
10/03/2025
هم سبع أمراء من الجن من نينوى (بلد في العراق)صدرت الإرادة الإلهية أن يسوقهم الله إلى «بطن نخلة» فلما استمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ القرآن في صلاته، وكان عددهم سبعة، فتعجبوا من القرآن ورونقه وجماله وقالوا لبعضهم أنصتوا لنسمع، ثم قالوا: والله إنه ليس بقول جن ولا بشر، فأنطق الله شجرة كانت بجانب النبي أن في المكان أمراء من الجن من نينوى يستمعون إلى القرآن، فقال أميرهم وإسمه (زوبعة): سأذهب وأسأل هذا الرجل؛ إبقوا مكانكم كي لا نُفزع الرجل، فتشكل بشكل آدمي ثم تقدم للنبي ﷺ وقال: سمعتك تقرأ كلام؛ لا هو كلام جن ولا إنس، وأنا أمير من الجن ومعي إخوتي وقفوا بعيدا كي لا يفزعوك، فقال له النبي ﷺ : إدعوهم فليأتوا؛ فلما حضروا وسلموا على الرسول، دعاهم صلى الله عليه وسلم إلى الله، فأسلموا وواعدوا الرسول بأن يخبروا قومهم ويحضروهم إليه كي يبايعوه على الإسلام، ثم إنطلقوا إلى أهلهم ، قال تعالى: {وإذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}(29-32) الجن.
في اليوم الثاني، كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، جاء (زوبعة) أمير الجن السبعة الذين بايعوه، واستأذن النبي بالدخول، ودخل على هيئة آدمي، وقال: يا رسول الله؛ إنا دعونا قومنا كما أمرت واستجابوا لله ورسوله، وها هم قد قدموا كلهم إليك من نينوى، يريدون مبايعتك، كل قبائل العراق من الجن حضرت، فقال له النبي ﷺ : أين هم؟ ، قال: تركناهم عند جبل الحجون [هذا الجبل موجود في مكة، وفيه مقبرة مكة] ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: امكثوا في الحجون وأنا أذهب إليهم؛ فقام النبي عليه الصلاة والسلام وقال لاصحابه إني قد أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن، فليقم معي رجل منكم، ولا يقم رجل في قلبه مثقال حبة خردل من كبر ..فقام معه الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود فأنطلق معه والخۏف كان يملأ قلب بن مسعود كونه سيرى أمر لم يرى احد مثله من قبل ..فوصلوا إلى اعالي جبال مكه
وقال ابن مسعود: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا إقتربنا من الحجون، خط لي رسول الله برجله خطا في الأرض وقال: إجلس هنا ولا تتجاوزه [أي لا تتحرك من هذا المكان، لأن عالم الجن غير عالم الإنس] ولا تحدثنّ شيئا حتى آتيك [أي لا تقوم بعمل أي شيء] حتى أرجع إليك، فإنك إن خرجت لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة)
وتقدم صلى الله عليه وسلم إليهم، فاستقبله رؤساء الجن وأخذ يصافحهم وجلس إليهم، يقول إبن مسعود وهو يصف المنظر للصحابة: ثم جاءت أفواجهم كأنها سحاب كأنهم الزط [سود ليس عليهم ثياب، يركب بعضهم فوق بعض] حتى إقتربوا من رسول الله فحجبوه عني، وازدحموا عنده فلم أعد أراه ، قال تعالى: {كادوا يكونون عليه لبداً} ، (لبدا) ركوبهم فوق بعضهم البعض وازدحامهم على رسول الله ليسمعوا منه ، يقول ابن مسعود: وأمضى الليل كله معهم حتى الفجر، وأنا لا أرى إلا سواد، فوقه سواد، فوقه سواد، حتى حجبوا ما بيني وبين رسول الله إلى السماء ، فلما كان الفجر سمعت لهم أزيز وأصوات، وأخذوا ينقشعون كأنهم سحابة تتلوها سحابة، وبايعوا الرسول على الإسلام، وسلم عليه أمراء الجن وودعوه يقول إبن مسعود: حتى إذا رأيت النبي ﷺ، سمعته يحدث أقواما لا أراهم يقول لهم: (لكم كل عظم وروث) ، فلما تقدم مني رسول الله، مددت يدي كي أصافحه، فمد يده فوجدت يده حارة جداً [كأنك تضع يدك على شيء حار، تلدع يدك فتسحب يدك بسرعة] ، فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟! ، قال: من مصافحة إخوانك من الجن، فإنهم مخلوقون من نار {وخلق الجان من مارج من نار} ، فقال إبن مسعود: يا رسول الله، لقد سمعت أزيز وأصوات ، قال له صلى الله عليه وسلم: أما تلك الأصوات فسلامهم عليّ وهم يودعوني مرتحلين إلى بلادهم ، قال: سمعتك تقول: (ولكم كل عظم وروث) ، فقال النبي: أخبرتهم بعد إسلامهم أنه لا يحل لهم أن يعتدوا على طعام مسلم فيأكلوا منه، فقالوا يا رسول الله يضيق بنا الرزق [يصعب علينا نجد أكل] فقلت لهم (لكم كل عظم وروث) ، أما كل عظم؛ فلكم أن تجدوه مكسو لحما كما كان وكل روث تعود علف لدوابهم.
👈و من هنا جاء تشريع النبي ﷺ بعد ذلك: (إذا قضى أحدكم حاجته فلا تستنجوا بعظم ولا روث ؛ فإنه طعام إخوانكم من الجن) ، فياأيها المؤمن؛ إن لك إخوان من الجن المسلمين، إخواننا في لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فكل عظم ترميه أذكر إسم الله عليه، يرجع لإخواننا من الجن لحما يأكلون منه (فقط للمسلمين منهم) ، يقول إبن مسعود: ثم أخذني النبي صلى الله عليه وسلم، وأراني مباركهم وآثار نيرانهم، فقد صنعوا طعاما وشربوا شرباً في جلوسهم عند النبي صل الله عليه وسلم.