24/07/2025
لبناء السودان:(7) لا مكان للعنصرية والقبلية في وطن يسع الجميع
بقلم: آدم عبدالله أبكر علي
في الوقت الذي تتسابق فيه الأمم نحو المستقبل، لا يزال السودان يُكبل بقيود الماضي؛ حيث تنخر العنصرية والقبلية في جسده كداءٍ عضال، يفرّق أبناءه ويمنع قيام دولة المواطنة والعدالة.
إن أعظم تحديات بناء السودان ليست اقتصادية فحسب، بل اجتماعية ونفسية، تبدأ من تفكيك العقلية القبلية العنصرية التي زرعت الشك والعداء في قلوب أبناء الوطن الواحد.
من نحن؟ مواطنون لا قبائل
منذ استقلال السودان وحتى اليوم، ظلّت القبلية تُستخدم كأداة سياسية، وسلاح لشرعنة التهميش، والتقسيم، بل وحتى القتل.
وهكذا، تحوّل الانتماء إلى القبيلة في بعض الأحيان إلى "بطاقة مرور" أو "وصمة" تحدد مصير الإنسان، بدلاً من أن يكون مجرد جزء من هويته الثقافية.
لبناء السودان، علينا أن نؤمن أولاً بأننا "سودانيون" قبل أي انتماء آخر.
فلا فضل لجعليٍّ على زُريقي، ولا لعرباويٍّ على المسلاتي، ولا لشماليٍّ على جنوبيّ، إلا بما يُقدّمه من خير لهذا الوطن.
لا يمكن إنكار أن العنصرية في السودان واقع مرير، تتجلّى في:
النظرة الدونية لبعض المكونات الاجتماعية.
التمييز في فرص العمل والتوظيف.
تجاهل مناطق بعينها في التنمية والخدمات.
الخطاب الإعلامي والمصطلحات العنصرية المنتشرة في المجتمع.
وهذه الممارسات ليست مجرد إساءات لفظية، بل ألغامٌ مؤجلة تفجّر الكراهية والعنف.
القبلية السياسية… سرطان الدولة
أسوأ ما وصلت إليه القبلية في السودان هو استغلالها السياسي.
حيث أصبح الوصول إلى السلطة أو الوظائف الحكومية يعتمد في بعض الأحيان على "المحاصصة القبلية"، لا على الكفاءة.
وهذا ما جعل الكثير من الكفاءات تهاجر، وترك مؤسسات الدولة فارغة من الكفاءة وملأى بالمجاملات.
لن يُبنى السودان إذا ظلّت القبيلة أقوى من الدولة، والقرابة أقوى من القانون.
التعليم والتوعية… بداية الحل
لكي نُخرج السودان من مستنقع العنصرية، لا بد من:
تضمين مناهج التعليم مبادئ المواطنة، والتنوع، والاحترام المتبادل.
إنتاج أعمال فنية وأفلام ومسلسلات تُحارب الصورة النمطية وتُعزّز التعايش.
نشر خطاب إعلامي يرفض العنصرية ويُكرّس للعدالة.
تجريم خطاب الكراهية قانونيًا، ومحاسبة من يروّج له.
دعونا نحتفل بتنوعنا بدلًا من أن نخافه
السودان بلد متعدد الثقافات، اللغات، الأعراق، والديانات.
وهذا ليس ضعفًا… بل كنز يجب استثماره.
الدول الكبرى مثل كندا وسويسرا وماليزيا نهضت لأنها احتضنت تنوعها، لا لأنها أذابت الجميع في قالبٍ واحد.
السودان وطن الجميع
السودان لن يُبنى بأيدي مجموعة واحدة، ولا بلسان واحد، ولا بوجه واحد.
بل سيُبنى حين يشعر كل طفل في جبال النوبة، وكل شاب في دارفور، وكل امرأة في الشرق، وكل مزارع في الجزيرة، أنه شريك أصيل في هذا الوطن، لا ضيفًا ولا درجة ثانية.
لبناء السودان، لا بد أن نكسر جدران العنصرية والقبلية.
فالوطن لا يُبنى بالكراهية، بل بالمساواة.
لا يُبنى بالإقصاء، بل بالاحتواء.
ولا يُبنى بالأصل والفصل، بل بالفعل والعمل.
دعونا نحلم بوطنٍ نُسأل فيه: "ماذا قدّمت؟" لا "مِن أين أتيت؟".
@أبرز المعجبين