28/10/2024
أحمل زادي في حقيبتي الجلدية المزركشة التقليدية، ومعطف عسكري قديم يحتوي جسدي ولمة عضامي، وحذاء من الطراز الايطالي القديم رفيق خطاي ....
(انا المتشرد في الستين من عمري)
هناك في بقعة من الارض أتواجد وأجوب الأن،
سأخدك معي الأن في جولة من جولاتي يا قارئ خطي...سننطلق
هناك انا وانت قرب تلك المقهى قرب محطة سيارات الأجرة الصغيرة فحياتنا كلها مابين صعود في سيارة الاجرة والمسافة المقطوعة ودفع تمن الرحلة تم النزول...الصعود والنزول ،الحياة صعود من الأرض وقطع مسافة زمنية محددة تم النزول الى الأرض.....لا تقلق من الموت يا رفيق رحلتي فأنا أتلو عليك تجربتي ليس إلا ،
سنعود..... قرب المقهي الأن، تعالى نجلس في الرصيف فنحن سوى متشردين لن يأبه لحالنا أحد، ونرى الصورة من زاويتنا ،نحن الأن في رحلة واحدة سأتكلم نيابة عنك.
جلست وانت ،اخرجت قنينة نبيذ بخيصة التمن وسكبت في مجرى حلقي بعض من محتواها و مددت يدي اليمنى بحتا عن علبة سجائري الرذيئة..... ارتشفت رشفة من دخانها وما بين شهيق وزفير ذهبت في مهب الريح
نحن الان أسفل السفلين في ارض السافلين.. ارجل كتيرة تخطو امامنا منها من هي متتاقلة والأخرى متسارع لكل منهم وجهته..إذهب بعينك هناك لتلك الزاوية، سيارة تقف جانب الرصيف امام تلك الفتاة تبيع نفسها لمن دفع اكتر ،صاحب السيارة شاب تلاتني من العمر يساوم السلعة المعروضة ،مابين اخد و رد ،ركبت السيارة. .. هناك الكتير من اللغط و الضوضاء والأضواء والوجوه الغير متشابه الكل عالم بحاله، يرى الناضر انهم كلهم سعداء, لكن غيبهم يعلمه الله
امام الشباك الألكتروني رجل سمين البطن ذو ربطة عنق وهندام انيق يخرج من جيبه بطاقة ويولجها في الشباك يركب رقمه السري واهلا بالنقود تخرج من سجنها لتستقر في جيب جلادها،بجانبه يجلس رجل على قارعة الطريق ويده ممدودة للعموم سائلا صدقة ...النقود تصنع الفرق يا رفيقي .
الكراسي في المقهي مملؤة عن اخرها والعيون تتناثر نظراتها ،منها من هو ناظر في جريدته ومنهم من هو ناظر في رفيقه ويتبدلان أطراف الحديث،والبقية يحملقون في تفاصيل اجسام النساء الماراة من امامهم ذهابا و ايابا لعلهم يشبعون رغبات افكارهم المكبوتة،
ذلك الغريب صاحب اللحية السوداء القاتمة يجلس وحيدا في الزاوية وبين يديه يحمل كتاب وهو في عالم اخر انسلخ فكره عن الواقع وتاه في متاهة الرواية يبتسم فينة ويتآتر اخرى...آستطيع قرائة العنوان من هنا فهو يقرئ (شيفرة بلال) للكاتب العراقي د.احمد خيري العمري ...هنيئا لك يا ملتحي فالرواية تستحق القراءة.....وماتبقى من رواد المقهى عيونهم مركزة في هواتفهم مبحرين في عالم الانترنيت .
وسط الطريق يمر رجل حافي القدمين ، وشعره الملفوف ينسدل حتى أسفل ضهره ،يقهقه بصوت عالي ويردد كلمات مبهمة ويتكلم يمينا وشمالا وكأنه يرافق مجموعة من ناس ،لكن يرافق فقط عقله الذي لا يمت للمنطق بصلة ،فالقلم عنه مرفوع هنيئا لك يا حر فلا حرج عليك ولا أنت تحزن .
آنضر يارفقي آنضر تجاه ملتقى الطرق هناك ذاك الشاب ذو الحلاقة الغريبة كأنه من قبيلة الهنود الحمر يتربص بالصاعدين للحافلة لعله يقتات بما جادت به جيوبهم، انه كالذئب الماكر ..هنيئا له بيوم يصادف فيه رجال الامن الذي لا تفصل بين افعالهم وبين افعاله سوى زيهم الرسمي فالكل منهم حتالة بطريقته الخاصة.
فجأة علا صوت موحد (الله أكبر ،الله أكبر) أنه صوت الأذان سبحان الله ساد جو من الراحة على ارض السافلين ،والناس اكترهم تتمتم شفاههم بترديد الأذن او ذكر الله.
انتهت جولتي معك يا رفيقي سآذهب بعيدا ونصيحتي لك ان الحياة مسافة قصيرة فلا تحزن على ما فات ولا تيأس ولا تأجل عمل اليوم لغد فماذا سيستفاد منك وانت والعدم سواء.
أنا الأن متشرد في الستين من عمري لأنني أجلت عمل ليوم لغد وتهت في متاهات الفانية مثل هؤلاء الحمقى ونسيت من أنا.
(عادل دحان)