انتشرت بالشارع الذى يقع فيه ( البنسيون ) على إثر طلقات الرصاص .. تجمهر الكثير من الناس متسائلين .. وسريعاً سريعاً أطلت الشائعات برأسها .. لم يرّ أحدٌ أى شىء ، ولكن البعض منهم كان يجزم بأمر ما ويغلظ الأيمان ..
أخرج اللواء ( مجدى ) هنا هاتفه فى صعوبة حيث بدا يفقد وعيه ، وكانت الدماء تسيل من أنفه وفمه . أجرى الإتصال بصوت متهدج ، ثم أمر رجاله بالإبتعاد .
أخذ ( أدهم ) يلتقط أنفاسه .. كان يُسعل كثيراً .. يتقيىء دماً بغزارة .. رمق هنا جثة صديقه ( كمال ) التى كانت غارقة فى دمائها .. حبس دموعه ، ثم نظر نحو اللواء ( مجدى ) بعينين يملؤها الشر . تراجع للوراء خطوتين ..
- متوديش نفسك فى داهية يا ( أدهم ) .. قال ( مجدى ) بصوت متهدج .
نظر نحوه ( أدهم ) بعينين يملؤها الشر ، ثم أطلق رصاصة استقرت فى رأسه لينتهى أمره وليسدل الستار على حياته .. أخذ ينظر نحو جثته وعلى شفتيه إبتسامة غريبة .. كانت عيناه تلمعان .
التفت هنا لـ ( إبراهيم ) الذى كان يقف منزوياً يستجدى ( أدهم ) بنظراته أن لا يقتله .. رفع ( أدهم ) مسدسه نحوه ، ثم بلا تردد أطلق رصاصة آخرى فى صدره لتنهى حياته ويسقط أرضاً غير مأسوف عليه .
ألقى حينها المسدس بالأرض . وضع كلتا يديه على وجهه .. ظل واقفاً فى مكانه ولا أعلم ما السبب وراء وقوفه هكذا .
وفجأة سقط على وجهه متأثراً برصاصة فى ظهره .
*****
- نـــدمان ؟
سـألت الكاتبة الشابة هنا التى كانت تدعى ( هند الشافعى ) .
كانت تجلس داخل غرفة هادئة ومرتبة ترتيباً جيداً وسط ضوء هادىء يشير إلى الراحة النفسية ، بينما أجابها ( أدهم ) الذى كان يجلس على كرسى متحرك .
- لاء .. مش ندمان .. سكت قليلاً ، ثم أردف : هل هتكتبى كل اللى سمعتيه ؟
تنهدت ( هند ) .. تركت القلم من يدها .. خلعت نظارتها الأنيقة ، ثم قالت :
- أكيد فى حاجات مش هقدر أكتبها .. هنوه عن أن القصة من نسج الخيال . أنا بس أصريت أنى أقابلك أكتر من مرة عشان أنت الشاهد الوحيد على القضية دى .
أومأ ( أدهم ) برأسه بينما تسائلت هنا :
- هل الطلقة اللى صابتك فى ضهرك هى اللى خليتك على كرسى متحرك .. أنا آسفة .
إبتسم ( أدهم ) إبتسامة هادئة ، ثم قال :
- بالظبط .
- أنا متشكرة جداً على وقت حضرتك يا ( أدهم ) باشا .. وآسفة تانى أنى أصريت عليك كتير جداً عشان تتكلم وتخرج كل اللى جواك وعارفة ومتأكدة أن دى حاجة مش سهلة .. خليتك ترجع تفتكر ذكريات وأحداث أكيد مكنتش تحب أنك تفتكرها
قال ( أدهم ) وهو يمسح دموعه التى كانت تهرب من عينيه :
- ياريتنى كنت أقدر أنسى ..
استأذنت هنا ، قامت من مجلسها ، ثم ودعته قائلة :
- مرة تانية بشكر حضرتك .
- العفو .. قال ( أدهم ) مبتسماً .. بينما التقطت هى حقيبتها ، وكذلك بعض الأورق ، ثم ذهبت .
تحرك ( أدهم ) حينها بالكرسى المتحرك ناحية الشرفة ، ثم أخذ ينظر من النافذة رافعاً رأسه إلى السماء .
****
(( بعد مرور 10 سنوات على هذه القضية تم إصدار رواية بعنوان غرفة 310 للكاتبة الشابة هند الشافعى تحكى فيها تفاصيل هذه القضية على لسان الرائد أدهم سيف الدين ، ونوهت أنها قصة من نسجل الخيال ))
****
فى النهاية عايز أعرف رأيكم بصراحة
- الفكرة
- الأسلوب
- السرد والحوار
- النهاية