26/09/2025
من رحيق الأمكنة
مقهي او قهوة محمد سليمان الزواري أحد معالم السوق القديم لكريمه مع مرور السنين اختفت كل المعالم القديمه للسوق وللمدينه وبقيت هي صامده تصارع الزمن رغم تغير الأماكن والوجوه وأهواء الناس وأمزجتهم لتصبح ارثا تاريخيا أحتفظت ببضع تفاصيلها القديمه كراسي الحديد الموزعه تحت اشجارها وترابيز الحديد دقة رمضان قناوي ولا زال لها عامل جذب لكل الأعمار
شكلت في ماضيها للكبار مجلسا للسمر وتبادل المعرفه ومجمعا للتلاقي و للصغار مثلت لهم عالما ملئ بالدهشه برؤيتها تطوف علي مخيلتهم مشاهد المقاهي المذكوره لهم في الغاز محمود سالم وروايات الجيب والهلال
عبر مسيرها الطويل تميزت بحكايات شخوصها وطرافتهم وتجمعك بروادها وفيهم من خاضوا في دروب الحياة وتجاربها وعرفوا أسرارها فيكون الحديث معهم ثرا غير ممل يتعلم منهم المرء ويستمتع بصحبتهم الجميله فقد كان لها دور كبير في التواصل الاجتماعي والثقافي وحتي الأدبي قبل وصول الانترنت
اليوم أصبحت تعرف بقهوة أبو زيد الشخص الذي يديرها في الوقت الحالي وما عادت تعرف بالأسم القديم أسم صاحبها المؤسس المرحوم محمد سليمان الزواري الذي أسسهها في فترة الستينات من القرن السابق
وما عادت بذاك المكان الكبير زاحمها في مساحتها مطعم السمك حتي في ظل اشجارها
وأغلق شارعها المؤدي لمحطة السكه الحديد
وما عادت تفتح أبوابها لمنتصف ساعات الليل مثلها ومثل المحلات التجاريه تغلق أبوابها عند الرابعه عصرا وترتاح ايام الجمع
فقدتها الامسيات ووقت تناول شاي اللبن المقنن مع اللقيمات المشبعه بالزيت والسكر
سحبت احد كراسيها العتيقه وجلست وطاف بي ما تختزنه ذاكرتي من شريط الذكريات
تفرست في الوجوه الموجودة لعلي أجد وجه لأحد الرفاق وارتد الي البصر خاسئا وهو حسير عدت بعد غيبة وجدت المقهي القديم ولم أجد الرفاق وكدت اصيح باعلي صوتي أين الرفاق أين عشاقك سمار الليالي؟
أين من واديك يا مهد الجمال؟
واصبحت استرجع ابياتا قديمه من الشعر
كم أَنت حُرُّ أَيها المنسيُّ في المقهى!
فلا أَحدٌ يرى أَثَرَ الكمنجة فيك,
لا أَحَدٌ يحملقُ في حضوركَ أو غيابكَ,
أَو يدقِّقُ في ضبابك إن نظرتَ
إلى فتاةٍ وانكسرت أَمامها....
كم أنت حُرُّ في إدارة شأنك الشخصيِّ
في هذا الزحام بلا رقيب منك أَو من قارئ!
فاصنع بنفسك ما تشاء، إخلعْ قميصك أو حذاءك إن أَردتَ،
فأنت منسيُّ وحُرٌّ في خيالك،
ليس لاسمكَ أَو لوجهكَ ههنا عَمَلٌ ضروريٌّ.
تكون كما تكون....
فلا صديقَ ولا عَدُوَّ
هنا يراقب ذكرياتِكَ
مقهىً، وأَنت مع الجريدة جالسٌ
قي الركن منسيّاً،
فلا أَحد يُهين مزاجَكَ الصافي،
ولا أَحَدٌ يُفكرُ باغتيالكْ
كم أنت منسيٌّ وحُرٌّ في خيالك!