10/06/2024
في حياة الإنسان القصيرة هذه، ترتبط أعلى درجات السعادة بامكانية الوقوع في الحب، و الحفاظ عليه ..
أن تجد الشخص الذي تحبه بطريقة تمكنك من تجاوز بؤس العالم من حولك، بالنظر إلى وجهه فقط، تلك النظرة لوحدها قادرة أن تنسيك شقاء يومك، فما بالك عندنا تتحول إلى ابتسامة، أو لقاء، أو حتى نقاش تافه لساعات طويلة و أنت تنظر إليه، تتأمل وجهه، يبدو الأمر مبالغا فيه، لكنه حقيقي للغاية. في بعض الأحيان لا نحتاج أن يُقدم لنا هذا الشخص أي شيء حتى نشعر بالسعادة، فقط ذلك الإحساس بالأمان. هذه التفاصيل الصغيرة تنسيك خيباتك، تنسيك أحلامك الذي لم تحققها بعد، تنسيك ذلك المنبه اللعين الذي يُجبرك على الاستيقاظ كل يوم.
ليس كل الناس يحصلون على شخص مثل هذا في حياتهم، لذلك الحياة تعيسة في المجمل، لأنها انتقائية، حتى في أشياء مثل هذه انتقائية، قد تضطر لتجاوز خيباتك وحدك، لمواجهة العالم أعزل، أن تقف وحيدا في وجه معاركك. هذا يجعلك تخلق لنفسك طرقا أخرى لتجاوز خيباتك، لكن تضل أسهل الطُرق هي الحصول على شخص مثل هذا في حياتك، يغنيك عن الدنيا و ما فيها، لأن كل ما فيها يصبح تافها، بلا قيمة، عندما يكون بجانبك، هذا النوع من الحب اذا وجدته عليك أن تتمسك به، فهوا أعظم ما قد تجود عليك به الأقدار.
في "سينما براديسيو " عندما حقق "توتو" كل ما كان يطمح إليه، المجد و الشهرة و المال، عندما نال التقدير الكبير الذي أراده منذ نعومة أظافره، و أصبح من أهم مخرجي جيله، ضل دائما غير مرتاح، تائه في دروب الحياة، رجل وحيد، رغم أنه حصل على الكثير من النساء، كلما كانت تتصل به والدته ترد عليها امرأة مختلفة، بينما المعضلة الحقيقية؛ ولا واحدة منهم كانت "ايلينا" المرأة الوحيدة الذي أحبها و أرادها، المرأة الوحيدة الذي كان مستعدا لأن يضحي بكل المجد الذي بناه من أجلها، شعور صعب أن تعيش حياتك بعيدا عن الشخص الوحيد الذي أحببته بكل جوارك، يقودك الحنين إليه في كل لحظة، في كل ثانية، في كل ليلة تنام فيها وأنت تعرف أن الحياة قد هزمتك بالفعل، مهما حققت فيها من انتصارات أخرى.
عندما يتعلق الأمر بمثل هذه المشاعر، لا تجاهد، لأنها معركة خاسرة، كل ما عليك فعله هو أن تحافظ على هذا الشخص، فالحياة بدونه لا تساوي شيئا، كن على يقين أن الخيبة الكبرى هي أن تهدر عمرك في كبت مشاعرك، أن تهدر عمرك في الهرب لأماكن أخرى، أن تهدر عمرك في تحقيق انتصاراتٍ تعتقد أنها قادرة على أن تخفف من حقيقة أن الحياة صعبة، و أن خَسارة مثل هذه، ضريبتها أن تواجه الحياة بمفردك ما حييت، رجل وحيد فقد أهم حب في حياته.
الحب الذي نصادفه مرة واحدة في حياتنا، يظهر فجأة و بدون مقدمات، من النظرة الأولى نعلم أن لا حياة بدونه.
Giuseppe Tornatore, Cinema Paradiso (1988)
🌟 imdb: 8.5/10