23/08/2025
"هذه الصغيرة على يسار الصورة هي هبة ابنة أختي ،حنان، أمّا التي إلى يمينها -الغنية عن التعريف- فهي الطفلة #شام أنس الشريف.
هبة التي اختُطف والدها حسن شھیداً في أكتوبر 2023، في بدايات هذه الٳٻادة كانت متعلقة به حدّ الجنون، حتى إنها رفضت إلقاء نظرة الوداع الأخيرة أو حضور مراسم دفنه. ومنذ ذلك اليوم،
تصحبها صدمات نفسية أثقلت طفولتها البريئة؛ تفرّ من سماع اسمه، وتشيح بوجهها عن صوره... وذلك ليس إلا صرخة طبيعية لطفلة صغيرة فقدت والدها فجأة تحت نیران ڦصف عشوائي.
اليوم، حين أخبرتُ والدي أنني ذاهبة لزيارة بيان زوجة أنس والاطمئنان على صغيريها شام وصلاح باغتتني هبة بطلب ملح أن ترافقني لترى شام، رغم أنهما لم يلتقيا يومًا من قبل، ولم يجمع بينهما سوى القدر القاسي. لكنني فهمت دواخلها سريعًا إنها طفلة خبرت الفقد، وتريد أن تواسي طفلة تشبهها... يجمعهما اليتم ذاته
وعندما وصلنا، أخرجت هبة من جيبها أربع أساور وردية صغيرة من الخرز صنعتها خصيصًا، وقدّمتها لشام قائلة: "جبت لك هدول... البسيهم وتعالي نلعب " ثم احتضنتها بحرارة، والتقطت معها الصور، ولعبتا طويلًا... وأنا أرقبهما من بعيد يغمرني سؤال لا ينطفئ:
كيف تسع طفولة غضة بهذا النقاء معنى اليُتم؟! كيف تتحملان هذا الثقل منذ أول العمر، وتتقاسمان التجربة القاسية دون كلام، بل بنظرات عيون مليئة بالشوق إلى آباء رحلوا باكرًا؟!
أي زمن هذا الذي جعل الصغار يواسوننا نحن الكبار، ويحملون عنا بعضا من أوجاعنا وقهرنا؟
أنا أيضاً أصبحت على قائمة اليتم حتى لو لم يُعتبر سني ضمن الطفولة لكن الطفولة العذبة في قلبي واحتياجي لأمي هو ما يحدد أني أشاركهن في قسوة اليتم والفقد.."
- جنّات نوفل | غزّة