د.عامر عبد رسن الموسوي

د.عامر عبد رسن الموسوي نائب رئيس هيأة – GCM | دكتوراه قانون – SJU
ماجستير تخطيط استراتيجي – NDC | باحث ومؤلف في السياسات العامة والأمن الوطني

*التلاعب في نقاوة الحنطة والأرز… فسادٌ يأكل خبز العراقيين قبل أن يصل إلى أفرانهم*تعليقا على خبر هيأة النزاهة باسترداد أح...
24/07/2025

*التلاعب في نقاوة الحنطة والأرز… فسادٌ يأكل خبز العراقيين قبل أن يصل إلى أفرانهم*

تعليقا على خبر هيأة النزاهة باسترداد أحد المدانين بالتلاعب في شهادات التحليل المختبري لمادتي الحنطة والأرز يُعد خطوة إيجابية في مسار المساءلة، لكنه يسلط الضوء على ثغرة خطيرة في منظومة تسويق الحبوب في العراق.
فرفع درجة نقاوة المحاصيل بطريقة احتيالية، وبموافقة ضمنية أو مباشرة من موظفين مختبريين في السايلوات،
لا يعني فقط تحميل الدولة كُلفاً مالية غير مستحقة،
بل يعني أيضاً تشويه آليات التسعير والدعم، والإضرار بالأمن الغذائي، وإضعاف ثقة المواطن بمنظومة الدولة.

إن مثل هذه الجرائم – التي تبدو فنية أو إدارية في ظاهرها – هي في جوهرها اقتصادية–إجرامية، لأنها تؤدي إلى هدر كبير في المال العام عبر تضخيم قيمة المحاصيل من خلال الغش المتعمد، وتوسيع فجوة العجز في الموازنة المخصصة لدعم المحاصيل.

الحل لا يكمن فقط في معاقبة الجناة بعد وقوع الضرر، بل في تبني رقابة رقمية صارمة، وإعادة هيكلة إجراءات التسويق والتحليل المختبري، وتفعيل نظام تتبع إلكتروني للمحاصيل من الحقل إلى السايلو، مع وجود أطراف رقابية محايدة تشرف على عمليات التصنيف.

إن الدولة التي تنفق مليارات الدنانير لدعم المزارعين يجب أن لا تغفل عن بناء حصانة ضد الفساد في نقاط الاستلام والتصنيف،
وإلا فإن “دعم الزراعة” سيتحول من أداة لتحفيز الإنتاج الوطني إلى باب كبير مفتوح للغش المنظم.

العراق بين توازن الردع وفوضى الاستثناء:قراءة استراتيجية في لحظة مفصلية في ذروة التوتر النووي الإقليمي، وتحت وقع طبول الح...
21/07/2025

العراق بين توازن الردع وفوضى الاستثناء:
قراءة استراتيجية في لحظة مفصلية

في ذروة التوتر النووي الإقليمي، وتحت وقع طبول الحرب الباردة المتجددة في الشرق الأوسط، خرج صوتٌ من الخليج يحمل نبرة غير معتادة، لكن ناضجة ومدروسة: الأمير تركي الفيصل، الدبلوماسي والمفكر الأمني المعروف، كتب في صحيفة The National مقالًا أثار أصداء تتجاوز حدود التحليل، ليُلامس جذور المعضلة التي تهز النظام الدولي: لماذا تُعاقب الدول التي تفكر في التخصيب النووي السلمي، وتُكافأ إسرائيل رغم امتلاكها ترسانة نووية سرّية؟
وبالواقع أن ما قاله الأمير، رغم خلفيته السعودية، لا يمكن فصله عن الأدراك المعرفي العربي الأوسع بعد أحداث حرب الـ 12 يوما الاخيرة، ولا حتى عن حسابات العراق تحديدًا، وهو يقف اليوم عند منعطف تاريخي في إعادة تعريف موقعه في معادلة السلاح والسيادة، وسط أمواج متلاطمة من الاستقطاب والابتزاز الإقليمي.
ديمونا: المنشأة التي أسقطت القاعدة الأخلاقية للنظام الدولي : المفاعل النووي الإسرائيلي في “ديمونا” ليس مجرد منشأة عسكرية – علمية، بل رمزٌ لصيغة استثنائية من الحصانة الدولية، تتناقض جذريًا مع مبدأ “عدم الانتشار” الذي تطالب به القوى الكبرى الجميع، وتُسائل به دولًا مثل إيران والعراق وحتى مصر.
يقول الأمير، بعبارة تهز الخطاب التقليدي: “لو كنا في عالم عادل، لكانت قنابل B2 قد أمطرت ديمونا.”ويضيف هذه ليست دعوة للقصف، بل دعوة للمساواة في تطبيق القانون الدولي، وتحذير من أن ازدواجية المعايير، وهي الطريق الأقصر لانهيار النظام العالمي نفسه.
العراق: ساحة الردع المختلط وتحدي السيادة المتنازع عليها : في هذا السياق، يبدو العراق وكأنه مختبر حي لفشل النظام الدولي في إدارة توازنات السلاح والسيادة.
• من جهة، عانى العراقيون من تدمير بُنى الدولة بحجة امتلاك “أسلحة دمار شامل” لم تثبت يومًا.
• ومن جهة أخرى، شهدت أراضيه نشوء توازن ردع داخلي وخارجي معقد، حيث تمتلك فصائل مسلحة قدرات صاروخية وارتباطات عابرة للحدود، بينما تبقى الدولة الرسمية مكبّلة باتفاقيات وتفاهمات لا تستطيع فرض سيطرتها الكاملة.
اليوم، ومع تزايد الحديث عن حرب إقليمية مفتوحة، بات واضحًا أن كل دولة لا تحتكر قرارها الأمني، ستُدفع عاجلاً أم آجلاً إلى هامش الصراع، أو تُستخدم كمنصة فيه دون إرادتها.
بين “الردع المحمي” و”الردع المؤمم” : التمييز الذي يطرحه المقال – وإن ضمنيًا – هو أن العالم يقبل بـ”ردع محمي” إسرائيلي لا يخضع للمساءلة، لكنه يرفض أي محاولة لامتلاك أو حتى التفكير بردع مستقل من قبل دول المنطقة. وهنا تحديدًا تتقاطع الرسالة مع هواجس النخب العراقية التي باتت تُدرك أن الردع يجب أن يكون خاضعًا للدولة، لا للولاءات، وأن السيادة لا تُمنح من الخارج بل تُبنى من الداخل.
التوازن الجديد: العراق أولاً… لا ضد أحد، بل مع الجميع : إذا كانت إسرائيل تُسلَّح وتُحمى خارج القانون، وإيران تُحاصر داخل معايير مشددة، وربما ذات المعادلة ستخضع لها تركيا وباكستان قريبا ، فإن العراق معنيّ اليوم بأن يُعيد بناء معادلة مستقلة، لا تعتمد على الاصطفاف مع أحد، بل على تحصين قراره الوطني ومؤسساته الأمنية. وهذا لا يتحقق بالشعارات، بل من خلال:
1. استعادة احتكار الدولة للسلاح بمبادرة داخلية، لا بأوامر خارجية.
2. الاستفادة من التجارب الإقليمية في حماية الأمن القومي دون خوض سباق التسلّح.
3. استثمار مكانة العراق الجغرافية كجسر توازن، لا كممر صراع.
4. بناء خطاب سياسي موحد بين النخب يرفض الاستثناء الدولي، دون أن ينزلق إلى محاور تتنازع عليه.
منطق الحماية مقابل السيادة… لم يعد مقبولًا : الرسالة الأهم في هذا المشهد، أن مرحلة “التحالف مقابل الحماية” قد انتهت. فحسب ما قال الأمير، الولايات المتحدة لم تعد مرجعًا أخلاقيًا مطلقًا، بل صارت – في نظر كثيرين – تمارس الابتزاز الأمني والاقتصادي على حلفائها في الخليج . وإذا استمر الصمت العربي، فإن القادم قد يكون فرض ترتيبات أمنية إقليمية تُشرعن استثناء إسرائيل نوويًا، وتُحوّل دول الجوار إلى أدوات ضبط لا أطراف تفاوض.
العراق يحتاج إلى خطاب سيادة ذكي… لا عاطفي : ما قاله الأمير تركي الفيصل يصلح أن يكون مرآة للنخب العراقية: ليس مطلوبًا من العراق أن يدخل سباق النووي، لكن من حقه أن يرفض التمييز، وأن يُطالب بمظلة قانونية عادلة، تحميه من الابتزاز، وتُعيد إليه مكانته السيادية.
في ضوء هذه المعطيات المتداخلة، يقف العراق أمام فرصة تاريخية نادرة: أن يتحرر من منطق الاصطفافات، ومن ضغوط الخارج، ومن إرث الداخل المثقل بفوضى السلاح وتنازع القرار. إن صُنّاع القرار في بغداد، بمختلف مستوياتهم، أمام مسؤولية استراتيجية لا يمكن تأجيلها:
• أن لا يُترك ملف السلاح خارج الدولة عُرضة للانفجار عند كل أزمة إقليمية.
• أن تُبنى معادلة الردع الوطنية على أساس سيادي، دستوري، ومهني، لا على التحالفات الظرفية.
• أن يُعاد الاعتبار للمؤسسة الأمنية الرسمية، بوصفها الضامن الوحيد لاستقرار الدولة، والوسيط المقبول محليًا ودوليًا لأي مشروع توازن.
• وأن تُستثمر الأصوات الإقليمية – مثل ما جاء في مقالة الأمير تركي الفيصل – كسند سياسي وديبلوماسي لتعزيز مطلب العراق العادل: أن لا استثناءات في القانون الدولي، لا سلاح فوق الدولة، ولا دولة بلا سيادة.
إننا بحاجة إلى تحوّل في العقيدة العسكرية والأمنية والسياسية العراقية، من منطق “ردود الأفعال” إلى هندسة المبادرات الوطنية ، مثل :
• تحويل الجغرافيا العراقية من ساحة عبور للصراع، إلى ممر للتكامل الاقتصادي الإقليمي.
• الدعوة إلى تحالف اقتصادي-تنموي إقليمي، لا يقوم على "التحالفات الأمنية" التقليدية، بل على الربط اللوجستي، والطاقة، والغذاء، والمياه، والتكنولوجيا النظيفة.
• بلورة إطار شراكة تُسهم فيه الدول المتوسطة والناشئة (العراق، السعودية، تركيا، الامارات ، إيران، الأردن، مصر) في خلق واقع إقليمي يحميها من هشاشة النظام الدولي المتصدع.
إن هذه الرؤية ليست ترفاً نظرياً، بل مخرجًا عقلانيًا من دوامة الردع العسكري نحو منطق الردع التنموي؛ فالدول التي تتشارك مصالح اقتصادية عابرة للحدود، تخلق شبكات حماية متبادلة تُعزز الاستقرار من الداخل، وتُقلل من فرص انزلاقها إلى حروب بالوكالة أو ابتزاز دولي.
فلا أحد سيمنحنا السيادة… إن لم نثبت أننا قادرون على إدارتها.
السيادة لا تُعلن في الخطب… بل تُبنى في المؤسسات.
والاستقلال لا يعني الانفصال عن الواقع، بل القدرة على تشكيله من موقع الندية لا التبعية.
ولعل هذا هو التحدي الأهم لصانع القرار العراقي اليوم:
أن يحوّل منطق الدفاع إلى منطق بناء، ومن فوضى التوازن إلى هندسة الاستقرار.
في خضم العاصفة، السيادة ليست ترفًا، بل شرط بقاء.
والسلاح، إن لم يُدار بعقل الدولة، فسيدار من خارجها.
والاستثناء إن لم يُكسر، سيتحوّل إلى قاعدة ضدنا جميعًا.
نعم، العراق أولاً… وهذا ليس شعارًا، بل مشروع دولة، في زمن تتلاشى فيه الدول أمام فائض السلاح، ونقص القرار.

يمكنكم قراءة المقال عبر الرابط :

https://m.ahewar.org/s.asp?aid=877402&r=0

جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب بلا إنتاج؟*في السنوات الأخيرة، أصبحت الرواتب الحكومية في الع...
20/07/2025

جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب بلا إنتاج؟*

في السنوات الأخيرة، أصبحت الرواتب الحكومية في العراق تمثل تحدياً وجودياً للموازنة العامة، لا باعتبارها حقاً مكتسباً لموظفي الدولة، بل بسبب اختلال هيكلها، وتفاوتاتها المجحفة، وارتباطها العميق بالشلل المؤسسي والتوظيف السياسي.
فمع تجاوز تخصيصات الرواتب نسبة 60% من موازنة 2024، بات العراق يعيش ما يمكن تسميته بـ"جمهورية الرواتب"، حيث تُستنزف موارد الدولة في تمويل جهاز بيروقراطي مترهّل، يفتقر للإنتاجية ويُدار بمعايير المحاصصة لا الكفاءة.
أولاً: تشخيص التحدي المالي البنيوي
• تضخم هيكل الرواتب: بلغت تخصيصات الرواتب في عام 2024 ما يقارب 80 تريليون دينار، وهي نسبة تفوق المستويات المقبولة في الأنظمة المالية الرشيدة (30–35%).
• بطالة مقنعة داخل الجهاز الحكومي: تشير التقديرات إلى أن 40% من العاملين في القطاع العام لا يؤدون وظائف حقيقية، بل يُدارون بوصفهم جزءاً من التهدئة السياسية.
• اختلال العدالة التوزيعية: تستحوذ سبع مؤسسات حكومية فقط، في مقدمتها وزارات الأمن والتربية والصحة، على أكثر من 90% من نفقات الرواتب، فيما تُترك العشرات من المؤسسات في الهامش.
ثانياً: البُعد السياسي والهيكلي للاختلال
• نظام رواتب غير عادل ومتعدد المستويات: يعتمد على الانتماء السياسي والتبعية المؤسسية لا على معايير الكفاءة.
• غياب الإصلاح الضريبي: لا ضرائب على الدخول العالية أو الثروات العقارية أو الأرباح الريعية، بينما يتحمّل المواطن العادي عبء الضرائب غير المباشرة.
• لامساواة جغرافية: تتركّز الرواتب والمزايا في العاصمة والمناطق الغنية، بينما تُهمّش المحافظات الطرفية والفقيرة.
ثالثاً: الأثر الاقتصادي والاجتماعي
• ضعف الإنفاق الاستثماري: لم تتجاوز نسبة الاستثمار في موازنة 2024 نسبة 14%، ما يُعيق النمو الحقيقي.
• فقدان الثقة بالقطاع العام: أدى اختلال هيكل الرواتب إلى عزوف عن الكفاءة، وهروب للاستثمارات، وتضخم في التوظيف السياسي.
• تهديد الاستقرار الاجتماعي: تفاوت الرواتب والدخول ولّد فجوات طبقية، وموجات غضب اجتماعي كما في احتجاجات 2019.
رابعاً: رؤية للإصلاح المالي والإداري
1. إصلاح هيكل الرواتب:
‏o توحيد النظام الوظيفي الوطني وربطه بالأداء.
‏o تقليص الفجوة بين الرواتب العليا والدنيا.
‏o فرض ضرائب تصاعدية على الرواتب الكبيرة.
2. معالجة الفائض البشري:
‏o إطلاق برنامج تقاعد طوعي ذكي.
‏o تحويل الفائض إلى مشاريع تدريب وإنتاج.
3. توسيع الإنفاق التنموي:
‏o تقليص النفقات الجارية لصالح الاستثمار في البنى التحتية والخدمات.
‏o اعتماد نظام تمويل قائم على مخرجات الأداء.
4. عدالة التوزيع الجغرافي:
‏o وضع خارطة إنفاق مناطقي مبنية على مؤشرات الفقر والحاجة التنموية.
5. توسيع نظام الحماية الاجتماعية:
‏o إنشاء صندوق دعم للفئات الهشة خارج القطاع العام، يُموّل من الضرائب على الامتيازات العالية.
خامساً: موقع المؤسسات الدولية في دعم الإصلاح
• الاستفادة من الدعم الفني دون المساس بالسيادة: ويجب أن تستفيد الدولة العراقية من خبرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ضمن خطة إصلاح وطنية مستقلة، دون الارتهان لوصفات تقشفية تؤذي الطبقات الفقيرة.
• الإصلاح لا ينجح دون عدالة: أذ يجب أن يُبنى أي إصلاح مالي على أساس توزيع عادل للأعباء والمكاسب، وإلا سيتحول إلى أداة لانفجار اجتماعي جديد.
إن أزمة الرواتب ليست مشكلة محاسبية، بل انعكاس لمنظومة مختلّة في إدارة الدولة والاقتصاد. وإذا لم تُعالج بمنطق وطني–مالي شجاع، فإن العراق لن ينهار سريعًا، لكنه سيبقى في دوامة الإنهاك المالي والتآكل البطيء. إن استعادة التوازن تبدأ من الاعتراف بأن الدولة ليست دافع رواتب،
بل محرك للتنمية، وأن العدالة المالية هي بوابة الاستقرار الحقيقي.

يمكنكم قراءة المقال عبر الرابط : https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=877458

من الجبال إلى الطاولات: العراق وتركيا على أعتاب شراكة ما بعد البنادق في خطوة غير مسبوقة أنهت أربعة عقود من التمرد، أعلن ...
18/07/2025

من الجبال إلى الطاولات: العراق وتركيا على أعتاب شراكة ما بعد البنادق

في خطوة غير مسبوقة أنهت أربعة عقود من التمرد، أعلن حزب العمـ،ـال الكردستاني (PKK) حل نفسه وتسليم سلاحـ،ـه، مستجيبًا لنداء زعيمه عبد الله أوجلان من داخل معتقله في تركيا. هذه الخطوة، على رمزيتها السياسية والأمنية، فتحت الباب واسعًا أمام العراق
وتركيا لمراجعة قواعد الاشتباك، والانطلاق نحو صفحة جديدة من التعاون مبنيّة على المصالح المشتركة، بعيدًا عن منطق الجبهات المتوترة والحدود الملتهبة.
لقد عانى العراق طويلاً من تداعيات المواجهة بين أنقرة والعمال الكردستاني، ليس فقط من زاوية السيادة الوطنية التي طالما أثارها وجود أكثر من 50 قاعدة عسكرية تركية في شماله، بل أيضاً من زعزعة الاستقرار في المناطق الحدودية، وتعطيل إمكانات التنمية فيها.
ومع بدء تفكيك البنية العسكرية للحزب، فإن الفرصة تبدو سانحة لإعادة رسم معادلة العلاقة مع الجار التركي، على أسس جديدة قوامها المصالح الاقتصادية والتنموية، لا الملاحقات والمواجهات.
تصفير التهديدات.. ورفع مستوى الفرص : حلّ الحزب وسحب السـ،ـلاح من جبال قنديل وسنجار، وإن لم يكتمل بعد، يمثل بادرة حسن نية يجب أن تُقابل بخطوات استراتيجية من بغداد وأنقرة.
إن الوضع الراهن يمنح العراق هامش مناورة أوسع لإعادة ضبط التوازن بين احترام سيادته الوطنية من جهة، والتفاعل مع المعادلات الإقليمية الأمنية من جهة أخرى، خصوصًا في ظل الحديث عن تحالف أمني إقليمي يضم العراق وتركيا ولبنان والأردن وسوريا. وعلى الرغم من أن أنقرة لم تصرّح رسميًا بنيّتها الانسحاب من شمال العراق، إلا أن تفكيك ذريعة "ملاحقة العمال الكردستاني" يمنح بغداد ورقة تفاوضية قوية يمكن توظيفها لفتح حوار مباشر حول مستقبل هذه القواعد، سواء بإعادة تموضعها ضمن اتفاقيات واضحة، أو دمجها في مشاريع تنسيق أمني مشترك
يضمن المصالح السيادية للطرفين مع تلويح بشراكات أقتصادية استراتيجية طويلة الامد .
الاقتصاد أولاً: من طريق التنمية إلى مصافي جيهان والطاقة المتكاملة : ما بعد حلّ حزب العمال الكردستاني لا ينبغي أن يُقرأ فقط كتحول أمني، بل كنافذة استراتيجية لإعادة بناء منظومة التعاون الاقتصادي العراقي–التركي على أسس أكثر تكاملاً واستدامة. فمشروع "طريق التنمية"،
الممتد من ميناء الفاو إلى الحدود التركية مرورًا بمحافظة نينوى، وأقليم كردستان ، يشكّل العمود الفقري لأي رؤية مستقبلية للاستثمار العابر للحدود، لكن استكمال هذا المشروع الحيوي مشروط باستقرار دائم في المناطق التي كانت مسرحًا لصراع مزمن بين أنقرة والحزب المحلول.
وفي هذا الإطار،
لا بد من الإشارة إلى الإمكانية الكبيرة التي يتيحها التعاون النفطي بين البلدين، وخاصة في ما يتعلق بإنشاء وتوسعة مشاريع مصافي تكرير النفط العراقي في ميناء جيهان التركي، كمحطة نهائية لخط أنابيب كركوك–جيهان، بما يعزز من قدرة العراق على مضاعفة ارباحه من خلال تصدير المشتقات لا الخام فقط، ويقلل من كلف النقل والاعتماد على الأسواق الوسيطة. هذا النوع من المشاريع لا يحقق فقط مردودًا ماليًا، بل يُحوّل تركيا من ممر عبور إلى شريك اقتصادي استراتيجي في سلاسل القيمة النفطية. ويمكن أن يشكل الانسحاب المنظّم للقوات التركية أو إعادة صياغة وجودها ضمن أطر أمنية–اقتصادية ثنائية، خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة المجتمعية في المناطق الحدودية، وتمهيد الأرض لاستثمارات تركية أوسع في مجالات الزراعة، والصناعات الغذائية، والتجارة عبر المنافذ البرية، ومشاريع الطاقة المتجددة، فضلًا عن خدمات البنية التحتية والربط الكهربائي. في لحظة سياسية حساسة كهذه، يبدو أن الاقتصاد لا يجب أن يكون "لاحقًا" للملف الأمني، بل قائدًا له، ومنصة لبناء تحالف مصالح يعيد تعريف العلاقة بين بغداد وأنقرة بعيدًا عن منطق الأزمات المزمنة.
نحو مفهوم جديد للسيادة: الشراكة لا التصادم : ما ينبغي التأكيد عليه في هذا السياق، أن السيادة لا تُقاس فقط برفع الأعلام فوق المواقع، بل بحجم قدرة الدولة على تحويل الجغرافيا إلى أدوات خدمة وطنية. فالتفاوض مع تركيا على انسحاب مدروس
أو إعادة انتشار مشترك ضمن تفاهمات أمنية–اقتصادية لا ينقص من مكانة العراق، بل يعكس نضجًا في إدارة التوازنات الإقليمية، وتحويل مسارات الحرب إلى مسارات شراكة.
إن العراق الذي يسعى للتعافي من عقدين من العنف والفوضى، لا يحتاج إلى جبهات جديدة، بل إلى ممرات آمنة للنمو والاستثمار. وفي لحظة انخفاض فوهات البنادق، فإن العقل السياسي العراقي مدعو لأن يلتقط هذه الفرصة،
ويُمسك بزمام المبادرة لصياغة معادلة تضمن الأمن، وتعزز التنمية، وتحفظ السيادة.

لقراءة المقال علىى موقع الحوار المتمدن ؛ من خلال هذا الرابط : https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=877204

بسم الله الرحمن الرحيم (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا ...
17/07/2025

بسم الله الرحمن الرحيم (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) صدق الله العلي العظيم

بأسف بالغ والم كبير نرى ان ما جرى في حريق هايبر الكوت ليس مجرد حادث مؤسف، بل فاجعة وطنية كشفت عن ثغرات خطيرة في منظومة البناء والسلامة، وعن حجم الإهمال الذي يدفع المواطن العراقي ثمنه من حياته.

أن يُحتجز هذا العدد الكبير من الضحايا في مبنى واحد، وسط تصاعد ألسنة اللهب، دون منافذ نجاة أو منظومات إنذار وأطفاء فعّالة، فذلك يعني شيئًا واحدًا: أن المعايير السلامة غائبة، وأن الإشراف الهندسي مغيَّب أو متجاهَل.

لقد آن الأوان لتفعيل قانون الإشراف الهندسي الملزم، والمطبق في معظم دول العالم، بما فيها دول الجوار. فالمباني لا تُقام بالرخص فقط، بل بالإشراف الدقيق من مهندسين متخصصين في المدني، المعماري، الكهرباء، التبريد، والسلامة، وفقاً لحجم المنشأة ومتطلباتها.

إن هذه الفاجعة يجب أن تكون جرس إنذار للدولة ولنقابة المهندسين وللأمانة والبلديات ووزارة الإعمار والإسكان والدفاع المدني، كي يتكاتف الجميع لصياغة آلية تطبيق حقيقية، تضمن أن لا يُشيّد أي مبنى دون إشراف هندسي مسؤول.

كما ينبغي أن يُحظر كليًا منح أي استثناء من متطلبات السلامة والأمان والدفاع المدني، مهما كان المبرر، ومهما كانت رتبة المسؤول الذي يطلبه.
فالأرواح لا تخضع للمجاملات، ولا تُدار بالمراسلات، ولا تُقايض بالألقاب.

القانون لا يحمي الأرواح فقط، بل يشغّل آلاف المهندسين العاطلين عن العمل في القطاع الخاص ضمن منظومة عمل منتجة، تحلّ معضلة البطالة وتحمي المجتمع.

✦ الرحمة لأرواح الشهداء، والصبر لذويهم، والمسؤولية الآن أمام الجميع:
لا نريد تضامنًا بعدد ايام العزاء،
بل تشريعًا يُطبّق،
وورقابة لا تتواطأ،
ومهندسًا يُمنح حقه في حماية الأرواح قبل الأبنية.

والتاريخ لا يرحم من يتهاون في شروط حفظ الحياة الكريمة وحمايتها.

وصفة إنقاذ: نحو علاج اقتصادي مستدام لسوق الأدوية في العراقيواجه العراق اليوم تحديات متفاقمة في قطاع الأدوية والرعاية الص...
17/07/2025

وصفة إنقاذ: نحو علاج اقتصادي مستدام لسوق الأدوية في العراق

يواجه العراق اليوم تحديات متفاقمة في قطاع الأدوية والرعاية الصحية، تتقاطع فيها أزمات السيولة، والاعتماد المفرط على الاستيراد، وتراجع الإنتاج المحلي، وضعف الإطار التنظيمي. ومع ازدياد الضغوط السكانية والمالية، لم يعد بالإمكان التعويل على المسكنات المؤقتة،
بل بات الإصلاح الهيكلي ضرورة استراتيجية للأمن الصحي والمالي على حدّ سواء.
رغم أنني لست من المختصين في قطاع الدواء وصناعته، إلا أنني، كمهتم بالإدارة المالية العامة، وجدت نفسي مضطرًا للاقتراب من هذا الملف الحساس، لا بوصفه شأنًا دوائيًا بحتًا، بل بوصفه ميدانًا يتكبد فيه العراق سنويًا كلفةً مالية باهظة تتجاوز المليارات،
دون أن يقابلها نظام رشيد للتوريد أو التصنيع أو التوزيع. إن هذا القطاع، بما ينطوي عليه من هشاشة في الرقابة واعتماد مفرط على الاستيراد، قد تحوّل إلى "نزيف صامت" في جسد الاقتصاد الوطني.
ولعلنا اليوم بأمسّ الحاجة إلى ما يشبه "الوصفة الطبية"، لكن هذه المرة ليست من طبيب مختص، بل من خبير اقتصادي يرسم خارطة علاج حقيقية، بعد تشخيص دقيق للداء: من غياب التصنيع المحلي، إلى تشوهات السوق، إلى تهريب الأدوية وتكديس النفقات.
إنها وصفة علاجية اقتصادية، يتوجب تبنّيها قبل أن تتفاقم المضاعفات، ويُصاب اقتصاد العراق بانتكاسة يصعب التعافي منها.
إنّ سوق الدواء لا يمثّل عبئًا صحّيًا فحسب، بل هو أيضًا معبر استراتيجي للمال العام، يتقاطع فيه الأمن الصحي مع السيادة الاقتصادية. لذلك، فإن مقاربتي لهذا الملف تنطلق من سؤال جوهري: كيف يمكن للعراق أن يُحوّل هذا القطاع من مستوردٍ متضخمٍ للكلفة
إلى رافعةٍ للتنمية الصناعية والتوازن المالي؟
هذه الورقة تحاول أن تطرح ملامح أولية لهذا المسار. وبينما تعاني دول المنطقة من أزمات مشابهة، كالانهيار الذي ضرب لبنان، تقدم تلك التجارب إشارات تحذيرية وفرصًا للدروس المستفادة. فقد أظهرت التجربة اللبنانية كيف يؤدّي انهيار العملة وغياب الحوكمة إلى انقطاع الأدوية
الحيوية، وخروج مئات الصيدليات من الخدمة، وتنامي سوق الأدوية المزوّرة. وعليه، فإن معالجة الملف الدوائي في العراق تستوجب إطارًا متماسكًا يرتكز على ثلاثة محاور: التوطين الإنتاجي، والتنظيم الذكي، والتمويل المستدام.
أولًا: تشخيص التحديات البنيوية في السوق العراقية
1. الاعتماد شبه الكلي على الاستيراد: يتجاوز حجم الاستيراد الدوائي في العراق 90% من السوق، ما يجعله رهينة لتقلبات سعر الصرف وسلاسل الإمداد الخارجية.
2. ضعف الصناعة الدوائية المحلية: رغم كذا مصنعًا دوائيًا، فإن الطاقة التشغيلية لا تتجاوز 25%، بسبب غياب الحوافز(حماية المنتج الوطني) ، وارتفاع كلفة المواد الأولية، والعراقيل التنظيمية.
3. غياب مختبر مركزي لفحص الأدوية: الأمر الذي يضعف رقابة الجودة ويفتح المجال أمام الأدوية المزوّرة أو غير المطابقة.
4. فوضى التسعير وتعدد مصادر الاستيراد: دون نظام موحد للشراء الحكومي، ولا قواعد بيانات رقمية لتتبع سلاسل التوريد.
5. ضعف آليات الدعم المالي للمواطن: إذ يتحمل المرضى أكثر من 70% من كلفة العلاج من أموالهم الخاصة، في ظل تراجع دعم وزارة الصحة.
ثانيًا: الفرص المتاحة للإصلاح والتحول
1. إعادة هيكلة الصناعة الوطنية:
- دعم المصانع المحلية بمخصصات من صناديق التنمية أو من نافذة البنك المركزي.
- توفير إعفاءات جمركية وضريبية على المواد الأولية الدوائية.
- تخصيص نسبة إلزامية من الشراء الحكومي للأدوية المنتجة محليًا.
2. إنشاء هيئة وطنية عراقية للدواء:
- تكون مسؤولة عن التسجيل، والتسعير، ومراقبة الجودة.
- ربطها بمنصات إلكترونية لتتبع استيراد وتوزيع الأدوية.
- تطوير قدرات التفتيش الصيدلاني، واستحداث نظام يقظة دوائية فعّال.
3. إصلاح منظومة الشراء والتوزيع:
- تطوير شركة كيماديا الى مستوى مركز وطني موحد للمشتريات الدوائية الحكومية.
- اعتماد "الوصفة الموحدة" لتقنين وصف الأدوية والترويج للدواء الجنيس Generic Drug)).
- تقنين الاستيراد إلى قائمة من الأدوية الحيوية ذات الجدوى العلاجية والتكلفة الفعالة.
4. إطلاق استراتيجية وطنية شاملة للأمن الدوائي في إطار التأمين الصحي والرعاية الأولية
مع تشريع قانون التأمين الصحي وبلوغه مرحلة التفعيل، بات العراق يمتلك الإطار القانوني اللازم لتأسيس منظومة صحية متكاملة، لا سيّما وأن هذا القانون يشمل فعليًا الغالبية العظمى من المجتمع العراقي من خلال تغطيته لجميع موظفي الدولة ومنتسبي القوات الأمنية وعائلاتهم،
أي ما يعني أن أغلب الأسر العراقية باتت داخلة ضمن دائرة التغطية التأمينية. وفي ضوء ذلك، تقترح الاستراتيجية المحاور التالية:
أ. التمويل المنظم عبر التأمين الصحي
- ربط الأمن الدوائي بقاعدة الطلب المنظم الذي يوفره التأمين الصحي، ما يضمن استقرار السوق، ويضع حداً للاستهلاك العشوائي، ويعزز قدرة الدولة على التفاوض المركزي لتوفير الأدوية بأسعار عادلة.
- توجيه الإنفاق التأميني نحو دعم الأدوية الأساسية، وخصوصًا أدوية الأمراض المزمنة، والسرطانات، والمضادات الحيوية، بما يسهم في تخفيف العبء المالي عن المواطنين.
ب: التحفيز والإنتاج المحلي للأدوية الحيوية
- إطلاق برامج دعم تقني وتمويلي لإنتاج الأمصال والمضادات الحيوية داخل العراق، بالشراكة مع شركات محلية وعالمية.
- تشجيع تصنيع الأدوية الجنيسة محليًا، ووضع سياسات تسويقية وإجرائية لضمان استخدامها في المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة.
جـ: قواعد بيانات وطنية وتخطيط رقمي متقدم
- إنشاء منصة وطنية رقمية تضم:
- ١-إحصاءات دقيقة عن الاستهلاك الدوائي حسب الفئات السكانية والمرضية.
٢- نسب الإنتاج المحلي مقابل الاستيراد.
٣- مؤشرات الاستجابة العلاجية وجودة الدواء.
٤- ربط هذه المنصة إلكترونيًا بمؤسسات التأمين الصحي والمراكز الصحية لتوليد تحليلات تنبؤية دقيقة تساعد في اتخاذ القرار على المستويين العلاجي والسيادي.
5. تحفيز الشراكات الدولية:
- عقد اتفاقات نقل تكنولوجيا مع شركات عالمية.
- توسيع شراكات التعليم الصيدلاني وبرامج التدريب على التصنيع الجيد GMP.
- إدخال شركات الأدوية الكبرى كشركاء في التصنيع المحلي بنظام BOT.
ثالثًا: أدوات التمويل والتحفيز
- استثمار جزء من فائض صندوق التقاعد أو صناديق التأمين الصحي في محافظ استثمارية دوائية.
- فرض رسوم على المنتجات الضارة (تبغ، مشروبات سكرية) وتخصيصها لقطاع الأدوية.
- تشجيع قطاع الأوقاف والمؤسسات الخيرية على إنشاء صناديق دوائية مستدامة.
- اعتماد نموذج "التسعير الدوائي العادل" بالتنسيق مع وزارة المالية.

إن ضمان الوصول العادل والآمن للأدوية في العراق لم يعد ترفًا تقنيًا بل خيارًا سياديًا. ومن خلال إصلاح بيئة الاستثمار، وتمكين الصناعة المحلية، وتحقيق التكامل بين الجهات التنظيمية، يمكن للعراق أن يتحول من مستورد هش إلى مركز إقليمي للإنتاج الدوائي في الشرق الأوسط.
وتأتي رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق، الداعية لتوسيع الشراكات الاقتصادية، فرصة مواتية لتوطين هذه الصناعة بالشراكة مع كبرى شركات الأدوية العالمية، عبر تأسيس مصانع مشتركة داخل العراق أو في أراضي حليفة، بما يخدم الأمن الصحي ويخلق فرص عمل وموارد مستدامة. إن ملف الدواء هو بوابة للاستقلال الاقتصادي، وحماية للكرامة الوطنية، ومن دون إصلاحه الجذري، تبقى المنظومة الصحية معلقة بخيط هشّ بين الأسواق الرمادية... ومواسم الأزمات.

رابط المقال على موقع الحوار المتمدن : https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=877004

العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لحظة إقليمية حرجة في مقالٍ منشور بموقع تشاتام هاوس، طرح الدكتو...
14/07/2025

العراق بين ظلال التحذير
وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لحظة إقليمية حرجة

في مقالٍ منشور بموقع تشاتام هاوس، طرح الدكتور ريناد منصور رؤية تحليلية قلقة لما سمّاه بـ"الهشاشة العراقية"، في مواجهة التحولات الإقليمية الجارية منذ 7 أكتوبر وما أعقبها من زلازل سياسية وعسكرية في الشرق الأوسط.
وإن كانت المقاربة صادقة في رصد التعقيدات والتحديات، فإنها – على الأرجح – لم تمنح الدبلوماسية العراقية الهادئة ما تستحقه من قراءة عميقة.
لقد خرج العراق، للمرة الأولى منذ عقود، من قلب الصراعات إلى هامش الحدث؛ لكنه لم يخرج من التاريخ ولا من الجغرافيا. وما يبدو حيادًا أو انسحابًا، هو في الحقيقة تَموضع سيادي محسوب، يستند إلى إدراك عراقي عميق بأن المصلحة الوطنية ليست في الصخب، بل في تثبيت الاستقرار وتعظيم المكاسب الهادئة.
بينما تتلاشى الحدود التقليدية بين الحرب والدبلوماسية، وبين الحلفاء والخصوم، يجد العراق نفسه في لحظة فارقة، لا لأنه على هامش الصراع الإقليمي هذه المرة، بل لأنه على عتبة انتقال استراتيجي في موقعه من المعادلة الدولية.
ففي مشهد متناقض، حيث يُرشّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام في ذات اللحظة التي تُرفع فيها "هيئـ،،ـة تحـ،،ـرير الشام" من قوائم الإرهـ،،ـاب، تتساقط المفاهيم وتُعاد صياغة الأخلاقيات بلغة المصالح لا المبادئ.
ورغم هذا الاضطراب، فإن العراق – بعد سنوات من الصراعات – يطل على نافذة نادرة من الاستقرار النسبي والفرص الاقتصادية المحتملة. ومما يعزز هذه اللحظة، ما جاء في رسالة الرئيس ترامب الأخيرة إلى رئيس الوزراء العراقي، والتي حملت دعوة صريحة إلى إطلاق شراكات اقتصادية استراتيجية، تمهّد لدور اقتصادي يمكن أن يكون مقدمة لدور دبلوماسي أكثر تأثيرًا في إعادة تشكيل توازنات المنطقة.
إزاء هذا المشهد المركب، تتطلب المرحلة من النخب العراقية – السياسية والاقتصادية والفكرية – أن تتجاوز الانكفاء، وتستثمر الفرصة، وتحول الهامش إلى منصة، والتحدي إلى مشروع وطني جامع.
▪ بين الحذر والتصميم: كيف نقرأ السكون العراقي؟
صحيح أن المنطقة تغلي، وأن الحرائق تشتعل من غـ،،ـزة إلى مضيق هرمز، لكن بغداد لم تعد ساحةً مفتوحة لكل الرياح. فمنذ 2020، حين كشفت واقعة اغتيـ،،ـال الجنرال قاسـ،،ـم سليمـ،.،ـاني وأبو مهـ،.،ـدي المهنـ،،ـدس مدى هشاشة المجال السيادي الجوي للعراق، بدأت مراجعة استراتيجية داخلية غير معلنة، مفادها أن الساحة لا تحتمل مزيدًا من المغامرات، وأن الأمن القومي يُصان بالعقل لا بالعاطفة.
هذه المراجعة لم تأتِ من فراغ، بل نضجت عبر تجربة معقّدة: من الحرب على الإرهاب، إلى موجات الانقسام، إلى دخول الحشـ،،ـد الشعـ،،ـبي في معادلة الدولة لا في مواجهتها. باتت الفصـ،،ـائل التي كانت تُعرف بالمواقف الثورية تُمسك اليوم بوزارات ومؤسسات، وتُدير موارد، وتُحاكي لغة الدولة. ليس هذا تحوّلًا في القناعة، بل انخراط في الحساب: فالاستقرار أصبح مكسبًا، لا عائقًا.
▪ حين تتحول التحديات إلى نوافذ
إن التحذير من هشاشة العراق لا يُخطئ تمامًا، لكنه يُغفل أن ما يسمّى هشاشة، هو في الحقيقة مرونة انتقالية بين عراق الأمس وعراق الغد. فما يراه بعض المراقبين تجنبًا للتورط، يراه الدبلوماسي المحترف استباقًا للانفجار.
وما يُقرأ على أنه تراجع عن الأدوار، هو في الحقيقة إعادة تعريف لدور العراق في النظام الإقليمي المتغيّر.
اليوم، العراق أمام فرصة لا تتكرر كثيرًا: أن يبني تموضعه الإقليمي من بوابة الاقتصاد لا الأمن فقط، وأن يفرض احترامه من خلال الممرات التجارية، ومشروعات الربط، وشراكات الطاقة، لا عبر البيانات السياسية وحدها.
▪ الدبلوماسية الاقتصادية: البوابة الآمنة لدور إقليمي
إن مشروع "طريق التنمية"، وميناء الفاو، واتفاقات الطاقة مع دول الجوار والخليج، ليست مشروعات اقتصادية فحسب، بل أدوات توازن استراتيجي ودبلوماسي. وفي منطقة تُعاد فيها كتابة معادلات النفوذ، من يربط لا يُعزل، ومن يربح شركاء لا يبحث عن وسطاء.
ولذلك، فإن على النخب العراقية – السياسية والفكرية والاقتصادية – أن تغادر منطقة الترقب، وأن تتبنى خطابًا تأسيسيًا جديدًا، يُعيد صياغة العلاقة مع الخارج من موقع الفاعل، لا المفعول به.
▪ الختام: من إدارة الخطر إلى استثمار الممكن
إننا لا نقلل من المخاطر، ولا نغفل التهديدات، لكننا نؤمن أن الدبلوماسية العراقية اليوم تمتلك فرصة نادرة لخلق توازن دقيق بين الالتزامات الإقليمية والمصالح الوطنية. وما يجعل هذا التوقيت استثنائيًا هو أن العراق لا يقف وحيدًا في العاصفة، بل تُفتح أمامه نوافذ تعاون وشراكة، كما تجلّى مؤخرًا في رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى رئيس وزراء العراق، والتي دعا فيها إلى تعميق الشراكة الاقتصادية، وإنشاء مصانع عراقية في الولايات المتحدة، وتسهيل انسيابية التبادل التجاري.
ورغم ما تحمله الرسالة من براغماتية أميركية، فإنها تمثل – إذا أُحسن توظيفها – فرصة استراتيجية للعراق لإعادة تعريف علاقاته الخارجية، من موقع الشريك لا التابع، وبما يعزز التموضع الوطني في قلب شبكة التوازنات الدولية. فلا أحد ينتظر من العراق أن يكون محايدًا في كل شيء، ولكن الجميع يراقب إن كان قادرًا على أن يكون مستقلًا في قراره، ذكيًا في خياراته، وواقعيًا في تحالفاته.
في زمن تتشابك فيه السياسة بالقوة، والمصالح بالمواقف، فإن العراق لا يحتاج إلى ضجيج، بل إلى رؤية هادئة وعزيمة صلبة... وإرادة تضع الوطن فوق كل الحسابات.

رابط المقال : https://www.chathamhouse.org/2025/06/iraqs-fragile-stability-threatened-shifting-middle-eastern-order

فرصة استراتيجية عبر الأطلسي: دعوة اقتصادية من الرئيس الأمريكي للعراقد. عامر عبد رسن الموسوي في رسالة رسمية وجّهها الرئيس...
10/07/2025

فرصة استراتيجية عبر الأطلسي: دعوة اقتصادية من الرئيس الأمريكي للعراق
د. عامر عبد رسن الموسوي

في رسالة رسمية وجّهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دولة رئيس وزراء العراق، أعلن فيها عن رفع الرسوم الجمركية على البضائع العراقية المصدّرة إلى الولايات المتحدة بنسبة 30%، معبّرًا في الوقت ذاته عن رغبة إدارته في أن يفتح العراق مصانع إنتاج داخل الأراضي الأمريكية، وأن يفتح أسواقه أمام السلع الأمريكية. ورغم الطابع الحمائي لهذا القرار، إلا أن القراءة الدقيقة للرسالة تكشف عن فرصة ثمينة ينبغي للعراق أن يلتقطها بذكاء استراتيجي، إذ تعبّر الرسالة عن انفتاح سياسي واقتصادي غير مسبوق من الإدارة الأمريكية على التعاون مع العراق، بعيدًا عن الاشتراطات التقليدية التي كثيرًا ما تقف حائلًا أمام الشراكات الاستراتيجية، مثل معايير الحوكمة الصارمة أو الاشتراطات الاستثمارية المعقّدة.

تقييم اقتصادي واقعي ، من منظور اقتصادي، فإن القرار الأمريكي لن يُحدث أثرًا كبيرًا على الاقتصاد العراقي في الوقت الحالي، نظرًا لمحدودية الصادرات العراقية إلى السوق الأمريكية، والتي تكاد تنحصر في بعض المنتجات الزراعية أو الحرفية، ولا تتجاوز أرقامًا متواضعة. ومع ذلك، فإن حجم الاستيراد العراقي من الولايات المتحدة يبلغ نحو 60 مليون دولار سنويًا في قطاع الأرز، إضافة إلى عدد من المركبات والآليات لا تتجاوز 3000 سيارة سنويا (مثل سيارات التاهو لفئة محدودة بالمجتمع العراقي )، وهو ما يُتيح للعراق إمكانية استخدام هذا الميزان المنخفض لممارسة دبلوماسية تجارية ذكية.

مقترحات عملية لتعظيم المكاسب:
1. إعادة تفعيل الإعفاء الجمركي الأمريكي للبضائع العراقية: يمكن للعراق أن يستند إلى سابقة تاريخية مهمة، حين قرّر الرئيس الأمريكي جورج بوش عام 2004 إعفاء الصادرات العراقية من الرسوم الجمركية. وبما أن العراق لا يشكّل تهديدًا تنافسيًا كبيرًا للاقتصاد الأمريكي، فإن التفاوض لإعادة العمل بهذا الإعفاء يعد مطلبًا منطقيًا، لا سيما وأن دولًا حليفة كالأردن تحظى بمعاملة تجارية تفضيلية أكثر سخاء.

2. استثمار مباشر في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الأمريكية: يمكن للعراق أن يبادر إلى تأسيس صندوق استثماري سيادي متخصص بتوظيف جزء من احتياطاته المالية في البنوك الأمريكية، أسوة بما فعلته دول مثل الإمارات. البداية بمبلغ مليار دولار سنويًا في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتقنيات الطاقة البديلة، ستكون خطوة ذكية، على أن يُطوَّر هذا الاستثمار تدريجيًا ليبلغ مستويات طموحة تصل إلى 20 مليار دولار خلال عقد من الزمان.

3. تأسيس مناطق إنتاج عراقية داخل الأراضي الأمريكية: إن إنشاء مصانع عراقية بالتعاون مع شركاء أمريكيين، خاصة في ولايات تقدّم حوافز ضريبية للمستثمرين، سيخلق موطئ قدم جديد للعراق في الاقتصاد الأمريكي، ويمنح المنتجات العراقية قيمة مضافة داخل أكبر سوق استهلاكية في العالم، فضلاً عن تقوية الروابط المؤسسية بين القطاعين الصناعيين في البلدين.

4. تفعيل خطوط التجارة الثنائية والموانئ الخاصة: إبرام اتفاقيات شحن وتجارة تفضيلية مع موانئ أمريكية رئيسية (مثل هيوستن أو نيو أورلينز)، لتسهيل دخول السلع الزراعية العراقية والتمور والمنتجات اليدوية إلى السوق الأمريكية، خصوصًا ضمن برامج التجارة العادلة والمستدامة.

5. إنشاء مجلس شراكة اقتصادية عراقية-أمريكية: بهدف إدارة هذه التحولات وتعزيز قنوات التواصل، يمكن اقتراح تأسيس مجلس دائم للشراكة الاقتصادية بين البلدين، يضم ممثلين حكوميين وخبراء من القطاع الخاص وغرف التجارة، ويعمل على استشراف فرص التعاون وتذليل العقبات أمام حركة التجارة والاستثمار.

إن الرسالة التي بعثها الرئيس ترامب، رغم طابعها الصارم في ظاهرها، تحمل بين سطورها عرضًا مفتوحًا لعلاقة اقتصادية غير تقليدية مع العراق. ومن هنا، فإن على العراق أن يتحرّك بدينامية عالية، وأن يحوّل هذه الرسالة إلى فرصة سيادية لتعزيز شراكته مع أحد أكبر اقتصادات العالم، ليس من موقع الضعف، بل من موقع الشريك الساعي إلى التنمية والانفتاح والتكامل.

أن الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية لا تُثمر أرباحًا مادية فحسب، بل تخلق مناخات استقرار سياسي، وتبني جسورًا من الثقة بين الدول، وتُعزز من حضور العراق كدولة ذات وزن دولي يحظى باهتمام الشركاء، لا بصفتها ساحة صراع، بل طرفًا فاعلًا في معادلة المصالح الدولية.
فالاقتصاد حين يُدار بذكاء، يتحول إلى أداة سيادية، تُصالح الداخل وتُوازن الخارج، وتصنع للعراق موقعًا تفاوضيًا أقوى في المشهد الإقليمي والدولي.

رابط المقال : https://www.ahewar.net/debat/show.art.asp?aid=876140

Address

Baghdad

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when د.عامر عبد رسن الموسوي posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to د.عامر عبد رسن الموسوي:

Share