حساب غير رسمي. لا يُدار من قبل الصحفي حميد المهدوي، بل يُدار من قبل متابع وفي
(4)
06/11/2025
انفراج وقرارات لصالح المغاربة
06/11/2025
حميد المهداوي يعلق على الحكم الدي صدر في حق شبان بسبب شعارات كتبت على قمصان
05/11/2025
انتصارا للبرلماني…حزب الحكومة يدعو القضاة إلى عدم ممارستهم لمهنتهم في حق التويزي
05/11/2025
حين يصبح القميص جريمة في المغرب!!
سنة 2009 رفض القضاء الفرنسي متابعة ناشطين ارتدوا قمصاناً تدعو إلى مقاطعة منتجات إسرائيلية، معتبراً أن “الدعوة الرمزية والمسالمة” تدخل في نطاق حرية الرأي.
وفي سنة 1969 بالولايات المتحدة، قضت المحكمة العليا في قضية “Tinker v. Des Moines” بحقّ تلاميذ ارتدوا أشرطة سوداء احتجاجاً على حرب فيتنام، معتبرة أن “الرمز الصامت لا يفقد حمايته الدستورية لأنه يزعج السلطة”.
لكن في المغرب، سنة 2025، قضت ابتدائية الرباط بالحبس النافذ في حق ثلاثة شباب فقط لأنهما ارتديا قميصين أحدهما يحمل عبارة “فلسطين حرة” والآخر “الصحة حق للجميع”، بينما الثالث أدين لكونه تكلف بطبع الشعارين على القميصين.
ولعلّ هذه الواقعة تأتي لتؤكد ما سجلته منظمة “مراسلون بلا حدود” في تقريرها الأخير حول حرية الصحافة والتعبير في المغرب، حين صنّفت البلاد ضمن خانة “الوضع الصعب”، مشيرة إلى أن التضييق لم يعد يستهدف فقط الصحافيين، بل كل أشكال التعبير المستقلة، بما فيها “الرموز” و“الإشارات” و“القمصان”. وهي ملاحظة تختصر المفارقة كلها: في الديمقراطيات، يُحمى الرمز لأنه رأي، أما عندنا فقد صار الرأي يُعاقَب لأنه رمز.
ويا للمفارقة العجيبة، في الوقت الذي يُدان فيه هؤلاء الشباب بالحبس النافذ، يصرّح برلماني من حزب “الأصالة والمعاصرة” هو أحمد التويزي، بأن “الدقيق المدعم نتاج خلط أوراق”، وهو تصريح أحدث ارتباكاً اجتماعياً واسعاً، ولم يتعرّض صاحبه لأي متابعة، بل أصدر حزبه بياناً يدعو إلى عدم متابعته، متذرعاً بالحصانة البرلمانية.
والحال أن الفصل 64 من الدستور المغربي يمنح الحصانة في حدود ما يتعلق بـ“التصويت أو التعبير عن الرأي داخل البرلمان”، لا عند تقديم أخبار ووقائع تزعزع النظام العام. فكيف لحزب يقود الحكومة أن يخلط بين الرأي والخبر، وبين النقاش البرلماني والإرباك الاجتماعي؟
إن إدانة شباب مغاربة فقط لطبع أحدهم قميصين أو ارتداء آخرين لهذين القميصين قد تبدو قضية في ظاهرها بسيطة، لكنها في عمقها تحمل أسئلة مؤلمة حول معنى حرية التعبير في المغرب اليوم؛ لكون الشعارين لا يتضمنان أي تحريض أو إساءة أو مساس بالنظام العام.
فعبارة “الصحة حق للجميع” ليست سوى ترجمة حرفية للفصل 31 من الدستور المغربي، الذي يُلزم الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بتعبئة كل الوسائل لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين من الحق في العلاج والعناية الصحية.
أما “فلسطين حرة”، فهي شعار إنساني عالمي، تتقاسمه شعوب العالم من نيويورك إلى جوهانسبورغ، بوصفه تعبيراً عن حق شعب في الحرية وتقرير المصير، كما كرّسته قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة.
إن إدانة شباب لأنهم عبّروا بملبسهم عن قناعة سلمية، يطرح سؤالاً جوهرياً عن حدود حرية التعبير الرمزي في البلاد.
فحين يُعتبر القميص جريمة، يُصبح الجسد نفسه موضع شبهة. في الدول التي تحترم الحريات، يُفترض أن القضاء هو حارس النصوص الدستورية لا المتجاوز لها، وأن حرية التعبير لا تُجزّأ بين من يرفع شعاراً اجتماعياً وبين من يصرّح سياسياً داخل قبة البرلمان.
إن العدالة الحقة لا تُقاس بعدد القضايا التي تُفتح، بل بمدى اتساقها مع مبدأ المساواة أمام القانون. فحين يُدان مواطنون لأنهم عبّروا سلمياً عن قناعة، ويُترك أصحاب النفوذ دون مساءلة، تصبح العدالة عرجاء، وحرية التعبير انتقائية، والدستور حبراً على ورق.
القضية ليست قضية قميصين، بل قضية وطن يحتاج إلى أن يُعيد تعريف نفسه: هل نحن في دولة تحمي الكلمة، أم في مرحلة يُجرَّم فيها حتى الصمت الملون؟
Be the first to know and let us send you an email when فديوهات حميد المهداوي Hamid Elmahdaouy posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.