14/06/2025
استقلال الطاقة هو استقلال الوطن
في خضم تصاعد الأحداث الإقليمية، ومع اشتداد التوتر بين أطراف الصراع في المنطقة، تلقّى الأردنيون صباح اليوم خبراً مفاده توقف إمدادات الغاز المورّد عبر خط الغاز القادم من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يشكل تطوراً بالغ الحساسية في ملفٍ ظل محل جدل واسع منذ سنوات.
لقد سبق وأن عبّرت شرائح وطنية متعددة عن تخوفها من تبعات الارتهان لمصادر طاقة غير مستقرة سياسيًا، وخصوصًا في بيئة إقليمية متقلبة ومعقّدة. واليوم، وبعد هذا الانقطاع، ثبتت وجاهة تلك التحذيرات. ولسنا هنا بصدد توزيع اللوم، بل لإعادة التأكيد على حقيقة واحدة: إن أمن الطاقة جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية.
ما حدث اليوم يجب ألا يُنظر إليه كحدثٍ عابر أو طارئ فني، بل كفرصة حقيقية للمراجعة الشاملة. يجب أن يكون الانقطاع بمثابة جرس إنذار لنعيد ترتيب أولوياتنا الاستراتيجية بعيدًا عن أية ضغوط أو حسابات آنية. فالأردن يمتلك البدائل: طاقة شمسية متجددة، ورياحًا وافرة، وشراكات إقليمية متعددة يمكن البناء عليها بمنطق الندية والاستقلال.
إن هذا المقال لا يهدف إلى الإساءة لأي جهة أو التشكيك في نوايا أحد، بل يدعو إلى تبنّي إرادة سياسية واضحة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتُحصّن مستقبل الطاقة الأردنية من أية تقلبات خارجية. فلا يمكن بناء اقتصاد منتج، أو جذب استثمار مستقر، ما دامت مفاتيح الطاقة في يد أطراف لا نملك تأثيرًا حقيقيًا على قراراتها.
لقد آن الأوان لتكون الطاقة في الأردن أولوية وطنية مستقلة بالكامل، يُعاد رسم سياستها وفقًا لمفهوم الأمن القومي، لا السوق المؤقت، ولا الضغوط العابرة.
الانقطاع قد يُعالج، لكن الدرس يجب أن يُدوَّن: استقلال الطاقة هو استقلال الوطن