08/11/2025
لماذا سبب ظهور حزام أوريون أثناء افتتاح المتحف كل هذا الازعاج ؟
أثناء افتتاح المتحف المصري الكبير، ظهرت مجموعة أوريون في العرض فوق الأهرامات، وده سبب ازعاج شديد للبعض، وخرج الموضوع من المناقشة الهادية إلى الشخصنة والاتهامات، فايه سبب كل ده ؟
نحكي القصة سريعا من الأول
روبرت بوفال كان مهندس إنشاءات من أصل بلجيكي اتولد في الإسكندرية، وبعدها سافر لندن واشتغل هناك، وحقق نجاح كبير في شغله. في سنة 1983 زار مصر، ودخل المتحف المصري، وهناك شاف لوحة كبيرة بتعرض الأهرامات من منظور مرتفع.
وقف قدامها وقت طويل، وبدأ يلاحظ شوية حاجات غريبة محدش فكر فيها قبل كده.
🔴 أول حاجة لفتت نظره إن الأهرامات الكبيرة تلاته فقط. سأل نفسه: ليه تلاتة؟ ليه مش أربعة أو اتنين؟
الرد المعروف إنهم تلاتة لأنهم مقابر لملوك الأسرة الرابعة: خوفو، خفرع، ومنكاورع.
لكن بوفال فكر أبعد: طيب منكاورع كان له ابن بعده اسمه شبسكاف، فليه ما بناش هرم رابع جنبهم؟
🔴 تاني ملاحظة كانت إن هرم منكاورع صغير جدًا جنب الهرمين التانيين.
المراجع الأثرية بتقول أن السبب هو تجنب التكاليف الباهظة لبناء هرم كبير، فبنى هرم صغير ..لكن الهرم الثالث أساسا مكسي بالجرانيت، فده في حد ذاته تكلفة كبيرة ..
🔴 أما الملاحظة التالتة فكانت أهم واحدة: هرم منكاورع مش على نفس الخط مع الهرمين التانيين، مايل شوية ناحية الجنوب.
بوفال كمهندس مدني شايف إن الناس اللي بنت الأهرامات ما ينفعش تغلط غلطة هندسية زي دي، أكيد في سبب محدد ورا التصميم ده.
بدأ يشوف إن الأهرامات اتصممت كلها في نفس الوقت كجزء من خطة واحدة، مش إن كل ملك بنى هرمه بشكل مستقل.
اللغز ده فضّل في دماغه سنين.
وفي مرة كان بيشتغل في مشروع في السعودية، وخرج في ليلة صافية يتفرج على السماء مع صديقه، فأشار صديقه على مجموعة نجوم اسمها أوريون، وقال له: شايف؟ التلات نجوم دول مش على خط واحد، التالت مايل شوية.
بوفال ساعتها اتصدم، لأنه شاف النجوم على شكل نسق الأهرامات!
النجوم التلاتة شبه الأهرامات التلاتة، حتى الميل هو نفسه.
ومن اللحظة دي، بدأ يكوّن فكرته: إن الأهرامات اتبنت على نفس نسق حزام أوريون في السماء، وبدأ يشتغل على الفرضية دي.
في ناس معتقدة أن "بوفال بعد ما رجع قال حفبرك كتاب عن الموضوع ده، علشان أكسب منه والدنيا تبقى تمام !
الحقيقة ان صدور الكتاب سيكون بعد 11 سنة من البحث في مسألة التطابق ده، وتُوجت بصدور كتاب "لغز حزام أوريون". واللي صعد لأعلى الكتب مبيعا في إنجلترا وقتها، وقدم فكرة بسيطة لكنها صادمة:
إن مواقع الأهرامات الثلاثة في الجيزة مصممة بعناية وتمثل نجوم حزام أوريون الثلاثة: النطاق، النيلام، والمنطقة. وأن أحجامها بتتبع لمعان النجوم الظاهري .. و نهر النيل هو انعكاس أرضي لمجرة درب التبانة، كأنه نيل سماوي على الأرض.
وده يفسر أحجام الأهرامات، ونسقها، ويفسر نقاط لم تفسرها أي نظرية قبله، هو تصاغر الهرم الثالث مقارنة بجاريه العملاقين، وتفسر إنحرافه أيضا.
وعلى عكس التصور المغلوط أنها غير مدعومة لا من الأثريين ولا الفلكيين، بالعكس في أثريين وفلكيين كتير دعموها ..
زي أستاذ الأثار المصرية "إدواردز اللي كان مسؤول عن القسم المصري في المتحف البريطاني،كتب لبوفال سنة 1984 وقال له: "ملاحظاتك الفلكية مثيرة جدًا، أعتقد إنك قدمت فكرة مقنعة."
وذكرتها الأثرية د. إيناس الشافعي في رسالة الدكتوراه بتاعتها عن هرم أوناس بسقارة – أثار جامعة طنطا، عام 2024،
ود. خلود الجمال في رسالة الدكتوراة بتاعتها عن مجموعة ساح (اوريون)– آثار جامعة الفيوم، سنة 2021.
وبحث نُشر على يد الفلكي فينشنزو سنة 2011 في تأكيده للتطابق ..
وفيه رسايل اُخرى كتير لا يتسع المجال لذكرها ..
طبيعي أن الإجماع حييجي فقط لما تدرس في الجامعة، لكن ده لا يتعارض من كونها صحيحة حتى لو تعترف المدرسة الكلاسيكية بالكامل بها ..
🔴طيب، هل كانت الدولة القديمة تعرف حزام أوريون من الأساس ؟ .. الإجابة نعم.. ومذكور في متون الأهرام .. أي أنه في لغويا علاقة بين الأثنين .. الأهرامات ونجوم أوريون ودي بعض النصوص:
"أيها الملك، أنت النجم العظيم الملتحق بأوريون" - 882
"ها قد جاء الملك مثل أوريون، ها قد جاء أوزير مثل أوريون" – 820
"أيها الملك، فلتعش شابًا بجانب والدك أوزير، بجانب أوريون في السماء" - 2180
🔴 لكن، ليه حزام أوريون عامل كل الدوشة دي، رغم إن فيه ظواهر فلكية تانية مشابهة ..؟
مثل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في أبو سمبل اللي كشفته البريطانية "اميليا إدواردز" سنة 1874، وبيحصل مرتين كل سنة في 22 فبراير و22 أكتوبر، وبييجي ناس بالآلاف يشهدوا التعامد
ومثل "تعامد الشمس في معبد الكرنك" يوم 21 ديسمبر على قدس الأقداس، وبيجي آلاف الناس عشان يشوفوه.
كل دا عادي، الناس بتنبهر وتفرح.
لكن أول ما يتقال "الأهرامات وحزام أوريون"، تقوم الزوبعة!
ناس كتير من علماء المصريات شنّوا على بوفال هجوم عنيف، وقالوا المصطلحات المكررة المعروفة .. إنه مش متخصص، وإنه بيجري ورا الشهرة وبيصنع الفانتازيا .. وفي مجموعة بتعتبر نفسها شرطة علم المصريات .. ودول للأسف ما بيقروش اُي كتب قبل ما بيهاجموها .. شعارهم الهجوم أولا ..وبعضهم بالفعل اعترف في لقاءات إنه ما قرأش الكتاب أصلًا “عشان ما يضيعش وقته”!
مفيش أسهل من اننا امسك أي حاجه في الدنيا وافضل أقول عليها خرافات من غير ما أقراها
لكن، ايه سبب الرفض من مُعظم أساتذة الآثار ؟
أولا أن المعروف ان علماء المصريات متفقون على ان الأهرامات هي جزء من عقيدة دينية تتصل بالشمس، أضلع الأهرامات تمثل أشعة الشمس. والأهرامات أشبه بمنصات إقلاع ترشد الملك في طريقه الى الشمس للالتحاق بـ “رع”. كما أن الأهرامات مبنية غرب وادي النيل، يعني جهة غروب الشمس رمز الموت.. إذا فكل شيء يوحي بارتباط الأهرامات وطقوسها بالشمس.. لكن نظرية بوفال بتثبت ارتباط الأهرامات بالنجوم وأن بناة الأهرامات أصحاب عقيدة نجمية لا شمسية. وده حيضعف من ارتباط الأهرامات بالأسرة الرابعة المرتبطين جدا بالشمس في ألقابهم
وثانيا ستُقدم أن الأهرامات خُطط لها كمشروع واحد ضخم، سيستدعي هذا إعادة النظر في تسلسلتها ووظيفتها وآلاف المراجع والنشرات والوثائق والتسجيلات والأبحاث حيتم إعادة النظر فيها
وده اللي سبب صدمة للبعض بظهور أوريون فوق الأهرامات في افتتاح المتحف المصري ...
وكأن نظرية بوفال التي ظلت مرفوضة طيلة 30 عاما .. تُعلن عن وجودها
#منقول