28/05/2025
*كلية الحقوق: مباركة للفساد .... وقمع للأصوات الحرة*
منذ ما يزيد عن سنة ونصف، ينزح قطاع غزة تحت نيران آلة حربية صهيونية غاشمة، في عدوان لا يميز بين طفل رضيع ولا شيخ طاعن في السن ولا مريض على سرير العلاج، في خرق سافر لكل المواثيق الدولية والضوابط الأخلاقية والإنسانية. لم يكن العدوان في حدّ ذاته سوى وجه من وجوه جريمة كبرى تتجلى في تواطؤ القوى الكبرى، وصمت المنتظم الدولي، وتخاذل جزء من الأنظمة العربية التي لم تعد ترى في الدم الفلسطيني ما يستحق الانتباه أو الانتصار.
وفي ظل هذا الواقع، لم يعد الصمت خيارًا. فصوت الشعوب هو ما تبقى من ضمير عالمي شبه ميت، وصوت الطلبة كان دومًا في طليعة هذه الضمائر. من هذا المنطلق، جاء انخراط مكتب تعاضدية كلية الحقوق بجامعة ابن زهر في الإضراب العالمي التضامني مع غزة يوم الإثنين 7 أبريل 2025، استجابة لنداء الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وتأكيدا على مركزية القضية الفلسطينية في وجدان الحركة الطلابية.
لكن ما لم يكن متوقعًا هو أن تقابل هذه الخطوة النضالية السلمية بمحاولة قمع واضحة من طرف عمادة الكلية، عبر التضييق على الأشكال الاحتجاجية، وأخذ الوسائل اللوجستيكية، وممارسة العنف اللفظي والجسدي، في خرق صارخ للمادة 70 من قانون التعليم العالي والفصل 25 من الدستور المغريبي، التي تكفل حرية الرأي والتعبير داخل الفضاء الجامعي.
الأخطر من ذلك، أن الطلبة المتضامنين وجدوا أنفسهم أمام المجلس التأديبي بعد تلقيهم استدعاءات رسمية، بناء على تهم ملفقة تتعلق بمشاركتهم في هذا الشكل الاحتجاجي السلمي، وهو ما يعد سابقة خطيرة تضرب في عمق الحق النقابي داخل الجامعة، وتفتح الباب أمام عسكرة الحرم الجامعي وتكميم الأفواه.
ولعل المفارقة المؤلمة تكمن في أن كل هذه الإجراءات التأديبية الصارمة جاءت في سياق تغاض عن فضيحة أكثر خطورة، كشف عنها في كلية الحقوق نفسها، تتعلق ببيع الشواهد الجامعية، في خيانة جسيمة لثقة الطلبة، وضرب لمبدأ تكافؤ الفرص، وتشويه لصورة الجامعة العمومية.
إن ما حدث يضعنا أمام سؤالين جوهريين: كيف أصبحت المواقف المبدئية تهمة تستوجب العقاب؟ ولماذا يقمع الصوت الحر بينما يستقبل الفساد بالصمت والتواطؤ؟
إن الجامعة، كما يفترض، فضاء للفكر والنقاش والمواقف الجريئة، لا ساحة للترهيب والتخويف. وإننا إذ نرفع صوتنا عاليا للتنديد بكل هذه الممارسات كما نؤكد على أن التضامن مع القضية الفلسطينية واجب إنساني قبل أن يكون موقفا .
كما نؤكد على أن السكوت على فضيحة الشواهد المباعة هو إشتراك ضمني في جريمة تربوية أخلاقية تمس بسمعة الجامعة وتهدم رمزيتها وإستقلاليتها.
وفي الختام، نعيد التأكيد على أن معركتنا من أجل فلسطين، ومن أجل جامعة حرة، عادلة ونظيفة، مستمرة بكل الوسائل السلمية والمشروعة، ولن يزيدنا القمع إلا إصرارًا على المضيّ في درب النضال والمقاومة.
وستبقى فلسطين قضية الأحرار ولا عزاء للمطبعين والمتخاذلين .