27/07/2025
شكرا لهذا الجيل من لبوات الأطلس على الرغم من ضياع اللقب …
رغم مرارة الهزيمة التي تجرعها المنتخب الوطني النسوي في نهائي كأس إفريقيا للأمم أمام منتخب نيجيريا، والخيبة التي خلفها ضياع اللقب الذي كان في متناول لبؤات الأطلس، فإن ما تحقق يستحق التقدير والاحترام. الوصول إلى نهائيين قاريين متتاليين، والتنافس بندّية أمام أقوى المنتخبات الإفريقية، يُعدّ إنجازًا كبيرًا لجيل من اللاعبات اللاتي قدّمن كل ما لديهن من جهد وموهبة وتفانٍ في سبيل رفع راية الكرة النسوية المغربية.
اللافت أن معظم عناصر هذا الجيل انطلق مسارهن الكروي قبل إطلاق الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لاستراتيجية تطوير كرة القدم النسوية سنة 2020. وهو ما يعني أنهن استفدن من ثمار هذه الاستراتيجية في المرحلة الأخيرة من مسيرتهن، دون أن يتلقين، في بداياتهن، تكوينًا احترافيًا ممنهجًا وفق المعايير العلمية، وفي سياق كان فيه الاهتمام بكرة القدم النسوية محدودًا جدًا، سواء على مستوى التكوين، أو البنيات التحتية، أو التغطية الإعلامية.
لذلك، فإن ما حققته هؤلاء اللاعبات في هذا السياق، هو في حد ذاته إنجاز تاريخي، ويعكس إرادة قوية وعطاءً استثنائيًا، يستوجب الإشادة والتقدير، لا النقد واللوم.
إن التأخر في الاهتمام بكرة القدم النسوية مقارنة ببعض الدول الإفريقية الرائدة مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا، هو مسؤولية جماعية تراكمت عبر عقود. واليوم، وبعد أن اتضح أن الرؤية الاستراتيجية التي أطلقتها الجامعة منذ 2020 بدأت تعطي ثمارها، أصبح من الضروري العمل على تدارك هذا التأخر، عبر الاستثمار أكثر في التكوين القاعدي، وتأطير الأطر الوطنية، وتعزيز حضور كرة القدم النسوية في المدارس والجهات.
وفي هذا الإطار، يبدو تنظيم المغرب لكأس العالم لأقل من 17 سنة للسيدات (2025–2029) فرصة ذهبية لبناء جيل جديد، يتم تكوينه من الآن وفق منظومة احترافية متكاملة، قادرة على حمل مشعل لبؤات الأطلس، وتحقيق حلم التتويج القاري، بل والسيطرة على الساحة الإفريقية في أفق سنة 2030.
على المستوى التقني، وبالعودة إلى مجريات المباراة النهائية، يمكن القول إن المنتخب الوطني النسوي قدّم أداءً جيدًا خلال الثلثين الأولين من اللقاء، ونجح في التقدم بهدفين دون رد، لكن الثلث الأخير من المباراة عرف تراجعًا واضحًا في الأداء، سواء على المستوى البدني أو التكتيكي، وهو ما يُحسب على المدرب الإسباني خورخي فيلداس خيرخو. تأخره في إجراء التغييرات، وعدم قدرته على قراءة التطورات الأخيرة للمباراة، كلها عوامل أثّرت سلبًا على النتيجة النهائية، وجعلته يتحمّل جزءًا كبيرًا من مسؤولية ضياع اللقب.
ولا يمكن كذلك إغفال الأداء التحكيمي الضعيف، والتدخل المثير للجدل لغرفة “الفار” التي ألغت ضربة جزاء واضحة لصالح المنتخب المغربي، في لحظة كانت قد تقلب مجريات اللقاء بالكامل.
ورغم كل ذلك، يجب الإقرار أن تنظيم المغرب لبطولة كأس إفريقيا للأمم للسيدات كان متميزًا على جميع المستويات، رغم بعض الملاحظات التي يمكن تداركها مستقبلاً.
في الختام، الخسارة كانت مؤلمة، نعم، لكن هذا الجيل من لبؤات الأطلس يستحق كل التقدير، لأنه مهّد الطريق لما هو قادم، ورفع سقف الطموحات، وأثبت أن كرة القدم النسوية بالمغرب تملك من المقومات ما يجعلها قادرة على التألق قارياً ودولياً في المستقبل القريب
أيمن زيزي