
05/06/2025
ما كُتب بال.دم… لا يُمحى بالفيتو
غ.زة… المدينة التي حفظها العالم بدموعها لا بحدودها، وبأنّاتها لا بصخبها، تقف مجددًا على شفا الإبادة، بينما العالم يصفّق لجريمة مكتملة الأركان تُرتكب تحت سمعه وبصره.. مئات الشهداء، آلاف الجرحى، والمشاهد تكرّر ذاتها: منازل تُهدم على رؤوس ساكنيها، مستشفيات تئنّ، وأجسادٌ صغيرة تُحمل ملفوفة بالكفن الأبيض… ثم يأتي مجلس الأمن، ويُجهز على ما تبقّى من العدالة برفع يدٍ أمريكية واحدة.
اليوم استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" لإسقاط مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غ.زة، قرار لا يحمل سلاحًا، ولا يدعو لعقاب، فقط يطالب بوقف القتل، ومع ذلك، أسقطته واشنطن، لتؤكد من جديد أن ال.دم الفلس.طيني في عرفها أرخص من أن يُؤبه له، وأن الدعم الأمريكي لإسرائيل ليس سياسةً، بل عقيدة.
حق الفيتو... رخصة دولية للإفلات من العقاب
في ظل تكرار استخدام واشنطن للفيتو ضد أي تحرّك أممي يدين إس.رائيل، لم يعد من المقبول اعتبار مجلس الأمن هيئة لحفظ السلم، بل بات منصة دولية لتبييض الج.رائم وتكريس الكيل بمكيالين، الفيتو الأمريكي تحوّل إلى سلاح سياسي يُستخدم لا للدفاع عن الشرعية الدولية، بل لحماية الق.تلة.
تريليونات بلا مقابل
الصفعة الكبرى لم تأتِ من نيويورك وحدها، بل من صمت العواصم العربية، وتحديدًا الخليجية، التي اكتفت بالصمت، دون احتجاج، دون حتى بيان رمزي.
هل نذكّر أن واشنطن نفسها، التي تبرّعت بإسقاط القرار، سبق أن امتصّت من دول الخليج ما يفوق خمسة تريليونات دولار في شكل صفقات وتسويات وتحالفات؟
هل تبرّعت تلك العواصم بنصف بيان سياسي، كما تبرّعت بمليارات الدولارات؟ أين غزة من الاتفاقات؟ أين حق الفلس.طينيين في الحياة ؟
العلاقات الدولية مصالح، نعم، لكن حين تصمت الدول عن ذبح الشعوب، فإن الصمت يتحوّل إلى شراكة.
أنظمة الخليج اليوم والأنظمه العربية التي تسير خلف الولايات المتحدة أمام اختبار أخلاقي وتاريخي، فإما أن تتخلّى عن وهم الحماية الأمريكية، وإما أن تتحمّل عار التواطؤ مع الجريمة.
غ.زة لا تنتظر من أحد منّة، بل تنتظر ضميرًا يصحو.
وإن كان العالم قد اعتاد موتها، فإن الشعوب لم تعتد صمت من يُفترض أنهم إخوتها.
من يملك المال ولا يملك الموقف، لا يملك الحق في الحديث عن الشرف أو السيادة.
غ.زة ستبقى.
وما كُتب بالدم… لا يُمحى بالفيتو.
بقلم- عمرو عطا الله