
30/04/2025
دخلت عليهم، فعدلت الأخرىُ ثيابها، فقال:
= أنتِ يا غبية، يا حيوانة، إزاي تدخلي من غير ما تخبطي؟
عطر: لا، أنا خبطت والله و...
دفعتها ميرنا ليختل توازنها ويسقط فنجان القهوة في الأرض، ولكن محتواه قد تناثر عليهن.
ميرنا: أما أنتِ غبية بشكل!
عطر: حضرتك اللي زقتيني.
ميرنا وهي ترفع يدها لتصفع عطر: وبتردي عليا ياااا...
توقفت عن الكلام عندما لوت لها عطر يدها وهي تنظر لها بتحدي.
بحر: كفااايا، إيه الهبل اللي بيحصل هنا ده؟
تركت عطر يد ميرنا وتراجعت للخلف خطوة.
بحر: أنا ساكت من الصبح وأقول ممكن تعتذر عن تصرفها، بس الآنسة بتزيد.
ميرنا وهي تلتف لتقف خلفه وتحتضن يده: لازم تطردها يا بيبي، دي كسرت إيدي.
عطر: والله حضرتك، أنا أصلاً ما خدتش فرصة عشان أعتذر، المدام دخلت تهزيق على طول.
بحر: اعتذري.
عطر: بس أناااا...
بحر: كلامي واضح، اعتذري حالاً.
ضغطت عطر على يدها بقوة وجاهدت كي تحافظ على ثباتها، حتى ولو كان ظاهرياً.
عطر: أنا آسفة يا مدام.
حرك بحر رأسه برضاء ونظر إلى ميرنا.
ميرنا: تؤ، مش كفاية، هي لازم تنظفلي هدومي وجزمتي، مش هي اللي بهدلتهم؟
نظر بحر لعطر وكأنه يأمرها بشيء طبيعي.
عطر: طبعاً يا مدام، ثانية واحدة.
وبعد ثوانٍ معدودة عادت عطر وبيدها زجاجة ماء والأخرى بها شيء ما.
ابتسمت بشر وهي تقترب من ميرنا التي تقف بغرور.
عطر: تحبي أبدأ بهدومك ولا الجزمة؟
آه، عرفت أبدأ بإيه!
ورفعت الزجاجة وأفرغتها بالكامل فوق رأسها، وقبل أن تتكلم ألقت عليها البن الذي كانت تحمله بيدها الأخرى، لتصبح باللون البني.
وقفت ميرنا مصدومة وفارغة الفم.
توجهت عطر إلى بحر، الذي كان لا يقل صدمة عن ميرنا، وهي تنفض يدها.
بحر بصوت مرتفع اجتمع على أثره الموظفون: إيه اللي انتي عملتيه ده يا مجنونة؟ أنتي مش عارفة أنا هعمل فيكي إيه؟
عطر: ولا حاجة، لأني مستقيلة.
ثم قالت وهي تعدل حقيبتها وحجابها: مش أنا اللي أشتغل عند واحد بتمشيه ست.
سلااام!
وقف وهو يضم يده لبعضها بغضب، ثم طالع الواقفين، وما كاد أن ينطق حتى فروا جميعاً.
ميرنا: شوفت يا حبيبي عملت فيا إيه؟
انت لازم توريها قيمتها.
بحر: روحي دلوقتي يا ميرنا وأنا هتصرف.
ميرنا: أيوه، هتتصرف إزاي يعني؟
بحر بحدة: قولتلك روحي يلااااا!
ضربت قدمها بالأرض بغضب، ثم توجهت للخارج تحت أنظار العاملين الذين يجاهدون لكتمان الضحك.
بحر: إنت يا زفت، يا اللي اسمك سامي!
سامي: أيوة يا ريس.
بحر: مين البنت اللي كانت هنا دي؟
سامي وهو يضحك مؤخرًا رأسه: دي مدام ميرنا، مرات حضرتك.
مسح بحر وجهه بغضب: وأنا مستني حمار زيك يعرفني على مراتي؟
بتكلم عن الموظفة!
سامي: آه، دي بنت لسه متوظفة من يومين واستقالت النهارده، اسمها عطر.
بحر: حلو قوي، اسمعني بقى وحاول تفهم من أول مرة، لأني مش ناقص غبائك.
إنت تمشي ورا البت دي وتجيبلي كل صغيرة وكبيرة عنها، فهمت حاجة؟
سامي: عيب يا كبير.
بحر: والله ما أنت فاهم حاجة، اختفي من قدامي!
وبالفعل خرج سامي مسرعاً.
وجلس بحر وهو يضع يده على المكتب بغضب.
ماشي يا حلوة، أنا هوريكي إزاي تتكلمي معايا كده.
أما على الجانب الآخر، كانت بطلتنا تسير بفخر وفرحة، فهي قد أخذت حقها منها.
وماذا إذا كان هذا العمل الوحيد الذي عثرت عليه بعد أسابيع من العناء؟
وهو مصدر رزقها الوحيد؟
كل هذا يهون مقابل عزة النفس.
هزت رأسها بنعم وكأنها تصدق على كلامها مع نفسها.
وما أن دخلت إلى الحارة حتى سمعت أصوات عالية وتجمعات.
أغمضت عينيها وهي تتمنى أن يكون ما تتوقعه خطأ، وأن يكون هذا التجمع بعيداً عن بيتها.
ولكنها صدمت حين وجدت جيرانها يحملون أمها.
ركضت بأقصى سرعتها إلى أمها وهي تهتف باسمها.
عطر: مااامااا مالها؟ حد يقولي مالها؟
أحد الجيران: اهدى يا بنتي، دي غيبوبة سكر، هتعدي على خير بإذن الله.
عطر وهي تصعد لسيارة الإسعاف مع أمها: يا رب عديها على خير، يا رب، مليش غيرها في الدنيا، هي اللي فضلالي.
واستمرت في ترديد هذا الكلام حتى وصلت للمشفى وخرج الطبيب.
عطر: ها يا دكتور، طمّني.
الدكتور: خير، مفيش داعي للقلق، هي بس محتاجة شوية اهتمام وأدوية.
صحيح غالية شوية، بس ده الحل الوحيد، وإلا لازم تدخل جراحي، وساعتها مش هتقدري تتحملي التكلفة.
عطر: حاضر، هوفر الفلوس بإذن الله، عن إذنك.
خرجت عطر من المشفى تجهل وجهتها، فلمن تلجأ وهي وحيدة؟
ليس لها سوى تلك التي ترقد في المشفى لا حول لها ولا قوة.
ترددت إلى أكثر من شركة وهي بنفس ذلك الشرود، تبحث عن أي وظيفة.
ولكن بمجرد أن يعلموا أنها كانت تعمل في شركة بحر، كانت تلقى الرفض القاطع.
استمرت على ذلك الحال ثلاثة أيام، أنفقت خلالهم كل ما لديها من أموال، بل واقترضت من بعض الجيران.
أفاقت من شرودها على صوت هاتفها.
عطر: ألو؟
مني: ألو، إزيك يا عطر؟
عطر: بخير الحمد لله، مين؟
مني: أنا مني يا عطر، زميلتك في الشغل، فاكراني؟
عطر: لا، مش فاكرَاكي للأسف.
مني: كده يا عطر؟ لحقتي نسيتي؟ ده أنا اللي عرفتك الشغل أول ما بدأتي، ومكنتيش بتقعدي مع حد غيري.
عطر: آه، افتكرتك، معلش يا مني، عاملة إيه؟
مني: أنا تمام والله، المهم، انتي مش بتيجي الشركة بقالك ثلاث أيام ليه؟ كده غلط، ممكن المرتب ينزل للنص.
عطر: شركة إيه؟ ما أنا استقلت.
مني: لا، ماهو مستر بحر ما قبلش الاستقالة، وانتي ماضية عقد، لازم ترجعي.
عطر: أنا مش فاهمة حاجة، بس أنا فعلاً محتاجة شغل.
مني: خلاص، ارجعي، ولو حد قالك حاجة اعتذري وخلاص، الشغل مش بالساهل اليومين دول يا عطر.
عطر: عندك حق، أنا هاجي بكرة بإذن الله.
مني: ماشي يا حبيبتي، سلام.
عطر: سلام.
نظرت مني إلى بحر الذي ابتسم بمكر.
مني: لا جدعة يا بت، ده أنا نفسي صدقت إنك شغالة في الشركة.
أطلقت مني ضحكة رنانة: أمال إيه، طب ده أنا أصلاً سيدة أعمال، بس الدنيا جت عليا.
بحر: يا عيني على الحلو لما تبهدله الأيام.
قومي ياختي، قومي حضريلي الفطار.
مني: من عيني بس كده.
نظر بحر للهاتف: أهلاً بيكي في جحيمي يا .....يتبع
باقي الرواية كاملة داخل اللينك بالتعليقات ⬇️⬇️