
30/09/2025
في زمن لم تكن فيه الكهرباء قد دخلت كل بيت، ولا أحد حتى تخيّل وجود آلة تفكر أو تحسب بنفسها، وُلدت فتاة بريطانية عام 1815 من أب شاعر هو لورد بايرون وأم عالمة بالرياضيات. هذه الفتاة، التي ستُعرف لاحقًا باسم آدا لوفلايس، كانت تحمل بداخلها عبقرية فريدة لا تشبه عصرها، بل كانت تنتمي إلى المستقبل.
رغم أنها نشأت في مجتمع يعتبر النساء غير مؤهلات للعلوم، دفعتها والدتها لتعلُّم الرياضيات والمنطق منذ صغرها، وكانت تقول إنها تريد أن "تحمي عقل ابنتها من جنون والدها الأدبي". لكن آدا كانت مختلفة... فقد جمعت بين خيال الشاعر ودقة العالِم، وهو ما جعلها تفكر فيما لم يسبق لأحد أن تجرأ على تخيله.
في العشرينيات من عمرها، تعرّفت آدا على عالِم يُدعى تشارلز باباج، الذي كان يعمل على تصميم آلة ضخمة تُسمى الآلة التحليلية – آلة ميكانيكية تقوم بعمليات حسابية. ورغم أن باباج هو من اخترع الآلة، فإن آدا هي من فهمت إمكانياتها المستقبلية بحق.
آدا لم ترَ في هذه الآلة مجرد آلة حساب... بل تخيلت أنها قادرة على التعامل مع الرموز والموسيقى والصور، إن تم برمجتها بالشكل الصحيح! تخيّل؟ في القرن التاسع عشر، قبل وجود الكهرباء، تتخيل آدا آلة ذكية تعالج المعلومات مثلما تعمل أجهزة الكمبيوتر اليوم.
وفي عام 1843، ترجمت آدا مقالًا عن الآلة التحليلية من الفرنسية إلى الإنجليزية، لكنها لم تكتفِ بالترجمة، بل أضافت ملاحظات وتعليقات تُعد ثورة فكرية بكل معنى الكلمة. كتبت في هذه الملاحظات أول خوارزمية مصممة ليتم تنفيذها على آلة – أي أول برنامج حاسوب في التاريخ.
بمعنى آخر: تشارلز باباج صنع الحاسوب، لكن آدا لوفلايس علّمته كيف يُفكر.
كانت أول من فهم الإمكانيات الحقيقية لآلات الحوسبة، وأول من زرع بذور فكرة "الكمبيوتر متعدد الاستخدامات" — جهاز لا يقتصر على الحساب فقط، بل يعالج الموسيقى، والنصوص، والصور، أي يُفكر كما نفكر نحن.
رغم وفاتها المبكرة بم*رض السرطان وهي في السادسة والثلاثين فقط، فإن إرثها العلمي ظل خالدًا، وتم إحياء اسمها بعد قرن من وفاتها حين سُميت إحدى لغات البرمجة باسمها: لغة Ada.
اليوم، تُعرف آدا لوفلايس بأنها:
أول مبرمجة في التاريخ
أول من وضع الأساس النظري لاختراع الحاسوب
المرأة التي حلمت بمستقبل الحوسبة عندما كان العالم ما يزال يحلم بالبخار والبارود.