
15/05/2025
- العدالةُ بدأت، والذاكرةُ لن تموت
في مساء الثلاثاء، الثالث عشر من مايو لعام ٢٠٢٥، اهتزّت قرية ميت القرشي التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، على وقع جريمة قتل مروعة ارتُكبت في حقّ رجلٍ مسالم، لا ذنب له سوى أنه كان شاهدًا صامتًا على الفساد المحيط به.
جريمة نُفّذت بوحشية، وكأن القتلة قد تجردوا من إنسانيتهم، وخلعوا عن أرواحهم كل خجل أو خشية من الله.
الضحية هو حسن عادل همام، رجلٌ في الخامسة والأربعين من عمره، عُرف بين جيرانه بالهدوء والأخلاق، محبوبٌ من الجميع، يعيش في حاله، لا يؤذي أحدًا، ولا يتدخل في شؤون أحد.
لكنه وقع فريسةً لقلوبٍ سوداء، لأشخاصٍ لا يعرفون الرحمة ولا الحياء، تجرؤوا على قتله كما لو أنه بلا روح، وكأن دمه لا حرمة له.
الجناة – وهم ثلاثة أشقاء يُعرفون بألقاب: شاورما، الشحات، وحماصة – أشهروا السلاح الأبيض في وجه حسن، فطعنه أحدهم في عنقه وبطنه، بينما انهال عليه الآخرون بالضرب، حتى أزهقوا روحه البريئة، بدمٍ بارد، أمام أعين الجيران.
لم يتحرك فيهم ضمير، ولم يرف لهم جفن، في مشهد من الفُجر والجبروت قلّما يشهده قلبٌ بشريّ.
لم تكن الجريمة عشوائية، بل نتيجة لواقعٍ مرير، تهيمن فيه تجارة المخدرات، ويسيطر فيه الخارجون عن القانون، ويزداد فيه التهديد للحياة الآمنة. شوارع تحوّلت إلى زوايا مظلمة، يتسلل فيها السمّ، وتسكنها وجوه لا تعرف إلا العنف والترويع.
نعم، تم القبض على المجرمين، لكن هذا لا يُغلق الجرح.
فالألم ما زال ينزف، والذاكرة ما زالت تحتفظ بتلك اللحظة السوداء.
لن تمحو الأيام صورة حسن وهو يُذبح ظلمًا، ولن تهدأ قلوبنا طالما بقيت مثل هذه القلوب المظلمة تتربص بأبريائنا.
نكتب هذه الكلمات اليوم توثيقًا لما حدث، وتخليدًا لذكرى إنسانٍ رحل مظلومًا، ورفضًا لأن تُنسى الجريمة كما تُنسى الأخبار العابرة.
نكتبها لأجل حسن عادل همام، لأننا لن ننساه، لأنه كان واحدًا منّا، لأنه دفع ثمن صمته وأمانه، لأننا نرفض أن يُصبح الدم أرخص من الكلام.
لن ننسى حسن، لن ننساه وجهًا هادئًا، ولا روحًا طيبة، ولا شهيدًا لفسادٍ تغلغل بين الأزقة.
لن ننسى من قتله، لن ننسى وحشيتهم، ولن نغفر للغفلة التي سمحت لهم بأن يمدّوا يدهم على أعزل.
وسنظل نُطالب بالعدالة، ليس انتقامًا، بل دفاعًا عن الحياة، عن البسطاء، عن حسن، وعن كل من يشبهه.
ًا