المختار من تفسير كلام الله العزيز الغفار

  • Home
  • Egypt
  • Kafr Saqr
  • المختار من تفسير كلام الله العزيز الغفار

المختار من تفسير كلام الله العزيز الغفار صفحة (( المختار من تفسير كلام الله العزيز الغفار ))لنشر تفسير القرآن الكريم عن العلماء الربانيين

 #فَمَن_تَوَلّى_بَعْدَ_ذَلِكَ_فَأُولَئِكَ_هُمُ_الفاسِقُونَاعْلَمْ أنَّ المَقْصُودَ مِن هَذِهِ الآياتِ تَعْدِيدُ تَقْرِير...
28/06/2022

#فَمَن_تَوَلّى_بَعْدَ_ذَلِكَ_فَأُولَئِكَ_هُمُ_الفاسِقُونَ
اعْلَمْ أنَّ المَقْصُودَ مِن هَذِهِ الآياتِ تَعْدِيدُ تَقْرِيرِ الأشْياءِ المَعْرُوفَةِ عِنْدَ أهْلِ الكِتابِ مِمّا يَدُلُّ عَلى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ . قَطْعًا لِعُذْرِهِمْ وإْظْهارًا لِعِنادِهِمْ. ومِن جُمْلَتِها ما ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ: وهو أنَّهُ تَعالى أخَذَ المِيثاقَ مِنَ الأنْبِياءِ الَّذِينَ آتاهم الكِتابَ والحِكْمَةَ بِأنَّهم كُلَّما جاءَهم رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهم، وإنْ كانَ ناسِخًا لِبَعْضِ أحْكامِهِمْ بِما دَلَّتْ اَلْحِكْمَةُ عَلى اقْتِضاءِ الزَّمانِ ذَلِكَ، آمَنُوا بِهِ ونَصَرُوهُ أيْضًا، مُبالَغَةً في تَشْهِيرِ أمْرِهِ. ولا يَمْنَعُهم ما هم فِيهِ مِنَ العِلْمِ والنُّبُوَّةِ واتِّباعِ شَرْعِهِ ونَصْرِهِ. وأخْبَرَ أنَّهم قَبِلُوا ذَلِكَ، وحَكَمَ بِأنَّ مَن رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ كانَ مِنَ الفاسِقِينَ. وقَدْ قُرِئَ في السَّبْعِ بِفَتْحِ اللّامِ مِن: ﴿لَما آتَيْتُكُمْ﴾ [آل عمران: ٨١] وكَسْرِها، فَعَلى الأوَّلِ هي مُوطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ، لِأنَّ أخْذَ المِيثاقِ بِمَعْنى الِاسْتِحْلافِ، و(ما) حِينَئِذٍ تَحْتَمِلُ الشَّرْطِيَّةَ، و: ﴿لَتُؤْمِنُنَّ﴾ [آل عمران: ٨١] سادٌّ مَسَدَّ جَوابِ القَسَمِوالشَّرْطِ. وتَحْتَمِلُ المَوْصُولَةَ بِمَعْنى (لَلَّذِي آتَيْتُكُمُوهُ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ( وعَلى الثّانِي، أعْنِي: كَسْرَ اللّامِ فـ: ( ما) إمّا مَصْدَرِيَّةٌ أيْ: لِأجْلِ إيتائِي إيّاكم الكِتابَ، ثُمَّ لِمَجِيءِ رَسُولٍ مُصَدِّقٍ لَكم غَيْرِ مُخالِفٍ، أخَذَ اللَّهُ المِيثاقَ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ولِتَنْصُرُنَّهُ. وإمّا مَوْصُولَةٌ والمَعْنى: أخْذُهُ لِلَّذِي آتَيْتُكُمُوهُ، وجاءَكم رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لَهُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاشْهَدُوا﴾ [آل عمران: ٨١] أيْ: يا أنْبِياءُ، بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ، بِالإقْرارِ. وفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأنا مَعَكم مِنَ الشّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٨١] تَوْكِيدٌ عَلَيْهِمْ ومَن أمْعَنَ في نَهْجِ الآيَةِ عَلِمَ أنَّ هَذا المِيثاقَ قَدْ بُولِغَ في شَأْنِهِ غايَةَ المُبالَغَةِ، وإذا كانَ هَذا الإيجابُ مَعَ الأنْبِياءِ، فَمَعَ أُمَمِهِمْ أوْلى. وقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ وابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا مِنَ الأنْبِياءِ إلّا أخَذَ عَلَيْهِ المِيثاقَ، لَئِنْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا، وهو حَيٌّ، لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ ولَيَنْصُرَنَّهُ، وأمَرَهُ أنْ يَأْخُذَ المِيثاقَ عَلى أُمَّتِهِ، لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وهم أحْياءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ ولَيَنْصُرُنَّهُ. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وهَذا لا يُضادُّ ما قالَهُ طاوُسٌ والحَسَنُ وقَتادَةُ: أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ أنْ يُصَدِّقَ بَعْضُهم بَعْضًا، بَلْ يَسْتَلْزِمُهُ ويَقْتَضِيهِ، ولِهَذا رَوى عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طاوُوسٍ عَنْ أبِيهِ مِثْلَ قَوْلِ عَلَيٍّ وابْنِ عَبّاسٍ. - انْتَهى - .
ومِن أثَرِ عَلَيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ هَذا - فَهْمُ بَعْضِ العُلَماءِ اخْتِصاصَ هَذا المِيثاقِ بَنَبِيِّنا ﷺ كَما نَقَلَ القاضِي عِياضٌ في (الشِّفاءِ) عَنْ أبِي الحَسَنِ القابِسِيِّ قالَ: اسْتَخَصَّ اللَّهُ تَعالى مُحَمَّدًا بِفَضْلٍ لَمْ يُؤْتِهِ غَيْرَهُ أبانَهُ بِهِ، وهو ما ذَكَرَهُ في هَذِهِ الآيَةِ. انْتَهى. وقَدْ عَلِمْتَ المُرادَ.
بَقِيَ أنَّ الإمامَ أبا مُسْلِمٍ الأصْفَهانِيَّ ذَهَبَ إلى أنَّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِيثاقَ النَّبِيِّينَ﴾ [آل عمران: ٨١] حَذْفُ مُضافٍ، أيْ: أُمَمِهِمْ، وعِبارَتُهُ: ظاهَرُ الآيَةِ يَدُلُّ عَلى أنَّ الَّذِينَ أخَذَ اللَّهُ المِيثاقَ مِنهم يَجِبُ عَلَيْهِمْ الإيمانُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ عِنْدَ مَبْعَثِهِ، وكُلُّ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمْ الصَّلاةُ والسَّلامُ يَكُونُونَ عِنْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِن زُمْرَةِ الأمْواتِ، والمَيِّتُ لا يَكُونُ مُكَلَّفًا، فَلَمّا كانَ الَّذِينَ أخَذَ عَلَيْهِمْ المِيثاقَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الإيمانُ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ عِنْدَ مَبْعَثِهِ، ولا يُمْكِنُ إيجابُ الإيمانِ عَلى الأنْبِياءِ عِنْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَلِمْنا أنَّ الَّذِينَ أخَذَ المِيثاقَ عَلَيْهِمْ لَيْسُوا هم النَّبِيِّينَ، بَلْ هم أُمَمُ النَّبِيِّينَ. قالَ: ومِمّا يُؤَكِّدُ هَذا أنَّهُ تَعالى حَكَمَ عَلى الَّذِينَ أخَذَ عَلَيْهِمْ المِيثاقَ، أنَّهم لَوْ تَوَلَّوْا لَكانُوا فاسِقِينَ، وهَذا الوَصْفُ لا يَلِيقُ بِالأنْبِياءِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ، وإنَّما يَلِيقُ بِالأُمَمِ، أجابَ القَفّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقالَ: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ الآيَةِ: أنَّ الأنْبِياءَ لَوْ كانُوا في الحَياةِ لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الإيمانُ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ؟ ! ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] وقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ لا يُشْرِكُ قَطُّ، ولَكِنْ خَرَجَ هَذا الكَلامُ عَلى سَبِيلِ التَّقْدِيرِ والفَرْضِ، فَكَذا هُنا. وقالَ: ﴿ولَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأقاوِيلِ﴾ [الحاقة: ٤٤] ﴿لأخَذْنا مِنهُ بِاليَمِينِ﴾ [الحاقة: ٤٥] ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنهُ الوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] وقالَ في صِفَةِ المَلائِكَةِ: ﴿ومَن يَقُلْ مِنهم إنِّي إلَهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٢٩] مَعَ أنَّهُ تَعالى أخْبَرَ عَنْهم بِأنَّهم: ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وهم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٧] وبِأنَّهم: ﴿يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: ٥٠] فَكُلُّ ذَلِكَ خَرَجَ عَلى سَبِيلِ الفَرْضِ والتَّقْدِيرِ، فَكَذا هَهُنا.
ونَقُولُ إنَّهُ سَمّاهم فاسِقِينَ عَلى تَقْدِيرِ التَّوَلِّي، فَإنَّ اسْمَ الفِسْقِ لَيْسَ أقْبَحَ مِن اسْمِ الشِّرْكِ، وقَدْ ذَكَرَ تَعالى عَلى سَبِيلِ الفَرْضِ والتَّقْدِيرِ في قَوْلِهِ: ﴿لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] فَكَذا هَهُنا - نَقَلَهُ الرّازِيُّ.
ولَمّا بَيَّنَ تَعالى أنَّ الإيمانَ بِالنَّبِيِّ ﷺ شَرْعٌ شَرَعَهُ وأوْجَبَهُ عَلى جَمِيعِ مَن مَضى مِنَ الأنْبِياءِ والأُمَمِ، لَزِمَ أنَّ كُلَّ مَن كَرِهَ ذَلِكَ فَإنَّهُ يَكُونُ طالِبًا دِينًا غَيْرَ دِينِ اللَّهِ، فَلِهَذا قالَ:
📖 تفسير محاسن التأويل للقاسمى ١٣٣٢هجرية

 #وَإِذۡ_أَخَذَ_ٱللَّهُ_مِیثَـٰقَ_ٱلنَّبِیِّـۧنَ_لَمَاۤ_ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكۡمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ م...
27/06/2022

#وَإِذۡ_أَخَذَ_ٱللَّهُ_مِیثَـٰقَ_ٱلنَّبِیِّـۧنَ_لَمَاۤ_ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكۡمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ إِصۡرِیۖ قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ﴾ [آل عمران ٨١]
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: مَوْضِعُ "إذْ" نَصْبٌ، المَعْنى: واذْكُرْ في أقاصِيصِكَ إذْ أخَذَ اللَّهُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: والمِيثاقُ: العَهْدُ. وفي الَّذِي أخَذَ مِيثاقَهم عَلَيْهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ تَصْدِيقُ مُحَمَّدٍ ﷺ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ، والسُّدِّيِّ. والثّانِي: أنَّهُ أخَذَ مِيثاقَ الأوَّلِ مِنَ الأنْبِياءِ لَيُؤْمِنَنَّ بِما جاءَ بِهِ الآَخَرُ مِنهم، قالَهُ طاوُوسٌ. قالَ مُجاهِدٌ، والرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: هَذِهِ الآَيَةُ خَطَأٌ مِنَ الكِتابِ، وهي في قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (وَإذْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ) واحْتَجَّ الرَّبِيعُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ جاءَكم رَسُولٌ﴾ وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: إنَّما أخَذَ المِيثاقَ عَلى النَّبِيِّينَ، وأُمَمِهِمْ، فاكْتَفى بِذِكْرِ الأنْبِياءِ عَنْ ذِكْرِ الأُمَمِ، لِأنَّ في أخْذِ المِيثاقِ عَلى المَتْبُوعِ دَلالَةٌ عَلى أخْذِهِ عَلى التّابِعِ، وهَذا مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ، والزَّجّاجِ.
واخْتَلَفَ العُلَماءُ في لامِ "لِما" فَقَرَأ الأكْثَرُونَ "لِما" بِفَتْحِ اللّامِ والتَّخْفِيفِ، وقَرَأ حَمْزَةُ مِثْلَها، إلّا أنَّهُ كَسَرَ اللّامَ، وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ "لَمّا" مُشَدَّدَةَ المِيمِ، فَقِراءَةُ ابْنِ جُبَيْرٍ، مَعْناها: حِينَ آَتَيْتُكم. وقالَ الفَرّاءُ في قِراءَةِ حَمْزَةَ: يُرِيدُ أخْذَ المِيثاقِ لِلَّذِي آَتاهم، ثُمَّ جُعِلَ قَوْلُهُ: ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾ مِنَ الأخْذِ. قالَ الفَرّاءُ: ومَن نَصَبَ اللّامَ جَعَلَها زائِدَةً. و"ما" هاهُنا بِمَعْنى الشَّرْطِ والجَزاءِ، فالمَعْنى: لَئِنْ آَتَيْتُكم ومَهْما آَتَيْتُكم شَيْئًا مِن كِتابٍ وحِكْمَةٍ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: اللّامُ في قَوْلِهِ تَعالى: (لِما آَتَيْتُكُمْ) عَلى قِراءَةِ مَن شَدَّدَ أوْ كَسَرَ: جَوابٌ لِأخْذِ المِيثاقِ قالَ: لِأنَّ أخَذَ المِيثاقِ يَمِينٌ، وعَلى قِراءَةِ مَن خَفَّفَها، مَعْناها: القَسَمُ، وجَوابُ القَسَمِ اللّامُ في قَوْلِهِ ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾ وإنَّما خاطَبَ، فَقالَ: آَتَيْتُكم. بَعْدَ أنْ ذَكَرَ النَّبِيِّينَ وهم غَيْبٌ، لِأنَّ في الكَلامِ مَعْنى قَوْلٍ وحِكايَةٍ، فَقالَ مُخاطِبًا لَهُمْ: لِما آتَيْتُكم وقَرَأ نافِعٌ "آتَيْناكُمْ" بِالنُّونِ والألِفِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ جاءَكم رَسُولٌ﴾ قالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلّا أخَذَ عَلَيْهِ العَهْدَ، إنَّ بَعْثَ مُحَمَّدٍ وهو حَيٌّ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ ولَيَنْصُرْنَّهُ. وقالَ غَيْرُهُ: أخْذُ مِيثاقِ الأنْبِياءِ أنْ يُصَدِّقَ بَعْضُهم بَعْضًا. والإصْرُ هاهُنا: العَهْدُ في قَوْلِ الجَماعَةِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أصْلُ الإصْرِ: الثِّقَلُ، فَسُمِّيَ العَهْدُ إصْرًا، لِأنَّهُ مَنعٌ مِنَ الأمْرِ الَّذِي أُخِذَ لَهُ، وثِقَلٌ وتَشْدِيدٌ. وكُلُّهم كَسَرَ ألِفَ "إصْرِي" . ورَوى أبُو بَكْرٍ، عَنْ عِصامٍ ضَمَّهُ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: يُشْبِهُ أنْ يَكُونَ الضَّمُّ لُغَةً.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ فاشْهَدُوا﴾ قالَ ابْنُ فارِسٍ: الشَّهادَةُ: الإخْبارُ بِما شُوهِدَ. وفِيمَن خُوطِبَ بِهَذا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ خِطابٌ لِلنَّبِيِّينَ، ثُمَّ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ مَعْناهُ: فاشْهَدُوا عَلى أُمَمِكم، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ. والثّانِي: فاشْهَدُوا عَلى أنْفُسِكم، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّانِي: أنَّهُ خِطابٌ لِلْمَلائِكَةِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ. فَعَلى هَذا يَكُونُ كِنايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ.
📖تفسير محاسن التأويل للقاسمى ١٣٣٢هجرية

 َأْمُرَكم_أنْ_تَتَّخِذُوا_المَلائِكَةَ_والنَّبِيِّينَ_أرْبابًا أيَأْمُرُكم بِالكُفْرِ بَعْدَ إذْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾﴿و...
25/06/2022

َأْمُرَكم_أنْ_تَتَّخِذُوا_المَلائِكَةَ_والنَّبِيِّينَ_أرْبابًا أيَأْمُرُكم بِالكُفْرِ بَعْدَ إذْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
﴿ولا يَأْمُرَكم أنْ تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ والنَّبِيِّينَ أرْبابًا أيَأْمُرُكم بِالكُفْرِ﴾ أيْ: بِالعَوْدِ إلَيْهِ وقَدْ بُعِثَ لِمَحْوِ الشِّرْكِ: ﴿بَعْدَ إذْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أيْ: بَعْدَ اسْتِقْرارِكم عَلى الإسْلامِ.
تَنْبِيهاتٌ:
اَلْأوَّلُ: إذا كانَ ما ذُكِرَ في الآيَةِ لا يَصْلُحُ لِنَبِيٍّ ولا لِمُرْسَلٍ، فَلَأنْ لا يَصْلُحَ لِأحَدٍ مِنَ النّاسِ غَيْرَهم، بِطَرِيقِ الأوْلى والأحْرى.
ولِهَذا قالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: لا يَنْبَغِي هَذا لِمُؤْمِنٍ، أنْ يَأْمُرَ النّاسَ بِعِبادَتِهِ، قالَ: وذَلِكَ أنَّ القَوْمَ كانَ يَعْبُدُ بَعْضُهم بَعْضًا - يَعْنِي: أهْلَ الكِتابِ - كانُوا يَعْبُدُونَ أحْبارَهم ورُهْبانَهم، كَما قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿اتَّخَذُوا أحْبارَهم ورُهْبانَهم أرْبابًا مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١] الآيَةُ، وفي جامِعِ التِّرْمِذِيِّ - كَما سَيَأْتِي - «أنَّ عَدِيَّ بْنَ حاتِمٍ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما عَبَدُوهم. قالَ: بَلى، إنَّهم أحَلُّوا لَهم الحَرامَ وحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ الحَلالَ، فاتَّبَعُوهم، فَذَلِكَ عِبادَتُهم إيّاهم». فالجَهَلَةُ مِنَ الأحْبارِ والرُّهْبانِ ومَشايِخِ الضَّلالِ يَدْخُلُونَ في هَذا الذَّمِّ والتَّوْبِيخِ، بِخِلافِ الرُّسُلِ وأتْباعِهِمْ مِنَ العُلَماءِ العامِلِينَ، فَإنَّهم إنَّما يَأْمُرُونَ بِما يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ وبَلَّغَتْهم إيّاهُ الرُّسُلُ الكِرامُ، وإنَّما يَنْهَوْنَهم عَمّا نَهاهم اللَّهُ عَنْهُ وبَلَّغَتْهم إيّاهُ رُسُلُهُ الكِرامُ - قالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ - .
اَلثّانِي: في هَذِهِ الآيَةِ أعْظَمُ باعِثٍ لِمَن عَلَّمَ عَلى أنْ يَعْمَلَ، وأنَّ مِن أعْظَمِ العَمَلِ بِالعِلْمِ تَعْلِيمُهُ والإخْلاصُ لِلَّهِ سُبْحانَهُ. والدِّراسَةُ: مُذاكَرَةُ العِلْمِ والفِقْهِ. فَدَلَّتْ الآيَةُ عَلى أنَّ العِلْمَ والتَّعْلِيمَ والدِّراسَةَ تُوجِبُ كَوْنَ الإنْسانِ رَبّانِيًّا، فَمَن اشْتَغَلَ بِها، لا لِهَذا المَقْصُودِ، فَقَدْ ضاعَ سَعْيُهُ وخابَ عَمَلُهُ، وكانَ مَثَلُهُ مَثَلُ مَن غَرَسَ شَجَرَةً حَسْناءَ مُونِقَةً بِمَنظَرِها، ولا مَنفَعَةَ بِثَمَرِها، ولِهَذا قالَ ﷺ: ««نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ وقَلْبٍ لا يَخْشَعُ»» كَذا في فَتْحِ البَيانِ والرّازِيِّ.
اَلثّالِثُ: قُرِئَ في السَّبْعِ: ﴿ولا يَأْمُرَكُمْ﴾ بِالرَّفْعِ عَلى الِاسْتِئْنافِ أيْ: ولا يَأْمُرُكم اللَّهُ أوْ النَّبِيُّ، وبِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى ثُمَّ يَقُولَ، (ولا) مَزِيدَةٌ لِتَأْكِيدِ مَعْنى النَّفْيِ.
📖تفسير محاسن التأويل للقاسمى ١٣٣٢هجرية

 #مَا_كَانَ_لِبَشَرٍ_أَن_یُؤۡتِیَهُ_ٱللَّهُ_ٱلۡكِتَـٰبَ_وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا۟ عِبَ...
23/06/2022

#مَا_كَانَ_لِبَشَرٍ_أَن_یُؤۡتِیَهُ_ٱللَّهُ_ٱلۡكِتَـٰبَ_وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا۟ عِبَادࣰا لِّی مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُوا۟ رَبَّـٰنِیِّـۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ﴾ [آل عمران ٧٩]
﴿ما كان لبشرٍ﴾ الآية لمَّا ادَّعت اليهود أنَّهم على دين إبراهيم عليه السَّلام وكذَّبهم الله تعالى غضبوا وقالوا: ما يرضيك منَّا يا محمد إلاَّ أَنْ نتَّخذك ربّاً [فقال رسول الله ﷺ: معاذَ الله أَنْ نأمر بعبادة غير الله] ونزلت هذه الآية ﴿ما كان لبشر﴾ أن يجمع بين هذين: بين النبوَّة وبين دُعاء الخلق إلى عبادة غير الله ﴿ولكن﴾ يقول: ﴿كونوا ربانيين﴾ الآية أَيْ: يقول: كونوا معلِّمي الناس بعلمكم ودرسكم علِّموا النَّاس وبيِّنوا لهم وكذا كان يقول النبي ﷺ لليهود لأنَّهم كانوا أهل كتاب يعلمون ما لا تعلمه العرب
📖تفسير الوجيز للواحدى ٤٦٨هجرية

 #وإنَّ_مِنهم_لَفَرِيقًا_يَلْوُونَ_ألْسِنَتَهم_بِالكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتابِ وما هو مِنَ الكِتابِ ويَقُولُونَ ه...
22/06/2022

#وإنَّ_مِنهم_لَفَرِيقًا_يَلْوُونَ_ألْسِنَتَهم_بِالكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتابِ وما هو مِنَ الكِتابِ ويَقُولُونَ هو مِن عِنْدِ اللَّهِ وما هو مِن عِنْدِ اللَّهِ ويَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ وهم يَعْلَمُونَ﴾
﴿وإنَّ مِنهم لَفَرِيقًا يَلْوُونَ ألْسِنَتَهم بِالكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتابِ وما هو مِنَ الكِتابِ ويَقُولُونَ هو مِن عِنْدِ اللَّهِ وما هو مِن عِنْدِ اللَّهِ ويَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ وهم يَعْلَمُونَ﴾ قالَ الإمامُ ابْنُ كَثِيرٍ: يُخْبِرُ تَعالى عَنْ اليَهُودِ، عَلَيْهِمْ لِعائِنُ اللَّهِ، أنَّ مِنهم فَرِيقًا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ، ويُبَدِّلُونَ كَلامَ اللَّهِ، ويُزِيلُونَهُ عَنْ المُرادِ بِهِ، لِيُوهِمُوا الجَهَلَةَ أنَّهُ في كِتابِ اللَّهِ كَذَلِكَ، ويَنْسُبُونَهُ إلى اللَّهِ، وهو كَذِبٌ عَلى اللَّهِ، وهم يَعْلَمُونَ مِن أنْفُسِهِمْ أنَّهم قَدْ كَذَبُوا وافْتَرَوْا في ذَلِكَ كُلِّهِ، ولِهَذا قالَ تَعالى: ﴿ويَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ وهم يَعْلَمُونَ﴾ قالَ مُجاهِدٌ والشَّعْبِيُّ والحَسَنُ وقَتادَةُ والرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: يَلْوُونَ ألْسِنَتَهم بِالكِتابِ، ويُحَرِّفُونَهُ. وهَكَذا رَوى البُخارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهم يُحَرِّفُونَ ويُزِيلُونَ. ولَيْسَ أحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتابٍ مَن كُتُبِ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - ولَكِنَّهم يُحَرِّفُونَهُ: يَتَأوَّلُونَهُ عَلى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ.
وقالَ وهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: إنَّ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ كَما أنْزَلَهُما اللَّهُ تَعالى لَمْ يُغَيَّرْ مِنهُما حَرْفٌ، ولَكِنَّهم يَضِلُّونَ بِالتَّحْرِيفِ والتَّأْوِيلِ، وكُتُبٍ كانُوا يَكْتُبُونَها مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ ويَقُولُونَ: هو مِن عِنْدِ اللَّهِ وما هو مِن عِنْدِ اللَّهِ. فَأمّا كُتُبُ اللَّهِ فَإنَّها مَحْفُوظَةٌ لا تُحَوَّلُ. رَواهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فَإنْ عَنى وهْبٌ ما بِأيْدِيهِمْ مِن ذَلِكَ، فَلا شَكَّ أنَّهُ قَدْ دَخَلَها التَّبْدِيلُ والتَّحْرِيفُ والزِّيادَةُ والنَّقْصُ. وأمّا تَعْرِيبُ ذَلِكَ المُشاهَدُ بِالعَرَبِيَّةِ، فَفِيهِ خَطَأٌ كَبِيرٌ وزِياداتٌ كَثِيرَةٌ ونُقْصانٌ ووَهْمٌ فاحِشٌ. وهو مِن بابِ تَفْسِيرِ المُعْرَّبِ المُعَبِّرِ، وفَهْمُ كَثِيرٍ مِنهم فاسِدٌ. وأمّا إنْ عَنى كُتُبَ اللَّهِ الَّتِي هي كُتُبُهُ مِن عِنْدِهِ، فَتِلْكَ كَما قالَ، مَحْفُوظَةٌ لَمْ يَدْخُلْها شَيْءٌ - انْتَهى - وقَدْ قَدَّمْنا الكَلامَ عَلى ذَلِكَ في مُقَدِّمَةِ التَّفْسِيرِ عِنْدَ الكَلامِ عَلى الإسْرائِيلِيّاتِ، وفي سُورَةِ البَقَرَةِ أيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَتَطْمَعُونَ أنْ يُؤْمِنُوا لَكم وقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنهم يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ﴾ [البقرة: ٧٥]
ولَمّا بَيَّنَ تَعالى كَذِبَهم عَلَيْهِ - جَلَّ ذِكْرُهُ - بَيَّنَ افْتِراءَهم عَلى رُسُلِهِ إذْ زَعَمُوا أنَّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ أمَرَهم أنْ يَتَّخِذُوهُ رَبًّا، فَرَدَّ سُبْحانَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:
📖تفسير محاسن التأويل للقاسمى ١٣٣٢هجرية

 #إنَّ_الَّذِينَ_يَشْتَرُونَ_بِعَهْدِ_اللَّهِ_وأيْمانِهِمْ_ثَمَنًا_قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهم في الآخِرَةِ ولا يُك...
21/06/2022

#إنَّ_الَّذِينَ_يَشْتَرُونَ_بِعَهْدِ_اللَّهِ_وأيْمانِهِمْ_ثَمَنًا_قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهم في الآخِرَةِ ولا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ولا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ .
﴿إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ﴾ أيْ: يَسْتَبْدِلُونَ: ﴿بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ أيْ: بِما أخَذَهم عَلَيْهِ في كِتابِهِ، أوْ بِما عاهَدُوهُ عَلَيْهِ مِنَ الإيمانِ بِالرَّسُولِ المُصَدِّقِ لِما مَعَهم: ﴿وأيْمانِهِمْ﴾ أيْ: الَّتِي عَقَدُوها بِالتِزامِ مُتابَعَةِ الحَقِّ عَلى ألْسِنَةِ الرُّسُلِ: ﴿ثَمَنًا قَلِيلا﴾ مِنَ الدُّنْيا الزّائِلَةِ الحَقِيرَةِ الَّتِي لا نِسْبَةَ لِجَمِيعِها إلى أدْنى ما فَوَّتُوهُ: ﴿أُولَئِكَ لا خَلاقَ﴾ أيْ: لا نَصِيبَ ثَوابٍ: ﴿لَهم في الآخِرَةِ ولا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ولا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ وذَلِكَ لِحَجْبِهِمْ عَنْ مَقاماتِ قُرْبِهِ كَما قالَ تَعالى: ﴿كَلا إنَّهم عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] ﴿ولا يُزَكِّيهِمْ﴾ أيْ: ولا يُثْنِي عَلَيْهِمْ كَما يُثْنِي عَلى أوْلِيائِهِ، أوْ لا يُطَهِّرُهم مِن دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ بِالمَغْفِرَةِ: ﴿ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ أيْ: بِالنّارِ. واعْلَمْ أنَّ في هَذِهِ الآيَةِ مَسائِلَ:
اَلْأُولى: قالَ بَعْضُ مُفَسِّرِي الزَّيْدِيَّةِ: ثَمَرَةُ الآيَةِ أنَّ مَن نَقَضَ عَهْدًا لِلَّهِ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، أوْ حَلَفَ كاذِبًا، فَإنَّهُ قَدْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً.
الثّانِيَةُ: في الجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعالى هُنا: ﴿ولا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهم أجْمَعِينَ﴾ [الحجر: ٩٢] قالَ القَفّالُ: المَقْصُودُ مِن هَذِهِ الآيَةِ بَيانُ شِدَّةِ سُخْطِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، لِأنَّ مَن مَنَعَ غَيْرَهُ كَلامَهُ فَإنَّما ذَلِكَ بِسُخْطٍ عَلَيْهِ، وإذا سَخِطَ إنْسانٌ عَلى آخَرَ قالَ لَهُ: لا أُكَلِّمُكَ. وقَدْ يَأْمُرُ بِحَجْبِهِ عَنْهُ، ويَقُولُ: لا أرى وجْهَ فُلانٍ، وإذا جَرى ذِكْرُهُ لَمْ يَذْكُرْهُ بِالجَمِيلِ، فَثَبَتَ أنَّ الآيَةَ كِنايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الغَضَبِ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنهُ. ومِنهم مَن قالَ: لا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ إسْماعُ اللَّهِ جَلَّ جَلالُهُ أوْلِياءَهُ كَلامَهُ بِغَيْرِ سَفِيرٍ تَشْرِيفًا عالِيًا يَخْتَصُّ بِهِ أوْلِياءَهُ. ولا يُكَلِّمُ هَؤُلاءِ الكَفَرَةِ والفُسّاقِ، وتَكُونُ المُحاسَبَةُ مَعَهم بِكَلامِ المَلائِكَةِ. ومِنهم مَن قالَ: مَعْنى الآيَةِ لا يُكَلِّمُهم بِكَلامٍ يَسُرُّهم ويَنْفَعُهم، والكُلُّ حَسَنٌ.
الثّالِثَةُ: رَوى الشَّيْخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««مَن حَلَفَ عَلى مالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ لَقِيَ اللَّهَ وهو عَلَيْهِ غَضْبانُ» . قالَ عَبْدُ اللَّهِ: ثُمَّ قَرَأ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِصْداقَهُ مِن كِتابِ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيْمانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ». وفي رِوايَةٍ قالَ: ««مَن حَلَفَ عَلى يَمِينِ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِها مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وهو عَلَيْهِ غَضْبانُ» فَأنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيْمانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ الآيَةُ. فَدَخَلَ الأشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ فَقالَ: ما يُحَدِّثُكم أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قُلْنا: كَذا وكَذا، فَقالَ: صَدَقَ، فِيَّ نَزَلَتْ، كانَ بَيْنِي وبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ في بِئْرٍ، فاخْتَصَمْنا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «شاهِداكَ أوْ يَمِينُهُ» . قُلْتُ: إنَّهُ إذًا يَحْلِفُ ولا يُبالِي، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن حَلَفَ عَلى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِها مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فِيها فاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وهو عَلَيْهِ غَضْبانُ» ونَزَلَتْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيْمانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ».
وأخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وأبُو داوُدَ وقالا: إنَّ الحُكُومَةَ كانَتْ بَيْنَ الأشْعَثِ وبَيْنَ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ.
ورَوى البُخارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أوْفى أنَّ رَجُلًا أقامَ سِلْعَةً وهو في السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاَللَّهِ: لَقَدْ أعْطى بِها ما لَمْ يُعْطَهُ، لِيُوقِعَ فِيها رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيْمانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ. وقَدَّمْنا في مُقَدِّمَةِ التَّفْسِيرِ، في بَحْثِ سَبَبِ النُّزُولِ، وفي سُورَةِ البَقَرَةِ أيْضًا عِنْدَ آيَةِ: ﴿مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ [البقرة: ٩٧] ما يُعْلَمُ بِهِ الجَمْعُ بَيْنَ مِثْلِ هَذِهِ الرِّواياتِ، وأنَّهُ لا تَنافِيَ. فَتَذَكَّرْ.
📖تفسير محاسن التأويل للقاسمى ١٣٣٢هجرية

 #بَلى_مَن_أوْفى_بِعَهْدِهِ_واتَّقى فَإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ﴾﴿بَلى مَن أوْفى بِعَهْدِهِ واتَّقى فَإنَّ اللَّه...
20/06/2022

#بَلى_مَن_أوْفى_بِعَهْدِهِ_واتَّقى فَإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ﴾
﴿بَلى مَن أوْفى بِعَهْدِهِ واتَّقى فَإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ﴾ اعْلَمْ أنَّ (بَلى) إمّا لِإثْباتِ ما نَفَوْهُ مِنَ السَّبِيلِ عَلَيْهِمْ في الأُمِّيِّينَ، أيْ: بَلى عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ، فالوَقْفُ حِينَئِذٍ عَلى (بَلى) وقْفُ التَّمامِ، وقَوْلُهُ: ﴿مَن أوْفى بِعَهْدِهِ﴾ جُمْلَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي سَدَّتْ (بَلى) مَسَدَّها. وإمّا لِابْتِداءِ جُمْلَةٍ بِلا مُلاحَظَةِ كَوْنِها جَوابًا لِلنَّفْيِ السّابِقِ، فَإنَّ كَلِمَةَ (بَلى) قَدْ تُذْكَرُ ابْتِداءً لِكَلامٍ آخَرَ يُذْكَرُ بَعْدَها - كَما نَقَلَهُ الرّازِيُّ - وهَذا هو الَّذِي أرْتَضِيهِ. وإنْ اقْتَصَرَ (الكَشّافُ) ومُقَلِّدُوهُ عَلى الأوَّلِ. وقَدْ ذَكَرُوا في (نَعَمْ) أنَّها تَأْتِي لِلتَّوْكِيدِ إذا وقَعَتْ صَدْرًا. نَحْوَ: نَعَمْ هَذِهِ أطْلالُهم، فَلْتَكُنْ (بَلى) كَذَلِكَ، فَإنَّهُما أخَوانِ، وإنْ تَخالَفا في صُوَرٍ، وعَلى هَذا فَلا يَحْسُنُ الوَقْفُ عَلى (بَلى) . والضَّمِيرُ في: ﴿بِعَهْدِهِ﴾ إمّا لِاسْمِ (اللَّهِ) في قَوْلِهِ: ﴿ويَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ [آل عمران: ٧٥] عَلى مَعْنى: إنَّ كُلَّ مَن أوْفى بِعَهْدِ اللَّهِ واتَّقاهُ في تَرْكِ الخِيانَةِ والغَدْرِ فَإنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ. وإمّا لـ: ﴿مَن أوْفى﴾ عَلى أنَّ كُلَّ مَن أوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهِ واتَّقاهُ فَإنَّهُ يُحِبُّهُ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ فَهَذا عامٌّ، يُخَيَّلُ أنَّهُ ولَوْ وفّى أهْلُ الكِتابِ بِعُهُودِهِمْ وتَرَكُوا اَلْخِيانَةَ لَكَسَبُوا مَحَبَّةَ اللَّهِ. قُلْتُ: أجَلْ لِأنَّهم إذا وفَّوْا بِالعُهُودِ، وفَّوْا أوَّلَ شَيْءٍ بِالعَهْدِ الأعْظَمِ وهو ما أُخِذَ عَلَيْهِمْ في كِتابِهِمْ مِنَ الإيمانِ بِرَسُولٍ مُصَدِّقٍ لِما مَعَهم، ولَوْ اتَّقَوْا اللَّهَ في تَرْكِ الخِيانَةِ لاتَّقَوْهُ في تَرْكِ الكَذِبِ عَلى اللَّهِ وتَحْرِيفِ كَلِمِهِ. انْتَهى.
📖تفسير محاسن التأويل للقاسمى ١٣٣٢هجرية

 #ومِن_أهْلِ_الكِتابِ_مَن_إنْ_تَأْمَنهُ_بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ ومِنهم مَن إنْ تَأْمَنهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إلَ...
19/06/2022

#ومِن_أهْلِ_الكِتابِ_مَن_إنْ_تَأْمَنهُ_بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ ومِنهم مَن إنْ تَأْمَنهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا ذَلِكَ بِأنَّهم قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ويَقُولُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ وهم يَعْلَمُونَ﴾
﴿ومِن أهْلِ الكِتابِ مَن إنْ تَأْمَنهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ ومِنهم مَن إنْ تَأْمَنهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا﴾ بِالمُطالَبَةِ والتَّرافُعِ وإقامَةِ البَيِّنَةِ، فَلا يَبْعُدُ مِنهُ الخِيانَةُ مَعَ اللَّهِ بِكِتْمانِ ما أمَرَهُ بِإظْهارِهِ طَمَعًا في إبْقاءِ الرِّئاسَةِ والرِّشا عَلَيْهِ. ثُمَّ اسْتَأْنَفَ عِلَّةَ الخِيانَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ أيْ: ذَلِكَ الِاسْتِحْلالُ والخِيانَةُ هو بِسَبَبِ أنَّهم يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَيْنا فِيما أصَبْنا مِن أمْوالِ العَرَبِ عِقابٌ ومُؤاخَذَةٌ فَهم يَخُونُونَ الخَلْقَ: ﴿ويَقُولُونَ﴾ أيْ: في الِاعْتِذارِ عَنْهُ: ﴿عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ بِادِّعائِهِمْ ذَلِكَ وغَيْرِهِ، فَيَخُونُونَهُ أيْضًا: ﴿وهم يَعْلَمُونَ﴾ أنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وافْتِراءٌ لِتَحْرِيمِ الغَدْرِ عَلَيْهِمْ. كَما هو في التَّوْراةِ. وقَدْ مَضى نَقْلُهُ في البَقَرَةِ في آيَةِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا﴾ [البقرة: ٦٢] فارْجِعْ إلَيْهِ.
📖تفسير محاسن التأويل للقاسمى ١٣٣٢هجرية

 #یَخۡتَصُّ_بِرَحۡمَتِهِۦ_مَن_یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ﴾ [آل عمران ٧٤]يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَش...
17/06/2022

#یَخۡتَصُّ_بِرَحۡمَتِهِۦ_مَن_یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ﴾ [آل عمران ٧٤]
يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤) أَيْ بِنُبُوَّتِهِ وَهِدَايَتِهِ، عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا. ابْنُ جُرَيْجٍ: بِالْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ "مَنْ يَشاءُ". قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: أَجْمَلَ الْقَوْلَ لِيَبْقَى مَعَهُ رَجَاءُ الرَّاجِي وَخَوْفُ الْخَائِفِ، (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ العظيم).
📖تفسير القرطبى

Address

Kafr Saqr

Telephone

+201061206540

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when المختار من تفسير كلام الله العزيز الغفار posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to المختار من تفسير كلام الله العزيز الغفار:

Share

Category