
11/07/2025
مطالب ساكنة آيت بوكماز بأزيلال: صرخة من أجل العيش الكريم
تقع منطقة آيت بوكماز في قلب جبال الأطلس الكبير، على ارتفاع
يتراوح بين 1800 و2000 متر فوق سطح البحر، وتبعد حوالي 250 كيلومترًا عن مراكش و78 كيلومترًا عن مدينة أزيلال. تُعرف هذه المنطقة بجمالها الطبيعي الساحر ومناظرها الخلابة، مما جعلها وجهة سياحية تُلقب بـ"الهضبة السعيدة". ورغم هذا الجمال، تعاني ساكنة آيت بوكماز من تهميش ممنهج ونقص حاد في الخدمات الأساسية، مما دفعها للخروج في مسيرة احتجاجية سُميت "مسيرة الكرامة" للمطالبة بحقوقها المشروعة.مطالب الساكنة: ضروريات وليست كمالياتتتمحور مطالب ساكنة آيت بوكماز حول توفير الحد الأدنى من شروط العيش الكريم، وهي مطالب بسيطة لكنها حيوية لتحسين ظروف الحياة في المنطقة. تشمل هذه المطالب ما يلي:إصلاح وتعبيد الطرق: تُعد الطرق الجهوية، مثل الطريق 302 (تيزي نترغيست) والطريق 317 (آيت عباس)، في حالة متدهورة، مما يعمق عزلة المنطقة ويصعب تنقل السكان، خاصة في الحالات الطارئة. فك العزلة عبر تحسين البنية التحتية للطرق يُعتبر مطلبًا أساسيًا.
توفير خدمات صحية: غياب طبيب قار في المركز الصحي المحلي يُجبر السكان، وخاصة النساء الحوامل والمرضى، على قطع مسافات طويلة عبر مسالك وعرة للوصول إلى أزيلال، مما يشكل خطرًا على حياتهم.
تغطية شبكة الهاتف والإنترنت: العديد من الدواوير تعاني من انعدام تغطية شبكات الاتصال، مما يؤثر سلبًا على التعليم، السياحة، والتواصل اليومي.
تعليم ونقل مدرسي: توفير وسائل نقل مدرسي للحد من الهدر المدرسي، خاصة بين الفتيات، وبناء مدرسة جماعية لتلبية احتياجات الأطفال.
بنية تحتية وخدمات أخرى: تشمل المطالب بناء سدود تلية للوقاية من الفيضانات، توفير مياه صالحة للشرب، إحداث ملعب رياضي للشباب، وإنشاء مركز للتكوين المهني يتماشى مع خصوصيات المنطقة الجبلية، بالإضافة إلى تسهيل رخص البناء للفئات الهشة.
مسيرة الكرامة: خطوة احتجاجية سلميةفي يوم الأربعاء 9 يوليوز 2025، انطلق المئات من سكان دواوير آيت بوكماز في مسيرة احتجاجية
المسيرة، التي امتدت لمسافة تزيد عن 80 كيلومترًا مشيًا على الأقدام، وصلت إلى مقر عمالة أزيلال، حيث رفع المحتجون شعارات تندد بالتهميش والعزلة. هذه المسيرة، التي وُصفت بـ"السلمية والحضارية"، عكست عزم الساكنة على إيصال صوتهم بعد سنوات من التجاهل.
تعهدات السلطات المحليةبعد لقاء جمع ممثلي الساكنة بعامل إقليم أزيلال يوم 10 يوليوز 2025، تعهد العامل حسن بنخيي بالاستجابة للمطالب الأساسية في غضون 10 أيام، مع التركيز على ثلاث أولويات: توفير طبيب قار للمركز الصحي، تحسين تغطية الإنترنت، وتسهيل رخص البناء. كما وعد ببرمجة إصلاح الطرق وبناء ملعب رياضي خلال الأشهر المقبلة، مع زيارة ميدانية للمنطقة لمتابعة الملفات.
تحديات وآفاق المستقبلرغم الوعود الرسمية، يبقى السؤال المطروح: هل ستتحول هذه التعهدات إلى أفعال ملموسة؟ ساكنة آيت بوكماز، التي عبرت عن وعيها الوطني وحقها في التنمية، تنتظر بفارغ الصبر تنفيذ هذه المشاريع. المنطقة، التي تُعد واحدة من أجمل المناطق السياحية في المغرب، تملك إمكانات هائلة لتعزيز السياحة الجبلية والاقتصاد المحلي، لكن ذلك يتطلب استثمارات حقيقية وإرادة سياسية لإنهاء عقود من الإهمال.
خاتممسيرة آيت بوكماز ليست مجرد احتجاج، بل صرخة من المغرب العميق تُطالب بالعدالة الاجتماعية والمجالية. هذه المطالب البسيطة تعكس عمق التهميش الذي تعاني منه المناطق القروية، وتُبرز ضرورة إعادة النظر في السياسات التنموية لضمان توزيع عادل للموارد. إن تحقيق هذه المطالب لن يُنهي التهميش فحسب، بل سيُعزز السياحة والاقتصاد في منطقة تُعد جوهرة الأطلس، وسيُعيد الأمل لساكنة طال انتظارها للعيش الكريم.