
09/10/2024
. ⚜️ العلماء والمؤسسة والدعوة والزمن الجديد ⚜️
✍🏻 بقلم 🖋️ ✍🏻
🌟 ( ﷽ ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) تعكس هذه الآية الكريمة عدة مسائل لا بد من استعراضها جميعاً لكي يكتمل المشهد هذه المسائل يمكن مناقشتها من ثلاث محاور من جهة مفهوم ( العلماء ) و ( أهل العلم ) و ( المؤسسة ) الذي كان ثم تطور وثانيا طبيعة المشروع الذي يقع العلماء في اسه وأساسه وأخيراً المهمات القديمة والمستجدة وما بقي وما ذهب وكيف تكون الإحاطة ممكنة ..
✨ كان العلماء الاوائل يعبرون عن المسألة بدقه عندما يسمون نخبتهم الدينية ( حملة العلم ) والتعبير قرآني مأخوذ من قوله تعالي ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ) والحمل او التحمل بالمعني المجازي القيام باعباء ومسؤوليات أمر معين او عدة امور وهذا التحمل قد يكون تكليفا يوجه للمرء وقد يكون أمراً كلف به المرء نفسه وفي الحاله التي نبحثها يجتمع الأمران التكليف من جهة ونذر النفس من جهة ثانية بمعني ان ( حملة العلم ) - ( والعلم هنا مرادف للدين ) تلقوا تكليفا في مثل قوله تعالي ( ولتكن منكم أمة) والتزموا من جانبهم القيام بمهمات ومسؤوليات هذا التكليف وحاولوا تجنب ما وقع فيه علماء الذين حملوا التوراة علي كواهلهم ثم ما لبثوا أن اهملوا أداء الرسالة او القيام بمقتضياتها ومنذ أجيال تدور جدالات في معني مفهوم ( ) وهل يقصد به مؤسسة أم أفراد ..
🌟 والمؤسسة لدي أهل الديانات الأخرى تملك قدسية لا يدعي علماؤنا شيئاً منها وإذا نظرنا إلى ( الاستمرارية ) التي تحققت للعلماء في الإسلام فلا بد أن نطلق عليهم لقب المؤسسة لكن ليس من أجل الاستمرار فقط بل ولأنهم يقومون علي مشروع كبير هو المشروع الإسلامي ..
☝🏻 إن القول بالقيام علي مشروع يعني معرفة طبيعة المهمة التي يراد القيام بها ويعني من جهة ثانية اختبار النفس والتلاؤم مع إمكانيات المشروع ومسؤولياته وقد كانت تلك تجربة ( العلماء ) المديدة مع هذه المهمة الشاسعة فقد قامت مؤسسة مفتوحة تستهدي الأمر القرآني من جهة وتتبصر في المهامات او جوانب المهمة والرسالة : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) فاصل المشروع الدعوة الي الخير العام وإذا دخلنا في التفصيل نعرف ان مشروع الخير هذا يقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالمهمة واحدة لكن ( العلماء ) يستطيعون المضي في أحد طرفيها أو الطرفين معا المعروف والمنكر بما يعني أن المعروف هو أداة مشروع الخير ومقصدة وغايته وإذا عرض المنكر فإنه إنما يعرض للإعاقة والتعسير والتعطيل وليس العكس أي أن المعروف ماضي في طريقه لن يستطيع الحيلولة دونه أي اعتبار آخر ومما له دلالته هذا الإطلاق بمعني أن هذه ( الأمة ) الداعية إلى الخير والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر مستمرة باستمرار مهمتها ومهمتها مستمرة باستمرار المشروع ومما له دلالته أيضاً اختيار مفردة ( الأمة ) وليس القلة او الثلة علي سبيل المثال لأن العلماء إنما يقومون لله وللأمة بمهمة الدعوة الجليلة فالتكليف في الأصل للأمة بعامة بالإسلام ودعوته الخيرة وفي الوقت الذي يقوم فيه العلماء بالدعوة إلى الخير بتكليف ونذر للنفس في سبيل الله يمثلون أيضاً الأمة ويقومون في طليعتها لأنهم إنما يؤدون بموافقتها واختيارها مقتضيات مشروع الأمة المتمثل في دينها ودعوتها الخيرة ..
🌟 ونصل إلي المهمات فقد كان الحديث من قبل عن المشروع الكبير ومقتضياته وقد ذكرت الآية الكريمة معالمه الكبرى في أصله وفرعيه وإلي ذلك المشروع نهض أهل العلم أو حملته للقيام بحقه فظهرت عبر التجربة السبل لقيادة المشروع وصونه وقد كانت أولي المهمات الحفظ والصون والحفظ يشمل قراءة القرآن وحفظه وتفسيره وتعليمه والصون يشمل مهمة التعليم تعليم الدين والفقه للأجيال الشابة وهكذا كان حملة العلم دائماً فهم يتعلمون ويعلمون في سلسلة من سلاسل الخير والرشد لا تتناهب ونحن نعلم أن التعليم والفتوي كانتا في طليعة المهمات ثم وجدناهم يتولون القضاء وتظهر بينهم مذاهب ومسارب في التفكير الفقهي والقانوني فكما صاروا عماد النظام التعليمي صاروا أيضاً عماد النظام القضائي والقضاء لا يعني تنظيم العدالة وفض المشكلات بين الناس وحسب بل يعني أيضاً التشريع بالمعنيين الإجمالي والتفصيلي ولذا فبعد أن كان الاجتهاد الفقهي مساوقا للقضاء والتعليم والفتوى صار يعني أيضاً - بسبب التقعيد والتفكير الأصولي والمقاصدي - عملا من أعمال الرؤية العامة للإسلام وشريعته والوظائف والأدوار في هذا العالم والتفكير في غايات التشريع ومقاصده هو الذي وضع ( العدالة ) في هذا الموضع السامي أي فيما وراء فض النزاعات التي تحصل بين الأفراد والجماعات وصولاً لإمكان التفكير في المسالمة والسلام علي مستوي العالم ولسنا نعني هنا أن الفقهاء انفردوا بمباحث المقاصد مثل انفرادهم بالتعليم والفتوى وقراءة القرآن وتفسيره فقد انضم اليهم المتكلمون والفلاسفة وكل من تلك الفئات حاولت أن تكون لديها منظومة شاملة في فهم الدين ومقتضياته وأطواره ..
✨ ومنذ القديم كان هناك تركيز على وحدة العبادة فالمسلمون أرادوا دائماً الصلاة معا والصوم معا والحج معا والسير معا في سبيل الخير وإرادة التوحد هذه لم يقدها دائماً أهل العلم أو حملته ثم مع اتساع الأمصار وانسياح الأمة وظهور وتبلور ثقافة كبري للإسلام كان لا بد أن يتدخل ( حملة العلم ) لحماية وحدة العبادات كما نجحوا في حماية الدين بمعناه العام وصونه من اي انحرافات كما حدث في الأديان السماوية السابقة ...
☝🏻 لقد كانت تلك عجالة في فهم تكون فئة ( حملة العلم ) استناداً إلى التكاليف والمهمات وقد طالت التجربة لأكثر من ألف عام وتبلورت علي النحو الذي عرضنا معالمة الكبيرة وقد انقضت المراحل الكلاسيكية ونحن منذ مائة عام وأكثر في اضطراب علي كل المستويات ولسنا بالطبع في معرض الحديث عن التغيير الاجتماعي والتاريخ وأن يكن الحديث عن العلماء في الأزمنة الحديثة لا يستقل عن التغيرات الحاصلة وما أعنية بالاقتران والمقارنة أن المتغيرات الفكرية والثقافية والاجتماعية اقتضت زوال بعض مهمات الفقهاء والعلماء وبروز أخري ولست أري أن التغيير على جذريته تناول أكثر من ذلك ..
☝🏻 لقد كان هناك من قال : إن تكليف الفقهاء نفسه قد زال أو تزعزع وحجته في ذلك ذات شقين متناقضين هم .
1️⃣ الأول : أن الاندماجيات أنتجت ثقافة أو ثقافات جديدة حتي في الدين ولم يعد بوسع الشيخ أو العالم الإحاطة والاستيعاب والإرشاد ..
2️⃣ الثاني : أن الدين دخل في مجالات لم يكن يدخل فيها من قبل فظهر له رجالاته الذين تصدوا ويتصدون للقيام بالمهامات الجديدة فلم يعد الفقهاء قادرين او صالحين لأداء مهامات التشريع والتعليم والفتوى ..
☝🏻 وهاتان دعوتان متناقضتان كما هو واضح فالحق أن المعطيات تغيرت والمجالات تقاربت لكن المهمات ما تغيرت ولا اختفت فالعالم اليوم محتاج الي التعرف علي مجالات جديدة ومحتاج بعبارة اخري الي زيادة الاحتراف فهناك من يعد الاحتراف سبة باعتباره غير مستحب في الدين كما في السياسة حيث ينبغي أن تغلب اعتبارات الرسالية والمهمة وهذا جيد لهذه الناحية لكن الاحتراف يعني المعرفة والتخصص والتفرغ لاهتمام معين فحتي لو كانت هناك أحاسيس رسالية فإن المعرفة ضرورية للقدرة علي القيام بما تقتضية الرسالة التي يحس بها المرء أو يحملها ولذا فمن الضروري إذا ومن دون تفصيل كثير توافر المعرفة والإيمان بالمهمة بل إن الإيمان بالمهمة هو الذي يدفع باتجاه المعرفة والاحتراف ..
☝🏻 فهناك مهمات قديمة ومهمات جديدة لدي أهل العلم وحملته في الإسلام اليوم وهي النهوض باعباء وحدة العقيدة والعبادة والنهوض بالفتوى والنهوض بالتعليم والنهوض بالارشاد العام وإذا كنا نشكو قبل عدة عقود من إعراض النخب عن الدين فإن هناك شكوى اليوم من الإقبال المبالغ فيه مع الافتقار إلي العنصر الأخلاقي وإلي الدوافع الحسبية والخيرية البارزة وبذلك فإن النهوض بهذه المهمات الأربع يعني عملا يقطع الأنفاس ولا يمكن إلا أن يكون جماعياً أي من ضمن مؤسسات وإذا كان علمائنا الاوائل وسلفنا الصالح يعبرون عن مشقة حمل الرسالة بأنة ( تحمل العلم ) فإن الفتنة والمحنة اليوم في كثرة المعروض وقله الحملة العارفين والملتزمين والذين لا تهولهم الصعاب وبذا لم تتغير المهام بل تغيرت المعطيات الضرورية للقدرة على تحملها ...
⚜️ يتبع باذن الله تعالى ( المدارس والاتجاهات الكلامية والفقهية في الإسلام القديم ) فتابعوني ⚜️
⚜️ #𓂀𓄡𓇋𓂧𓉔 #𓃠𓉔𓇽𓅓 ⚜️
𓄂ᬽ