03/10/2025
يافرخة ماتمت ..
كعادتها، وفي صباح يوم الجمعة، طلبت مني زوجتي أن أحضر دجاجة لطهوها على الغداء.
أعطتني المال، وانطلقت في طريقي إلى بائع الدجاج. وصلت إلى "عم كرم"، بائع الدجاج في منطقتنا، وألقيت عليه السلام:
– السلام عليكم يا عم كرم، نريد دجاجة كالعادة.
– وعليكم السلام يا أستاذ محمد، من عينيّ حاضر.
وزن الدجاجة، ثم أخبرني بثمنها، فأعطيته المبلغ.
كنت قد أحضرت معي حقيبة لأضع فيها الدجاجة، إذ اضطررت لأخذها حيّة بسبب عطل في ماكينة تنظيف الدجاج.
وضعتها في الحقيبة، لكنها ظلت طوال الطريق تُخرج رأسها وتُطلق صياحها في الهواء!
فقلت لها غاضبًا:
– أما تهدئين قليلاً؟! هل تريدين لفت انتباه الناس كلهم؟
وصلت إلى المنزل بحمد الله، وألقيت السلام على زوجتي، مشيرًا إلى الدجاجة:
– أين أضعها؟
قالت:
– ضعها في المطبخ، هناك قطعة بلاستيك على الأرض، ضعها فوقها، وسأذبحها وأنظفها بعد قليل.
مرت لحظات، ثم انتهت زوجتي من عملها ونادت عليّ:
– محمد! أين الدجاجة؟ ألم أقل لك أن تضعها هنا؟!
قلت:
– بلى، لقد وضعتها في المكان تمامًا!
ذهبتُ لأتأكد، فلم أجدها!
أين اختفت هذه "اللعينة"؟
بدأت أبحث عنها مع ابنتي الكبرى في أرجاء الشقة، حتى وجدناها تحت سرير غرفة الأطفال!
قلت وأنا أزحف تحت السرير:
– أيتها الماكرة...!
وأشرت لابنتي أن تقف عند باب الغرفة حتى لا تهرب.
لكنها، بسرعة خاطفة، خرجت من تحت السرير، تخطّت قدم ابنتي، واندفعت نحو باب الشقة، ثم صعدت السلم متجهة إلى السطح!
– إلى أين تذهبين يا مجنونة؟!
صعدت السلم خلفها، فوجدتها واقفة على حافة السور!
قلت لها محاولًا التفاهم:
– اهدئي بالله عليكِ، ألن ترمي نفسك؟! هذه آخر 400 جنيه كانت معي! وإن قفزتِ، ستموتين!
وما إن أنهيت كلامي، حتى قفزت!
– انتحرت المجنونة! ضاعوا... الـ400 جنيه!
نظرت من فوق، لأجدها لا تزال حيّة، تتنقل بخفة بين شرفات الجيران، حتى وصلت إلى أرض الشارع!
رأيت مجموعة من الأولاد يلعبون الكرة، فصرخت:
– أمسكوا الدجاجة يا أولاد!
لكنها تفادتهم بمهارة، واتجهت نحو الرصيف في نهاية الشارع، حيث توجد ترعة صغيرة.
أسرعت بالنزول، وركضت نحو الرصيف، فوجدتها واقفة على حافته.
قلت لها:
– لقد قفزتِ من فوق السور وربك سلّم، فكيف ستعبرين الرصيف؟ هناك سيارات تمر بسرعة!
لكنها لم تتردد، وانطلقت كالسهم نحو حافة الترعة.
فقلت لها محذرًا:
– وحتى إن عبرتِ، إلى أين ستذهبين؟ هذه مياه، ولستِ بطة كي تسبحين!
فأطلقت صياحًا عاليًا، ثم قفزت داخل الترعة!
– مجنونة!!
اقتربت من الحافة، أنظر داخل الماء، لأجدها تقف على لوح خشبي عائم، يسير بها مع التيار، بينما تطلق صياحًا متتالياً وكأنها تقول لي:
– لقد هربتُ منك، أيها الأحمق!
عدتُ إلى المنزل حزينًا، نادمًا على الدجاجة، وعلى الـ400 جنيه، مرددًا في نفسي:
– يا لكِ من لعينة!