14/12/2025
من يوم ما بلّشت أشتغل على إعلانات ميتا، وأنا شايف الصورة أوضح من مجرد “إعلان ناجح” أو “حملة فشلت”.
ميتا مرّت – وعم بتمر – بثلاث مراحل مفصلية، وكل مرحلة كانت تغيّر قواعد اللعبة بالكامل.
أولًا: مرحلة السيطرة على النظام (System Mastery)
في هذه المرحلة، كانت الميزة التنافسية الحقيقية هي فهم لوحة التحكم (Dashboard):
اللي يعرف كيف يبني حملة، يقرأ البيانات، يضبط الجمهور، يختبر الميزانيات، ويفهم الخوارزمية، كان يتفوّق بوضوح.
وفق تقارير Meta الداخلية (2020–2022)، أكثر من 60% من فشل الحملات لم يكن سببه الإبداع ولا المنتج، بل سوء إعداد الحملة وقراءة النتائج بشكل سطحي.
بالعربي الفلسطيني: اللي كان فاهم الداش، كان سابق السوق بخطوتين.
ثانيًا: مرحلة الإبداع الإعلاني (Creative Dominance)
مع تشبّع السوق، انتقلت ميتا إلى سؤال مختلف:
ليس “من يدير الحملة أفضل؟” بل “من يلفت الانتباه أسرع؟”
هنا ظهرت مفاهيم مثل:
Creative Fatigue
Dynamic Creative
CGU / UGC / AI-generated Creatives
دراسة لـ Meta + Nielsen أظهرت أن الإبداع وحده يساهم بما يقارب 47% من نجاح الإعلان، مقابل 38% للاستهداف و15% فقط للعوامل الأخرى.
يعني ببساطة: الفكرة صارت أهم من الزر.
ثالثًا: المرحلة القادمة – ذكاء اصطناعي سلوكي فردي (Individual Behavioral AI)
وهنا بيت القصيد ، وهو طرح دقيق جدًا.
نحن نتجه إلى مرحلة لا تُدار فيها الإعلانات على مستوى:
الجمهور
الاهتمامات
أو حتى الشرائح
بل على مستوى الإنسان الفرد.
الذكاء الاصطناعي في ميتا يتعلّم اليوم من:
كل لايك
كل تعليق
كل مشاهدة
كل تجاهل
كل تفاعل صامت
وتقارير Meta AI Research تشير إلى أن نماذج التخصيص الجديدة قادرة على تحسين التنبؤ بالاستجابة بنسبة +30% إلى +40% مقارنة بالاستهداف التقليدي.
بمعنى آخر:
الخوارزمية ستعرف:
من يشتري لكنه لا يعلّق
من يثق لكنه يتردد
من يحب المتاجر لكنه يشك بالصفحات
من يثق بالاسم أكثر من الإعلان
وهنا يسقط وهم التحايل.
التحول الجوهري في التنافس
في المرحلة القادمة، لن ينافسك:
من يعرف الزر
ولا من يصمم أجمل صورة
ولا من “يلعب” على الخوارزمية
بل سينافسك:
من بنى ثقة حقيقية
من راكم سمعة رقمية نظيفة
من كان ثابتًا، صادقًا، ومتّسقًا
التنافس لن يكون على الإعلان، بل على التاريخ الرقمي للبراند.
بالحكي البلدي:
الخوارزمية ما بقت تنخدع… بتشوف مين إنت عنجد، مش شو بتحكي عن حالك.
الخلاصة الاستراتيجية
نحن ننتقل من:
مهارة تقنية
→ إلى إبداع بصري
→ إلى رأس مال معنوي رقمي (Digital Trust Capital)
والفائز ليس الأذكى تقنيًا، بل:
الأكثر صبرًا
الأكثر التزامًا
الأكثر احترامًا لعقل الجمهور
هذا ليس عصر “الإعلان الأقوى”، بل عصر البراند الأصدق.
ومن الآن، كل منشور، كل رد، كل تعليق… هو استثمار طويل الأمد في خوارزمية لن تنسى.
اللي جاي مش سهل، لكنه عادل.