El Mash5ara المسخرة بـ الشين

  • Home
  • El Mash5ara المسخرة بـ الشين

El Mash5ara المسخرة بـ الشين ماعدش فيها لامؤاخذة
http://elmas5ara.com/

المسخرة بالـ "شين"..
موقع صحفى ساخر من العيشة واللى عايشينها.. في بلد يحترف المسخرة بكل الحروف والمعاني
https://twitter.com/Elmash5ara
https://plus.google.com/u/0/116104357320355801554
http://elmas5ara.com/?page_id=106

في بيئة صعيدية غنية بالتراث الثقافي، نشأ الكاتب والصحفي «أحمد عطا الله»، حيث بدأ رحلته في توثيق الأغاني الشعبية والحفاظ ...
02/01/2025

في بيئة صعيدية غنية بالتراث الثقافي، نشأ الكاتب والصحفي «أحمد عطا الله»، حيث بدأ رحلته في توثيق الأغاني الشعبية والحفاظ على الذاكرة الغنائية المصرية. ورغم التحديات التي واجهها في جمع هذا التراث، استطاع دمج تجربته الشخصية مع حكايات السيرة الهلالية بأسلوب إبداعي مميز. كما عكس برنامجه التليفزيوني «مصر تغني» شغفه العميق بتوثيق التراث المحلي في أنحاء مصر.. «باب مصر» أجرى معه الحوار التالي للتعرف على التحديات التي واجهته ورؤيته في الحفاظ على التراث.

عودة للكتابة في Raseef22  رصيفــ22لكن الأخطر من ذلك أن حالات التشفّي والشماتة بين المصريين ازدادت في كل مناسبات الفشل ال...
12/08/2024

عودة للكتابة في Raseef22 رصيفــ22
لكن الأخطر من ذلك أن حالات التشفّي والشماتة بين المصريين ازدادت في كل مناسبات الفشل المتكرّر. ليس المسيحيون وحدهم هذه المرة، بل "مصريين" فقط، دون "ال" التعريف الدينية، ولا تقتصر الشماتة اليوم على كرة القدم أو الرياضة، بل تطال الميادين كافة. أذكر صدمة المصريين في حصول مصر على "صفر" في ملف مونديال 2010، وانزعاجهم من الفشل الواضح أمام العالم. شعرنا يومها بالحسرة، ولم يكن هناك مجال للتشفّي والسخرية. ولا أنسى فرحة الشعب المصري بإنجاز المصارع كرم جابر، بحصوله على ميدالية ذهبية في أولمبياد أثينا 2004، فرحة أشعرتنا يومها أننا لا زلنا نستطيع تحقيق الفوز والنجاح.

كنت صغيراً، لا أستوعب ''شماتة'' خالي المتكرّرة مع كل خسارة للمنتخب المصري لكرة القدم، مهما كان اسم المنتخب المنافس لنا. كنت أعتبر شماتته ليست من الوطنية...

مذابح الأشجار في مصرمقال لي نُشر من سنتين على موقع RRaseef22  رصيفــ22أقسم أني لم ألوّث النهر، ولم أقطع شجرة، أو أقتل نب...
13/06/2024

مذابح الأشجار في مصر
مقال لي نُشر من سنتين على موقع RRaseef22 رصيفــ22

أقسم أني لم ألوّث النهر، ولم أقطع شجرة، أو أقتل نبتةً... هذا جزء من قسم المصري القديم أمام محكمة العدالة ماعت، بعد موته. فقد بجّل قدماء المصريين الأشجار والنباتات، وعدّوا بعضها مقدساً، مثل شجرة الجميز، وشجرة المورينغا، ونبتة اللوتس. ولا دهشة في ذلك، فقد كانت الزراعة نواة الحضارة المصرية القديمة في الأساس.

"تطوير ومصلحة للمصريين"
اليوم، توجد حرب شعواء على الشجر والمساحات الخضراء في مصر، في المدن كلها تقريباً، وليس في العاصمة فحسب، لم يكن أولها مذبحة الأشجار في حدائق المنتزه في الإسكندرية، منذ الـ2018، وحتى الأسبوع الماضي، وكذلك الحدائق العامة في الإسماعيلية، والمنصورة، وبورسعيد لاحقاً. وفي شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، جاء الدور على حديقة المريلاند الشهيرة، في جنوب القاهرة، وأخيراً حديقة الأسماك في حي الزمالك، ما دفع بعض النواب لتقديم استجوابات للحكومة في مجلس النواب المصري، عما يحدث في المريلاند، وفي حديقة الأسماك، تحديداً، لأهميتهما التاريخية والأثرية.

انتفض قطاع كبير من المصريين، وأرسلوا العديد من الشكاوى والاستغاثات لمنع قطع الأشجار في أحيائهم وشوارعهم، ونددوا بمذابح الأشجار، والحدائق العامة.
ذلك كله بدعوى التطوير، والمصلحة العامة، كما صرحت الحكومة المصرية، متمثلة في وزيرة البيئة، إلى درجة تدعو إلى الدهشة والغرابة. تدمير الحدائق، وقطع الأشجار، يُعد تطويراً، ومصلحة عامة للمصريين! ربما نصدق ذلك الادعاء بخصوص الأشجار في الطرق العامة والشوارع، لتوسيعها، للحد من الزحام، لكن ماذا بخصوص حديقة الطفل في المنصورة، التي تمت إزالتها عن بكرة أبيها؟ أو حدائق المنتزه في الإسكندرية، أو الميريلاند في مصر الجديدة؟ وهي كلها حدائق مغلقة لها أسوار، ولا علاقة لها بالطرق والمحاور المرورية الجديدة، بل تم تجريفها، وقطع أشجارها، لإنشاء مطاعم "تيك أواي"، وأكشاك للسجائر.
من ناحية أخرى، على الورق، وفي الرسميات، تجد أن الحكومة المصرية من أكبر الدول الداعية للحفاظ على البيئة، والاهتمام بالأشجار، وزيادة المسطحات الخضراء، في عدد كبير من المؤتمرات والاتفاقيات والمبادرات، أهمها المبادرة الرئاسية اتحضر للأخضر عام 2019، ومشروع زراعة مليون شجرة في شوارع مصر، في العام نفسه، وكذلك سن البرلمان المصري قوانين صارمة على من يجورون على الأراضي الزراعية كلهم، بالحبس، وغرامة 50 ألف جنيه على كل من يقطع شجرةً. ومؤخراً، ترأست وزيرة البيئة المصرية الاجتماع الوزاري لاتحاد من أجل المتوسط، لمناقشة التغيير المناخي، وأكدت أن مصر تهدف إلى أن تصل إلى نسبة 50% من مشروعاتها، خضراء، بحلول عام 2024، في الوقت نفسه الذي وضع المتخوفون أمثالي أيديهم على قلوبهم، مع التوجيهات الرئاسية للحكومة بتطوير حديقة الحيوان في الجيزة، ورفع كفاءة المتنزهات العامة، خوفاً من تكرار مذابح الأشجار المعمرة، والنادرة، في حديقة الحيوان، وحديقة الأورمان في جوارها.

ذلك كله بدعوى التطوير، والمصلحة العامة، كما صرحت الحكومة المصرية، متمثلة في وزيرة البيئة، إلى درجة تدعو إلى الدهشة والغرابة. تدمير الحدائق، وقطع الأشجار، يُعد تطويراً، ومصلحة عامة للمصريين!
أشجار "الفيكس"
على المستوى الشعبي، انتفض قطاع كبير من المصريين، وثاروا إلكترونياً على مواقع التواصل، وأرسلوا العديد من الشكاوى والاستغاثات لمنع قطع الأشجار في أحيائهم وشوارعهم، ونددوا بمذابح الأشجار، والحدائق العامة، في محافظات مصر، لاسيما في العامين الأخيرين، ودشن الغاضبون مجموعات خاصة على فيسبوك، لتوثيق جرائم السلطة التنفيذية في الأحياء المحلية، في قطع الأشجار النادرة وبيعها، وتم بالفعل محاكمة مديرة حديقة المنتزه في حي بور فؤاد، في محافظة بورسعيد، بسبب قطعها أشجاراً نادرة، وبيعها، لكن لا زال التعدي على أشجار مصر مستمراً، بشكل مخيف، لا سيما مع معرفة أن المساحة الخضراء الموجودة في مصر، والحدائق العامة، أقل بكثير من الحد الأدنى العالمي، الذي يختلف من دولة إلى أخرى، حسب الطبيعة الجغرافية للدولة، وموقعها، إذ من المفترض في حالة مصر أن يتوافر لكل منطقة فيها خمسة آلاف نسمة، مساحات خضراء بمعدل 300 ألف متر مربع، وبتطبيق المعدل المذكور على عدد سكان مصر، ومساحتها، نجد حقيقة صادمة؛ فالمساحات الخضراء الموجودة بالفعل في مصر، أقل من 10% من المساحات الواجب توافرها لعدد سكان مصر الحالي، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء، وذلك قبل المذابح الأخيرة طوال العامين الماضيين. فمصر لديها 5،370 مليون متر مربع فقط، تتنوع بين حدائق نباتات، ومتنزهات عامة، بخلاف حديقتي "الحيوان والأسماك"، وما فيهما من أشجار كثيرة، ومساحات خضراء، في حين أننا نحتاج إلى أن يكون متوافراً لدينا نحو 58 مليون متر مربع من الحدائق والمنتزهات.

وسط ذلك كله، واستثماراً للغضب، أطلق البعض مبادرات لزراعة الشوارع في المدن المصرية، بأشجار مثمرة، مثل الليمون والبرتقال، التي لا تحتاج إلى الكثير من المياه، ويمكن الاستفادة من ثمارها، وتعطير الشوارع برائحة أزهارها، بدلاً من أشجار "الفيكس" التي لا يُزرع غيرها في شوارع مصر، منذ أكثر من ربع قرن تقريباً، وتحولت إلى وباء كبير على الشوارع، إذ تستهلك الكثير من المياه، وهي خضراء طوال العام، ما يجعلها ملجأً للأتربة، والحشرات، والقوارض. لكن حتى هذه المبادرات، رفضتها الحكومة، وحذّرت من زراعة الأشجار المثمرة في الشوارع، من دون تخطيط، مؤكدةً عدم نجاح الفكرة في مصر، بسبب تلوث الهواء الذي سيصيب الثمار بالأمراض الخطيرة، ويؤثر على صحة الإنسان إذا أكل منها. وراحت اللجان الإلكترونية الحكومية تروّج أن فلول الإخوان المسلمين، هم مَن وراء اشتعال الغضب الشعبي، مستغلين قطع الأشجار كحجة، لتأجيج الشعب ضد النظام المصري.

كم كنت ساذجاً
بالصدفة، العام الماضي، زرت "حي الأسمرات" في القاهرة، قبيل افتتاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمرحلة الثالثة من المشروع السكني الجديد، وكتبت تعليقاً على أخبار الافتتاح وصوره، مفاده أن الحي الجديد، على الرغم من جماله ونظافته، يخلو تماماً من الأشجار، أو أي مساحات خضراء، حتى ملعب الخماسي الموجود، أرضيته نجيل صناعي "ترتان"، وكأن من صمم الحي، ونفّذه، نسى تماماً أن هناك شيئاً اسمه "شجر". يومها، أحد الأصدقاء المبهورين بالمشروعات التنموية للدولة المصرية، وهذا حقه، لامني على رأيي، وملاحظتي التافهة، وكتب يعدد في أهمية المشروع في القضاء على عشوائيات المنطقة التي كان يعيش فيها عدد كبير من المصريين، حياةً غير آدمية. وأنه يمكن زراعة الأشجار في ما بعد. لكن حتى اليوم، لم تُزرع "قصرية" زرع واحدة حتى في الحي. كنت ساذجاً حين صدقت أن من يزيل الأشجار من الأحياء القديمة، سيكلّف نفسه بزراعة شجرة جديدة في منطقة انتهى العمل فيها، وزارها الرئيس، وقام بافتتاحها "خلاص"، واختفت عدسات الكاميرات، والبدلات الرسمية.

وراحت اللجان الإلكترونية الحكومية تروّج أن فلول الإخوان المسلمين، هم مَن وراء اشتعال الغضب الشعبي، مستغلين قطع الأشجار كحجة، لتأجيج الشعب ضد النظام المصري
تقليد أعمى للمدن
هذا العام، الصديق نفسه كلّمني منبهراً بالأشجار الموجودة على الترع، والجسور، في صعيد مصر، بعدما ذهب في زيارة سريعة إلى سوهاج، بالقطار، وشاهد طوال الطريق حتى وصوله، الأشجار العالية والكثيفة، على امتداد خط السكة الحديد، وتمنى أن أكتب عنها يوماً ما. أخبرت صديقي بأن هذه الأشجار بعضها يصل إلى مئتي عام وأكثر، وقام بزراعتها محمد علي باشا، وولده من بعده، الخديوي إسماعيل، اللذان اهتما بالمصارف، والترع، في الصعيد، بإنشاء العديد من الجسور، والسدود، والترع، للسيطرة على جموح النيل في فيضانه، وحماية الأراضي الزراعية، وقاموا بزراعة أشجار الكافور، والسنط، والصفصاف، والنخيل، واللبخ، وغيرها من الأشجار المعمرة التي يعرفها المصريون كلهم، منذ آلاف السنين، لتثبيت التربة للترع، والسدود، بجذورها العملاقة. وهي الأشجار نفسها التي كانت ممتدة حتى كورنيش النيل في القاهرة، وفي الحدائق العامة، والمتنزهات، والشوارع، في أحياء القاهرة الشهيرة، كما صوّرتها لنا أفلام الأبيض والأسود، قبل نصف قرن مضى، لكن تم القضاء عليها تباعاً، وبيعها لتجار الفحم. وحلت علينا لعنة شجر الفيكس، والكونكابارس، التي ليست لها أي فائدة على الإطلاق. حتى القرى في الصعيد، والدلتا، استبدلت أشجار النبق، والتوت، والجميز، التي كانت تملأ الشوارع، بأشجار الفيكس الغبية، كتقليد أعمى للمدن، بعدما أغرتهم أشكال الفيكس، وهي مقصوصة على شكل مربعات، ومثلثات، ودوائر.

محب سميرالاثنين 3 فبراير 202005:41 م"سخّني الماء جيداً لأن العجينة اختمرت"، أوصت أمي أختي الكبرى بفعل ذلك فجراً، قبل أن ...
30/05/2024

محب سمير
الاثنين 3 فبراير 202005:41 م

"سخّني الماء جيداً لأن العجينة اختمرت"، أوصت أمي أختي الكبرى بفعل ذلك فجراً، قبل أن تدخل مسرعة إلى غرفة "الفرن" لتشعل النار في "البسوال"- الروث الجاف للبهائم- في فوهة الفرن استعداداً لخبز "بتاو عيد الميلاد".

نصيحة أمي (63 عاماً) هي بعينها الحكمة التي نصحها الحكيم الخباز الفرعوني لولده بمقبرة "وب أم نفرت" منذ 5 آلاف عام، مضيفاً ضمن نصائحه عن الخبز: " كن قنوعاً بطعامك.. إذا كان يكفيك ثلاثة أرغفة وشرب قدحين من الجعة.. فإذا لم يكن بطنك قد اكتفى فحاربه".

الحقيقة أنه بين نصيحة أمي لأختي، ونصيحة جدها الخباز الفرعوني لولده، عرف المصريون عشرات الأنواع من المخبوزات طوال تاريخ الحضارة المصرية، تنوعت أشكالها وأحجامها، كذلك اختلفت أنواع الدقيق المستخدم، ما بين القمح، الشعير والذرة، والإضافات التي تمنح مذاقاً خاصاً لكل منها على حدة، بعضها "يحب الزبد"، وآخر تحسّنه الحلبة أو "الحياقة" باللهجة الصعيدية.

ربما تضيف مع الخميرة كوب لبن جاموسي كامل الدسم أو حتى سكراً، لكن يظل "البتاو" أو "طعام الآلهة" هو الأكثر انتشاراً في قرى الصعيد، بأنواعه وأشكاله المختلفة، سواء كان "المرحرح" أو "المنطط" أو "الطباقي" وغيرها من الأشكال، لكن المرادف واحد.. "بتاو مصري" بنفس النطق، حيث كانت كلمة خبز تكتب على شكل رغيف، وتنطق مقطعين، الأول هو "با"، وهي إحدى معاني "الروح"، و"تا" أو "تي" تعني الخبز، حسب موسوعة "مصر القديمة"، وربما لفظة "عيش" لا تطلق في أي لغة على الخبز إلا في مصر، فهو مرتبط في الأساس بالحياة والعيش، ويصف الموروث الشعبي المصري الساعي إلى الرزق أنه "رايح ياكل عيش".

"أكل العيش" هو الذي جعل أم ميخائيل (52 عاماً) تعمل لأكثر من 25 عاماً في مهنة "خبازة" لـ"البتاو"، في قرية البرشا الواقعة في محافظة المنيا جنوب مصر، فهي أرملة كافحت لتربية أبنائها الثلاثة لمدة ربع قرن أمام الفرن، بين يديها "مطرحة" تتراقص فوقها قطعة العجين الصغيرة، لتتحوَّل بسرعة إلى "بتاوة"، اليوم تساعد أمي، كما العادة، وتقول لرصيف22 عن مهنتها : "شغلانة تهدّ الحيل، طول النهار بالمطرحة لما إيديا بتتخدل، والصحة ما عادتش زي زمان".

حكاية "العيش أبو شلن"
أيضاً لم يعد "البتاو" هو الخبز الرئيسي في أغلب قرى الصعيد، ويتم عمله في المناسبات فقط، تتلقف أمي الحديث من طرف لسان جارتها أم ميخائيل، وتسرد بألم التغيرات التي أصابت المصريين بسبب الظروف الاقتصادية، وانعكاسها على صناعة الخبز: "كنا بنخبز على الأقل 4 مرات في السنة بتاو، ده غير العيش الشمسي، والضلي، والمنطط، والفايش، دلوقتي ما حدش معاه فلوس لأكل البتاو، والناس اتعودت على العيش أبو شلن".

لم يعد "البتاو" هو الخبز الرئيسي في أغلب قرى الصعيد، ويتم عمله في المناسبات فقط، تقول إحدى الصعيديات: "ما حدش معاه فلوس لأكل البتاو"
"الرغيف أبو شلن" هو الاسم الشائع بين المصريين، الذي يطلقونه على الرغيف المدعَّم من قبل الحكومة، وتوفّره وزارة التموين المصرية، عبر المخابز المصرية التي تنتج 270 مليون رغيف خبز مدعم يومياً، بمعدل 100 مليار رغيف سنوياً، حسب ما نشرته مواقع محلية عن المركز الإعلامي لرئاسة الوزراء المصرية، الذي جاء فيه أيضاً أن رغيف الخبز يكلف الدولة 55 قرشاً ويباع بـ 5 قروش وتتحمل الدولة فرق السعر، حيث تستهلك مصر نحو 9.7 مليون طن من القمح سنوياً، توفر الدولة 3.7 إلى 4 ملايين طن قمح لرغيف الخبز، وتستورد 6 ملايين طن من الخارج سنوياً، كما يبلغ متوسط الاستهلاك السنوي للفرد 889 رغيفاً، وهو أعلى معدل استهلاك على مستوى العالم، وفق دراسة للجهاز المركزي للإحصاء.

رغم ذلك تُعد مصر ضمن 36 بلداً يتركز فيها 90% من عبء سوء التغذية العالمي، وفق التقرير الصادر من يونيسيف.

"كان زمان من العار على الناس أكل العيش أبو شلن، ولا يأكله غير الفقراء المعدومين"، تقول أمي.

في المواسم فقط

تحصل أم ميخائيل على أجر يومي 150 جنيهاً و30 بتاوة، بالإضافة إلى قطعة صابون، وتبدأ يومها من السادسة صباحاً وحتى الخامسة مساء، ترى العائد المادي "يا دوب يكفوا العيال"، فيما ترى أمي أن أجر الخبازة- وإن كان مرضياً لها مقارنة بالمجهود الذي تبذله- إلا أنه يعد عبئاً آخر يضاف على أي فلاح يفكر في خبز "البتاو" باستمرار، لاسيما وأن "البتاو" لا يمكن خبزه بواسطة شخص واحد، فعلى الأقل ثلاث نساء يشتركن في عملية الخبز، بمشاركة أطفال العائلة، ما يجعل يوم الخبيز في بيوت الصعيد يشبه الكرنفال الخاص.

هذا الكرنفال بقيادة أمي و بمساعدة أم ميخائيل أنتج اليوم 500 بتاوة، كلَّف صنعها خمس "كيلات" من الذرة الشامية، و"كيلتين" ونصف من القمح المصري (الكيلة تساوي 12 ونصف كيلوجرامات وسعر الكيلة 65 جنيها للذرة و75 جنيهاً للقمح) ما يعني أن التكلفة الإجمالية تخطت الألف جنيه مصري، أي ما يقارب سبعون دولاراً، وهو ما جعل حتى الصعايدة يستغنون مؤخراً عن "البتاو" مقابل "رغيف التموين" المتوفر والأرخص، حتى لو كانت قيمته الغذائية أقل.

فيما يقوم سكان الصعيد بعمل باقي الأنواع من الخبز في عدة مواسم أخرى، فمثلاً "القرص و"العيش الشمسي" تجده في مواسم زيارة الموتى، وفي الأفراح والطهور يخبز "الضلي"، ويوزع على الأقارب والجيران، وفي الشتاء يحلو أكل "المنطط" مع "الكشك" الصعيدي.

خبز يقاوم الاندثار
تذكر أمي بمساعدة أم ميخائيل، قبل رحيلها في نهاية النهار، بعض أنواع الخبز المصري الذي مازال يصنع بالكامل على الفرن الطيني، مثلما كان يفعل الأجداد منذ آلاف السنين، على نفس الفرن المصنوع من الطين المخلوط بروث الحيوانات، وتوارثته الأمهات عن الجدات جيلاً بعد جيل.

"كان زمان من العار على الناس أكل العيش أبو شلن، ولا يأكله غير الفقراء المعدومين" تقول أمي
تقول أمي وهي تعد على أصابعها: "عندك العيش الطباقي والملدن والملتوت وعيش الصاج أو الرقاق والقيضي والمدرن والبكوم والخامر والمجردق". وتصمت قليلاً قبل أن تلعن ذاكرتها التي تخونها مؤخراً وتختم: "يمكن فيه أنواع تاني وأنا ناسياها.. وبتوع بحري كمان عندهم عيش وحاجات مانعرفهاش".

عشرات الأنواع من الخبز، المتوارث منذ آلاف السنين، لايزال يقاوم الاندثار، لكن من يصدق أن خميرة الأجداد من الممكن أن تبث فيها الروح مرة أخرى وتعود لصنع رغيف خبز حقيقي؟

هذا ما فعله العالم الأمريكي شيموس بلاكلي، الذي استطاع صنع خميرة، استخرجها من الفخار المصري الذي يبلغ عمره 4500 سنة، تعود إلى أيام مصر القديمة، وشاركته عالمة المصريات سيرينا لوف، وعالم الأحياء المجهرية ريتشارد بومان، وذلك ليخبز رغيفاً أكثر وألذ طعماً من العجين المخمر العادي، في نتيجة إيجابية للغاية، بحسب تقرير نشره موقع "بي بي سي".

وقد وثَّق بلاكلي التجربة بتفاصيلها على حسابه الشخصي في موقع التدوينات القصيرة، تويتر.

Two weeks ago, with the help of Egyptologist and Microbiologist , I went to Boston’s MFA and ’s to attempt collecting 4,500 year old yeast from Ancient Egyptian pottery. Today, I baked with some of it... pic.twitter.com/143aKe6M3b

— Seamus Blackley () August 5, 2019
لكن أثريين مصريين رؤوا، في تصريحات نشرتها صحيفة الأهرام آنذاك، أنّ ما قام به الباحث الأمريكي يحتاج لإثباتات تؤكد صلاحية عودة خميرة فرعونية عمرها 4500 سنة، واستخدامها، وقال الأثري محمد محي، مثمّناً الطريقة التي يخبز بها المصريون في القرى: "كافة الدراسات الأثرية تؤكد أن العجينة الفرعونية كانت تصب في قوالب، يتم تسخينها مسبقاً، حيث كان يتم تشكيل الأرغفة من خلال لوح، وهو الأمر المعمول به حتى الوقت الحاضر في النجوع والقرى المصرية".
(الصورة لخالتي أم ميخائيل خبازة من قرية #البرشا )
لينك الموضوع في أول تعليق

 مزاج رايق جدا. وكتابات ممتعة ومعتقة.. ألف مبروك يا صديقي العزيز Ashraf Abd ElShafy على فودكا.. في صحة الكتابة الحلوة
17/05/2024


مزاج رايق جدا. وكتابات ممتعة ومعتقة.. ألف مبروك يا صديقي العزيز Ashraf Abd ElShafy على فودكا.. في صحة الكتابة الحلوة

فودكا هو مزيج مثير وممتع من المحتوى الفني والرياضي والثقافي، حيث يجمع بين عوالم متنوعة ليقدم تجربة شاملة ومثيرة للمستخدمين. يتنوع المحتوى على موقع "فودكا" بين مقالا....

القول المبين في إجازة المسيحيين* نشر المقال في موقع المنصة 2023افتقدنا هذا العام في السهرة العائلية المعتادة عشية "حد ال...
01/05/2024

القول المبين في إجازة المسيحيين
* نشر المقال في موقع المنصة 2023

افتقدنا هذا العام في السهرة العائلية المعتادة عشية "حد السعف"، حيث تتجمع العائلة كل عام بأمر أمي، هزار ونكات "رامز" البايخة، بينما كنا نضفّر الصلبان والتيجان من سعف النخيل، للذهاب بها إلى الكنيسة في الصباح، وهو ما يفرح كل أطفال وشباب العائلة.

يدرس رامز، ابن شقيقتي الكبرى، في كلية التجارة الخارجية بإحدى الجامعات الخاصة بالقاهرة. وتعذر عليه المجيء بسبب امتحانات الـ"ميد تيرم"، في نفس يوم العيد!

لم يتوقف النكد عند هذا الحد (حد السعف)، بل امتد إلى "حد القيامة"، عندما أخبر والدته أنه لن يتمكن من حضوره أيضًا، ولنفس السبب، الامتحانات. لتلعن شقيقته جاكلين الامتحانات والقاهرة والدكاترة والجامعات، بسبب ذكرياتها المشابهة عندما كانت تدرس في كلية التمريض بالقاهرة، قبل أن تتخرج منذ ثلاثة أعوام فقط.

وبكى شقيقه الصغير مايكل عندما تأكد أن أخيه الأكبر يتكلم "بجد" ولا يهزر كعادته. وبالنسبة لي، فقد قلب عليّ ابن شقيقتي المواجع، ربنا يسامحه.

ذكريات تعيد نفسها
بنظرة سريعة على جدول الإجازات والعطل الرسمية في شهر أبريل (نيسان) الحالي، ستفرح ثم تندهش، وبعدها قد تستنكر وتبدأ في السؤال. ستفرح لأنك مصري مثلي يحب الإجازات ويا سلام لو كانت إجازات مدفوعة الأجر، وشهر أبريل الجميل نصفه إجازات رسمية ما بين "جمعة وسبت" و أعياد دينية ومناسبات قومية، وشم للنسيم.

لكنك ستندهش لو ركزت قليلًا في أسباب الإجازات وعدد أيام كل منها على حدة. فلو استبعدنا يومي الجمعة والسبت (14 و 15 أبريل)، نجد يوم 17 شم النسيم، و21 و22 و23 عيد الفطر، ويوم 25 عيد تحرير سيناء. كل هذه الأيام إجازات رسمية مدفوعة الأجر.

لكن مع التركيز أكثر ستجد في الوسط يوم 16 إبريل (الأحد) حيث يحتفل المسيحيون بعيد القيامة. لكنه ليس إجازة رسمية، بالطبع لا يذهب المسيحيون إلى وظائفهم الحكومية ولا يذهب أبناؤهم إلى المدارس والجامعات، ليحتفلوا براحتهم بعيد القيامة المجيد.

لكن الإجازة هنا أمر متفق عليه عرفيًا فقط وتخصم من رصيد الإجازات. وأنت كمواطن مسلم سيتم حساب اليوم غياب لو لم تذهب إلى عملك، يمكنك أن تستنكر هنا براحتك. إلا إذا كنت تعمل في أحد البنوك، فلا أعرف لماذا البنوك تحديدًا إجازة يوم عيد القيامة.

دفع الأمر كثيرين لسؤال جوجل إذا كان عيد القيامة إجازة رسمية أم لا؟ ونفى المتصفح، لكنه لم يعرف إجابة سؤال "لماذا لا يكون عيد القيامة إجازة رسمية في مصر مثل عيد الميلاد؟" أسوة بأعياد المسلمين، التي تصل الإجازات فيها إلى ثلاثة وأربعة وأحيانًا خمسة أيام، قل سبعة.

الإجازة "الرسمية" تعني للمسيحيين في مصر الكثير. وتعني الأكثر بالنسبة للمؤمنين بمدنية الدولة

المثير للدهشة، وربما السخرية، أن اليوم التالي لعيد القيامة إجازة رسمية بمناسبة "شم النسيم". ويقال في الأثر إن الاحتفال بشم النسيم تم تحديده بعد عيد القيامة مباشرة، وقتما حل بالتوقيت القبطي، للتأكيد على وحدة الشعب المصري في الأعياد والاحتفالات! أليس من باب أولى النظر إلى يوم الأحد (عيد القيامة) قبل يوم الاثنين (شم النسيم).

حتى عام 2002 لم يكن عيد الميلاد إجازة رسمية في مصر. ذكرني ابن شقيقتي جيدًا كيف كان بعض معيدي وأساتذة جامعات مثل المنيا وأسيوط، يتفننون في اختيار يوم 7 يناير/كانون الثاني لامتحان نصف العام لموادهم. كان على الطالب المسيحي قبل ذلك التاريخ أن يسهر ليلة العيد للمراجعة ويستيقظ مبكرًا ليلحق امتحانه، وهو يسب ويلعن العلم والتعليم، مثل ابنة شقيقتي بالضبط.

وبالنسبة لأبناء القرى أمثالي، في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وما أدراك بالثمانينيات والتسعينيات في المنيا وأسيوط، نسينا شكل عيد الميلاد في بيوتنا بسبب تغربنا في المدينة، وسكننا الجامعي بعيدًا عن قرانا وعدم قدرتنا على العودة لأهلنا ليلة العيد. ربنا لا يعيدها أيام. لكنها تعيد نفسها اليوم عادي.

أعيادكم وعقيدتنا
جاء القرار الجمهوري باعتبار 7 يناير إجازة رسمية للبلاد في عام 2002 ليثلج صدور المسيحيين وقتها، كنيسة وشعبًا. واحتفت وسائل الإعلام الرسمية بالقرار، حيث لم يكن هناك غيرها في ذلك الوقت.

قال الجميع إن القرار جاء ليؤكد على "وحدة نسيج الشعب المصري". وبالفعل، لم يلقَ القرار تقريبًا أي معارضة أو امتعاض على المستوى الشعبي، حتى المتشددين منهم. لكن، لم يكن ذلك الترحيب نابعًا من اعتراف كل الأطراف والأطياف بأحقية المسيحيين في إجازة رسمية في أعيادهم أسوة بأشقائهم المسلمين، ولا لأن المصريين كانوا أكثر تسامحًا منذ عشرين عامًا مضت عن اليوم.

كان السبب الرئيسي هو الاختلاف العقائدي في الأمر. فالمسلمون والمسيحيون يتفقون على حدوث واقعة "ميلاد المسيح" التي يُحتفى بذكراها في عيد الميلاد. إذن، فلا مانع ديني أو شعبي يمنع القرار بالنسبة للمسلمين. وهو الأمر الذي لا يتحقق بالنسبة لعيد القيامة، الذي يخالف مضمونه السردية الإسلامية لقصة المسيح، وهو أمر لا يحتاج إلى سؤال "جوجل" هذه المرة، فأصغر طفل في مصر يمكنه الإجابة عن هذا السؤال.

ويبدو الأمر جليًا في حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي قداس عيد الميلاد داخل الكاتدرائية، فيما يكتفي بمبعوث وبرقية تهنئة في عيد القيامة.

من زاوية أخرى، لم يحصل المسيحيون على اعتراف الدولة الرسمي بإجازة عيد الميلاد في يناير كمنحة من نظام مبارك، أو تحقيقًا لمبدأ المساواة بين المواطنين، بل اعتبره البعض ليس أكثر من ترضية من الدولة للمسيحيين في مصر بعد سلسلة من الاعتداءات الطائفية بحقهم، كان أبشعها مذبحة الكشح في نهاية عام 1999، وجاء القرار وقتها لامتصاص غضب الأقباط والكنيسة والرأي العالمي.

أذكر أن المرة الأولى التي يذيع فيها التليفزيون المصري القداس كاملًا على القناة الثانية، وليس فقط فقرة تهنئة السادة المسؤولين، كانت قداس عيد الميلاد المجيد لعام 2002.

لا يطمع المسيحيون في مصر إلا في يوم واحد تعترف به الدولة كإجازة رسمية يستحقونها في عيد القيامة، إجازة تريحهم من تعنت أرباب العمل المتشددين الذين ينغصون عليهم عيدهم كل عام، خصوصًا الطلبة.

لماذا لا تفعل الدولة كما فعلت حين أقرت يوم 7 يناير إجازة رسمية بمناسبة عيد الميلاد؟ الإجازة "الرسمية" تعني للمسيحيين في مصر الكثير. وتعني الأكثر بالنسبة للمؤمنين بمدنية الدولة، ومن يبحثون عن تحقيق المساواة والعدالة بين طوائف المجتمع في "الجمهورية الجديدة"، وكما ينص الدستور المصري.

أو علينا أن نكون دولة عملية أكثر، لا وقت لدينا ولا رفاهية الحصول على كل هذه الإجازات، ربما علينا أن نلغيها كلها ونكتفي بالمناسبات الوطنية؛ نصر أكتوبر وتحرير سيناء، والأعياد المصرية، مثل وفاء النيل وشم النسيم ورأس السنة المصرية.

بالنسبة لسؤال : "أنت ليه مابتكتبش عن المنيا وانت صحفي منياوي؟" ده تقرير نشر من سنتين على موقع المنصة حاولت أجاوب فيه على...
30/04/2024

بالنسبة لسؤال : "أنت ليه مابتكتبش عن المنيا وانت صحفي منياوي؟"
ده تقرير نشر من سنتين على موقع المنصة حاولت أجاوب فيه على أسئلة كتير

"المنيا ليه؟": هكذا تُرسم خريطة الطائفية

من بين كل محافظات مصر تأتي المنيا حالة عصية على الفهم، كمصدر إزعاج وتوتر للسلطات المتعاقبة في مصر طوال التاريخ تقريبًا، ربما منذ انقلاب إخناتون على الديانة المصرية وكبير آلهتها آمون رع، واتخاذه تل العمارنة في المنيا مقرًا لدولته وديانته الجديدة لعبادة الإله الواحد آتون، قبل أن يأتي كهنة طيبة فيهدون معابده فوق رأسه ويتركون المنيا التي اتخذت فيما بعد من رأس زوجته نفرتيتي شعارًا لها، وكأن ذلك الرمز المرتبط بصاحب أول تمرد ديني في الدولة القديمة وسم كل تمرد لاحق تتبناه المنيا بالغرض الديني.

في القرن الرابع الميلادي، مثلت مدينة أنصنا في المنيا مصدر قلق للإمبراطورية الرومانية حيث المسيحيين هناك لا يريدون الانصياع لأوامرها بالارتداد عن ديانتهم التي تتعارض مع المعتقدات الرومانية، وإن كان ذلك الشكل من التمرد الذي عرّض المسيحيين للخطر وأودى بحياة الكثير منهم، لا يشبه ما جرى بعد ذلك الحادث بقرون متعددة من تمرد جديد على أساس ديني آخر تزعمته هذه المرة الجماعة الإسلامية التي خرجت من المدينة الجنوبية بقادة أغلبهم من أبناءها: كرم زهدي، وناجح إبراهيم، وخالد الإسلامبولي قاتل السادات، وإن احتفظ ذلك التمرد من تاريخ المدينة الروماني بالعداء للسلطة المركزية والديانة المسيحية.

استهداف المسيحيين وكنائسهم وأديرتهم في المنيا توالى في حوادث إرهابية وطائفية وقع أعنفها عقب عزل الرئيس محمد مرسي وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في يونيو ويوليو وأغسطس من العام 2013، وإن كان "مصنع الفتن المنياوي" لم يتوقف قبل تلك الأحداث أو بعدها، فبين كل فترة زمنية قصيرة وأخرى ثمة حادث طائفي جديد. مرة بسبب علاقة بين مسيحي ومسلمة، ومرات بسبب بناء كنيسة جديدة أو حتى تجديد دورة مياه داخلها، كما حدث في قرى الإسماعيلية ودمشاو وعزبة سلطان والزعفرانة، أو بسبب الشائعات التي تلعب دورًا كبيرًا في تأجيج الفتنة، مثل جريمة "سيدة الكرم" في مركز أبو قرقاص، أو الإساءة للدين الإسلامي على فيسبوك، كما حدث مؤخرًا في قرية البرشا بملوي ، لتحتل المحافظة المركز الأول في عدد الأحداث الطائفية التي وقعت في مصر طوال العشر سنوات الأخيرة، حسب تقرير ودراسة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

المنيا ليه؟
تشترك المنيا ومحافظات الصعيد في عدد من الخصائص مثل الفقر والجهل والقبلية، لكن المنيا تتميز ديموجرافيا من حيث الكثافة العددية للأقباط وتوزيعهم داخل القرى والمدن، وكذلك نشاطهم الاقتصادي وثقلهم المادي، فضلًا عن عدد الكنائس والأديرة المنتشر بطول وعرض المحافظة، صحيح أنه لا يوجد "إحصاء معلن" لعدد الكنائس، لكن طلبات تقنين أوضاع الكنائس يكشف جزءًا من الحقيقة، إذ تتصدر المنيا عدد طلبات التقنين من بين كل محافظات مصر.

فتاة تشعل شمعة أمام أيقونة العذراء بكنيسة السيدة العذراء مريم بقرية البرشا- من تصوير محب سمير
في المنيا قرى كاملة يقطنها مسيحيون وتحمل أسماء مسيحية واضحة مثل دير أبو حنس ودير البرشا ودير الملاك، بخلاف عدد من العزب على امتداد المحافظة يطلق عليها عزب النصارى وهي لمسيحيين هاجروا من قرى أخرى، قد تكون من خارج المركز كله، كما حدث في صحراء سمالوط الغربية، التي يقطن أغلبها مسيحيين من قرى مركز ملوي، فقد تجد في قرية واحدة أكثر من خمسة عشر كنيسة وثلاثة أديرة مثل قريتي دير البرشا ودير أبو حنس، وبجوارها أخرى أصغر ذات أغلبية مسلمة، أو من العربان المنتمين لقبائل عربية ومنتشرين في شرق وغرب صحراء المحافظة، إذن فالمسيحيون في المنيا يشكلون كتلًا تتواجد بأكملها في مناطق بعينها وليسوا متفرقين بين قراها، الأمر الذي يراه بعض المتشددين يشكل خطرًا على هوية المحافظة، وترى فيه الجماعات المتطرفة حلقة أضعف لضرب الدولة من خلالها.

يقول الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسحاق إبراهيم، للمنصة إنه "لو فهمنا هذه التركيبة السكانية للمحافظة من الداخل ربما يمكننا وضع أيدينا على جرح المنيا الغائر، حيث يمثل الأقباط نسبة معتبرة من عدد السكان، لا يوجد إحصاء رسمي يحدد أعدادهم، لكن مؤشرات من مصادر محلية متنوعة قدرت نسبتهم بنحو 30% من سكان المحافظة، وهو ما يخلق مساحات من التعامل اليومى بين المواطنين، بما يتضمنه ذلك من خلافات ومشاجرات يسهل تحريكها طائفيًا".

يضيف إبراهيم للمنصة "تضم المحافظة عددًا من أبناء القبائل العربية، بعضا منهم يحمل الجنسيتين المصرية والليبية، ويعيشون في قرى بالقرب من الظهير الصحراوي الغربي للمحافظة، تأثر عدد منهم بأفكار التنظيمات الإرهابية والمتشددة المنتشرة في ليبيا، وانخرط نفر منهم في هذه التنظيمات خصوصا خلال السنوات الأخيرة".

يؤرخ الباحث الحقوقي لظهور الاتجاهات المتطرفة في المنيا بعقدي السبعينيات والثمانينيات، يقول "خرج من المحافظة الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تورطت في اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات، ورفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق، كما أن كثيرًا من قادة حزبي البناء والتنمية التابعة للجماعة الإسلامية، والوسط الذي خرج من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وبعض قادة التيارات السلفية الحاليين هم من أبناء المحافظة مثل محمد سعد الكتاتني وأبو العلا ماضي وعبد المنعم الشحات، وقد عانت المنيا من أعمال إرهابية واسعة خلال تلك الفترة التي أعقبت الإطاحة بمحمد مرسي".

غياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية أيضا يمثل جانبًا من الأزمة التي تجمع المنيا بعدد من المحافظات الأخرى، يقول عن ذلك إبراهيم في تقرير عن الطائفية في المنيا، صادر عن المبادرة المصرية عام 2016 (لينك تاني التقرير) "على الرغم من تعدد الموارد الطبيعة والاقتصادية للمحافظة، تغيب عنها العدالة بأوجهها المختلفة، سواء كانت عدالة اقتصادية، ممثلة في ضعف مخصصات التنمية، وعدم فاعليتها، أو عدالة اجتماعية، ممثلة في تزايد نسب الفقر والأمية، وحتى عدالة ثقافية ناتجة عن ضعف المراكز الثقافية وبيوت الشباب".

يشير الباحث إلى أن نسبة الأمية، بحسب ما توصل إليه في تقريره، في المرحلة العمرية 15 سنة فأكثر تقدر بنحو 44.5% ويتركز معظمهم في الريف، أما السكان الحاصلين على مؤهل تعليمي متوسط أو أعلى فلا تزيد نسبتهم عن 19.2% من السكان فوق سن 15 سنة، وهى نسبة كبيرة تعكس فشل برامج محو الأمية بالرغم من وجود مخصصات مالية سنوية لهذا القطاع، واستمرت نسب الأمية المرتفعة تلقى بظلالها على نوعية المشكلات التي تواجهها المحافظة وخطط التنمية بها.

ويرى إسحاق أنه في ظل هذه المشكلات تبرز دور الجمعيات الدينية مثل أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية، التي تملأ الفراغ الذي تركته الدولة، فمن جانب تقدم للمواطنين احتياجاتهم الأساسية عن طريق المستوصفات الصحية والحضانات والمدارس والمساعدات الاجتماعية، ومن جانب آخر تغذي فيهم رؤية محافظة ومنغلقة للدين ترى الآخر مواطنًا من الدرجة العاشرة ليس له حقوق متساوية.

يشير الباحث في تصريحات للمنصة أن العمل الأهلي ينشط في المنيا منذ سنوات طويلة، حيث يقدر عدد الجمعيات الأهلية بنحو ألف جمعية تعمل في مجالات تنمية المجتمع المحلي والرعاية الاجتماعية والاقتصادية للفئات الأضعف والتصدي للمشكلات القومية مثل المشكلة السكانية، والأمية، والبطالة، وحماية البيئة، لكن دورها في التصدي للعنف الطائفي غائب ومغُيب من أطراف كثيرة مستفيدة من الوضع الحالي، وينطبق ذك، وفق رأيه، على جامعة المنيا التي لا تقوم بواجبها الأكاديمي أو المجتمعي، فلم تضع هذه المشكلة على خطورتها على أجندتها البحثية كما لم تفتح نقاشاً حول سبل التعامل معها، وكأن دورها منعزل عن المجتمع الذي يحتضنها وأنشئت من أجله.

انفصال طائفي
تتركز غالبية الأحداث الطائفية بالمنيا في القرى المكتظة بالسكان مقارنة بالحضر: في مطاي، وبني مزار، وسمالوط، وملوي، وأبو قرقاص، وهي كلها مراكز تشهد قراها فتن طائفية تكاد سناريوهاتها تتطابق، فالمحافظة التي يصل عدد سكانها إلى 6 ملايين حسب تقدير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لسنة 2020، يقطن أكثر من 73% منهم بالقرى ويعمل أغلبهم بالزراعة؛ أربعة ملايين ونصف مواطن تقريبًا موزعون على مئات القرى والعزب والنجوع مترامية الأطراف، حتى جارت على الغيطان وتعمقت في صحراء المنيا شرقها وغربها.

ولعل ذلك التوزيع مع ارتفاع البطالة أحد أسباب اختلاف المنيا عن غيرها في حجم الأزمات الطائفية، بحسب القيادي السابق ومؤسس الجماعة الإسلامية في المنيا، الدكتور ناجح إبراهيم، الذي يقول للمنصة "هناك محافظات كثيرة أفقر من المنيا، لكن المواطن المنياوي معروف عنه أنه لا يحب السفر أو العمل خارج قريته، بخلاف السوهاجية مثلا، المتحكمين في جزء كبير من اقتصاد محافظة الإسكندرية، أو الأسايطة وغيرهم، الذين يعملون في التجارة وسوق العقارات خارج محافظاتهم، أما المنيا فأغلب أهلها فلاحين، يحبون الأرض والزرع حتى لو مش لاقي ياكل. فطبيعي الفقر مع الجهل والبطالة يخلي الشباب الصغير هدف لمروجي الأفكار المتطرفة والتعصب الديني والقبلي أيضا".

وجهة النظر التي طرحها القيادي السابق في الجماعة الإسلامية تؤكدها دراسة جامعية أعدها عضو هيئة التدريس بكلية الزراعة في جامعة دمنهور الدكتور أحمد إسماعيل، والتي تصنف المنيا كأحد المحافظات الطاردة، أي أنها لا تخلق بيئة مناسبة للعمل والإعاشة للغريبين عنها، بينما تأتي في مرتبة أقل من قنا وأسيوط من حيث عدد سكانها الذين اختاروا الخروج منها للعمل في أماكن بعيدة.

بجانب المشكلات السابقة التي تنفرد بها المنيا، تأتي نسبة الأمية في المحافظة التي تصل إلى 37.5%، بينما تصل نسبة الحاصلين على التعليم الجامعي 5% فقط من سكانها، حسب تقدير لجهاز الإحصاء عام 2019. هذه النسب المرتفعة في الأمية والمنخفضة في التعليم الجامعي لم يكن ليلزمها إلا القليل لتتحول إلى كرة نار تحرق استغلته التيارات الدينية المتشددة، وشيوخها طوال أربعين عامًا مضت. وصلت إلى إتجاه كثير من المسيحيين إلى بيع بيوتهم الواقعة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة ليعيشوا إلى جوار "قرايبه المسيحيين"، ومثلهم يفعل المسلمون.

شوارع وجزر
تباعد البيوت أحدث الأمر نفسه بين النفوس والأفكار وصار هناك حالة من التربص بين الطرفين ألقت بظلالها على الأجيال الجديدة، التي لم تجد فرصة للتقارب في ظل خلو القرى من النوادي الاجتماعية والأنشطة التفاعلية، وصار منطقيًا أن يكون وقود النزاعات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين صبيانًا وشبابًا تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 22 عامًا، ذلك الميراث من الكراهية التي تحمله تلك الأجيال ظهر بوضح خلال المظاهرات التي خرجت تهتف لدولة إسلامية وعودة الخلافة بعد فوز محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية، وانتقلت للتخريب بعد خلعه.

في المقابل دخلت الكنيسة على الخط المجتمعي، بجانب دورها الروحي، ما جعل المسيحيون يتقوقعون داخل كنيستهم تاركين المجال العام، ولعل ذلك غذى ما يصفه ناجح إبراهيم بـ"صراع التدين" بين أهالي المنيا مسلمين ومسيحيين، فكل طرف يريد إثبات أنه أكثر إيمانًا وعددًا وقوة من الأخر، و"دائمًا يحولون المشاكل البسيطة إلى صراع وجود"، بحسب تصريحه للمنصة.

فراغ الدولة الذي يظهر في أبسط صوره بغياب الأنشطة التفاعلية للشباب، يعود بحسب تقرير إسحاق إبراهيم إلى استئثار الجهات الأمنية بملف الأقباط واعتباره ملفًا أمنيا فقط "إذ يتم النظر إلى المشكلات كحوادث منفصلة في غياب أية رؤية شاملة للأسباب أو المظاهر أو الحلول، وعادة ما تكون الحلول قاصرة، وقصيرة النظر، لفرض تهدئة سريعة بدون إزالة أسباب الاحتقان".

أحلام اليانصيب
أدى الوضع الطائفي في المنيا إلى اتجاه عدد كبير من الشباب للبحث عن الهجرة، وذلك بخلاف مئات الأسر التي تهاجر بكامل أفرادها عن طريق القرعة العشوائية الأمريكية السنوية للهجرة؛ حلم كل المسيحيين في مصر تقريبًا، خصوصا في الصعيد، الأمر الذي نتج عنه تناقص مستمر في أعداد مسيحيي المنيا في آخر خمسين سنة، وإن كان الوصول إلى حصر بأعداد المهاجرين سنويًا من المسيحيين صعبًا لأنه مثل غيره مما يخص المسيحيين المصريين باعتباره شأنًا يخص "أمن الدولة".

طفل في عيد مار جرجس بدير البرشا- من تصوير محب سمير
لكن ذلك التناقص لا يمكن بالتأكيد تفسيره بالهجرة وحدها، حيث تساعد على ارتفاع نسبته عوامل أخرى مثل زيادة نسبة المتعلمين من النساء في الصعيد، وتشجيع الكنيسة برامج تحديد النسل، ناهيك عن انتفاء تعدد الزوجات في المسيحية، غير أنه، وباختلاف أسبابه، أدى في ظل تلك الجزر المنعزلة التي يعيش أهل المنيا داخلها، واستنادًا إلى مبدأ القوة القبلية السائد في الصعيد، إلى إظهار المسيحيين كأقلية يمكن التغلب عليها.

اللافت في الأمر أن تلك النزعة القبلية التي تفاقم من الأزمة لا يمكن الاعتماد عليها للخروج منها، فالحلول المتبعة في معالجة ملف الطائفية في المنيا غير مجدية على أرض الواقع، حيث إن جلسات الصلح العرفية في بيت العائلة المصري الذي دعا إلى تأسيسه في المحافظات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، يرفضها الجانبان من الأساس، ويفضلون إعمال القانون، لكن تدخل الأمن لا يزيد عن حبس بعض الشباب من الطرفين، يفرج عنهم بعد الصلح الذي تتضمن بنوده شروطًا جزائية مالية ضخمة على الجانب الذي بدأ الاعتداء على الآخر، كذلك فإن الأحكام القضائية التي صدرت في بعض القضايا، جاءت مخيبة لآمال الجميع، كما حدث في قضية تعرية "سيدة الكرم" في المنيا وبراءة المتهمين فيها.

تحتاج الأزمة الطائفية فيما يبدو إلى إحلال القانون النافذ محل الجلسات العرفية في تنظيم العلاقة بين الطرفين، حيث إن الأحداث التي شهدتها المحافظة لا يصدر فيها أحكامًا تدين متهمين بأعينهم، فرغم تأكيد رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة على تطبيق القانون، فإن ما يحدث على أرض الواقع مخالف لذلك، فقد نظمت جلسات عرفية في أحداث قرى نزلة يعقوب ودموا وصفط الخرصة، وأفرج عن عدد كبير من المقبوض عليهم فيها، لكن الأحداث الأخيرة رغم خطورتها، تمثل فرصة مناسبة لمحافظة المنيا لوضع قضية تصحيح العلاقات بين المسلمين والمسيحيين وترسيخ التعايش المشترك على أجندتها، واستخدام جزء من موازنتها في دعم الأنشطة المشتركة، وتبني برامج تخاطب الشباب والأطفال من الجانبين، وأن تنظم لهما أنشطة ورحلات ولقاءات منتظمة، بما يساهم في توثيق العلاقات وغرس قيم القبول بالتنوع واحترام حقوق الآخرين، إلى جانب السماح للجمعيات الأهلية في الصعيد بالعمل في التنمية والثقافة ورفع الوعي، دون قيود، ودعمها بالمال والقوانين، وتمكين الفنانين من تنظيم مسارح في الميادين والشوارع لفرق الهواة بالمحافظة التي يكثر عددها في مدنها وقراها، وزيادة عدد المكتبات ودور السينما المستقلة.

Address


Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when El Mash5ara المسخرة بـ الشين posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to El Mash5ara المسخرة بـ الشين:

Shortcuts

  • Address
  • Alerts
  • Contact The Business
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share