د.عامر عبد رسن الموسوي

د.عامر عبد رسن الموسوي نائب رئيس هيأة – GCM | دكتوراه قانون – SJU
ماجستير تخطيط استراتيجي – NDC | باحث ومؤلف في السياسات العامة والأمن الوطني

درس التاريخ : حين تفادت طهران فخّ بغداد قبل 37 عاماًقراءة استخبارية في سلوك طهران: بين المرونة المحسوبة وذاكرة العقوبات ...
14/10/2025

درس التاريخ : حين تفادت طهران فخّ بغداد قبل 37 عاماً

قراءة استخبارية في سلوك طهران: بين المرونة المحسوبة وذاكرة العقوبات القديمة.

د. عامر عبد رسن الموسوي

أعلنت باريس، على لسان وزير خارجيتها، أن إيران أفرجت عن مواطن يحمل الجنسيتين الفرنسية والألمانية بعد أيام من إلغاء حكم التجسس الصادر بحقه. خبر صغير في شكله، لكنه كبير في دلالاته الاستخبارية والسياسية، إذ يفتح الباب أمام قراءة جديدة لطبيعة التحولات الجارية في سلوك الدولة الإيرانية تجاه الغرب، خصوصًا بعد إعادة تفعيل آلية “الزناد” (Snapback) التي أعادت العقوبات الأممية والأوروبية إلى مسار التنفيذ.
أولًا: دلالات الحدث – رسالة استخباراتية ناعمة : منذ أكثر من عام، خاضت باريس حوارًا شائكًا مع طهران حول ملف المعتقلين من مزدوجي الجنسية، استخدمت فيه أدواتها الدبلوماسية العادية تارة، وأذرعها الاستخبارية تارة أخرى عبر المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي (DGSE)، التي نفّذت سلسلة زيارات واتصالات غير معلنة مع مسؤولين في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية .
وقد مثّل الإفراج الأخير انعطافة محسوبة في نهج طهران، التي اشتهرت بإدارة الأزمات من موقع “الندية الصلبة”، لكنها هذه المرة اختارت لغة التهدئة الاختبارية، مستثمرة الحدث لتبعث برسالة مزدوجة:
1. للداخل الإيراني مفادها أنّ طهران ما زالت تمسك بأوراقها كاملة، وأنّ أي تساهل محسوب لا يعني ضعفًا.
2. وللغرب مفادها أنّ القنوات الدبلوماسية لم تُغلق بعد، وأنّ إيران قادرة على تصعيد أو خفض التوتر حسب درجة الضغط الدولي.
هذا النمط من السلوك يُعرف في أدبيات الاستخبارات بـ “المرونة الموجّهة”، أي منح تنازل إنساني محدود يُستخدم كجسر تفاوضي لتليين جبهة العقوبات دون المساس بالملفات الجوهرية كالتخصيب النووي أو النفوذ الإقليمي.
ثانيًا: العقوبات والزناد – هندسة الضغط المتبادل : تأتي الخطوة الإيرانية بعد أسابيع فقط من إعلان الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) تفعيل آلية الزناد ضمن الاتفاق النووي لعام 2015، وهي الآلية التي تتيح إعادة فرض العقوبات الأممية تلقائيًا على إيران بعد اتهامها بانتهاك الالتزامات النووية.
هذا التفعيل أحدث ارتجاجًا واضحًا في المؤسسات الإيرانية، حيث تصاعد الجدل بين التيار المحافظ العقائدي والتيار البراغماتي الأمني حول جدوى المواجهة المباشرة في ظل الضغوط الاقتصادية المتراكمة، وخصوصًا بعد تراجع عائدات النفط وازدياد الحاجة إلى تدفقات نقدية من السوق الرمادية في آسيا وأفريقيا.
إطلاق سراح المعتقل جاء، إذن، في سياق اختبار توازن جديد: ضغوط اقتصادية مقابل تنازلات رمزية.
فالقيادة الإيرانية تعي أن العقوبات المعاد تفعيلها ليست مجرد أرقام في قوائم الأمم المتحدة، بل منظومة متكاملة من العزلة المالية، وتعطيل الممرات اللوجستية، ومراقبة شركات الواجهة المرتبطة بالحرس الثوري. ومن هنا، فإنّ “اللين” الذي أبدته طهران مؤخرًا لا يعكس تبدلاً عقائدياً، بل استراتيجية تنفيس منظّم تهدف إلى إعادة ضبط إيقاع التوتر ضمن حدود يمكن التحكم بها.
ثالثًا: مفاوضات الظل – استخبارات تتكلم بلغة الدبلوماسية ؛ من الناحية الاستخبارية، تنظر فرنسا إلى إيران كدولة تفاوض تُخفي داخل كل ملف إنساني أو أمني طبقات متراكبة من الرسائل. ولعلّ أكثر ما يلفت في هذا الحدث أن الاتصالات التي أدت إلى الإفراج لم تمر عبر القنوات الرسمية لوزارة الخارجية الفرنسية فقط، بل عبر شبكة محاورين أمنيين ضمت شخصيات من DGSE ووسطاء أوروبيين لديهم علاقات مع مؤسسات إيرانية شبه رسمية.
العملية بحد ذاتها تعكس ما يُعرف في علم الاستخبارات بـ “الدبلوماسية الموازية” (Backchannel Diplomacy)، حيث تُستخدم ملفات إنسانية لإعادة اختبار إمكانية الحوار في ظل قطيعة سياسية رسمية. وغالبًا ما تُبنى عليها جسور تفاوضية لاحقة تتناول قضايا أكبر، مثل البرنامج النووي، أو العقوبات النفطية، أو أمن الممرات البحرية في الخليج.
رابعًا: “الاحتجاز كورقة ضغط” – مدرسة إيرانية في المساومة ؛ منذ الثورة الإسلامية عام 1979، طوّرت طهران ما يُعرف بـ عقيدة الاحتجاز المتبادل، أي استخدام مواطنين أجانب كمادة تفاوض في معادلة الضغط المتبادل. وقد نجحت هذه الاستراتيجية في أكثر من محطة، من أزمة السفارة الأميركية عام 1980، مرورًا بملفات البريطانيين والأستراليين والفرنسيين خلال العقدين الماضيين، وصولًا إلى تبادل الأسرى مع واشنطن في 2023.
الفرق اليوم أنّ إيران لم تعد تستخدم هذه الورقة كابتزاز مباشر، بل كأداة اختبار للمزاج الغربي. فهي تعلم أنّ الإفراج المحسوب عن معتقل واحد في توقيت حساس قد يخلق “نافذة نفسية” في العواصم الأوروبية تُمهّد لمسارات تفاوضية جديدة أو تخفيف نسبي للعقوبات.
وفي الوقت ذاته، تُدرك أن الإفراط في التصعيد أو تنفيذ أحكام قاسية قد يؤدي إلى عكس النتائج، كما حدث في تجربة أخرى قبل أكثر من ثلاثة عقود في العراق.
خامسًا: ذاكرة التاريخ – درس من بازوفت ؛ يستحضر الحدث الحالي ذاكرة 15 مارس آذار 1990 عندما أقدم نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين على إعـ،،ـدام الصحفي البريطاني–الإيراني الأصل “فرزاد بازوفت” بتهمة التجسس، رغم طلب رئيسة الوزراء البريطانية حينها مارغريت تاتشر بالإفراج عنه. وقد أدت تلك الحادثة إلى تحوّل نوعي في العلاقات بين بغداد ولندن، وأطلقت سلسلة من الأفخاخ الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية التي ساهمت لاحقًا في عزل العراق وإضعاف قدرته على المناورة قبيل حرب الخليج الأولى.
اللافت أن المفاوض الإيراني اليوم يبدو أكثر ذكاءً ووعيًا بالذاكرة العقابية الغربية. فهو لم يقع في الفخ ذاته الذي وقع فيه صدام حين حوّل قضية فردية إلى مواجهة سيادية خاسرة. فبدلًا من “الإعـ،،ـدام الصاخب” الذي يُكسب عناوين داخلية لكنه يجرّ خسائر استراتيجية، اختارت طهران الإفراج الصامت الموجّه الذي يمنحها رصيدًا تكتيكيًا في مفاوضات الغد، ويجنبها الانزلاق إلى “صدام قانوني–إعلامي” مع الغرب.
بهذا السلوك، أظهرت إيران ذكاءً تفاوضيًا متعدد الطبقات: فهي تحافظ على هيبتها القضائية داخليًا، وتبعث برسالة ضبط نفس خارجياً، وتختبر حدود الضغط الغربي في الوقت ذاته.
سادسًا: بين العقوبات والملفات الساخنة : إنّ قراءة هذا التطور في ضوء تفعيل العقوبات لا يمكن فصلها عن المناخ الإقليمي المتوتر:
فالممرات البحرية في البحر الأحمر والخليج تشهد تصعيدًا متدرجًا.
والمفاوضات النووية تراوح مكانها بين مسقط والدوحة.
وواشنطن، المنشغلة بإعادة تموضعها في الشرق الأوسط، تراقب عن كثب أي إشارة “لين” من طهران لتوظيفها في إعادة ترتيب الأوراق مع أوروبا.
من هنا، يبدو أن الإفراج الأخير ليس استجابة إنسانية فحسب، بل جزء من عملية معايرة دقيقة لمستوى الانفتاح المطلوب لتخفيف أثر العقوبات دون الظهور بمظهر المنكسر. وهو ما يسميه بعض المحللين في طهران بـ “الذكاء الدفاعي”: أي استخدام مبادرات محدودة لإرباك استراتيجية الخصم وإعادة ضبط التوازن النفسي في المواجهة.
سابعًا: الخلاصة – رسائل من وراء الجدران ؛ الحدث في جوهره عملية استخبارية متقنة التخطيط أكثر من كونه قرارًا قضائيًا أو إنسانيًا. إيران تدرك أن الملفات الفردية هي مفاتيح اختبار الإرادة الدولية، وأنّ العالم الغربي لا يُحرّكه القانون وحده، بل الرأي العام. لذلك جاء الإفراج عن المواطن الفرنسي–الألماني كضربة ذكية على رقعة شطرنج مزدحمة:
تحسين للصورة الدولية في لحظة تعاظم العزلة.
اختبار لاستجابة باريس وبرلين في ملف العقوبات.
تمهيد لمرحلة تفاوضية أكثر مرونة ضمن هندسة جديدة للردع والدبلوماسية.
وفي الخلفية، تُطلّ الحكمة القديمة: من يفهم ذاكرة العقوبات لا يكرر خطاياها.
لقد اختار المفاوض الإيراني أن يقرأ التاريخ لا أن يعيد تمثيله، فجنّب بلاده فخ بازوفت جديد، وأرسل للعالم إشارة مفادها أن طهران حين تريد التصعيد تعرف متى تتراجع، وحين تتراجع تفعل ذلك بذكاءٍ سياديّ لا بانكسارٍ سياسي.

*بين سلام ترامب وانتصار حمـ..ـاس: هل انتهى مشروع الشرق الأوسط الجديد؟*د. عامر عبد رسن الموسويبعد عامين شاقين من الحرب… ه...
12/10/2025

*بين سلام ترامب وانتصار حمـ..ـاس: هل انتهى مشروع الشرق الأوسط الجديد؟*

د. عامر عبد رسن الموسوي

بعد عامين شاقين من الحرب… هل سقط مشروع الشرق الأوسط الجديد؟

بعد عامين من الحرب المدمّرة على غزّة، لم يعد السؤال السياسي في المنطقة مقتصرًا على مستقبل الحرب أو مصير الهدنة، بل على اتجاه النظام الإقليمي برمّته:
هل فشل مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي بشّر به الأميركيون والإسرائيليون منذ مطلع القرن، بعد أن عجزت إسرائيل – بكل قوتها – عن كسر حركة حمـ..ـاس أو فرض معادلة ردع جديدة؟

لقد أراد بنيامين نتنياهو تحويل حرب غزّة إلى منصةٍ لفرض هيمنة إسرائيلية طويلة الأمد، وإعادة صياغة خرائط النفوذ عبر تحييد المقاومة وإعادة تأهيل التطبيع الاقتصادي والأمني في المنطقة.
لكن النتائج جاءت معاكسة:
فالحرب طالت عامين كاملين دون أن تحقق هدفها المركزي، وحمـ..ـاس خرجت من تحت الأنقاض أكثر حضوراً سياسيًا من أي وقت مضى، فيما انكشفت إسرائيل أمام العالم بوصفها قوة عسكرية عاجزة عن ترجمة نصرٍ ميداني إلى شرعية سياسية.

وهنا يبرز التساؤل الحرج:
هل سيدفع هذا الفشل نتنياهو إلى فتح جبهة جديدة – مع لبنان أو إيران أو اليمن – ليُبقي إسرائيل في حالة طوارئ دائمة تُجنّبه المحاكمة والانهيار السياسي؟
أم أن المنطقة تتجه إلى نقطة انقلاب كبرى، حيث لم يعد “الشرق الأوسط الجديد” مشروع سلام وتكامل، بل مشروع بقاءٍ لحكوماتٍ تعيش على الأزمات؟

بهذا المعنى، لم تعد الحرب على غزّة صراعاً بين جيشٍ وحركةٍ مقاومة، بل اختباراً لمستقبل النظام الإقليمي نفسه:
من يملك حقّ صياغة خرائط القوة ؟، ومن يكتب رواية السلام بعد أن فشلت إسرائيل في فرضها بالنار؟:

أولاً: الفارق بين الروايتين – سلام ترامب أم نصر حمـ،،ـاس؟
1. ترامب وعودة الراعي الغائب
إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن “المرحلة الأولى من خطة السلام بين إسرائيل وحمـ،،ـاس” بدا كحدثٍ مفاجئٍ في توقيته ودلالاته.
فترامب اليوم لا يخوض انتخابات، ولا يسعى إلى إنجازٍ شخصي قصير المدى، بل إلى استعادة الدور الأميركي في الشرق الأوسط بعد فراغٍ دبلوماسي طال أمده.
خطابه جاء بلغة احتفالية، يستحضر رمزية “صانعي السلام” ويشكر الوسطاء (قطر ومصر وتركيا)، ويؤكد أن “جميع الأطراف ستُعامَل بعدل”.

غير أن هذه اللغة الأخلاقية الملساء تخفي ما هو أعمق:
إنها محاولة أميركية لإعادة الإمساك بمفاتيح الصراع، بعد أن باتت واشنطن خارج معادلة التأثير المباشر طوال عامين من الحرب التي أدارتها تل أبيب ظاهريا بمفردها.
فترامب لا يقدّم حلاً، بل يستعيد الدور: “الوسيط الذي لا يمكن تجاوزه”.

2. حمـ،،ـاس: من المقاومة إلى الشرعية السياسية :
في المقابل، جاء بيان حماس بلغةٍ مختلفة تماماً: لغة المنتصر لا المتنازل.
تحدّث البيان عن “اتفاق لإنهاء الحرب، وانسحابٍ كاملٍ للاحتلال، وتبادل الأسرى”، وأشاد بـ“صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته”، مؤكداً أن “الحقوق الوطنية غير قابلة للتفريط حتى تحقيق الاستقلال وتقرير المصير”.

هذه اللغة تعبّر عن وعيٍ جديد بالموقع السياسي الذي وصلت إليه الحركة بعد عامين من الحصار والمـ،،ـوت:
لم تعد مجرد فصيل مقاوم، بل طرفاً مفاوضاً في تسويةٍ دولية، يتحدث بلغة الدول لا المجموعات.
وهذا بحد ذاته – في منطق العلاقات الدولية – تحوّل جذري في مكانة حمـ،،ـاس: من “حركة محاصرة” إلى “فاعل شرعي” يفرض الاعتراف به عبر الصمود لا التسوية.

ثانياً: اتفاقان لا يتطابقان – الفهم المختلف للسلام :
المفارقة الكبرى أن التصريحين – الأميركي والفلسطيني – يصفان “الحدث نفسه” بلغة ومعانٍ متناقضة.
إنّ الفارق هنا ليس تقنياً بل فكريًّا:
فواشنطن تتعامل مع الاتفاق كمرحلة هندسية في مشروع “الشرق الأوسط الجديد”،
فيما تتعامل معه حمـ،،ـاس كإعلان انتصار ميداني أنهى مشروع “إسرائيل الكبرى” داخل حدود غزة.

ثالثاً: نتنياهو بين فشل الردع وتحوّل الإستراتيجية :
حين بدأت الحرب في خريف 2023، وعد نتنياهو الإسرائيليين بـ”القضاء على حمـ،،ـاس” و”استعادة الردع التاريخي”.
لكن بعد عامين من الدمار، وجد نفسه أمام مأزق متعدد الأوجه:
• فحمـ،،ـاس لم تُكسر، بل خرجت أكثر تنظيماً وفاعلية سياسية.
• والمجتمع الإسرائيلي انقسم عمودياً بين تيارات تطالب بالتحقيق والمحاسبة، وأخرى ترفض استمرار الحرب.
• والاقتصاد الإسرائيلي تلقى ضربة قاسية جرّاء الإنفاق العسكري وحالة الطوارئ الطويلة.

أمام هذه الحقائق، صار استمرار الحرب ضرورة سياسية شخصية لنتنياهو أكثر من كونه خيارًا أمنياً للدولة.
فبقاء إسرائيل في حالة حربٍ دائمة يعني بقاءه خارج قاعات المحاكم التي تنتظره بتهم الفساد وسوء الإدارة.
ومن هنا يتجدد السؤال:

هل يفتعل نتنياهو “جبهة جديدة” في الشمال أو الشرق، ليُعيد توحيد الداخل الإسرائيلي حوله ويؤجل سقوطه السياسي؟*الاحتمال ليس مستبعداً، لأن سلوك نتنياهو منذ عامين يشي بأن العدوان الخارجي بات وسيلته الوحيدة لإدامة سلطته الداخلية*.

رابعاً: موازين القوة الجديدة – من الهيمنة إلى التوازن :
قبل الحرب، كانت إسرائيل تتحكم في توقيت المواجهة وحدودها، وتفرض “الردع الوقائي” عبر قوتها الجوية والاستخبارية.
أما اليوم، فالمعادلة تغيّرت جذريًا:
• الردع أصبح متبادلاً؛ إسرائيل تردع حمـ،،ـاس عن هجومٍ شامل، لكن حمـ،،ـاس تردع إسرائيل عن الاجتياح.
• التحكّم بالزمن العسكري انتقل من تل أبيب إلى التوازن الإقليمي؛ أي قرار جديد بالحرب يحتاج موافقة ضمنية من واشنطن والقاهرة والدوحة.
• شرعية المقاومة خرجت من كونها قضية محلية لتصبح ملفاً إنسانياً دولياً في الأمم المتحدة ومحكمة لاهاي.

لقد تحوّل مفهوم القوة من السيطرة إلى القدرة على البقاء، ومن التفوق إلى القدرة على امتصاص الصدمات.
وهذا بالضبط ما جعل إسرائيل تدرك أن الزمن لم يعد في صالحها مهما امتلكت من السـ،،ـلاح.

خامساً: واشنطن تعود… لكن بلا رؤية جديدة :
تحرك ترامب لإعلان الاتفاق لا يعني أن الولايات المتحدة استعادت زمام القيادة فعلاً، بل أنها تحاول إعادة التموضع في مشهدٍ لم يعد مركزه بيدها وحدها.
فبعد عامين من الحرب، أصبح للمشهد وسطاء كُثر:
- قطر التي تملك قناة تواصل مع المقاومة،
- مصر التي تمسك بالملف الأمني،
- وتركيا التي تتحرك بمزيج من الدبلوماسية والعاطفة الشعبية.
عودة واشنطن عبر “بوابة ترامب” تبدو عودة اضطرارية:
ليست مشروع تسوية شاملة، بل محاولة لإنقاذ هيبتها في الشرق الأوسط بعد أن فقدت ثقة الأطراف جميعاً.
فلا الفلسطينيون يرون فيها ضامناً، ولا الإسرائيليون يثقون باستقرار توجهها السياسي.

سادساً: التحالفات العربية والإقليمية – وساطة أم ولادة محور جديد؟ :
أحد أهم نتائج هذه الحرب الطويلة هو نشوء ما يمكن تسميته بـ “تحالف وساطة إقليمي” بين قطر ومصر وتركيا.
هذا التحالف، رغم تناقض مصالح أعضائه، استطاع أن يُنتج صيغة توافقية بين حمـ،،ـاس وواشنطن وتل أبيب، وهو إنجاز دبلوماسي غير مسبوق منذ اتفاق القاهرة 2011.
لكن الأهم أنه يفتح الباب أمام إعادة تعريف العلاقات العربية–العربية من منطلق الوساطة لا الاستقطاب، ويعيد فكرة أن الأمن الإقليمي لا يُصنع إلا بآلية عربية فاعلة، لا عبر مظلّة دولية مفروضة.

سابعاً: فلسطين بعد الحرب – من التمثيل إلى الشرعية الجديدة :
أعاد اتفاق غزة طرح سؤالٍ وجودي داخل البيت الفلسطيني:
من يمثل الشعب؟
هل هي السلطة الوطنية الغائبة عن المشهد، أم المقاومة التي فاوضت من الميدان؟

الجواب الواقعي أن حمـ،،ـاس، بحكم الأمر الواقع، أعادت احتكار المشروعية التمثيلية في قطاع غزة، لكنها باتت مطالبة اليوم بتحويل ذلك إلى مشروع وطني أوسع يضم باقي الجهات.
فلا المقاومة قادرة وحدها على إدارة الإعمار والسياسة،
ولا السلطة قادرة على استعادة ثقة الشارع دون مراجعة جذرية لدورها ووظيفتها.

إنّ الحرب الطويلة أعادت تعريف “الوطنية الفلسطينية” باعتبارها تجربة صمودٍ لا انقسام، وهي نقطة يمكن البناء عليها لبلورة عقد سياسي جديد يوازن بين الشرعية النضالية والشرعية المؤسسية.

ثامناً: هل كُسرت حمـ،،ـاس؟ أم غيّرت قواعد اللعبة؟

في ميزان القوة الصلبة، خسر الفلسطينيون الكثير: دمار هائل، نزوح جماعي، وبنية تحتية متهالكة.
لكن في ميزان الشرعية السياسية، ربحت حمـ،،ـاس أكثر مما توقعت إسرائيل أن تخسره. وكذلك مستوى مقبولية القضية الفلسطينية تقدم كثيراً،
فبعد عامين من النار، لم تنكسر الحركة، بل كسرت احتكار إسرائيل لحقّ تعريف النصر والهزيمة.

والمفارقة أن نتنياهو الذي وعد بإنهاء حمـ،،ـاس، وجد نفسه يوقّع اتفاقًا معها – ولو عبر وسطاء – تحت ضغطٍ ميداني ودولي.
تلك هي النكسة السياسية الكبرى في مسيرته، التي قد تُسرّع نهايته السياسية أكثر من أي هزيمة عسكرية.

تاسعاً: ميزان ما بعد الحرب

لم تربح إسرائيل الحرب، ولم تخسرها حمـ،،ـاس، بل تغيّر تعريف النصر ذاته.
فمن يملك القدرة على فرض روايته في الوعي العالمي هو المنتصر الحقيقي، حتى إن خسر نصف أرضه.

عاشراً: الخاتمة – من فشل الردع إلى ولادة سردية جديدة

بين “سلام ترامب” و“انتصار حمـ،،ـاس” يمتدّ خط زمني يعيد تعريف معاني القوة، والشرعية، والمستقبل.
فلا ترامب أطلق مشروع سلامٍ حقيقي، ولا نتنياهو فرض واقعًا جديدًا،
لكن العالم بأسره خرج من حرب غزة وهو يدرك أن الشرق الأوسط الذي كان يُدار من تل أبيب وواشنطن قد انتهى فعلياً.

ربما سيتجه نتنياهو إلى إشعال جبهةٍ جديدة ليبقي إسرائيل في حالة طوارئ تُجنّبه السقوط،
وربما ستحاول واشنطن إعادة تشكيل المنطقة بمنطق “الوسيط العائد”،
لكن المؤكد أن حمـ،،ـاس حطّمت أسطورة الردع الإسرائيلي وأعادت الاعتبار لمفهوم المقاومة كأداة سياسية مشروعة.

فبعد عامين من النار، لا يزال الصوت الفلسطيني هو الأعلى.
وما لم يتحول مشروع “الشرق الأوسط الجديد” من هندسةٍ للقوة إلى مشروعٍ للعدالة،
سيبقى الشرق الأوسط القديم أكثر حيوية من كل خرائط المستقبل التي تُرسم فوق أنقاضه.

الوحي والواقعية الموضوعية: قراءة جديدة في نظرية المعرفة عند مصباح اليزديفي زنزانة ضيقة عام ٢٠٠١، وبين جدران السجن الصامت...
01/10/2025

الوحي والواقعية الموضوعية: قراءة جديدة في نظرية المعرفة عند مصباح اليزدي

في زنزانة ضيقة عام ٢٠٠١، وبين جدران السجن الصامتة، وقعت بين يديّ نسخة من كتاب نظرية المعرفة للشيخ محمد تقي مصباح اليزدي.
والحقيقة اني كنت مأخوذاً بجهده الفلسفي المتماسك وصرامته في العرض، إذ بدا الكتاب وكأنه مشروع متكامل لبناء إبستمولوجيا إسلامية تستند إلى التراث الفلسفي والكلامي، وتستجيب في الوقت نفسه لتحديات الفلسفة الغربية. لكن وسط هذا الانبهار، برز عندي إشكال ظلّ يلازمني: كيف يمكن للواقعية الموضوعية، التي تشترط مطابقة المعرفة لواقع خارجي مستقل، أن تنسجم مع الوحي الذي يبدو، لأول وهلة، مصدراً يتجاوز الحس والعقل معاً؟
أليس في ذلك تناقض صارخ؟

هذا السؤال لم يكن عابراً. لقد مثّل لي منذ ذلك الحين مفتاحاً لإعادة التفكير في العلاقة بين العقل والإيمان، بين الفلسفة والوحي.
وبعد أربعةٍ وعشرين عاماً، ومع ما نشهده اليوم من حرب فكرية واسعة تستهدف الإسلام والوحي والنبوة باسم العقل والعلمانية والتنوير، وجدت نفسي أعود لقراءة كتاب اليزدي من جديد، بعين أكثر وعياً وخبرة.

أولاً: الواقعية عند اليزدي: بين الفلسفة والكلام ؛
اليزدي ينطلق من مبدأ راسخ: لا معرفة بلا واقع خارجي مستقل.
والمعرفة عنده هي مطابقة الذهن للوجود، ومن هنا جاء رفضه الجذري للشك المطلق والنسبية المعرفية. فمن يشك في وجود الواقع الخارجي يثبت شيئاً (هو فعل الشك نفسه) لينفي كل وجود، وهو تناقض منطقي.
كذلك القول بالنسبية يؤدي إلى انهيار ذاته، لأنه يفترض حقيقة مطلقة هي نفسها “كل شيء نسبي”.

هنا يلتقي اليزدي مع الواقعية الكلاسيكية التي عرفها أرسطو وتوما الأكويني، لكنه يذهب أبعد: الواقعية عنده ليست مجرد اعتراف بالعالم المادي، بل اعتراف بالوجود بما هو وجود، أي بالشهادة والغيب معاً.
هذه النقطة محورية لفهم مشروعه.

ثانياً: مصادر المعرفة الثلاثة :
يفصل اليزدي بين ثلاثة مصادر للمعرفة:
1. الحس: يمدّنا بالجزئيات لكنه محدود بالمحسوس.
2. العقل: يعالج المعطيات ويجرد الكليات ويبرهن على المبادئ، لكنه لا يكشف تفاصيل الغيب.
3. الوحي: يتجاوز الحس والعقل، ويكشف عن حقائق الغيب (المعاد، القيم المطلقة، صفات الله).
شرطه الأساسي أن يُثبت بالعقل صدق النبي عبر المعجزة.
هنا يظهر الإشكال: إذا كان معيار المعرفة هو المطابقة مع الواقع الخارجي المستقل، فكيف يمكن إدخال الوحي الذي يبدو غير قابل للتحقق بالحس أو البرهان المباشر؟

ثالثاً : الاعتراضات الممكنة
1. معيار المطابقة: إذا كانت المعرفة مشروطة بالمطابقة مع ما يُدرك بالحس أو العقل، فإن الوحي خارج عن هذه الدائرة.
2. مصدر فوق العقل: إذا كان الوحي فوق العقل، أليس هذا إلغاءً لدوره أو تناقضاً معه؟
3. قابلية التحقق: كيف نضمن أن ما يقدمه الوحي هو معرفة موضوعية، لا مجرد تجربة ذاتية للنبي؟

رابعاً : أجوبة اليزدي :
اليزدي يحاول معالجة هذه الاعتراضات على النحو التالي:
• الواقعية ليست محصورة في الطبيعة؛ الواقع أوسع ويشمل الغيب.
• الوحي لا يلغي العقل بل يتأسس عليه: صدق النبي يُثبت بالعقل، ثم يصبح الوحي امتداداً للمعرفة لا خصماً لها.
• التحقق لا يكون بالتجربة الحسية بل بالعقل البرهاني، الذي يثبت إمكان الوحي وصدق حامله.

بذلك، يصبح الوحي مطابقاً لواقع آخر (الغيب)، كما يطابق الحس الواقع المادي.
الوسيلة تختلف، لكن المعيار واحد: المطابقة مع الوجود.

أمثلة تطبيقية
• الموت والمعاد: الحس عاجز، العقل يبرهن على بقاء الروح، والوحي يقدّم تفاصيل الواقع الأخروي.
• العدل الإلهي: العقل يثبت ضرورته، والوحي يوضّح تجلياته في الغيب.
• النبوة: العقل يبرهن على إمكانها، والوحي يقدّم محتواها الواقعي.

هذه الأمثلة تظهر أن الوحي عند اليزدي ليس خيالاً أو رمزاً، بل معرفة موضوعية بواقع غيبي.

خامساً: مقارنة بالسجال الغربي

الفلسفة الغربية كثيراً ما فصلت بين العقل والإيمان: أوغسطين وتوما الأكويني أكّدا التكامل، كانط فصل بين العقل النظري والإيمان العملي، والوضعية المنطقية ألغت كل ما لا يخضع للتجربة.
اليزدي يقدم بديلاً: الوحي مصدر للمعرفة الواقعية، لأنه يطابق بعداً غيبياً من الوجود.

ختاماً :
منذ قراءتي الأولى للكتاب في السجن قبل ٢٤ عاماً، ظننت أن مشروع اليزدي ينطوي على تناقض.
لكن إعادة القراءة في ظل الحرب الفكرية المعاصرة بيّنت لي أنه لا يقع في التناقض بقدر ما يوسّع معنى الواقعية ليشمل الغيب.
ومع ذلك، يظل مشروعه بحاجة إلى تطوير نقدي.
فالوحي عنده يظل معتمداً على العقل في إثبات صدق النبي، وهذا يجعله في نظر بعض النقاد تابعاً للعقل أكثر منه شريكاً مستقلاً.
كما أن توسعة الواقعية تثير سؤالاً جديداً عن معيار المطابقة في عالم الغيب: كيف نضمن أن تفاصيل الوحي مطابقة فعلاً لذلك الواقع الغيبي؟

مع هذه التحفظات، يظل جهد اليزدي خطوة متقدمة لبناء واقعية ميتافيزيقية إسلامية، قادرة على مواجهة الشك والنسبية، وإعادة إدماج الوحي في نظرية المعرفة لا كعنصر دخيل، بل كمصدر أصيل يفتح أمام العقل أفقاً أرحب من الطبيعة المحسوسة.

القرار الأممي وإعادة تفعيل آلية الزناد: تحديات وفرص للعراق في المشهد الدولي الجديدأعلنت وكالات أنباء دولية أن دول التروي...
29/09/2025

القرار الأممي وإعادة تفعيل آلية الزناد: تحديات وفرص للعراق في المشهد الدولي الجديد

أعلنت وكالات أنباء دولية أن دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، بريطانيا، وفرنسا) أعلنت عن إعادة تفعيل ما يُعرف بـ«آلية الزناد» بحق إيران، اعتباراً من صباح الأحد الموافق 28/9/2025، وذلك عقب انتهاء التصويت في مجلس الأمن الدولي وعدم تمديد إطار القرار الأممي رقم (2231) الصادر عام 2015 والمتعلق بإلغاء مجموعة من العقوبات المرتبطة ببرنامج إيران النووي. وعملياً تعني هذه الخطوة إعادة العمل ببنود سابقة للعقوبات الأممية التي أُلغيَت بموجب ذلك القرار.

خلفية قانونية ودولية : كان القرار رقم (2231) قد أنهى سريان ستة قرارات أممية سابقة فرضت قيوداً على طهران، وهي في مجملها تتعلق بوقف وتقييد أنشطة تخصيب اليورانيوم، وتقييد نقل التكنولوجيا الحساسة، وفرض قيود مالية ومصرفية وعسكرية، وتوسيع قوائم حظر الأسلحة وقيود الخدمات المصرفية والشحن. إعادة تفعيل «الزناد» تعيد اصطلاحاً بعضاً من هذه القرارات ذات الاطر القانونية لتطبيق عقوبات أممية على الأنشطة التي تُصنّفها دول معنية بأنها تنتهك التزامات كانت موضوع تفاهمات سابقة.
المشهد الدولي الذي واكب هذا القرار تضمن ضغوطاً سياسية من حلفاء غربيين — حسبما تذكر التقارير — على دولٍ داخل مجلس الأمن للتصويت أو الامتناع عن تمديد الإطار السابق، وما رافق ذلك من نقاشات متصلة بالخيارات الدبلوماسية والقانونية، ومدى إمكانية تصاعد هذه الخطوة نحو إجراءات أبعد تشمل تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كخيار مفتوح لدى بعض الأطراف.

قراءة بعيون عراقية استراتيجية للحدث
1. الواقع الإقليمي يتجه نحو ضبابية أعلى: إعادة تفعيل آليات العقوبات تزيد من وتيرة الضغوط المتبادلة بين القوى الدولية والإقليمية، وترفع من احتمالات الاحتكاك السياسي والدبلوماسي، وهو ما قد ينعكس على الأمن البحري، خطوط الإمداد، وأسواق الطاقة الإقليمية والدولية.
2. المخاطر على العراق متعددة الأبعاد: العراق، جغرافياً وسياسياً، يقع في قلب شبكة علاقات معقدة تربطه بإيران من جهة وبالفاعلين الدوليين الآخرَين من جهة ثانية.
أي توتر متصاعد بين طهران والغرب سينعكس مباشرةً على العراق عبر: ضغط على الأمن الحدودي، موجات نزوح محتملة، تأثيرات على أسعار النفط والإيرادات، وامتدادات أمنية قد تستهدف طرق الإمداد أو المصالح العراقية.
3. قاسم المصالح العراقية: الاستقرار والحياد المدروس: من منظور استراتيجي عراقي، المعيار الأول يجب أن يكون حماية السيادة الوطنية والمصالح الاقتصادية والاجتماعية للشعب العراقي.
هذا يقتضي المحافظة على سياسة خارجية متوازنة — واضحة في رفض أن يكون العراق ساحة لتصعيد خارجي أو قاعدة لعمليات عسكرية — مع الاستمرار في قنوات التواصل مع جميع الأطراف المعنية لتقليل مخاطرة التصعيد.

تفصيل القرارات الستة التي أُعيدت عملياً : تُشير الخطوة إلى إعادة العمل بالإطارات التي كانت قد فرضت منذ 2006 حتى 2010، والتي شملت: دعوات لوقف تخصيب اليورانيوم، فرض عقوبات على أنشطة نووية حساسة، قيود مالية ومصرفية، حظر لأسلحة محددة وقيود على الخدمات المصرفية والشحن، وإجراءات سفر بحق مسؤولين. إعادة هذه البنود تعيد أداة الضغط الدولي على طهران في جوانب اقتصادية وتقنية وسياسية.
توصيات سياسية واستراتيجية للعراق (ملاحظات عملية غير عسكرية)
1. الحفاظ على موقف دبلوماسي موّزن وشفاف: إعلان موقف وطني يوضح رغبة العراق في استقرار المنطقة، ويرفض أي فعل يُحوِّل أرضه إلى ساحة صراع، مع التأكيد على حق العراق في إقامة علاقات طيبة مع جيرانه كافة وفقاً لمبدأ حسن الجوار.
2. تفعيل قنوات الوساطة: العمل على تنشيط دور الوساطة العراقية مع كل الأطراف ذات الصلة — إقليمية ودولية — سواء عبر القنوات الثنائية أو عبر المنظمات الإقليمية (جامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي) أو عبر وساطات دولية مستقلة، بهدف خفض التوتر وفتح مسارات تفاوضية.
3. تعزيز الجهوزية المدنية والاقتصادية: وضع خطط احترازية اقتصادية لحماية موارد الدولة (النفط، الإيرادات) من أي تقلبات حادة في السوق، وتأمين البدائل اللوجستية، مع حماية البنى التحتية الحيوية وإعداد آليات مبكرة للتعامل مع موجات نزوح أو أزمة إنسانية محتملة.
4. تأمين الحدود والسيادة: تشديد الجهود على ضبط الحدود ومنع تحويل الأراضي العراقية إلى مسار لعمليات عبر الحدود، مع التعاون الأمني التقني مع المجتمع الدولي لحماية السيادة ومنع أي تدهور أمني.
5. مناورة دبلوماسية مع الترويكا والولايات المتحدة: الحفاظ على حوار نشط مع دول الترويكا لشرح مخاوف العراق وضمان أن أي إجراءات دولية لا تستهدف أمن واستقرار العراق. في الوقت نفسه، إطلاع الشركاء الدوليين على مخاطر أي خيار عسكري وضرورة تجنب تبعاته الإقليمية.
6. الاستفادة من مركز العراق الجيوسياسي: يمكن للعراق أن يعرض نفسه كقناة تواصل أو منصة للحوار الإقليمي حول قضايا الأمن والاقتصاد، بشرط الحفاظ على استقلالية القرار الوطني.
7. رسائل داخلية واضحة: على الحكومة العراقية توحيد الخطاب الوطني، وشرح تبعات التطورات الدولية للمواطنين بوضوح لتفادي التوتر الاجتماعي وإدارة التوقعات بشأن الأمن والخدمات.
القرار الدولي بإعادة تفعيل آليات الضغوط على إيران يشكل تحوّلاً هاماً في المشهد الدولي ويزيد من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة. من منظور عراقي استراتيجي، الأولوية القصوى هي حماية السيادة الوطنية، تفادي أن يتحول بلدنا إلى ساحة تصعيد، والعمل الدؤوب على مسارات دبلوماسية وسياسية تقلل من خطر الانزلاق إلى مواجهة عسكرية. السياسة العراقية المنسقة والمتزنة، التي تجمع بين الحياد الفاعل، الحوار المفتوح مع جميع الشركاء، والاستعداد المؤسسي الداخلي، هي أفضل ضمانة لدرء المخاطر والحفاظ على أمن واستقرار العراق ومواطنيه.

العراق أمام مرحلة جديدة من الفرص النفطية والاستثماريةد.عامر عبد رسنفي عالم الطاقة المتقلب، تظل الاكتشافات العلمية والتطو...
27/09/2025

العراق أمام مرحلة جديدة من الفرص النفطية والاستثمارية
د.عامر عبد رسن

في عالم الطاقة المتقلب، تظل الاكتشافات العلمية والتطورات الاستثمارية مؤشرات بالغة الأهمية على اتجاهات الأسواق، وعلى قدرة الدول المنتجة على استقطاب الشركاء الدوليين وبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد. العراق، بصفته ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الفرص الواعدة، حيث تتقاطع الأبحاث الجيولوجية الحديثة مع عودة الشركات الأجنبية الكبرى إلى الاستثمار في القطاع النفطي العراقي، وسط تطلع متبادل لزيادة الحضور الأمريكي في السوق العراقية وتعزيز مكانة بغداد كمصدر رئيسي للطاقة.

العلم في خدمة الاستثمار: قراءة في الاكتشافات الجيولوجية الحديثة
الدراسات العلمية الأخيرة، مثل تلك المنشورة في مجلة Journal of African Earth Sciences (المجلد 230، 2025)، تقدم قيمة مضافة للاستكشاف النفطي عبر تسليط الضوء على “نتائج بنيوية جديدة” في شمال العراق، وتحديدًا في نطاق عقرة–بيجيل. ورغم أن تفاصيل الأسماء الجيولوجية المستحدثة قد تبقى محصورة في النصوص الأكاديمية، إلا أن ما هو مؤكد أن هذه الأبحاث تساهم في رسم صورة أكثر دقة للبنية التحتية الجيولوجية التي تحتضن الهيدروكربونات.

الأهمية لا تكمن فقط في توصيف “الطيات المحدبة” أو الفخوخ الجيولوجية، بل في كيفية توظيف هذه المعرفة لتقليص المخاطرة الاستثمارية. فشركات النفط العملاقة تبحث دومًا عن مناطق تتوافر فيها عناصر النظام البترولي: صخور مولدة ناضجة، صخور خزان جيدة، وصخور غطاء محكمة. وعندما تكشف الدراسات عن مؤشرات إضافية أو تعيد تفسير البنى القديمة بقراءة أكثر حداثة، فإنها تمنح المستثمرين ثقة أكبر في جدوى ضخ رؤوس الأموال.
هذا البعد العلمي هو ما يجعل العراق في موقع قوة، لأنه يمتلك قاعدة موارد هائلة لم تُستثمر بعد بالقدر الكافي، وتزداد جاذبيتها كلما توفرت دراسات دقيقة ومعطيات حديثة تقلل من احتمالات الفشل الاستكشافي.

عودة الشركات الأمريكية: شيفرون مثالًا
من الجانب الاستثماري، شهد شهر أغسطس/آب 2025 حدثًا مهمًا تمثل في توقيع شيفرون اتفاق مبادئ مع وزارة النفط العراقية يشمل تطوير حقول منتجة مثل “بلد” إضافة إلى أربع رقع استكشافية في مشروع الناصرية. هذه الخطوة لا تعد عادية؛ فهي تأتي بعد أكثر من عقد على مغادرة شيفرون جنوب العراق عقب جولة التراخيص الأولى، لتتجه لاحقًا نحو استثمار نحو 500 مليون دولار في إقليم كردستان.

اليوم، تعود الشركة الأمريكية العملاقة إلى بغداد ضمن بيئة أعمال أكثر مرونة، وسط “استثناءات وتسهيلات” كبيرة من الحكومة المركزية. هذه العودة لا تعكس فقط الثقة المتجددة بالقطاع النفطي العراقي، بل أيضًا استعداد الحكومة الاتحادية لتصحيح المسار وخلق بيئة تنافسية جاذبة لكبار المستثمرين.

شيفرون ليست حالة فردية؛ بل هي جزء من موجة أوسع لشركات أمريكية ودولية بدأت في إعادة النظر إلى العراق كوجهة استثمارية موثوقة في قطاع الطاقة. فبعد سنوات من التردد بسبب التعقيدات القانونية والسياسية، تبدو الأمور في 2025 أكثر نضجًا، وأكثر اتساقًا مع متطلبات المستثمرين.

النفط العراقي في السوق الأمريكية
على صعيد السوق العالمية، يشكل الطلب الأمريكي على النفط العراقي مؤشرًا مهمًا على قوة العلاقة الاقتصادية. تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة (EIA) إلى أن واردات الولايات المتحدة من الخام العراقي بلغت حوالي 7 ملايين برميل في أحد أشهر 2025، مع توقعات بزيادة هذا الرقم مستقبلًا مع تحسن البنية التحتية والتفاهمات بين بغداد وأربيل بشأن تصدير النفط من الشمال.
هذه الكميات ليست مجرد أرقام في جداول الاستيراد، بل هي دليل على التكامل الاستراتيجي بين أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر منتج في أوبك. بالنسبة للعراق، فإن استمرار وتعزيز هذه التدفقات يعني عائدات مالية مستقرة، وفرصة لتأمين شراكات استثمارية وتقنية طويلة الأمد مع واشنطن.

بناء الثقة: مهمة الحكومة العراقية القادمة
أمام الحكومة العراقية القادمة مجموعة من التحديات والفرص الاقتصادية. أهم هذه التحديات يتمثل في استمرار بناء الثقة في القطاع النفطي، باعتباره العمود الفقري للاقتصاد الوطني. فالمستثمرون يحتاجون إلى رسائل واضحة بأن العراق يسير نحو بيئة أعمال مستقرة وشفافة، تحترم العقود وتوفر الضمانات القانونية والمالية.

تشجيع الشراكات الجديدة مع الاقتصادات العالمية الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، يجب أن يكون محورًا أساسيًا. فالتجارب الماضية أظهرت أن وجود الشركات الأمريكية لا يقتصر على الاستثمارات المالية فحسب، بل يمتد إلى نقل التكنولوجيا، تطوير الكفاءات المحلية، وإرساء معايير عالية للسلامة والإدارة.
كما أن التوازن بين عقود الشمال والجنوب، وبين الاستثمارات الغربية والآسيوية، سيساعد العراق على تنويع شراكاته وتقليل المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

الفرص المستقبلية: بين العلم والسياسة
إذا كان التشبيه البسيط الذي استخدمته احدى الصحف المهمة لزجاجة المياه الغازية يوضح كيف يُحبس النفط تحت الصخور ثم يتحرر عند الحفر، فإن الصورة الأكبر للعراق أكثر ثراءً وتعقيدًا. فالعلم يقدم الخرائط والبيانات، والسياسة توفر الإطار القانوني، بينما المستثمرون يترجمون هذه العناصر إلى مشاريع واقعية تدر مليارات الدولارات.

المرحلة المقبلة قد تشهد:
1. زيادة معدلات الإنتاج عبر استثمار الحقول غير المطورة.
2. توسيع البنية التحتية التصديرية لتقليل الاختناقات، سواء عبر الموانئ الجنوبية أو عبر الشمال.
3. تعزيز دور العراق في أوبك كفاعل رئيسي يوازن بين التزامات السوق ومصالحه الوطنية.
4. استقطاب استثمارات في قطاع الغاز لتقليل الاعتماد على الواردات ولتغذية قطاع الكهرباء المحلي.

هذه الفرص ليست بعيدة المنال؛ بل هي قريبة إذا ما تواصلت الخطوات الحالية في بناء الثقة والانفتاح على العالم.

خاتمة: عراق أكثر جاذبية للاستثمار
العراق يقف اليوم على مفترق طرق. فمن جهة، هناك تحديات كبيرة تتعلق بالاستقرار السياسي والإداري، ومن جهة أخرى هناك فرص غير مسبوقة لاستثمار ثرواته الطبيعية بشكل مستدام.
الرسالة التي تبعث بها الدراسات الجيولوجية الحديثة والاتفاقات الاستثمارية الأخيرة واضحة: العراق بلد غني بالموارد، وجاذب لرؤوس الأموال، ومستعد ليكون شريكًا موثوقًا في تأمين الطاقة للعالم.
الطريق أمام الحكومة المقبلة ليس سهلًا، لكنه معبّد بالفرص. ومع وجود شركات أمريكية كبرى تعود للعمل، وتزايد واردات الولايات المتحدة من النفط العراقي، وإرادة محلية لتعزيز الشفافية والتنافسية، يمكن القول إن المستقبل يبدو مشرقًا.
إنها لحظة تاريخية لإعادة تعريف العلاقة بين العلم والاقتصاد والسياسة في العراق. وإذا أحسن العراقيون استثمار هذه اللحظة، فإن بلدهم سيكون أحد أهم مراكز الطاقة في المنطقة، وربما في العالم، لعقود قادمة.

جوع ينهش الطبقات الفقيرة ورفاهية مفرطة لشرائح أخرى. المشكلة ليست في الفرح بحد ذاته، بل في ضياع الحقوق التي لم تصل لمن يس...
16/09/2025

جوع ينهش الطبقات الفقيرة ورفاهية مفرطة لشرائح أخرى.
المشكلة ليست في الفرح بحد ذاته، بل في ضياع الحقوق التي لم تصل لمن يستحقها.
ما بين الصورتين فجوة تصرخ: لو وُزّعت الثروة بعدل، لما بحث طفل عن لقمة على الأرض، ولا شعر آخر أن الفرح حكرٌ على فئة بعينها.
إن العدالة الاجتماعية ليست شعارات تُرفع، بل هي الخبز على موائد الفقراء، والدواء في مستشفياتهم، والتعليم لأطفالهم.
وما لم تتحقق هذه المعادلة، سيبقى الوطن مقسوماً بين صورة ألم وصورة ترف.

*السياحة العراقية بين الماضي الضائع والمستقبل الممكن : كيف فقدنا الريادة وكيف نستعيدها*؟د. عامر عبد رسنhttps://m.ahewar....
13/09/2025

*السياحة العراقية بين الماضي الضائع والمستقبل الممكن : كيف فقدنا الريادة وكيف نستعيدها*؟

د. عامر عبد رسن

https://m.ahewar.org/s.asp?aid=884003&r=0&cid=0&u=&i=0&q=

في عصر أصبحت فيه تنويع الموارد الاقتصادية ضرورة وجودية للدول التي تعتمد على النفط، برزت السياحة كأحد أهم القطاعات القادرة على تحقيق دخل مستدام وخلق فرص عمل واسعة.
وإذا كانت المملكة العربية السعودية قد استطاعت أن تحوّل السياحة في أقل من عقد إلى ما يشبه “نفطاً جديداً”، فإن العراق – الذي كان يوماً رائداً في السياحة الدينية والثقافية – ما زال متأخراً عن هذا الركب، رغم امتلاكه مقومات حضارية وطبيعية لا تضاهى.
تجارب دول الجوار: من النفط الأحادي إلى اقتصاد متنوع : في السنوات الأخيرة، اتجهت دول قريبة من العراق وذات ظروف اقتصادية شبيهة، إلى بناء مشاريع عملاقة واستثمارات سياحية تتجاوز مئات المليارات من الدولارات،
مستهدفة عشرات الملايين من الزوار سنوياً، وطرحت نفسها على الساحة العالمية كمنافسٍ للأسواق الأوروبية والآسيوية.
هذه الدول استخدمت أدوات متقدمة مثل:
1. استثمار ضخم ومنظم في البنى التحتية والمشاريع الكبرى.
2. تسويق عالمي ذكي عبر المعارض الدولية والفعاليات الثقافية.
3. تشريعات محفّزة تشمل التأشيرات الإلكترونية وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
4. القوة الناعمة عبر المهرجانات الموسمية والفنية التي تحولت إلى منصات جاذبة.
لكن هذه النجاحات لم تخلُ من محاولات لإعاقة التجارب الناشئة في أماكن أخرى. فعلى سبيل المثال، شهدت بغداد قبل سنوات تجربة ترفيهية واعدة كادت أن تتحول إلى موسم سياحي ناجح،
لكنها واجهت ضغوطاً من جماعات متشددة، وجرى الحديث حينها على مواقع التواصل عن رشاوى مدفوعة لإفشال التجربة حتى تبقى بعض المدن الأخرى في شمال البلاد مستحوذة على عوائد المهرجانات الفنية.
هذه الحادثة تكشف بوضوح أن التحدي أمام السياحة العراقية ليس فقط في البنى التحتية، بل أيضاً في الصراع الخفي على النفوذ الاقتصادي.
العراق: من الريادة إلى الغياب ؛ كان العراق في زمن قريب أيقونة سياحية للمنطقة:
• بغداد مقصداً ثقافياً وحضارياً.
• الأهوار نموذجاً للسياحة البيئية النادرة.
• المراقد الدينية في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وجهة لملايين الزوار.
لكن الحروب والعقوبات وسوء الإدارة جعلت هذا القطاع يتراجع بشدة. اليوم، ورغم استقبال العراق أكثر من 20 مليون زائر ديني سنوياً، فإن العوائد الاقتصادية تبقى محدودة جداً، بينما كان يمكن – لو وُضعت رؤية استراتيجية – أن تتجاوز 30 مليار دولار سنوياً.
الفجوة بالأرقام
• الاستثمارات: خصصت دول مجاورة أكثر من 800 مليار دولار للمشاريع السياحية، بينما لم يرصد العراق حتى الآن سوى مبالغ متواضعة لا تشكل 10% من هذا الرقم.
• عدد الزوار: جيران العراق يستهدفون 150 مليون زائر بحلول 2030، بينما العراق لم يضع هدفاً وطنياً لزيادة العدد أو تعظيم العوائد.
• العوائد المالية: تلك الدول تتوقع أكثر من 100 مليار دولار سنوياً من السياحة، فيما يستطيع العراق – إذا طور خدماته – تحقيق ما لا يقل عن 30 مليار دولار بحلول 2035.
• فرص العمل: تم توفير أكثر من مليون وظيفة جديدة في المنطقة عبر السياحة، بينما يمكن للعراق أن يخلق رقماً مشابهاً إذا ما استثمر قطاعه.
ما يحتاجه العراق
1. رؤية وطنية للسياحة (العراق 2035) ترفع مساهمة القطاع إلى 10% من الناتج المحلي.
2. إطلاق مشاريع كبرى مثل “مدينة سومر السياحية” حول زقورة أور، و”كورنيش دجلة” في بغداد، وتطوير ممر النجف–كربلاء كمحور سياحي متكامل.
3. تسويق عالمي نشط بهوية سياحية عراقية واضحة عبر الأجنحة الدولية والمعارض.
4. إصلاح تشريعي يضمن بيئة استثمارية جاذبة.
5. بنية تحتية متطورة من مطارات وفنادق ونقل سياحي.
6. صندوق سيادي للسياحة يمول المشاريع الكبرى من فوائض النفط.
العوائد المتوقعة
• استقطاب 40 إلى 50 مليون زائر سنوياً بحلول 2035.
• تحقيق أكثر من 30 مليار دولار كعوائد سنوية.
• خلق أكثر من مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
• تعزيز مكانة العراق كقوة حضارية وثقافية.
الدروس المستفادة من التجارب الإقليمية
1. الرؤية الواضحة شرط لأي نجاح طويل المدى.
2. الاستثمار الجريء في مشاريع كبرى يمنح الثقة ويجذب المستثمرين.
3. التسويق العالمي ضروري لتحويل المواقع الأثرية إلى منتجات اقتصادية.
4. القوة الناعمة: السياحة وسيلة لصناعة صورة دولية إيجابية وليست مجرد قطاع خدمات.
لقد أثبتت التجارب القريبة أن الإرادة السياسية والتنظيم الاستثماري قادران على تحويل السياحة إلى ركيزة اقتصادية موازية للنفط. العراق، بما يمتلكه من نفط حضاري لا ينضب، يستطيع أن يعود إلى موقعه الطبيعي كوجهة سياحية رائدة،
إذا توفرت رؤية وطنية واضحة وقرار شجاع يضع التنمية المستدامة فوق الحسابات الآنية.

Address

Baghdad

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when د.عامر عبد رسن الموسوي posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to د.عامر عبد رسن الموسوي:

Share