29/11/2025
كتاب تشكُّل الفلسفة مابعد الكلاسيكيةفي الإسلام
تأليف: أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ييل فرانك غريفيل
ترجمة: عمرو بسيوني
عدد الصفحات: 904
الناشر دارالروافد الثقافية
تاريخ النشر بالعربية 2025
تاريخ النشر بالانجليزية 2021
The Formation of Post-classical Philosophy in Islam
Book by Frank Griffel
الفكرة المركزية
الكتاب هو دراسة رائدة تُعيد صياغة تاريخ الفلسفة الإسلامية في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي، المعروف بـ"الفترة ما بعد الكلاسيكية". يتحدى غريفل الرواية التقليدية التي تصور هذه الفترة كـ"عصر انحدار" بعد العصر الكلاسيكي (مثل الفارابي وابن سينا)، ويُبرهن أنها كانت فترة إبداع فكري تميزت باندماج الفلسفة اليونانية (فلسفة) في اللاهوت الإسلامي (الكلام)، ونشأة جنس فلسفي جديد يُدعى "الحكمة" . يركز الكتاب على الشرق الإسلامي (خراسان، العراق، إيران، وما وراء النهر)، ويُظهر كيف طوّر فلاسفة مثل فخر الدين الرازي وشهاب الدين السهروردي كتبًا فلسفية مستقلة عن الاهتمامات اللاهوتية، مع الاحتفاظ بالتوتر بين الكلام والفلسفة. يقدم الكتاب تحليلًا سيريًا للفلاسفة الرئيسيين، ويُعيد تعريف "الفلسفة" في السياق الإسلامي كتفاعل معقد بين المنطق اليوناني والتساؤلات الدينية، مع التركيز على التسامح مع الغموض الفكري كسمة مميزة لهذه الفترة.
📚 المحاور الرئيسية
الجزء الأول: الفلسفة ما بعد الكلاسيكية في سياقها الإسلامي
خراسان، مهد الفلسفة ما بعد الكلاسيكية: أرض في انحدار؟
يستعرض المؤلف السياق التاريخي والاجتماعي لخراسان وما حولها (العراق، إيران، ما وراء النهر)، بوصفها مركزًا حيويًا للتعليم الفلسفي واللاهوتي. يبرز نظام المدارس باعتباره مؤسسة حاضنة للفكر الفلسفي، مع التطرق إلى حكم السلاجقة في النصف الأول من القرن السادس/الثاني عشر، وصعود الخوارزميين والغوريين في النصف الثاني. كما يذكر رعاة آخرين مثل القراخانيين، الخلافة العباسية، والأيوبيين. ويجادل ضد فكرة الانحدار، مؤكدًا أن الاضطرابات السياسية لم تمنع استمرار الإبداع الفلسفي.
موت مصطلح "الفلسفة" كوصف ذاتي
يحلل المؤلف كيف تراجع الفلاسفة عن استخدام مصطلح "فلسفة" كوصف لأنفسهم، نتيجة نقد الغزالي واتهامهم بالتقليد الأعمى. يقترح ثلاثة بدائل لتعريف الفلسفة: الفلسفة اليونانية، علم الكلام، ومفهوم "الحكمة" الذي أصبح التعبير الجديد عن الفلسفة المستقلة، وهي السمة الأبرز للفكر ما بعد الكلاسيكي.
الفلسفة وقوة الشريعة الدينية
يناقش تأثير الشريعة على مسار الفلسفة، بالتركيز على فتوى الغزالي في تهافت الفلاسفة، التي أدانت بعض الآراء الفلسفية. يستعرض حالات اضطهاد كإعدام عين القضاة في همدان والسهروردي في حلب. ويتساءل عما إذا كانت فتوى الغزالي قد طُبقت بالفعل، ليخلص إلى أن تأثيرها كان محدودًا أمام غزارة الإنتاج الفلسفي في تلك الحقبة.
الجزء الثاني: الفلاسفة والفلسفات في القرن السادس/الثاني عشر في الشرق الإسلامي
المصادر التاريخية الرئيسة
يقدم قراءة في مصادر مثل تتمة صوان الحكمة لابن فندق البيهقي وظاهر الدين البيهقي، والتي تكشف استمرارية النشاط الفلسفي.
مدرسة ابن سينا غير المتنازع عليها في أوائل القرن السادس
يوضح كيف انتشرت تعاليم ابن سينا دون اعتراض يُذكر، وكانت مرجعًا لفلاسفة مبكرين.
مدرسة ابن سينا المتنازع عليها
يتناول التحولات التي طرأت لاحقًا مع بروز نقد الغزالي، وما أحدثه من دفع الفلاسفة إلى إعادة صياغة الأفكار في تفاعل مع علم الكلام.
أبو البركات البغدادي كمبتكر
يسلط الضوء على فلسفته التي اعتبرت المعرفة "حالة علاقية"، مما شكّل تحديًا لمفاهيم الأفيسنية التقليدية.
أثر الغزالي في ما وراء النهر
يتوقف عند شخصيات مثل المسعودي وابن غيلان البلخي، اللذين سعيا إلى دمج الفلسفة في علم الكلام، مع إبراز أعمالهما كنماذج لهذا الاتجاه.
مجد الدين الجيلي ودوره التعليمي
يُبرز مكانته كمعلم مهم أثّر في السهروردي وأسهم في نشأة الحكمة الإشراقية.
السهروردي وتأسيس الحكمة الإشراقية
يستعرض فلسفته التي جمعت بين البعد الفلسفي والتجربة الصوفية، مع التركيز على المعرفة باعتبارها "حضورًا".
فخر الدين الرازي والفلسفة ما بعد الكلاسيكية
يقدم الرازي بوصفه ممثلًا بارزًا لمفهوم "الحكمة"، جامعًا بين الفلسفة والكلام، ومتأرجحًا بين الدفاع عن الإرادة الإلهية ومبدأ الضرورة الفلسفية.
الجزء الثالث: تشكيل الحكمة كجنس فلسفي جديد
الكتب وتعاليمها
يستعرض إسهامات مؤلفي "الحكمة" في تطوير تعريفات جديدة للمعرفة، سواء باعتبارها علاقة (أبو البركات والمسعودي) أو حضورًا (السهروردي). كما يناقش القضايا الميتافيزيقية واللاهوتية مثل جوهر الله مقابل وجوده، علمه بالجزئيات، والذرية الفلسفية.
الكتب وجنسها
يوضح كيف أنتج الفلاسفة نصوصًا مصنفة كـ"حكمة"، مثل المحصل للرازي وتعليق المسعودي على خطبة ابن سينا. ويشير إلى أن التسامح مع الغموض الفكري أصبح سمة أساسية لهذا الجنس الفلسفي الجديد.
الكتب ومنهجها
يحلل المناهج الجديدة في "الحكمة"، مثل "الاعتبار" عند أبي البركات و"التحقيق والتقسيم" عند الرازي. ويستعرض مثالًا حول علم الله بالجزئيات، حيث حلّ المنطق الجدلي محل البرهان الأرسطي، مع اعتماد مبدأ السببية الكافية.
الخاتمة: الحكمة والإسلام في فكر الرازي المتأخر
يخلص إلى أن الفلسفة ما بعد الكلاسيكية أعيد تعريفها كـ"حكمة"، تُجسّد انفتاحًا على التناقضات بين الفلسفة والكلام. وتتم الدعوة إلى إعادة النظر في هذه المرحلة باعتبارها عصر إبداع فكري لا عصر انحدار.
📝 الاستقبال النقدي
نال الكتاب إشادة واسعة في الأوساط الأكاديمية:
وصفه جون مارينبون (كامبريدج) بأنه عمل ملهم.
أثنت روزابيل أنصاري (Journal of the History of Philosophy, 2024) على دقة تحليلاته.
كاتارينا بيلو (Journal of Islamic Studies, 2022) أبرزت أهميته لفهم التداخل بين الفلسفة والكلام.
وُجهت انتقادات محدودة مثل تركيزه على المشرق دون الأندلس.
أصبح مرجعًا معتمدًا في الدراسات العليا للفلسفة الإسلامية.
🔍 المغزى الفكري
الكتاب يغيّر طريقة النظر إلى الفكر الإسلامي: فهو يكشف أن الفلسفة لم تنته بالغزالي، بل تطورت في صورة جديدة أعمق وأكثر مرونة. يقدم مفهوم "الحكمة" نموذجًا للتفكير الذي يتقبل الغموض والتوتر، بدلًا من البحث عن انسجام قسري. كما يفتح الباب لإعادة التفكير في العلاقة بين الدين والفلسفة في الحضارات الأخرى.
👤 المؤلف
فرانك غريفل (مواليد 1963)، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ييل، متخصص في الفلسفة واللاهوت الإسلامي في العصور الوسطى. له أعمال بارزة مثل اللاهوت الفلسفي للغزالي (2009)، وحاز منحة كارنيجي. يركز في أبحاثه على التداخل بين الفكر الإسلامي واليوناني والغربي الحديث.
🔚 الخلاصة النهائية
تشكيل الفلسفة ما بعد الكلاسيكية في الإسلام يضع حدًا لأسطورة "الانحدار" ويُظهر أن القرن السادس الهجري كان عصر إعادة ابتكار فلسفي. من خلال رصد مسارات مفكرين مثل السهروردي والرازي، يُعيد الكتاب تعريف الفلسفة الإسلامية بوصفها مشروعًا مفتوحًا ومتعدد الأبعاد. إنه عمل تأسيسي للباحثين في الفلسفة الإسلامية، ويُعدّ مرجعًا لا غنى عنه لفهم التاريخ الفكري للإسلام.
4400دج