06/11/2025
"إسرائيل الكبرى" ... الحلقة السابعة.
بقلم: د. صفية أنطون سعادة.
مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين.
أول من طالب بتقسيم فلسطين إلى دولتين هم اليهود الصهيونيون، فيما كان الفلسطينيون يرفضون ذلك، فلماذا انقلبت الأدوار اليوم حسب تصريحات رئيس وزراء "إسرائيل" بينيامين نتنياهو، ورئيس الولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب؟
في ثلاثينات القرن الماضي كانت هجرة اليهود الأوروبيين محدودة عددياً، لذلك حاول الفلسطينيون إبقاء فلسطين موحدة بالرغم من تواجد هذه العناصر الأجنبية، بينما كان الصهيونيون يصرون على التقسيم لأنه سيحقق حلمهم بإقامة "دولة قومية" لليهود، فما يريده الصهاينة ليس تواجداً لليهود على أرض فلسطين، بل تغييرَ الواقع من دولة فلسطينية إلى اختراع دولة ل"شعب يهودي" لا وجود له قبل تأسيس "إسرائيل"!
ومن أجل بلوغ هذا الهدف توقف الصهاينة عن استعمال كلمة فلسطين أو الفلسطينيين، واستبدلوها بكلمة العرب، ما يسهل تهجير "العرب" (اي الفلسطينيين) الى مناطق عربية، وكل مقاومة لهذا التهجير كمقاومة عز الدين القسام، لم تكن تُنسب الى فلسطينيين بل " الى عصابة اسلامية متطرفة"(20).
بعد قمع الملوك والأمراء العرب للثورة الفلسطينية، بقي بصيص أمل لعكس الأوضاع ضمن الخارجية البريطانية على مشارف 1940 وبدء الحرب العالمية الثانية، إذ كانت بريطانيا تتهيب النزاع القائم وتريد أن تصب جهودها كاملة في الحرب ضد ألمانيا. فلقد تصدرت الجرائد البريطانية، ولأول مرة، عام 1938، عناوين حول تخلي بريطانيا عن مشروع تقسيم فلسطين مخافة ردات فعل في العالم العربي. وما ساهم في هذا المنحى هو تواجد W. A. Smart كسكريتير مسؤول عن المشرق العربي في الخارجية البريطانية، كونه زوج أخت جورج انطونيوس مؤلف الكتاب الشهير: "يقظة العرب"، كذلك انبرى مركز دراسات Chatham House في جامعة أوكسفورد برئاسة المؤرخ الموسوعي أرنولد توينبي، والسير هاملتون غيب إلى مساندة العرب، ورفض المشروع الصهيوني، وساعدهم في ذلك الدكتور ألبرت حوراني الذي ترأس الجمعية العربية - البريطانية ضمن جامعة أوكسفورد ما أثار حفيظة الصهاينة الذين باشروا بحملة ضدهم أدت الى اقالتهم من مناصبهم وتبوء بريطانيين موالين لدولة قومية صهيونية (21).
ساند الشريف حسين وأولاده الثلاثة كما ابن سعود المسعى الصهيوني لإقامة دولة "إسرائيل" على كامل الارض الفلسطينية كما رأينا. وهم أصلاً نُصبوا ملوكاً وأمراء على سوراقيا والجزيرة العربية بعد قبولهم التام الانصياع للإرادة البريطانية فيما يتعلق بالاستعمار، أي الانتداب البريطاني على المشرق العربي. وفيما قبل آل شريف حسيني وآل سعود التنازل عن فلسطين برمتها، قررت مصر تسويق مشروع تقسيم فلسطين في السر كما أسر ً رئيس وزرائها، علي ماهر لحاييم وايزمان عام 1946، وكذلك فعلت الجامعة العربية (22).
لكن اليوم وبعد أن أسست الصهيونية دولة قومية عنصرية لليهود، فهي لم تعد بحاجة للمطالبة بالتقسيم، وأصبح هدفها إبتلاع فلسطين بأكملها، وهذا ما يأمله رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
لقد آزرت بريطانيا القضية الصهيونية وتأسيس "إسرائيل" طوال سنوات القرن الماضي (23)،
كذلك فعل جميع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية الذين لا يأبهون لمأساة الفلسطينيين، بل يريدون المحافظة على مكاسبهم في المشرق العربي وسيطرتهم على النفط والغاز عبر مستعمرتهم الصهيونية.
ستظل المستعمرة الصهيونية تتوسع وتقضم الأراضي وتضمها إلى دولة "إسرائيل" كما تفعل في هضبة الجولان، وهي ترفض وضع دستور يخط حدودها الجغرافية، لأن نظرها يرنو إلى "إسرائيل الكبرى"، أي الإستحواذ على مجمل منطقة المشرق العربي.
ممارسة فعل المقاومة ضد وجود الكيان الصهيوني هو الطريق الوحيد لالغاء مفاعيل وعد بلفور، مع العلم ان التاريخ البشري برهن ان لا امكانية لديمومة أي مستعمرة، وأن زوالها حتمي مع مرور الزمن، آجلاً أو عاجلاً.
(يتبع ...)
📌 مصادر الحلقات من الأولى حتى السابعة:
*سوراقيا أو منطقة الهلال الخصيب تشمل العراق وسورية ولبنان والاردن وفلسطين قبل تقسيم سايكس-بيكو عام 1916.
1.
Shahak, Israel, “Greater Israel”. The Infamous “Oden Yinon Plan”. Global Research, April 29, 2013.
2.
Weizmann, Chaim. The Letters and Papers of Chaim Weizmann. Rutgers University: Transaction Books, 23 volumes, 1979. Vol. 9: 265, letter 251, year 1919. Letter to Lloyd George.
3.
Shlomo Sand. The Invention of the Jewish People. London: Verso Books, 2009.
4.
Chaim Weizmann. The Letters and Papers of Chaim Weizmann. Rutgers University: Transaction Books, 23 volumes, 1979. Vol. 11: 335, letter 390; vol. 14: 138, 307, year 1929.
5.
Chaim Weizmann, vol. 12: 409, letter 357; vol. 13: 47, year 1926.
6.
Chaim Weizmann, vol. 11: 185, letter 209, year 1922; vol. 15: 153 (note).
7.
Chaim Weizmann, vol. 11: 109, letter 112, June 1922.
8.
Chaim Weizmann, vol. 11: 167, letter 189, year 1922.
9.
Chaim Weizmann, vol. 14: 100; vol. 17: 56, letter 67, year 1936.
10.
Chaim Weizmann, vol. 17: 361-362, letter 336, 1936.
11.
Chaim Weizmann, vol. 17: 290-291, year 1936; vol. 21: 147, letter 139, year 1944.
12.
Chaim Weizmann, vol. 18: 34, year 1937.
13.
Chaim Weizmann, vol. 19: 203, year 1939; vol. 20: 256, year 1943.
لقد حارب حاييم وايزمان الحاج امين الحسيني دون هوادة كما تظهر رسائله:
Vol. 19: 39, 51, 63, 138, 203, 296.
14.
Chaim Weizmann, vol. 20: 125, letter 129, year 1940.
15.
Chaim Weizmann, vol. 18: 295.
16.
Chaim Weizmann, vol. 11: 109, letter 112, June 1922.
17.
Chaim Weizmann, vol. 19: 53-56, letter 52, year 1939.
18.
Chaim Weizmann, vol. 15: 88, letter 87, year 1931.
19.
Chaim Weizmann, vol. 22: 124; vol. 23: 32, 1947.
20.
Chaim Weizmann, vol. 17: 75, year 1936.
21.
Chaim Weizmann, vol. 19: 187-188, letter 167, year 1939.
22.
Chaim Weizmann, vol. 22: 127-128, letter 151, year 1946.
23.
David Cronin, Balfour’s Shadow: A Century of British Support for Zionism and Israel. London, 2017.