25/04/2025
الآية الكريمة *"لنبلوهم أيهم أحسن عملاً"* تشير إلى أن
الله سبحانه وتعالى يختبر عباده بهذه الزينة ليُميز من يتعامل مع الدنيا كوسيلة لتحقيق رضا الله، ومن يغتر بها ويجعلها غايته. كما أن هذه الزينة ستزول يومًا ما، مما يذكر الإنسان بحقيقة الدنيا الفانية ويدفعه للعمل للآخرة.
*لنبلوهم أيهم أحسن عملاً *
أي : اخلصه و أصوبه ، و مع ذلك سيجعل الله جميع هذه المزكورات ( مآكل لذيذة و مشارب و مساكن طيبة و أشجار ..... إلخ ) فانية مضمحلة ، و زائلة منقضية ، و ستعود الأرض صعيداً جرزاً قد ذهبت لذاتها ، و انقطعت أنهارها ، و اندرست آثارها ، و زال نعيمها ، هذه حقيقة الدنيا ، قد جلاها الله لنا كأنها رأيُ عين ، و حذزنا من الاغترار بها ، و رغبنا في دار يدوم نعيمها ، و يسعد مقيمها ، كل ذلك رحمة بنا ، فاغتر بزخرف الدنيا و زينتها من نظر إلي ظاهر الدنيا ، دون باطنها ، فصحبوا الدنيا صحبة البهائم ، و تمتعوا بها تمتع السوائم ، لا ينظرون في حق ربهم ، و لا يهتمون لمعرفته ، بل همهم تناول الشهوات ، من أي وجه حصلت ، و علي أي حالة اتفقت ، فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت قلق لخراب ذاته و فوات لذاته ، لا لما قدمت يداه من التفريط و السيئات و أما من نظر إلي باطن الدنيا و علم المقصود منها و منه فإنه تناول منها ما يستعين به علي ما خلق له و انتهز الفرصة في عمره الشريف فجعل الدنيا منزل عبور لا محل حبور و شُقَّةَ سفر لا منزل إقامة فبذل جهده في معرفة ربه و تنفيذ أوامره و إحسان العمل ، فهذا بأحسن المنازل عند الله و هو حقيق منه بكل كرامة و نعيم و سرور و تكريم فنظر إلي باطن الدنيا حين نظر المغتر إلي ظاهرها و عمل لآخرته حين عمل البطال لدنياه فشتان ما بين الفريقين ، و ما أبعد الفرق بين الطائفتين !!