
24/07/2025
*التلاعب في نقاوة الحنطة والأرز… فسادٌ يأكل خبز العراقيين قبل أن يصل إلى أفرانهم*
تعليقا على خبر هيأة النزاهة باسترداد أحد المدانين بالتلاعب في شهادات التحليل المختبري لمادتي الحنطة والأرز يُعد خطوة إيجابية في مسار المساءلة، لكنه يسلط الضوء على ثغرة خطيرة في منظومة تسويق الحبوب في العراق.
فرفع درجة نقاوة المحاصيل بطريقة احتيالية، وبموافقة ضمنية أو مباشرة من موظفين مختبريين في السايلوات،
لا يعني فقط تحميل الدولة كُلفاً مالية غير مستحقة،
بل يعني أيضاً تشويه آليات التسعير والدعم، والإضرار بالأمن الغذائي، وإضعاف ثقة المواطن بمنظومة الدولة.
إن مثل هذه الجرائم – التي تبدو فنية أو إدارية في ظاهرها – هي في جوهرها اقتصادية–إجرامية، لأنها تؤدي إلى هدر كبير في المال العام عبر تضخيم قيمة المحاصيل من خلال الغش المتعمد، وتوسيع فجوة العجز في الموازنة المخصصة لدعم المحاصيل.
الحل لا يكمن فقط في معاقبة الجناة بعد وقوع الضرر، بل في تبني رقابة رقمية صارمة، وإعادة هيكلة إجراءات التسويق والتحليل المختبري، وتفعيل نظام تتبع إلكتروني للمحاصيل من الحقل إلى السايلو، مع وجود أطراف رقابية محايدة تشرف على عمليات التصنيف.
إن الدولة التي تنفق مليارات الدنانير لدعم المزارعين يجب أن لا تغفل عن بناء حصانة ضد الفساد في نقاط الاستلام والتصنيف،
وإلا فإن “دعم الزراعة” سيتحول من أداة لتحفيز الإنتاج الوطني إلى باب كبير مفتوح للغش المنظم.