18/04/2023
كان حزني أكبر من أن يقال، وأعظم من أن يُكتب، لقد احتفظت به كهوية سريّة في أعماقي، وصار يتسلل بخبث في مسامات الروح، حتى شكّل ملامحي بطريقته، وأنا لا أخمده، لا أناهض حقّه من الوجود الطبيعي، لكنه تمرّد أكثر، أوغل في انشطاراته المؤلمة، وتحوّل من ساكن عابر إلى مقيم أبدي، وأنا يا صديقي لا قوة لي، عشت أطارد غيمات الصباح معتقداً بأني ملاكاً في هذا الواقع الأبكم، لم أكن على استعداد للمخاطرة بكل شيء ملّكتني إياه الحياة، حتى أجبرت على ذلك، اليوم هنا، على بعد ملايين من الحكايات المنثورة في أرضي، أحاول أن ألملم حكايات العابرين حولي، من يدخلون عنوة في حياتي، ويخرجون دون موعد، أرسم على رحيلهم رثاء مليء بالبكاء، وأسأل بخفّة عقل ، هل كل شيء هنا قابل للرحيل، وهذه الذاكرة التي حنّطت أشرعتها بمياه قلبي، كيف لها أن تبقي الصدأ فقط، أن تجعل منّي أرجوحة صدئة، يلهوى على أطرافها رماد الغياب، وتعزلني عن أنسي، عن حقي من الرقص والفرح، عن ذروة سنوات عمري التي تعبت من السير مثقلة بقصص العابرين.