16/08/2025
*في ليلة من سبتمبر 2019، كانت إيما شولز، الأم السويدية الشابة ذات الـ 31 عامًا، تغفو بسلام في بيتها الريفي، تحتضن دفء وجود أطفالها الستة حولها..لم تكن تعلم أن دقائق قليلة ستفصلها عن أكثر اختبار قاسٍ يمكن أن تواجهه أي أم، وأن حياتها على وشك أن تتحول إلى كابوس يشتعل بالنار والدخان والصراخ..*
*استيقظت فجأة على صوت غريب قادم من الطابق السفلي، حيث كان اثنان من أبنائها الصغار يلعبان..وما إن نزلت لتفقدهما حتى فوجئت باللهيب يلتهم المكان، والنار تمتد بسرعة جنونية..*
*اندفعت إيما نحو الباب الأمامي، محاولة إخراج ولديها، لكن بمجرد أن فتحته، اندفعت النيران مستعرة بعد أن وجدت الأكسجين، وانفجار هائل هز أرجاء المنزل..في تلك اللحظة، استخدمت جسدها درعًا بشريًا، تحمي به الصغيرين من اللهب، بينما كان ظهرها يحترق بالكامل..دفعتهم خارج البيت وأغلقت الباب خلفهم حتى لا يعودوا وسط الجحيم المشتعل، وصرخت لأطفالها في الطابق العلوي أن يخرجوا إلى الشرفة فورًا..*
*لكن الصعود للطابق العلوي كان كالمشي على جمر ملتهب..الدرج كله كان كتلة من النار، وحرارة الأرضية جعلت جلد قدميها ينفصل ويتدلى كخيوط..رغم الألم الذي يكاد يمزقها، واصلت الصعود، مدفوعة بفكرة واحدة: "أربعة من أطفالي ما زالوا هناك"..في الطابق العلوي، وجدت ابنها الأكبر وليام يحاول إسقاط سلم للشرفة، بينما كانت ابنتها نيللي تقفز من النافذة طلبًا للمساعدة..كان منظر إيما مرعبًا: شعرها متفحم، جلدها متشقق ونازف، لكنها لم تتوقف..*
*وبينما كانت على الشرفة مع أولادها، أدركت إيما فجأة أن مولودتها الصغيرة "مولي" ذات العام الواحد ليست معهم..غمرتها فكرة قاتمة بأنها ربما فارقت الحياة، لكنها رفضت الاستسلام..تجاهلت توسلات أبنائها بالبقاء، وزحفت داخل الغرفة وسط دخان خانق، تبحث بعينيها بين الظلال حتى لمحَت الطفلة في سريرها تبكي من الهلع..حينها انفجرت قوة غامضة داخلها، فحملتها بجسدها المحترق، بلا أي حماية سوى قلبها الأمومي، وعادت بها إلى الشرفة..*
*نزولها على السلم كان عذابًا جديدًا؛ كل درجة كانت تسلخ جلد قدميها..وعندما وصلت للأرض، انهارت تمامًا، وشعرت أن كل الألم انقض عليها دفعة واحدة..لكنها ابتسمت رغم ذلك، فقد أخرجت أطفالها جميعًا من الموت، وقالت في داخلها: "الآن يمكنني أن أموت"..*
*نُقلت إيما إلى المستشفى وهي تحترق في 93% من جسدها، وهي نسبة لا ينجو منها غالبًا حتى الأصحاء الأقوياء..وُضعت على جهاز التنفس لثلاثة أسابيع، عالقة بين الحياة والموت، لكن قلبها ظل متعلقًا بوعد قطعته لابنها الأكبر قبل إغمائها: "سأعود إلى البيت". وعندما أفاقت، كان أول سؤال نطقت به: "هل أطفالي على قيد الحياة؟"..*
*مرت أسابيع قبل أن يُسمح للأطفال بزيارتها..كان اللقاء مزيجًا من الفرح والوجع؛ ابنتها الصغيرة لم تتعرف عليها، وابتعدت عنها خوفًا من الأجهزة والأنابيب ومن ملامح أمها التي غيّرها الحريق. كان ذلك أصعب لحظة في حياة إيما، لكن الزمن والعلاج أعادا الدفء للعلاقة، وصار الأطفال يهرعون إليها من جديد، متناسين آثار الجروح..*
*عاشت إيما وأطفالها في شقة مؤقتة بانتظار إعادة بناء منزلهم..جسدها ما زال يحمل ندوب المعركة، لكن قلبها أصبح أقوى من أي وقت مضى..تقول: "النار غيّرتنا جميعًا، لكنها قرّبتنا أكثر من بعض..لم أعد أعتبر أي لحظة أمرًا عاديًا..كل يوم مع أطفالي هدية لا تقدر بثمن"..*
*ليست البطولة في مواجهة الخطر بلا خوف، بل في أن تتحرك رغم الخوف والألم، مدفوعًا بالحب..إيما لم تكن خارقة في جسدها، لكنها كانت خارقة في قلبها، وهذا ما جعلها تنتصر على النار والموت..*
> *المرجو التفاعل لنستمر بتقديم المزيد♥️*