
11/07/2025
حل أزمة رواتب كردستان يضع مربي الدواجن تحت المطرقة
مستقبل القطاع أمام مفترق طرق
بقلم: رئيس التحرير
مع التقدم المتسارع في المفاوضات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية والتوصل إلى اتفاق شامل حول إعادة هيكلة العلاقة بين الطرفين يلوح في الأفق تأثير اقتصادي مزدوج قد لا يقتصر فقط على موظفي الإقليم ورواتبهم بل يمتد ليطرق أبواب قطاعات حيوية أخرى مثل قطاع تربية الدواجن الذي يبدو أنه سيدخل في مرحلة حساسة قد تُعيد رسم خارطة المنافسة بين شمال البلاد وجنوبها.
الاتفاق الجديد نقطة تحول في العلاقة الإدارية والاقتصادية
يتضمن الاتفاق الذي يعد الأعمق منذ سنوات الى توحيد إدارة المنافذ الحدودية والكمارك وهو ما يعني فعليًا إزالة الحواجز الجمركية التي كانت تفصل الإقليم عن باقي محافظات العراق ومع أن هذا التطور يُنظر إليه بإيجابية من زاوية تعزيز التكامل الوطني وتسهيل حركة السلع إلا أنه في الوقت ذاته يضع مربي الدواجن خصوصًا في وسط وجنوب العراق في مواجهة مباشرة مع منافسة شرسة.
كردستان الأرخص: هل تكون اليد التي تقلب الموازين؟
من المعروف أن أسعار منتجات الدواجن سواء الحية أو المذبوحة في إقليم كردستان أقل من مثيلاتها في الوسط والجنوب لأسباب متعددة أبرزها:
انخفاض تكاليف الإنتاج نتيجة الدعم غير المباشر الذي يتلقاه القطاع من قبل سلطات الإقليم.
اعتدال المناخ في بعض مناطق الشمال ما يقلل من تكاليف التبريد والتدفئة.
وجود منافذ حدودية نشطة تسمح باستيراد الأعلاف والمواد البيطرية بأسعار أرخص.
وفرة اليد العاملة في بعض المناطق الزراعية.
وفي حال تم السماح بانسياب هذه المنتجات إلى بقية المحافظات دون قيود فإن مربي الدواجن في الجنوب سيواجهون ضغطًا غير مسبوق يتمثل في انخفاض الأسعار وتراجع الطلب على منتجاتهم محليًا.
الجنوب على المحك: خطر التراجع أو فرصة للإصلاح
التهديد الذي يشكله تحرير السوق أمام المنتجات الكردستانية لا يعني نهاية الطريق بل قد يكون جرس إنذار لإعادة النظر في آليات الدعم والتكلفة وكفاءة الإنتاج في بقية مناطق العراق.
من أبرز التحديات التي تواجه مربو الدواجن في الوسط والجنوب:
ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية.
ضعف الدعم الحكومي المباشر مقارنة بما يحصل عليه المربون في الشمال.
البيروقراطية الإدارية وصعوبة الحصول على التراخيص.
مشاكل متكررة في استقرار أسعار السوق واحتكار بعض الحلقات الوسيطة.
وفي المقابل قد تكون المنافسة دافعًا للارتقاء بجودة المنتج وخفض التكاليف من خلال إدخال التكنولوجيا وتحسين السلالات واستخدام نظم التربية الحديثة.
الفرصة من رحم الأزمة: هل يعاد رسم خريطة الإنتاج الوطني؟
في حال تعاملت الحكومة الاتحادية بذكاء مع هذه المرحلة فإن توحيد الكمارك وإزالة الفوارق الجمركية بين الإقليم وباقي المحافظات قد يتحول من تهديد إلى فرصة فالمنافسة المتكافئة قادرة على دفع جميع المربين نحو تحسين الأداء كما أنها تُمهّد لتكوين سوق وطنية موحدة للدواجن تضمن الأمن الغذائي وتقلل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
إضافة إلى ذلك فإن انخفاض الأسعار في السوق العراقية عموماً سيكون لصالح المستهلك ما قد يرفع من استهلاك المنتج المحلي ويوسع قاعدة الطلب.
الخلاصة: الحاجة إلى استراتيجية وطنية موحدة
إن المرحلة المقبلة تفرض على وزارة الزراعة والحكومات المحلية في الوسط والجنوب، بل وحتى على جمعيات مربي الدواجن التحرك الفوري لوضع استراتيجية مرنة تحمي المنتج المحلي من الانهيار وتعزز من قدرته على المنافسة في سوق باتت مفتوحة بالكامل.
ما يجري اليوم ليس مجرد تسوية سياسية أو إدارية بين المركز والإقليم بل هو تحول اقتصادي عميق يحمل في طياته تحديات جدية وفرصًا كامنة سيحدد من يستفيد منها أو يسقط ضحيتها مدى جاهزية كل طرف في التكيف السريع مع المتغيرات.
وفي كل الأحوال، فإن مربي الدواجن في العراق يقفون على مفترق طرق حاسم: إما التطوير... أو الانقراض البطيء.