
25/08/2025
كن أنت المُحفِّظ الأول:
كيف تخلق بيئة قرآنية جاذبة في منزلك تشجع أبناءك على الحفظ؟
في سباق الحياة لتأمين مستقبل أبنائنا الدراسي والمهني، قد نغفل عن الاستثمار الأعظم:
بناء علاقة حب متينة بينهم وبين القرآن الكريم.
نحن نرسلهم إلى حلقات التحفيظ، وهذا أمر محمود،
لكننا ننسى أن دورنا كآباء وأمهات هو الدور المحوري الذي لا يمكن لأي مُحفِّظ أن يحل محله.
المُحفِّظ يمنح العلم، لكن الأبوين يمنحان الحب والقدوة والبيئة التي تجعل هذا العلم ينمو ويزهر.
فأن تكون "المُحفِّظ الأول" لا يعني بالضرورة أن تكون أكثرهم علمًا بالتجويد، بل أن تكون الأكثر تأثيرًا في غرس محبة كلام الله في قلوبهم.
كيف نفعل ذلك؟ الأمر يبدأ من المنزل.
1. أسّس "الركن القرآني".. واحة السكينة في بيتك
لا تترك المصاحف على أي رف مهمل !
خصص زاوية صغيرة وهادئة في المنزل، لتكون "ركن القرآن".
لا يشترط أن تكون فخمة، بل دافئة وجذابة.
ضع فيها طاولة صغيرة أنيقة، ومصحفًا خاصًا لكل فرد من أفراد الأسرة.
يمكن تزيينها ببعض النباتات أو إضاءة هادئة.
هذا الركن سيصبح بمثابة "مغناطيس روحي" يجذب أفراد الأسرة إليه،
ويمنح قراءة القرآن هيبتها وخصوصيتها
بعيدًا عن ضجيج التلفاز والأجهزة الإلكترونية.
2. "حلقة الذكر الأسرية".. ليست واجبًا بل لقاء شوق
اجعلوا لكم وقتًا مقدسًا لا يتغير،
ولو لعشر دقائق فقط بعد صلاة المغرب أو الفجر.
اجتمعوا في ركنكم القرآني.
لا تجعلوا الأمر يبدو كواجب مدرسي.
ابدؤوا بالثناء على الله، ثم ليقرأ كل فرد آيات قليلة، حتى لو كان طفلاً يتهجى.
يمكن تخصيص يوم في الأسبوع لقراءة قصة نبي أو تفسير آية بأسلوب مبسط.
هذه الجلسة القصيرة المنتظمة تخلق رابطًا أسريًا فريدًا حول مائدة القرآن، وتصبح عادة محبوبة ينتظرها الصغار والكبار.
3. اربط حياتهم بالآيات.. اجعل القرآن حاضرًا
القرآن لم ينزل ليوضع على الرفوف، بل ليكون منهج حياة.
اجعل الآيات جزءًا من حواراتكم اليومية.
هل رأيتم منظر الغروب الجميل؟
قل: "سبحان الله، {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}".
هل ساعد أخ أخته؟
اثنِ عليه وقل: "أحسنت، تذكر دائمًا {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ}".
هل يشعر أحدهم بالحزن؟
واسِه بـ: "{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}".
هذا الربط الحيوي يعلّم الطفل أن القرآن ليس كتابًا للمناسبات،
بل هو دليل ورفيق لكل لحظة في حياته، فيفهم معناه ويتعلق به.
4. حين تفتر همة طفلك.. عالج بحكمة لا بغضب
من الطبيعي أن تمر على الطفل فترات من الفتور والملل،
وهنا يظهر دورك كمُحفِّظ حكيم.
لا للمقارنة: تجنب تمامًا مقارنته بإخوته أو أقرانه.
فكل طفل له قدراته الخاصة، والمقارنة تقتل الشغف وتورث الغيرة.
ابحث عن السبب: تحدث معه بهدوء.
هل يواجه صعوبة معينة؟
هل يشعر بالضغط؟
ربما يحتاج فقط إلى تغيير الطريقة أو قسط من الراحة.
جدد الشغف: غيروا الطريقة التقليدية.
استخدموا تطبيقات تحفيظ إلكترونية،
لوحات تحفيزية،
أو قدموا له هدية بسيطة عند إنجازه لجزء معين.
الدعاء والاحتواء: احتضن طفلك،
وأخبره أنك تحبه بغض النظر عن كم يحفظ،
وادعُ له بصدق أن يفتح الله قلبه للقرآن.
حبك غير المشروط هو أكبر دافع له.
إن بناء جيل قرآني يبدأ من بيوتنا.
عندما يرانا أبناؤنا نلجأ إلى القرآن في فرحنا وحزننا،
وعندما يشعرون أن قراءته مصدر للسكينة لا للضغط،
وقتها فقط، سيفتحون له قلوبهم قبل أن يفتحوا له عقولهم.
كن أنت ذلك الجسر الذي يعبرون من خلاله بأمان ومحبة إلى رحاب القرآن.
#القران