
28/09/2025
الحكمة في الإنصات و الحوار و ليس في القمع.
نور الدين عثمان.
المنع والإعتقال ليس حلاً لمشكلات الوطن الكثيرة والمتراكمة خصوصا ذات الطابع الإقتصادي والإجتماعي ،فعوض أن تلجأ الدولة إلى لغة الحوار مع القوى الحية في المجتمع، إختارت مرة المقاربة الأمنية القمعية.
فالوضع الإقتصادي والإجتماعي صعب وكارثي نتيجة تراكم الفشل في التنموي وعقود من السياسات العمومية اللاشعبية واللاوطنية وتفشي مظاهر الفساد في كل مفاصل الحياة العامة، الوضع الذي أفرز طبقة إجتماعية ظئيلة تمتلك السلطة والثروة مقابل فئات عريضة من الشعب تترنح تحت براثين الفقر والتهميش والبطالة والظلم الإجتماعي ،الأمر الذي خلق حالة من الإحتقان الإجتماعي والسياسي لدى شريحة واسعة من الشعب خصوصا فئات الشباب التي تعتبر العمود الفقري للمجتمع المغربي.
إن سياسة إفقار الفقير وإغناء الغني عبر سياسات عمومية غير منصفة، إضافة إلى سياسة إفراغ الأحزاب السياسية من الأطر التي تحمل مشروعا وطنيا، وتحويلها إلى مجرد وعاء فارغ يعج بالإنتهازيين والمتملقين الباحثين عن الريع والتموقع الإجتماعي والإقتصادي على حساب مصالح الوطن ، وكذا تحويل النقابات إلى مجرد تجمعات لتوزيع الريع مقابل ضمان صمتها، مع ممارسة التضييق على الإطارات الحقوقية الجادة والمسؤولة، مقابل تفريخ الآلاف من الجمعيات المدنية وفتح الباب أمامها لكل أنواع الريع دون أن تكون لهذه الجمعيات إمتداد جماهيري أو مصداقية أمام الرأي العام، كل هذه السياسات والعوامل أدت إلى بروز جيل جديد من الشباب رافض للسياسات العمومية، بل تجاوز هذه التنظيمات السياسية والنقابية والجمعوية التي أصبحت عبارة عن جثث متفحمة وفاقدة إلى أي مصداقية، مما أفقد هذه التنظيمات حتى دور الوساطة التي من المفروض أن تقوم به في الأزمات التي يمر بها الوطن، ليكون الصدام للأسف حتمي بين السلطة من جهة وجيل الشباب من جهة أخرى،وهذا ما يتجلى بوضوح الآن على أرض الواقع.
ففي الوقت الذي تعيش شوارع المغرب حالة من الغليان بسبب الفشل التنموي، تنشغل الأحزاب السياسية بمؤتمراتها استعدادا لكعكة الإنتخابات المقبلة، وجزء آخر من الطبقة السياسية يطوف على مقرات الأحزاب ودواليب وزارة الداخلية يستجدي الزيادة في المقاعد البرلمانية الريعية، وجزء آخر منشغل بنهب خيرات ومقدرات الشعب، وليذهب الوطن إلى الجحيم بالنسبة إليهم.
إلى الحكماء في هذا الوطن الحل الأمني لن يخدم الوطن ولن يؤدي إلى نتيجة، فقط يؤدي إلى المزيد من السخط الشعبي وفقدان الأمل في أي إصلاح، والحل يكمن في محاربة حقيقية للفساد وفتح مجال الحريات العامة ومنها حق التعبير والإحتجاج والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية وإجتماعية جذرية تفتح مستقبل آخر أمام شباب الوطن وقواه الحية.