05/11/2025
أبويا كان متعود يعلق المفاتيح بتاعته ورا باب البيت على طول كل ما كان بيرجع من الصلاة، لدرجة إني كنت بعرف أبويا في البيت ولا لا من وجود المفاتيح في مكانها، وكان كل وقت صلاة لازم يكون في المسجد لدرجة إني مش فاكرة إن أبويا ضيع صلاته ولو مرة واحدة في المسجد حتى لو كان تعبان وبيموت، ولما كنت بحاول أخليه يصلي في البيت لأي سبب كان بيحكيلي قصة سيدنا موسى والخِضر لما طلعوا الكنز للغلامين والسبب إن أبوهم كان رجل صالح، وإن صلاحه ده لآخرته وكمان ليا أنا وأختي الصغيرة، لأن الرجل الصالح في الغالب ربنا بيحفظ ذريته..
كلامه كان عامل زي البلسم تسمع منه تلاقي دموعك بتنزل في صمت، لدرجة إني كنت بحمد ربنا إن أمي ماتت وربنا عوضني بأب عوضني عن الدنيا كلها، لحد ما من أيام بس بدأ أبويا يحكيلي عن كل مفتاح في سلسلة المفاتيح واللي كانوا 4 مفاتيح، اتنين بتوع البيت وواحد بتاع الأوضة الجوانية والأخير بتاع المقبرة اللي هيتدفن فيها، كلامه خلى قلبي يتقبض..
سألته عن السبب اللي يخليه يقول حاجة زي دي دلوقتي، لقيته بيقول إنه قلقان يوم موته لأني بنت ومش هعرف اتصرف، عشان كدا لازم أكون عارفة كل حاجة، اشترى الكفن وحطه في الدولاب، أداني رقم المُغسل اللي هيجي يغسله ويكفنه ويجيب التابوت، مفاتيح المقبرة هديها لصاحبه (عم أشرف) عشان يدفن فيها، وأداني رقم دكتور الصحة اللي هيجي عشان يطلع شهادة الوفاة، كل ده وأنا مذهولة ومش مستوعبة أيه اللي يخليه يجيب السيرة دي دلوقتي..
حضني يومها حضن طويل ودخل نام وكانت نومته الأخيرة، صحيت يومها على أذان الفجر مخضوضة، أول مرة أصحا على الأذان لأن أبويا كان بيصحيني دايمًا قبله، روحت أصحيه لقيته مبيتحركش، حاولت معاه كتير واتأكدت من جوايا إنه مات، ورغم حجم المصيبة اللي وقعت فيها إلا إني فرشت المصلية وصليت السُنة وبعدها صليت الفجر ودعيت ربنا يصبرني عشان أقدر أتعامل مع الموقف الصعب ده..
بعد صلاة الفجر لقيت الباب بيخبط، الناس في الجامع بيسألوا عليه وليه مجاش الصلاة انهاردة، ودخلوا عليه وشوفت الألم والحزن على كل الوجوه، وفي ظرف نص ساعة كان أهل الشارع كلهم قدام بيتنا، وكل واحد كان بيعمل حاجة عشان جنازة (الحاج نوح) أبويا رحمة الله عليه، وعلى بعض الضهر وقبل طلوع الجنازة سلمت المفاتيح لعم أشرف صاحب أبويا وقالي إنه عارف المقبرة وهيدفنه وطمني بكلامه للنهاية..
وطلعت الجنازة من الجامع اللي قدام البيت وطلع وراها أهل البلد كلهم، يمكن كانت أكبر جنازة طلعت من سنين طويلة رغم إنها مكنتش يوم أجازة، واتدفن أبويا ورجع الناس لبيوتهم من تاني، وجالي عم أشرف سلمني المفاتيح وواساني بكلمتين وقالي لو احتجت حاجة لازم أكلمه وشكرته وقفلت الباب..
قولت إني مش هستقبل حد، العزاء بدعة وأنا مش هعمل بدعة في والدي الراجل الصالح، وكمان أنا فعلًا مش قادرة أستقبل أي حد، ونمت يومها نوم طويل أوي، وصحيت في نص الليل عشان ألحق صلاة القيام والفجر لأني مكنتش صليت ولا المغرب ولا العشاء كمان..
وبعد صلاة الفجر والدعاء والبكاء سمعت صوت حركة المفاتيح المتعلقة ورا الباب، كان صوتها ضعيف أوي بس سمعته لأن المكان كان صامت تمامًا، قمت من مكاني وروحت ناحيتها، بصيت للمفاتيح وبدأت أحس بإحساس غريب أوي، قلبي بيدق بعنف كل ما ببص للمفاتيح، وكأني شايفة حاجة لا يتحملها إنسان، أصرف نظري عنها دقات قلبي تهدى تمامًا، أرجع أبص للمفاتيح من تاني قلبي يدق بعنف شديد، لدرجة إني كنت هقع مكاني من الإجهاد والخوف..
رجعت لسريري ونمت، وأول ما نمت لقيت نفسي قدام قبر أبويا وهو واقف في صمت تام هناك، بنفس الطيبة والبراءة اللي جواه، بس الاختلاف الوحيد كانت عنيه، كان فيها حزن وقلق ولقيته بيبص ناحيتي وبيقول:
ـ المفتاح... المفتاح في إيد مين؟؟
وقمت من النوم على نفس صوت المفاتيح وحركتها، رجعت أبص عليها من تاني، قلبي لسة بيدق وكأني مش متحملة أشوف منظرها أبدًا، وكأني ببص لحاجة من عالم تاني، عالم مينفعش العين البشرية تلمح أي حاجة منه، لحد ما لمست المفاتيح ومسكتهم في إيدي، وكانت المفاجأة المرعبة واللي عايز باقي القصه يعمل تم وتعليق وهيلاقي باقي القصه في اول تعليق كامله..👇👇👇👇👇