
15/06/2025
هل الضربة الإيرانية لإسرائيل تمت بضوء أخضر أمريكي؟
بقلم: علي الورواري
شهدت المنطقة في الأيام الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق تمثل في ضربة صاروخية مباشرة من إيران إلى إسرائيل، وهو حدث يُعد سابقة خطيرة في الصراع الممتد بين الطرفين. لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح هنا: هل أقدمت إيران على هذه الخطوة دون تنسيق ضمني، أو حتى إذن غير مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية؟
الإجابة قد تكون صادمة للبعض، لكن عند تحليل السياق الأوسع، يمكن وضع أربعة دوافع محتملة تُفسر لماذا قد تسمح واشنطن – ولو ضمنيًا – بوقوع مثل هذه الضربة.
1. تأزيم الداخل الإسرائيلي وإضعاف حكومة نتنياهو
تشهد العلاقات بين إدارة ترامب – وحكومة نتنياهو توترًا مكتومًا، خصوصًا بعد رفض نتنياهو الانصياع لبعض التوجهات الأمريكية في الملفات الإقليمية. توجيه ضربة تُحدث ارتباكًا داخليًا داخل إسرائيل يمكن أن يؤدي إلى ضغط شعبي كبير على حكومة نتنياهو، ويفتح الباب أمام تغييرات سياسية تخدم المصالح الأمريكية.
2. تبرير "الجزية الخليجية" وتثبيت الخوف من التهديد الإيراني
الولايات المتحدة حصلت في السنوات الأخيرة على مليارات الدولارات من صفقات سلاح واتفاقات أمنية مع دول الخليج، تحت مظلة "الخطر الإيراني". ولكي لا تبدو هذه الأموال وكأنها ذهبت مقابل لا شيء، فإن توجيه ضربة حقيقية ومباشرة من إيران لإسرائيل يجعل التهديد ملموسًا، ويُقنع الحلفاء الخليجيين بأنهم لم يدفعوا بلا مقابل.
3. تذكير إسرائيل بمن هو "الكبير"
في السنوات الأخيرة، وبخاصة خلال إدارة بايدن، بدأت إسرائيل تتصرف بثقة زائدة، ورفضت أكثر من مرة السير على خطى التوجيهات الأمريكية، خصوصًا في ما يتعلق بملف غزة أو التفاهمات الإقليمية. الضربة الإيرانية، لو تم التساهل معها عمدًا، قد تكون رسالة أمريكية مباشرة لإسرائيل: "لا تنسي من يوفر لك الغطاء، ومن يستطيع رفعه إن لزم الأمر."
4. منطق "رجل الأعمال" الذي لا يتحرك بلا مكسب
دونالد ترامب – حتى في السياسة – يتصرف بعقلية رجل الأعمال: كل خطوة يجب أن تحقق ربحًا مباشرًا، أو على الأقل تمنع خسارة مؤكدة. من هذا المنطلق، قد يرى أن استمرار إسرائيل في فتح جبهات بلا نهاية – دون جدوى استراتيجية – يمثل عبئًا غير ضروري. السماح بتلقيها "ضربة تأديبية محسوبة" قد يُعيدها إلى طاولة الحسابات الواقعية.
---
خاتمة
ربما لن تُصرّح واشنطن أبدًا بقبولها أو معرفتها المسبقة بضربة إيران. لكن في عالم السياسة، ليس كل شيء يُقال، وبعض الرسائل تُمرّر بالنار والدخان.
الضربة الأخيرة قد تكون بداية مرحلة جديدة من "الحروب المحسوبة"، حيث تُستخدم فيها الصواريخ لتصفية الحسابات... لا بين الأعداء فقط، بل أحيانًا بين الحلفاء أنفسهم.