
30/08/2025
في الدور الرابع من عمارة قديمة تطل على النيل في المنيل كانت سمية تعيش حياة هادئة جداً…
أهدأ مما يجب.
سيدة ثلاثينية جميلة بطريقة لا تزعج أحداً تحب الشاي بالنعناع ترتب بيتها كل صباح كأنه لوحة فنية وتغلق نوافذها في التوقيت نفسه كل يوم قبل أن يهبط الليل مباشرة.زوجها شريف مهندس ميكانيكا لا يبتسم كثيراً ينزل في الثامنة يعود في السابعة ويدخل غرفته قبل أن تتكلم هي…
منذ ثلاث سنوات تحديداً كل شيء بدا طبيعياً.البيت مرتب الهدوء يلف الجدران والجيران يشيرون إلى شقتها ويقولون: الناس دي عايشين حياة راقية… من غير صوت ولا مشاكل.
لكن في صباح يوم الأحد فتح البواب باب العمارة على صوت صراخ من شقة شريف…
وبعد أقل من ساعة كانت الشرطة هناك.
شريف… ميت.
مشنوق في المطبخ بحزام جلد بني.
والأغرب؟
أن ملامحه كانت هادئة جداً…
كأنه لم يقتل ولم ينتحر بل نام في مكان خاطئ.
زوجته سمية كانت أول من أبلغ.
قالت إنها استيقظت على صوت الكرسي وهو يسقط وأنها كانت تظن أنه أعد الشاي لنفسه قبل أن يذهب للعمل.
قالت هذا وهي تمسك فنجانها وترتدي بيجامة حريرية بلون رمادي باهت.
ضابط المباحث بدأ يشك.
لم يكن في الجثة علامات مقاومة.
لكن شيئ آخر لفت نظره…
علبة دواء ضغط ممتلئة تمامًا.
وهي من المفترض أن تكون قد انتهت قبل يومين.فتّشوا الأدراج.
وجدوا كراسة صغيرة مخبأة خلف رف الكتب.
كتب في أول صفحة:الموت قرار طويل لا يحدث فجأة.
وفي الصفحات التالية…
تفاصيل.
أرقام.
تواريخ.
تحليل دقيق لكل وجبة أكلها شريف في الأشهر الماضية.
وملاحظة ثابتة تتكرر:جرعة الملح زادت.
أرسل الطبيب الشرعي تقريراً عاجلاً:شريف كان في حالة ضعف بدني شديد نقص في جرعات العلاج ارتفاع ملوحة الدم وآثار مهدئات في الكبد.
لكن الشرطة لم تجد أي زجاجة مهدئات في البيت.
عدا واحدة…
كانت موضوعه خلف أصيص زرع فارغة
🚪 عندما واجهها الضابط بكل ما لديه،
سألها بهدوء:كنتِ بتخططي ده من إمتى؟
أجابت سمية دون أن ترفع عينيها:
بالطبع… إليك القصة كاملة مكتوبة بأسلوب سرد داخلي على لسان سمية بحيث تتحول من رواية بضمير الغائب إلى اعتراف حميم وبارد… كما لو كانت تُخبرك بها بنفسها:أنا سمية… ودي حكايتي.
لقيت صورة قسيمة جوازه في مجلد صور محذوفة.كان شكلها باين إنها قديمة… تاريخها بيرجع لتلات سنين.
تلات سنين كنت فيهـم بعيش مع راجل كنت فاكرة إنه ليا لوحدي وكنت بستحمل فيه كل حاجة وهو في الحقيقة كان بيقسّم حضنه ما بيني وما بين واحدة تانية… وأنا آخر من يعلم.
في اللحظة دي… ما صرختش.
ما بكيتش.
ما كسرتش حاجة.
بس… ابتسمت.
آه… ابتسمت.
مش ابتسامة غيظ… ولا جنون.
ابتسامة كانت طالعة من حتة جوايا… ما كنتش أعرف إنها موجودة.
ما واجهتوش.
ما سألتوش “ليه؟”
رجعت الأوضة… قفلت الباب… وبدأت أخطط.
أول حاجة عملتها بطلت أدي له الحبوب المهدية اللي كان بياخدها من ساعة اكتئابه الأخير.كنت عارفة إن جسمه هيرتج بعد كام يوم هيعرق هيتعب هينام كتير وما يرتاحش.
وبعدين بدأت أغيرله في أكله.
أبدل نوع بنوع… أزود حاجة تنفخ معدته حاجة تخلي مناعته أضعف.
كنت بقرا زمان في كتاب اسمه “القتل الصامت”.كان كتاب مرعب… بس علمّني.
كنت بجهزله عشاه بإيدي.
وأنا اللي ضايفة في الأكل قطرات من مركب عشبي جبته من عند عطار عجوز… ما بيبيعش الحاجات دي إلا للي يعرف يطلبها.
شوية شوية… شريف بدأ يضعف.
بقى دايمًا تعبان… بيرجع… مش قادر يركز… شكله كأن عمره بيخلص من تحت جلده.
وشعره؟
كان بيتساقط… خصلة ورا التانية.
راح لدكاترة كتير.
تحليل ورا تحليل.
ما حدش عارف السبب.
وكنت أنا… قاعدة جنبه.
ما بسيبش إيده.
أمسح على وشه وأقول له:
“يمكن محتاج ترتاح… بس راحة حقيقية.”
ولما جسمه بقى هشّ… كأنه ورقة نشفها المطر…قررت أوجه الضربة الأخيرة.
جبت له دوى جديد من واحدة صاحبتي في الخارج.قلت له إنه طبيعي ومفيد… وإنه هيرجع له العافية.وهو… صدقني.كالعادة.خد الجرعة.
وفي ليلة الحد… وهو بيكتب على الموبايل…وقع الموبايل من إيده.
ووقع هو… للأبد.
بس…
الشرطة ما اقتنعتش إن الوفاة طبيعية.الجيران قالوا إنهم سمعوا صرخة.الخدامة لقت فنجان القهوة ما اتشربش.
والتحاليل؟
قالت إن في جهازه الهضمي مادة ما بتتباعش في صيدلية.
ولما واجهوني…
ما أنكرتش.
ولا دمعة نزلت.
بس…
ابتسمت نفس الابتسامة.
وبكل هدوء، قلت للمحقق:
“هو خاني بجواز…
وأنا خنته مع رجل تاني.
بس أنا…
أنا بس قررت أقتله بالبطء علشان يحس بالعجز اللي حسيته…
وأنا باكتشف إن عمري كان كذبة.”
#جرائم
#المولدالنبوي
#مولدالنبي