
10/07/2025
إحسان رمزي شقم: رحلته مع الإذاعة والتلفزيون وبناء المؤسسات الإعلامية
في عالم الإعلام الأردني والعربي، يظل اسم إحسان رمزي شقم علامة بارزة ومثالًا يُحتذى به في المهنية والالتزام. فهو من الأسماء اللامعة التي أسهمت بشكل فعّال في بناء وتطوير الإعلام الأردني منذ بداياته، وترك إرثًا غنيًا من البرامج والأعمال التي شكلت جزءًا من ذاكرة الإعلام في المنطقة.
وُلد إحسان رمزي في الأردن عام 1939، ونشأ في بيئة تعشق الإعلام والإذاعة كوسيلة أساسية للتواصل ونقل الأخبار والمعلومات. كانت بداياته في الإذاعة الأردنية التي كانت في مراحل نموها الأولى، حيث التحق بها كمذيع ومعد ومحرر برامج. امتاز بصوته العذب وأسلوبه الهادئ والرصين الذي أكسبه ثقة المستمعين، وميزته عن غيره من المذيعين في تلك الفترة.
قدّم إحسان رمزي مجموعة كبيرة من البرامج الإذاعية التي تنوعت بين الأخبار، التوعية، والترفيه، وكان من بين الأصوات التي رافقت المستمع الأردني في مسيرة تطور الإعلام في البلاد. لقد ساهم بشكل واضح في تطوير البرامج الإذاعية لتشمل مواضيع مختلفة تهدف إلى رفع الوعي الثقافي والاجتماعي، ونقل الأخبار الوطنية والعربية والدولية بكل دقة وموضوعية.
كما كان له دور محوري في تغطية الأحداث والمناسبات الوطنية، والتي عكست صورة حقيقية عن واقع الأردن وتعززت بفضل جودته المهنية في نقل المعلومة بموضوعية ومسؤولية.
مع تأسيس التلفزيون الأردني، لم يكن إحسان رمزي غائبًا عن الساحة. بدأ مشواره في التلفزيون بوظائف إدارية وإعلامية مختلفة، حتى وصل إلى منصب مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، حيث قاد المؤسسة خلال فترة مفصلية من تاريخها.
في هذا المنصب، أشرف على تطوير البث التلفزيوني، وتوسيع المحتوى ليشمل البرامج الثقافية والاجتماعية والسياسية، مع الحرص على الالتزام بالمعايير المهنية. كما لعب دورًا كبيرًا في تدريب وتأهيل الكوادر الإعلامية، مما أسهم في رفع مستوى الأداء الإعلامي للمؤسسة.
كان لإحسان رمزي بصمات واضحة خارج الأردن أيضًا، حيث استُدعِي في أواخر السبعينيات إلى سلطنة عمان بقيادة وزير الإعلام العماني عبد العزيز الرواس. كُلف بإدارة فريق أردني كان مسؤولًا عن تطوير التلفزيون في مسقط وصلالة، خلفًا للشركتين الألمانية والإنجليزية، ونجح في قيادة هذه الجهود حتى وصفه الوزير العماني بأنه "أخرج عمان من عنق الزجاجة" في مجال الإعلام.
خلال هذه الفترة، أخرج وأنتج عدة مسلسلات تلفزيونية تاريخية، منها مسلسل "أحمد بن ماجد" عام 1976، بالتعاون مع التلفزيون العماني، بالإضافة إلى مسلسل "السندباد" عام 1984، مما أضاف إلى رصيده الإعلامي إنتاجات مهمة أثرت المشهد الفني والإعلامي في المنطقة.
عُرف إحسان رمزي بشخصيته الهادئة والمتزنة، وبصوته الجذاب الذي حمل رسائل الصدق والموضوعية، ما جعله من المذيعين الأكثر احترامًا وثقة بين الجمهور وزملائه. تميز بتفانيه في العمل وإخلاصه لمهنة الإعلام، وكان نموذجًا يُحتذى به في الالتزام الأخلاقي والمهني.
إضافة إلى ذلك، ترك اثراً كبيرًا في تطوير المؤسسات الإعلامية الأردنية، سواء من خلال الإدارة أو التدريب أو تطوير البرامج، ما ساهم في رفع مستوى الإعلام الأردني على المستوى المحلي والإقليمي.
توفي الإعلامي القدير إحسان رمزي في 27 نيسان 2019، عن عمر ناهز 80 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء. نعت الحكومة الأردنية والعديد من المؤسسات الإعلامية والفنية الراحل، مشيدين بمكانته الكبيرة ودوره الريادي في الإعلام الأردني والعربي.
أشاد العديد من الإعلاميين والنقاد بإنجازاته، واعتبروه من رموز الإعلام الذين أسهموا في بناء القواعد الأساسية للعمل الإعلامي في الأردن.
يبقى اسم إحسان رمزي شقم محفورًا في ذاكرة الإعلام الأردني والعربي كأحد رواد هذا المجال، الذي مزج بين صوت الكلمة ورقيها، وبين الإدارة والقيادة الإعلامية. إن تاريخه المهني هو منارة تُضيء دروب الإعلاميين الشباب، ودليلاً على أهمية الإعلام الملتزم بالموضوعية والمصداقية.
إن قراءة مسيرته تذكرنا دومًا بأن الإعلام هو رسالة نبيلة تتطلب من حاملها الصدق والإخلاص، وأن نجاح هذه الرسالة يعتمد على من يعتنقها بصدق وإيمان.
عماد الشبار