
17/04/2025
: المركزي بقيادة جديدة…
قد يسمع البعض باسم المحافظ الجديد ناجي عيسى ويجهل خلفيته، إلا أن ناجي عيسى يعتبر ابن البنك المركزي وخريج المنظومة المصرفية الليبية. فقد أدار أهم إدارة في المركزي وهي إدارة البحوث والإحصاء، التي تُعد التقارير والدراسات الاقتصادية والسياسية النقدية، وتبحث وتدرس عن كثب مؤشرات الاقتصاد الليبي وتداعياته وإرهاصاته لسنوات عدة. مما مكن المحافظ الجديد من اكتساب خبرات متراكمة، أصبح بفضلها قادرًا على التشخيص الفعلي لجُلّ التصدعات الاقتصادية والسياسية النقدية.
كما كان مديرًا لإدارة الرقابة على المصارف والنقد، مما أكسبه احتكاكًا مباشرًا بالمنظومة المصرفية والمالية. وبوصفه صانع قرار أساسي في إعداد الموازنة العامة، وفهمه ومعاصرته لجُلّ القضايا المطروحة والصراعات السياسية والاقتصادية، فقد تمكن عبر إدارته للمركزي من سد أغلب الثغرات النقدية ومقاومتها، وقدرته على مناورة السوق السوداء الموازية وتجار العملات عبر طرح برامج كانت معطلة أو غير مطروحة طيلة 15 سنة ويزيد.
ومن هذه البرامج:
* البدء في تفعيل شركات الصرافة.
* دعم خدمات الدفع الإلكتروني وشركات التكنولوجيا المالية.
* توحيد وتفعيل بوابة الدفع الإلكتروني عبر معاملات، وانطلاق خدمات التحويل الإلكتروني السريع عبر بوابة LYpay.
* توحيد مجلس الإدارة وتفعيله وأداء مهامه بتعديل سعر الصرف، وأيضًا بإقفال ميزانيات والبدء في قرارات وملفات منوطة بمجلس الإدارة.
* واليوم، تأسيس خدمات مصرفية متنوعة كالودائع الاستثمارية لتشجيع التداول والاستثمار بالعملة المحلية وتقليل كاهل الصرف والإنفاق عبر إتاحة الفرصة للمصارف بتمويل المشاريع بأموال الودائع الاستثمارية للقطاع الخاص والعام.
* وقام، عبر إصراره وتحمل عبء الصراعات والنقد والممانعات، بإلغاء إصدار ورقة فئة 50 دينار التي كانت خنجرًا مسمومًا في خاصرة الدينار الليبي وهبوطه.
* فعّل الامتثال ومكافحة غسل الأموال.
* حظي بثقة المنظمات الدولية المالية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والخزانة الأمريكية.
لقد أثبت ناجي أنه ابن القطاع المصرفي عن جدارة واستحقاق، وأيضًا عن استبعاد المركزي كورقة سياسية وتسييسه في هذه الصراعات، وأرجع استقلاليته وفرض على الجميع الرجوع للوائح والقوانين والتشريعات، واستعاد إيرادات النفط لتودع مباشرة عبر الاعتمادات المستندية، وساهم في إنهاء عمليات تبادل المحروقات بالنفط الخام.
وأكثر ما تميز به ناجي هو هدوئه ومرونته ودبلوماسيته مع الأطراف السياسية، وأيضًا في الداخل مع إدارات المركزي بزيادة مرتبات الموظفين. وعند استلام مهامه كمحافظ، لم يقم بردود أفعال حادة تجاه أي من الإدارات والموظفين.
وتحركاته اليوم ولقاءاته مع صندوق النقد الدولي بالأمس، واجتماعاته مع أعضاء البرلمان ورئيس اللجنة الاقتصادية المالية، واستقباله لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، واجتماعه المزمع غدًا مع البرلمان وبعد غد مع الخزانة الأمريكية، تدل على أنه يعمل وفق خطة توافقية دولية ومحلية لاسترداد مكانة مصرف ليبيا المركزي بقاعدة ثابتة وراسخة وقريبة من جميع الأطراف، عبر إصلاحات اقتصادية ومالية، واسترجاع ما فقده المركزي من إيرادات نفطية، وسد عجز الدين العام، وتوحيد الميزانية العامة عبر توافق الأطراف، وجعل المركزي الضامن الأساسي لكل الأطراف المحلية والدولية.
وإن استمر على هذه الوتيرة، سيكون الوضع الاقتصادي والمالي والسياسات النقدية في تعافٍ وانتعاش واستقرار، ولربما نشهد استدامة ما دامت لحظت استمرار الشجاعة والمواقف الثابتة للإدارة العليا للمركزي.