
28/10/2024
بعد أن فَرغ النبي صلي الله عليه وسلم من صلح الحديبية، عزم على تصفية خطر اليهود والقضاء على كيدهم ومؤامراتهم، فأمر بالتجهز للخروج إلى خيبر التي تبعد عن المدينة المنورة مائة وثمانين كيلومتراً، والتي أصبحت آخر معقل من معاقل اليهود، ووكراً للمؤامرات على الإسلام والمسلمين، وفي شهر المحرم من العام السابع من الهجرة النبوية سار الجيش الإسلامي بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر بروح إيمانية عالية على الرغم من علمهم بمنعة حصونها وقوة عتادها الحربي، وكان المسلمون أثناء سيرهم يكبرون ويهللون بأصوات مرتفعة، فطلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفقوا بأنفسهم قائلاً: (أيها الناس! تدعون سميعاً قريباً وهو معكم) رواه البخاري.
#أسبابها
بعد أن عقد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- صلح الحديبية مع قريش، رَغبَ رسول الله بمحاربة الأطراف الأخرى التي كانت في مواجهة المسلمين في غزوة الأحزاب، وهي:
- قبائل نجد التي تحالفت مع قريش
- يهود خيبر الذين كانوا العقل المدبر للهجوم
غزوة خيبر وقعت في السنة السابعة للهجرة. هناك اختلافات بسيطة بين المؤرخين حول التاريخ المحدد داخل هذا العام، حيث يذكر ابن إسحاق وابن حجر أنها وقعت في محرم، أي في مايو 628 ميلاديًا تقريبًا ، بينما يقول الواقدي إن وقوعها كان في شهر صفر أو في شهر ربيع الأول من نفس العام .
أن يحقق المسلمون السلام والأمن والهدوء في المدينة المنورة وما حولها.
القضاء على التهديد الذي يشكله يهود خيبر الذين حرّضوا الأحزاب على الهجوم على المدينة المنورة؛ بالاتفاق مع قبيلة غطفان لتشارك في الحرب مقابل أن يعطونها تمر خيبر لمدة عام.
التفرغ للاستمرار في نشر الإسلام وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.
لم يسمح النبي صلى الله عليه وسلم للمنافقين وضعفاء الإيمان الذين تخلفوا في الحديبية بالخروج معه، تصديقًا لقوله تعالى: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ` يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ` قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ}.
قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: (يعني مغانم خيبر؛لأن الله عز وجل وعد أهل الحديبية فتح خيبر وأنها لهم خاصة، من غاب منهم ومن حضر).
فخرج رسول الله في 1600 مقاتل من أصحابه إلى خيبر التي كان بها 10 آلاف مقاتل.
عسكر جيش المسلمين في الليل وفي الصباح عندما رأى أهل خيبر جيوش المسلمين أصابهم الفزع والخوف، وعادوا إلى حصونهم وقالوا: “محمد والخميس” والخميس يعني: الجيش، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: «اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، خَرِبَتْ خيبرُ، إنا إذا نزلنا بساحةِ قومٍ فساءَ صباحُ المنذرينَ».
بدأت المعركة وبعد عدّة محاولات للدخول إلى حصون خيبر، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «لأعطينَّ هذه الرايةَ رجلًا يحبُّ اللهَ ورسولَه، يفتح اللهُ على يدَيه».
كان سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان يشتكي من الرمد في عينيه، فتفل رسول الله في عينيه فشُفي بأمر الله تعالى، ثم أعطاه رسول الله الراية، وقال له: «انْفُذْ على رِسْلِكِ حتى تنزلَ بساحتِهِم، ثمَّ ادعُهُمْ إِلى الإسلامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليْهِم مِنْ حقِّ اللهِ فيه، فواللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بكَ رجلًا واحدًا، خيرٌ لَكَ مِنْ أنْ يَكُونَ لَكَ حمرُ النَّعَمِ».
رأى اليهود جيش المسلمين فرّوا إلى حصونهم، فهاجم المسلمون الحصن الأول من حصون خيبر الثمانية وهو حصن ناعم الذي كان خط الدفاع الأول، وفيه خرج أحد فرسان اليهود ويدعى مرحب يطلب مبارزًا، فخرج إليه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقتله، ثم بدأ القتال الشَّرِسُ حول الحصنِ الذي انتهى بانهيار قوات اليهود.
تابع المسلمون الاقتحام بقيادة الحباب بن المنذر الأنصاري مهاجمين حصن الصّعب الذي كان شديد المناعة، وحاصروه ثلاثة أيام ثم بفضل لجوء المسلمين إلى الله فتح الله عليهم حصن الصعب بن معاذ، وكان من أغنى حصون خيبر بالطعام والشراب.
انتقل اليهود من الحصون وتمركزوا في قلعة الزبير فحاصرها رسول الله ثلاثة أيام، ثم جاء إليه رجل من اليهود فقال:
(يا أبا القاسم، إنك لو أقمت شهراً ما بالوا بك، إن لهم شراباً وعيوناً تحت الأرض، يخرجون بالليل ويشربون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك)، ففعل رسول الله وقطع الماء، فاضطروا إلى الخروج وحدثت معركة عنيفة على باب القلعة انتهت بانتصار المسلمين.
نقل اليهود تمركزَ قواتهم إلى قلعة أبيّ، فحاصرها المسلمون، فطلب رجلان من اليهود المبارزة، فخرج أبو دجانة الأنصاري -صاحب العصابة الحمراء- الذي أسرع إلى اقتحام قلعة أبي بعد قتله اليهودي في المبارزة، فدخلها المسلمون بعد قتال عنيف دام ساعات، وهرب اليهود من إلى حصن النِّزار.
حاصر المسلمون حصن النزّار حصاراً شديداً، وعندما عجزوا عن اقتحامه أمر رسول الله بضرب الحصن بالمنجنيق، فضعفت جدران الحصن ففرَّ اليهود تاركين أطفالهم ونساءهم، وبهذا الفتح سيطر المسلمون على القسم الأول من خيبر.
اتجه المسلمون إلى القسم الثاني من المدينة، الذي فيه حصن القمُوص، وحصن بني أبي الحُقَيق، وحصن الوطيح والسلالم، فحاصرها جيش المسلمون أربعة عشر يومًا كاملة، وعندما لم يجدِ الحصار نفعًا همَّوا بنصب المنجنيقات لضربها فطلب أهل خيبر الصلح.
فصالحهم رسول الله مقابل يخرجوا من خيبر كلها ويتركوها للمسلمين، ولما أراد رسول الله إجلاءهم، قالوا: (يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض، نصلحها، ونقوم عليها، فنحن أعلم بها منكم)، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع، ومن كل ثمر، ما بدا لمحمد أن يقرهم، وكان عبد الله بن رواحة يخرصه عليهم.
وزن باب خيبر كان يُقدر بحوالي أربعين منّاً، حيث يُعادل المنّ حوالي 280 مثقالاً. هذا يعني أن وزن الباب كان كبيرًا جدًا ويشير إلى مدى صعوبة تحريكه أو رفعه.
#منقول
#حسن