
07/11/2024
إنّنا نتجاوز……..
قادرون على التّجاوز، تجاوز الأشياء والأشخاص والحياة والمواقف والماضي الأبعد, والغد القصيّ عن اليقين.
كلّ شيءٍ يمكننا اعتياده، الألم، والفَقْد، والضّباب، والرّماديّة، والأسئلة دون أجوبة، والوقوف طويلًا في مهاوي الانتظار.
ولكن هل سألنا أنفسنا كم يحمّلنا هذا التّجاوز؟
هل نعود بعد كلّ هذا كما كنّا!؟
هل نرجع معافين من مواجعنا؟ خذلاننا؟ ضرباتنا العميقة؟
وكيف ذلك وكلّ خطوةٍ فيك تتركك بملامح أخرى؟!
وكلّ طريقٍ غادرته وغادرك شَوْكُهُ، وعصف الرِّيح فيه أحالك لشخصٍ آخر، يشبهك حينًا في شعورك المكتوم، وحينًا آخر فَقَدَ كلّ ملامحك.
هذا نحن بعد أنْ نتجاوز، فلن نشبه أنفسنا حينها، سنغدو بصمتٍ أكبر بين اللّامبالاة والقهر.
بين يقيننا بأنّ الكلام ما عاد له جدوى، وبين وصولنا لمرحلة العجز عن الكلام وموت الصّوت.
لن تقنعنا الكلمات حينها، ولا الصّور، ولا الوقت الذي غادرنا، ولا طقوس الحبّ التي كانت تسعدنا.
إيماننا، حبّنا، كرهنا، جحودنا، تصديقنا، كلماتنا، ردودنا، صوتنا، تفاصيلنا، ملامحنا، خطواتنا، إيماءاتنا، أبوابنا، نوافذنا، أوقاتنا.
وماذا سيبقى بعد كلّ ذلك؟
كلّ واحدٍ منّا سيصل بخطاه إلى هنا، دون أن يدري كيف وصل، ولماذا يدرك وهم من أوصلونا بأيديهم المرتجِفَة بعبثيّات الخراب.
خراب إنسان، خراب معتقدات، خراب مكان، خراب زمان، خراب مشاعر، خراب ذات، خراب فكر، وخراب وطن.
تخيّل أنّنا سنصل هنا شئنا أم أبينا، وحينها سنغادر كلّ شيء؛ لنبقى مع أنفسنا، ومع من يشبهنا ممّن عادوا مثلنا.
سنغادر بلا عودةٍ يا صديقي لتلك الذّات التي ما عدنا نذكر ملامحها، ليتنا نتذكّرها؛ ليكبر فينا النّدم أكثر والقهر أكثر ونحمل ذاكرتنا ونمضي مغادرين هذه الأمكنة كلّها، هذه المدن المغتالة تفاصيلنا، والصّامتة عن النّور، والقابضة على شرايين الحياة التي في أوردتنا.
هي مدن الخراب يا صديقي، كلّما مشيت في طرقاتها زادتك ضياعًا وتيهًا، مدن الوحل الذي لا احتمال عندك لأن تراه، مدن النّعيق للغربان ولا أعشاش لطيورها.
أسمى وزوز
7/ نوفمبر/ 2024