Alzubair Naiel - الزبير نايل

Alzubair Naiel - الزبير نايل إعلامي .. شبكة الجزيرة الإعلامية .. قطر

11/12/2024

نزفٌ من جروح
************
أم درمان ،ود مدني ، الأبيض.. مدن تتربع محبةً على قلوب السودانيين والحديث عنها عادة ما يكون مصحوبا بالشجن ذاك أنها مواطن فن ،ومنابع حب، ومحاضن سلام . لذلك عندما عطست أصيب كل الوطن بالزكام..

أم درمان ..استردت الآن بعضا من عافيتها وبدأت في شد أوتار ربابتها لتعود إلى أناشيدها وأغنياتها وفي أذنها غزل حاديها سيف الدين الدسوقي ..
هذي العاصمة الأنثى..
أهواها منذ كنت غراما في عيني أمي وأبي
وحملت الحبَ معي بدمي
في رحلة هذا العمر
وأحمله حتى ألقى ربي ..

ود مدني.. مدينة الرجل الصالح التي تسكن وجدان أهلها لا تزال جدائلها في خزائنها انتظارا ليوم عرسها الذي طال انتظاره …ولا يزال التمني متجددا على ألسنة عشاقها:
ليت حظي سمح وأسعدني
طوفه فد يوم في ربوع مدني..
كنت أزور أبويا ودمدني
وأشكي ليهو الحضري والمدني

الأبيض … عروس الرمال الذهبية في ذات شموخها وعزتها، تستعصم بكبريائها في انتظار فجر خلاصها بفك الطوق عنها حتى تلبي أشواق محبها…
مدينتي يا عروس الرمل يا طربي
أنشودتي وتراتيلي وتلحينـــي
يا واحة الروح كم لي فيك من ذكر
يا ليتها لو تعود اليوم والحين

# وسنجة الفتية دار الملوك خرجت الآن تزغرد لخلاصها وترقص على إيقاع طبول الفرح لحظة كتابة هذا البوست وكأنها آنست قبسا منه لتكفكف دموع شقيقتها الكبرى مدني وتسند ظهر جارتها سنار ولترفع قميص البشارة للفرح الكبير القادم بعون الله..

للمدن تفردٌ وحديث كما يقول أديبنا الكبير الطيب صالح …

موسم المطر ودعاش الذكريات **************************كلما حلَّ فصل الخريف الذي باعدت بيني وبين حضوره في قريتي سنوات غربة ...
10/07/2024

موسم المطر ودعاش الذكريات
**************************
كلما حلَّ فصل الخريف الذي باعدت بيني وبين حضوره في قريتي سنوات غربة طوال، تندح دواخلي ويملأ دعاش الخريف رئتي كأنها تسترد تلك الأنفاس العطرة من أعماق روحي التي خبأت ذلك لمواسم جافة ضربت حياتنا وقذفت بنا بعيدا عن مراتع الصبا..

عندما استحضر المشهد تخرج مني تنهيدة تأخذني إلى نداوة تلك الأيام.. تتناهى إلى سمعي زمجرة الرعد ولمع البروق وهي تشق بطن السماء الرمادية الذي تعكس لونها على البيوت وشجر الحَراز والسِدر لتكسبها لونا مغايرا..

إزاء هذا المشهد المحتشد جمالا أجدني أخرج بطفولتي المختبئة في الحنايا للقفز مع أندادي في الساحات ترحيبا بهطول المطر.. مطربنا الصغير أيامها (أنس ود مريخة) يتفاعل مع المشهد ويطلق عِقال صوته النديان ويستلف مربوعاً من الدوبيت ويرفعه على عمود المطر (قوس قزح)..

ريحة المَطرة والطين والدُعاش الفاح..
طرتني الحبيب الكان معايا وراح..
جددت الوجع فتحت جوايا جراح..
خلتْ خَشمي بي اسمو ينادي صراح..

كانت مواسمنا لا تخيب وقلوبنا صافية مثل الماء الذي تجود به السماء، والناس كرام كهطل المطر، وأرضنا خضراء تنبت كل زوج بهيج..( برقُنا قِبلي وأنسامُنا من الصعيد)..تتناغم الأرض والسماء والإنسان والحيوان في لوحة بديعة التكوين …

ذكرياتٌ لمشاهد نبشتها صورٌ لتلك السحب الدانية هذه الأيام وملامح الخريف في وطن اشتد به الظمأ ويريد غسل أحزانه وأوجاعه من حرب قاسية غادرت معها حتى الطيور أعشاشها..

اللهم أجعله غيثا يغيث الناس في محنتهم ويعيد رداء الخضرة لأرض اتشحت بالسواد ونفوس اجتاحها الجفاف…

بائعة الشاي .. سفر بلا طريق   ************************* الزمان انتصاف نهار شتائي منزوع البرودة في يناير العام الماضي بتو...
15/06/2024

بائعة الشاي .. سفر بلا طريق
*************************
الزمان انتصاف نهار شتائي منزوع البرودة في يناير العام الماضي بتوقيت أم درمان .. المكان جوار كلية التربية جامعة الخرطوم.. على طرفي شارع الوادي باعة جائلون يبيعونك بضاعة أغلبها مغشوشة ومنتهية الصلاحية لكنْ لا يكترث لذلك أحد فالناس هنا متوكلون على الله..

سماسرة عقارات وسيارات يغلظون في القسم وهم يحدثون زبائنهم بصوت فيه ثقة زائفة، وغير بعيد منهم في الجهة المقابلة يرقد في العالم الآخر بمقبرة أحمد شرفي أناسٌ كثيرون لو وجدوا سانحة لقدموا لهم النصح بتوخي الرزق الحلال لأن أسئلة قاسية تنتظرهم عن كل قرش كسبوه.

في مصلحة الأراضي أطياف من البشر يتزاحمون عند نافذة ضيقة تكتم الأنفاس.. بعد جهدٍ سلمت أوراقي وجلست منتظرا … ولأن الساعات كانت تتساقط من معصمي حاولت للمرة الرابعة مراجعة الموظف الذي يبدو أن عليه نَذرا لعذابي واختبار قوة أعصابي.. نظر إليَّ من فوق عدسة نظارته السميكة وحدثني من تحت أضراسه (أصبر يا أخينا الدنيا ما طايره).. أدري أنها ليست طائرة لكن شررا بدأ يتطاير من عيني لأنه كان كذوبا ومراوغا فقد أضاع ملفي وسط تلال الأوراق ويبحث له عن مخرج من هذا الشخص المتذرع بالصبر الجميل …

خرجت لأفرغ غضبي المكبوت عند بائعة شاي جالسة تحت (رقراق) عريشة نصبتها عشوائيا ، طلبت منها كوب شاي عليه زنجبيل.. من واقع تجاربها مع الذين يخرجون من ذاك المكان سألتني: ( مالك زعلان) بتتسهل قول بسم الله الدنيا دي (عاوزه صبر).. والتفتتْ على سائق عربة كارو (سكرك كيف يا حاج) …

واصلت حديثها وهي تحرك ملعقة الزنجبيل في كوب الشاي: (يا ولدي البلد دي حالها بقى مايل..النفوس ما زي زمان..الناس طمعت واتغيرت وكتر الغش والخداع.. العوج كتير والحكومة ما عندها هيبه أي زول شغال على كيفو ..ناس بتكلموا إنو الدول البره دي طمعانه فينا لكن يا ولدي مصيبتنا بتجي من جوه بس نقول الله يكضب الشينة)…

خرجت أتنفس من ضيق مكتب الأراضي فوجدت فضاء بائعة الشاي أكثر ضيقا.. انكمشتْ دواخلي وضاع طعم الزنجبيل في لهاتي ..حدقت في الأفق الرمادي وتيقنت أن البلاد في أزمة عميقة وأن قادم أيامها لا يبشر بخير ..سائق الكارو كان يتابع حديثنا شاخص العينين وقد تجمعت قطرات عرق على جبينه.. تحت إصراري أخذت مني قارئة الفنجان أو زرقاء اليمامة بصعوبة ثمن الشاي.. عبأت عينيَّ من تفاصيل وجهها المهموم ونهضت من مكاني تاركا ورائي تنهداتٍ وبقيةً من كوب الشاي..

27/03/2024

من كهوف الذاكرة … عرسٌ خارج الحدود
******************************
انقضى موسم حصاد ذاك العام الذي صادف شهر رمضان .. ونحن في انتظار قدوم العيد إذ بخبر زواج خالي (الحاج) يسري في شرايين القرية ليصبح حديث أهلها ليل نهار ويجعل عيدها عيدين.. فالأعراس في القرى هي كذلك مواسم أعياد بجديد ثيابها وبهجة نفوسها والتوسع في موائدها..

خالي الحاج الذي اكتشفتُ بعد أن كبرت أن اسمه (علي) رمى سهمه من دون أهل القرية بعيدا نحو مضارب أخواله ليختار عروسه وشريكة حياته في منطقة (المحمية) وهي منطقةٌ بعيدة بمقاييس عقولنا في تلك الأيام تتطلب سفرا وغيابا عن الديار ...

كنت قلقا وخائفا بألا يُسمح لي بالذهاب في باص (السِيْرة) وأن الأمر سيكون مقتصرا على الشباب ونحن دون تلك السن.. وما كان أمامي حيلة إلا التودد إلى خالي (أبو حميد) الذي بيني وبينه محبة كبيرة تشفع لي بأن يتم اختياري ضمن كرنفال الفرح المسافر إلى المحمية التي تنتصف المسافة بين مدينتي شندي والدامر..

جاء العيد وانقضت أيامه الثلاثة بتقاليد ذلك الزمان الحنين وبدأت مراسم العرس الذي لم تعكر صفوه حينها أخبار الجنجا.. وتقاطر أهل القرى المجاورة على كل ضامر حتى غدت القرية مهرجانا كبيرا ..

قُرعت طبول الفرح.. انتظم الجميع رجالا ونساء في دائرة واسعة وعندما استبد بهم الطرب على صوت مغنية ألهبتْ حماسهم تدافعوا فُرادى وجماعات إلى وسط(الدَارة) رقصاً وعرضة.. وخالي الحاج الذي توسط جبينه هلالٌ فضي كان يُلهبُ ظهور الشباب بسوط (العَنج) مع تعالي زغاريد الفتيات.. وتلك عادة كانت تمنحك صك الرجولة في تلك الأيام..

كنت في عجلة من أمري.. قبل نحو ساعة اعتليت سطح الباص الذي زُين بسعف النخيل وأخذت مكانا يتيح لي مشاهدات واسعة في الطريق .. استدار الباص ثلاث دورات حول المكان وتعالت زغاريد الوداع وسلكنا طريقنا متنقلين بين الحقول والسهول والكثبان الرملية وصوت ماكينية الباص يختبر سمع تلك العتامير.. كان الطريق طويلا وشاقا لكن ما بدد طوله أنه كلما مررنا بقرية خرج رجالها يلوحون بعمائمهم والنساء يزغردن بمحبة وسائقنا (النور ود الشيخ) يبادلهم عزف( البوري المتلت) … الناس في تلك البقاع كرماء جدا في مشاعرهم..

خيالي الغض حينها جعلني أعتقد أننا خرجنا من السودان كليا لطول الطريق غير المسفلت فتلك أول مرة أخرج فيها عن نطاق قريتي.. وهكذا مضينا بهذا الفرح العابر كالحلم في توزيع حُزم السعادة على تلك القرى المتناثرة والتي بدت على بعضها ملامحُ بؤسٍ رغم أنها قريبةُ من ضفاف النهر لكنها العين البصيرة واليد القصيرة..

قضينا ليلة عامرة .. كانت من الليالي الخالدة... خلدها طيبُ كرمها واتساعُ فرحها.. وعند العودة كنت ممتلئا بإحساس عظيم.. ولفترة طويلة كان أندادي في القرية يتحلقون حولي ليستمعوا إلى مشاهداتي وتفاصيل مشاركتي في رحلة عرس خالي الحاج وكأني مستكشف عاد من وراء البحار .. كانت الدهشة تتجدد كل ليلة على وجوههم وأنا أسرد لهم وقائعَ كان جزءٌ كبيرٌ منها من نسج خيالي 🤣🤣 ...

Address

Doha

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when Alzubair Naiel - الزبير نايل posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to Alzubair Naiel - الزبير نايل:

Share