02/12/2025
المرابطة خديجة الخويص معركة الحجاب في سجون الاحتلال ؟
في يومي الأوّل في س*جن الرملة ، انتزعوا الدّبابيس التي أثبّت
بها حجابي ، وبعد رجوعي من محكمتي الأولى أخبروني أن معاصم يديّ ممنوعة في السـ,ـجن بحجّة أنّها زيادةٌ عن اللباس ، أخذتها منّي السجّانة وألقتها في سلّة القمامة القريبة ، استطعت أن أتجاوز أمر المعاصم؛ إذ أن أكمام جلبابي كانت ضيّقة ممّا يغنيني عن المعاصم …
وذات ليلة بينما كنت عائدة لزنز*انتي بعد يومٍ طويلٍ في البوسطة ، ولم أكد أغمض أجفاني ، حتّى تمّ استدعائي للتحقيق ، جهزّت نفسي وكنت قد غسلت جواربي ،فلب,,ستها مبتلّة ، ولما قيّدت السجّانة قدميّ قالت لي عند عودتك ستخلعين جواربك !!
عدت من التحقيق بعد الواحدة ليلاً والس,,جانة تنتظرني ، أخذت جواربي ورمتهما في سلّة القمامة …
مرّت عشرة أيّام على الاعتقال ، وأنا في زنزانتي معزولةً عن الجميع ، بين صلاتي وقرآني ودعائي ومناجاتي وبكائي لله عزّ وجلّ بأن يرفع هذه المحنة …
كنت مثالاً للهدوء والاتزّان في السّجن ، بينما كان يعجّ قسم العزل بالصراخ والشتائم والجنون …
خرجت لمحكمتي الخامسة ، وعندما عدت للسجن ، ناداني مسؤول السـ,ـجن ، وأخبرني من اليوم فصاعداً يُمنع عليك ارتد..اء الحجاب والجلباب داخل القسم !!
لم أعرف حينها بأيّ لغةٍ أخاطبه لأفهمه أنّ ذلك غير معقولٍ أبدا ،فلم تسعفني أي كلمة ، وأنا القوية دوما ، أنا التي لا أبك..ي أمام سجّاني حتى لا يشمت بي ، وحتى لا ينتشي بق*وته !!
مع ذلك كلّه لم أتمالك دموعي ذلك اليوم ، بكي..ت أمامه بحر..قة ، لا يمكنني أن أفعل ذلك ، ولن تفعل أنت !!
أوصلني إلى باب القسم ، وأمر السجّانة أن تنز..ع حجابي فنزعته !!
وطلب منّي أن أخلع جلبابي وإلّا خلعوه بالقوة !!
فاضطررت لخلعه أمامهما
أدخلوني زنزانتي أجرّ أذيال قهري ، فانفجرت باكيةً لا ألوي على شيء ، حاولتُ ضبط دموعي ، والله كانت تسيل رغماً عنّي !!
أنا التي بلغتُ الأربعين ولم أخلع حجابي مذ كنت في السابعة !!
ولم يرني أيّ أجنبي دون جلبابي مذ كنت في الخامسة عشرة !!
واليوم يراني الأنجاس وأراذل الخلق بلا حجاب أو جلباب !!
بكيت كما لم أبكِ من قبل ، صر*خت ، كبّرت ، ناديتُ المعتصم وصلاح الدين ، قلت واربّاه ، واغوثاه واإسلاماه وامعتصماااه !!
لم تجبني سوى جدران الزنزانة بصدى الصوت …
بكيت ما يقارب الساعتين ، صليت يومها بلا حجاب أو جلباب ودعوت الله أن يلقيَ عليّ النّوم حتى لا ينفطر قلبي من البكاء ، فنمت حتى الفجر ، ليدخل عدد من السجانين للعدد ، وليعود البكاء وأنا أخبئ رأسي بين يديّ …
ولما جاء الظهر ، دخل سجانون ذكور لتفتيش الزنزانة ؛ فانفجرت باكية مجددا ، حاولت إقناعهم بأنّ حجابي وجلبابي هما جزء منّي ، وانتزاعهما كما انتزاع جلدي وسلخه ، ولا تصح صلاتي بدونه ، ولا يجوز أن يراني الرجال بدونه ..
يومها نقلوني من زنزانتي لأخرى ، ولا أعلم السبب ، ظننت أنّها أفضل حالاً ، ولمّا صرت فيها ، وجدتها مترين بمترين ، ومياه المرحاض تسيل على ارضيتها ، فقلت أتفقد الفراش ،فرفعت “الفرشة” لأجد تحتها الصدأ والماء وصر,,اصير م,,يتة ، فقلت أتفقد المرح,,اض ، فإذا به يمتلأ بالف,,ضلات والأو,,ساخ ومناديل ورقيه ، فقلت أفتح مضخة المر,,حاض حتى يبتلع ما فيه من القر,,ف والنج,,,س ، يبدو أنه ابتلع ، ولكن بقيت مضخة المرحاض مفتوحة طوال الليل ، بصوت يصرع المتواجد في الزنزانة …
وكامرتين ترصدان مكان النوم والمرح*اض وباب الحما,,م زجاجي شفاف منخفض يصف ما خلفه ، والزنزانة مقابل غرفة السجانة وكل داخل وخارج يتفقد من السج*انين يتفقد الوافد الجديد في هذه الزنزانة القذرة ..
لم يكن حماما في زنزانة ؛ بل زنزانة في حمّام …
توضأت لأصلي العشاء ، صليت بلا حجابي وجلبابي وبلا سجود لأنّ الأرض نج*سة ..
وفي اليوم التالي ، عند الخامسة فجراً أعطوني حجابي وجلبابي لاخرج بهما إلى المحكمة …
وصلت المحكمة منهكة من السفر والب,,كاء المتواصل ، ومن السهر الإجباري بسبب صوت مياه المر,,حاض ، فبدوتُ شاحبةً حزينة كئيبة على غير العادة ..
في الصورة ؛ كنت أبثّ للمحامي كيف انتزعوا حجابي وأجبروني على خ,,لع جلبابي ؛ وعن وضع الزنزانة الجديدة وقذارتها ؛ وكيف أنّه للمرة الأولى في حياتي يراني الرجاال بلا لباسي المستور وأنّني صليت دون سجود ولا لباسٍ ساتر …
يومها اجتمع ق,,هر الدنيا كلّه في ملامح وجهي وتعابيره ….
ولمّا ترافع عنّي المحامي ، ووصف لهم ما يحدث لي في الس*جن ، وانتزا,,عهم حجابي وجلبابي ، أصيب الحاضرون بالوجوم والقهر!!
ونجح المحامي باستصدار أمرٍ من المحكمة بعدم انتزاعهما منّي وإعادتي لزنزانتي الأولى ..
عدت من محكمتي ليعاودوا قهري وانتزاع جلدي مرة أخرى ووضعي في مسلخهم القذر ..
لكنّي قررت أن أنتزع حقّي ولو بأسناني ، فقمت بالصرا,,خ والتكبير لأربع ساعات ، حتى جاؤوني بمدير الس,,جن ، واريته قرار المحكمة ، فاضطر للالتزام به .
..