23/06/2024
مقال أعجبني
خاض كثير من الناس في حق من حج بلا تصريح، والحقيقة أن الحجاج بغير تصريح نوعان :
نوع كان يعلم أنه لا يقدم له خدمات، وأنه ربما يطارد، وربما يسجن... ومع هذا كله حداه الشوق إلى بيت الله، وهو يملك الزاد والراحلة، وبقي أمن الطريق، وهو قد اشترط في إحرامه.
هذا النوع إذا تم حجه فحجه صحيح، ولا يجوز لومه وتقطيمه وهمزه ولمزه، بل الواجب أن تعينه إن مرض، وتحمله إن فقد ما يُحمل عليه.
ولا علاقة لهم بما حصل من موت أو غيره، فهم لم يتدافعوا مع أحد، ولا أخذوا مواصلات أحد، ولا أكلوا وشربوا طعام غيرهم، بل كان الناس أعظم من ذلك عددا في سنوات مضت، وكان كل ما سلف يمضي ولا ينقم عليهم أحد، ولك أن تراجع الإحصائيات من أي موقع تحترمه أنت، لكن مرض السوشيال ميديا هو الخوض والتصوير والتهويل!!
النوع الثاني : مجموعة من الذين تاقت قلوبهم للحج، ضحك عليهم أصحاب شركات مجرمون، أو تجار وسماسرة مجرمون، زينوا لهم الواقع، وأشعروهم أنه لا يضرهم شيء، والدنيا ربيع والجو بديع...
وهؤلاء المشتاقون أغلبهم كبار السن، وحتى من دون ذلك فمنهم المريض والضعيف، وليس عندهم تصورا عن طبيعة البلد، وشدة الحرارة فيها، وليس عندهم تصورا عن استغلال المواصلات، فلم يجدوا ما يحملهم إلى بيوتهم، مع شدة الحر، وطول الطريق..
فهؤلاء هم أغلب من وقع عليهم اصطفاء الله ليختم لهم بخاتمة السعادة.. ليبعثوا يوم القيامة ملبين... فلا نحزن عليهم ولا يحزن أهلهم الا على فراقهم، بل نسعد لخاتمتهم ونرجوا من الله مثلها أو أعظم.
هذا حالهم ومآلهم، والذنب هنا ذنب الشركات الظالمة،ثم كذلك إن ثبت تقصير المؤسسات القائمة على تنظيم الحج، فهم شركاء معهم في هذا الذنب.
هذا عن الحجيج،
هناك صنف لم يحج ولا يعرف ماهية ما حصل، ومع هذا يصر على أن يحمل فوق ظهره إثم الوقيعة في أقوام تحملوا عنت السفر، وشدة الخوف، وبأس الطريق، مع ما بذلوا من مال وجهد، لا يقصدون إلا وجه الله، عجيب ثم عجيب جرأتهم!!
لقد لقيت في هذا السفر المرأة العجوز ليس معها الا خمسين ريالا، وحين سألتها كيف تأملي مواصلة النفقة، قالت لي بكل يقين ( أنا في بيته، هيكرمني، ويمكن ملحقش اصرفهم كمان ويكرمني ويدخلني الجنة بقى كفاية شقى في الدنيا) مثل هذه يخاض فيها؟
لقد رأيت أصحاب الشهادات العليا، في الدين والدنيا، يجرون في الجبال غير مبالين بما يمكن أن يحصل لهم فيها، لكنهم يفرون إلى الله، أهؤلاء قوم يخاض فيهم؟
اتقوا الله وقولوا قولا سديدا.!!
فضيلة الشيخ وحيد عبد السلام بالي