30/06/2025
أرقام تتحدث… نمو متسارع لميناء أم قصر باتجاه 4 ملايين حاوية سنويًا
على ضفاف الخليج العربي، وفي عمق مياه البصرة، ينبض ميناء أم قصر كأكبر بوابة بحرية في العراق، حيث تتكامل حركة الأرصفة وصخب الرافعات لتشكل مشهدًا نابضًا بالحياة، يعكس رؤية استراتيجية تتبناها الشركة العامة لموانئ العراق لاستعادة دور العراق كمحور لوجستي متقدم في المنطقة.
لم يعد الميناء مجرد منفذ تقليدي لاستيراد وتصدير البضائع، بل بات مشروعًا وطنيًا متكاملًا يتوسع بخطى واثقة نحو آفاق المستقبل، عبر تطوير البنى التحتية، وتعزيز القدرات التخزينية، وتبني منظومات رقمية ذكية تسهم في تسريع الأداء ورفع الكفاءة التشغيلية.
تحول لوجستي شامل… نحو منظومة تشغيل ذكية
يؤكد المدير الإقليمي لشركة (غلفتينر) إبراهيم سرحان، المشغلة لعدد من الأرصفة وساحات الخزن في الميناء، أن العمليات اللوجستية في أم قصر شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولًا نوعيًا، مع إطلاق محطة لوجستية متكاملة وتطوير مراكز متخصصة تسهم في تسريع حركة البضائع.
ويضيف، نلتزم دائمًا بأعلى المعايير الدولية، وخاصة تلك المعتمدة من المنظمة البحرية الدولية، لافتًا إلى أن كوادرنا مدربة على أحدث تقنيات المناولة والتفريغ، ما يسرع العمليات ويعزز الأداء العام.
يشير إلى أن المحطة تعتمد نموذج “من الميناء إلى المشروع”، بما يضمن انتقال البضائع بسلاسة من لحظة تفريغها وحتى وصولها إلى المواقع الصناعية داخل العراق، مضيفًا نعتمد تخليصًا جمركيًا خلال (48) ساعة، وخدمات متكاملة لقطاعات النفط والغاز، ومرافق تخزين متنوعة (جافة ومبردة)، فضلًا عن نظام ألكتروني ذكي يجهز خطة التخزين قبل وصول الباخرة، ما يقلل من أوقات الإنتظار ويزيد كفاءة التوزيع.
وقد تم إنشاء المركز اللوجستي على مساحة (450,000) م2، ويضم ساحات خزن، ومخازن مبردة، ومرافق جمركية، وخدمات أمنية وتشغيلية على مدار الساعة، وتم تصميمه وفق معايير بيئية وهندسية حديثة تعكس التزامه بالإستدامة والحوكمة.
أرصفة حديثة… وشراكات إستثمارية فاعلة
من جانبه، يؤكد رئيس المهندسين في دائرة المهندس المقيم المهندس نعيم عبود، أهمية الشراكة مع شركة (لورين) الإستثمارية، والتي تتولى تطوير الأرصفة (22 و23 و24) المخصصة للبضائع المدحرجة (RoRo)، مشيرًا إلى أنها مشيدة بأسلوب الجدار الثقلي المقاوم للزلازل.
ويضيف، تبلغ مساحة الساحات الخلفية لهذه الأرصفة نحو (384,100) م2، ووصلت نسبة الإنجاز حتى الآن إلى (50%)، ومن المتوقع أن تبلغ الطاقة التصميمية لتلك الساحات (1.2) مليون حاوية سنويًا.
ويتابع، أما أرصفة (12 و13 و14 و15) فقد بلغت نسبة الإنجاز فيها (97%)، فيما اكتملت ساحة الخزن (BTM) بنسبة (100%)، على مساحة (400,000) م2، وبطاقة تصميمية تتراوح بين (700,000 إلى 850,000) حاوية سنويًا.
أرقام متقدمة… وقدرات تشغيلية تتسع
أما المعاون الفني لمدير ميناء أم قصر لميناء أم قصر الشمالي المهندس محمد طاهر فاضل، فقد أشار إلى أن رصيف (11) بطول (375) مترًا، يضم ساحة حاويات بمساحة (307,000) م2، وتبلغ طاقته الإستيعابية (636,000) حاوية سنويًا، بإدارة شركة (غلفتينر).
وأضاف، أما الأرصفة التي تطورها شركة (لورين) تمتد بطول (550) مترًا، وبطاقة تصميمية تصل إلى (850,000) حاوية سنويًا، فيما تقدر الطاقة الكلية للساحات الجديدة بـ (1.2) مليون حاوية، مع تركيز خاص على الحاويات المبردة والفارغة ومناولة البضائع المتنوعة.
رؤية استراتيجية… وتطلعات تتجاوز الحدود
ضمن استراتيجيتها التنموية الشاملة، تسعى الشركة العامة لموانئ العراق إلى رفع الطاقة التصميمية لميناء أم قصر إلى (4) ملايين حاوية سنويًا، مقارنة بطاقة تشغيلية بلغت نحو (1) مليون حاوية في عام 2024، ما يعكس وجود بنية تحتية مؤهلة لاستيعاب توسعات مستقبلية كبيرة.
وتؤكد الشركة أن المشاريع الجارية في أم قصر لا تمثل مجرد تحسينات مرحلية، بل هي خطوات مدروسة ضمن رؤية وطنية متكاملة تهدف إلى تحويل الميناء إلى مركز إقليمي للمناولة والتوزيع، وتفعيل دوره في سلاسل الإمداد العالمية، وتعزيز قدرة العراق التنافسية في سوق النقل البحري.
ميناء أم قصر… نافذة العراق إلى العالم
بهذا الزخم من التطوير والإنجاز، يتحول ميناء أم قصر إلى جسر لوجستي يربط الأرض بالبحر والإقتصاد بالتكنولوجيا، مؤهلًا ليكون لاعبًا إقليميًا محوريًا في حركة التجارة العالمية، ومساهمًا رئيسًا في إنعاش الإقتصاد العراقي، وتعزيز دوره في سلاسل التوريد الإقليمية والدولية.